باريس- بينما تحذّر الأمم المتحدة من خطر "التطهير العرقي" في قطاع غزة، لا تزال دول أوروبية ترفض بشدة المطالبة بوقف فوري لإطلاق النار أو إدانة الاحتلال الإسرائيلي على جرائمه ضد الشعب الفلسطيني، فيما يُبقي تجار الأسلحة على أرباحهم في تزايد مستمر، ويستفيد منهم جيش الاحتلال الإسرائيلي لإكمال جرائمه في غزة.

على ضوء ذلك، قرر "ائتلاف القانونيين من أجل احترام فرنسا التزاماتها الدولية" و"لجنة المحامين من أجل احترام فرنسا تعهداتها الدولية"، رفع دعاوى ضد مسؤولين أوروبيين وشركات أسلحة لتورطهم في تصدير أسلحة لإسرائيل بشكل يسهم في قتل المدنيين بقطاع غزة.

وأشار الخبير في القانون الدولي العام بيير إيمانويل دوبان، إلى نوعين من الإجراءات التي يمكن رفعها، حيث "ستتم الأولى أمام المحاكم الوطنية، لا سيما في فرنسا، والثانية أمام المحاكم الأوروبية ضد البلدان الأخرى التي تزود إسرائيل بالأسلحة، وخاصة بريطانيا وألمانيا وإيطاليا".

أما على المستوى الدولي، فستُوجّه اتهامات جنائية للأطراف المسؤولة عن عمليات تسليم الأسلحة، بمن فيهم شركات الأسلحة والمسؤولون الحكوميون (أعضاء الإدارة العليا والضباط)، الذي يصدرون تصاريح التصدير، بحسب الخبير الدولي.

وفي حديثه للجزيرة نت، قال دوبان الذي ينتمي لائتلاف "القانونيين من أجل احترام فرنسا التزاماتها الدولية"، إن هاتين الفئتين سيتم اتهامهما أمام المحكمة الجنائية الدولية بـ "أفعال التواطؤ التي مكّنت من ارتكاب جرائم حرب، وهي تهمة جنائية غير مباشرة".

ولفت إلى أن دعاوى جنائية تجري حاليا أمام محكمة باريس، رفعتها عائلات فلسطينية فقدت عدة أفراد في هجوم صاروخي بحرب غزة عام 2014. وخلال التحقيق، تم تقديم صور لبقايا صواريخ تحمل مكونات صنعتها شركة أسلحة فرنسية.

وأوضح دوبان أن العقبة التي تواجههم هي طول المدة الزمنية للإجراءات القانونية، مؤكدا وجود أمور قد تعمل على تسريع وتيرتها، وعلى رأسها عمليات تسليم الأسلحة، مستدلا بمحاولة نقابات عمال في ميناء برشلونة الإسباني عرقلة شحنات أسلحة متجهة إلى إسرائيل، فضلا عن تساؤل نواب فرنسيين في البرلمان الأسبوع الماضي عن الخطوات التي يتم اتخاذها لضمان عدم استخدام الأسلحة التي سلمتها فرنسا في ارتكاب هذه الجرائم.


صمت متواطئ

ورغم تعرض سكان قطاع غزة إلى وابل من الصواريخ وآلاف الأطنان من المتفجرات على المباني السكنية والمدارس والمستشفيات والملاجئ، لم يتغير موقف باريس من تبادل الأسلحة مع تل أبيب حتى الآن، فهل القنابل المستخدمة فرنسية الصنع، خاصة وأنها تُعد المورد الأوروبي الرئيسي للأسلحة إلى جيش الاحتلال؟

يأتي هذا السؤال بعدما وصلت مبيعات الأسلحة الفرنسية للاحتلال الإسرائيلي إلى نحو 207.6 ملايين يورو خلال السنوات العشر الماضية، وفق التقرير الأخير الصادر عن وزارة القوات المسلحة الفرنسية.

ووفقا للأرقام الواردة في هذه الوثيقة، أصدرت الحكومة الفرنسية أيضا تراخيص تصدير إلى إسرائيل بقيمة إجمالية قدرها 357 مليون يورو، بما في ذلك ما يقرب من 10 ملايين يورو لتصنيع "القنابل والطوربيدات والصواريخ والقذائف وغيرها من الأجهزة المتفجرة والعبوات الناسفة"، فضلا عن "أنظمة عالية التقنية لتوجيه الصواريخ والقنابل نحو الأهداف".

وبجانب هذه الصادرات، يضاف إلى حجم التجارة مع إسرائيل ما يتعلق بالسلع "ذات الاستخدام المزدوج"، فضلا عن عمليات النقل لمكونات من النوع الهجين -للاستخدام المدني أو العسكري- بقيمة مالية قدرها 34 مليون يورو العام الماضي، بما في ذلك 29 مليون يورو لفئة "أجهزة الاستشعار والليزر".

في هذا السياق، قال رئيس جمعية "التضامن الفرنسية مع فلسطين" برتراند هايلبرون، إن "صمتا متواطئا ومذنبا يلحق بالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي لم يدعُ حتى الآن إلى وقف إطلاق النار في القطاع المحاصر، حتى أن حكومته صوتت ضد ذلك بمجلس الأمن في 16 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، ولم تتوقف عن تصدير السلاح.

وفي حديثه للجزيرة نت خلال مظاهرة مؤيدة لغزة في باريس، انتقد هايلبرون بشدة علاقات بلاده المستمرة مع تل أبيب خاصة العسكرية، قائلا إن "على فرنسا اتخاذ إجراءات حاسمة وقطع علاقاتها على الفور، لأن ما يحدث اليوم ليس مجرد حرب وإنما إبادة ضد الشعب الفلسطيني".

إحدى المظاهرات في شوارع باريس تطالب بوقف الإبادة الجماعية في غزة (الأناضول) غياب الشفافية

على الرغم من تقرير صادرات الأسلحة المقدم إلى البرلمان لتوفير هذه الأرقام والمبالغ المالية، فإن ذلك لا يمنح رؤية واضحة عن مدى خطورة الأسلحة المصممة بعناصر ومكونات تنتجها وتسوقها فرنسا، خاصة وأن صادرات الأسلحة في العالم لا تُقاس فقط بحجم الأموال وإنما بقدرتها على التدمير والقتل.

وهو ما أكده الخبير في القانون الدولي بيير إيمانويل دوبان، قائلا "نتحدث عن مواد عسكرية باهظة الثمن والتقرير لا يذكر تفاصيلها، والبرلمانيون لا يعرفونها أيضا بسبب الغموض الذي يحيط بصادرات الأسلحة الفرنسية والنقص الكبير في الشفافية بشأن المعدات العسكرية".

وأشار دوبان إلى أن الهيئتين القانونيتين تعملان على جمع بيانات محددة بالتعاون مع منظمات غير حكومية "لأن الصعوبة تكمن في تحديد أنواع وأنظمة الأسلحة والتكنولوجيا بدقة التي يتم إرسالها للقوات الإسرائيلية".

وأضاف "فسواء تم بيعها قبل 10 سنوات أو العام الماضي، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: إلى أي درجة تشارك فرنسا في جرائم الحرب في غزة؟ وما الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي على وجه التحديد؟".

لكن الأمر الأكيد هو أن السلطات الفرنسية ظلت لسنوات تزود دولة -مستهدفة بالفعل بالتحقيق في جرائم ضد الإنسانية- بأنظمة أسلحة ومعدات عسكرية، حتى بعد عام 2008 في أعقاب الحرب التي أسمتها إسرائيل "الرصاص المصبوب" (سمّتها المقاومة الفلسطينية "معركة الفرقان") والتي اتهمت الأمم المتحدة جيش الاحتلال بسببها بارتكاب جرائم حرب في قطاع غزة.

وصادقت فرنسا على معاهدة تجارة الأسلحة (TCA) في عام 2014، وتنص المادة 6 على أنه يجب على الدولة الطرف أن ترفض تصدير أي سلاح يمكن استخدامه لارتكاب أو تسهيل ارتكاب انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي، أو أي جرائم حرب وانتهاكات أخرى لاتفاقية جنيف لعام 1949.


البارود بدلا من السلام

وفي تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش، استنكرت فيه موافقة الكونغرس -بطلب من الرئيس الأميركي جو بايدن- على مبيعات أسلحة إضافية لإسرائيل تصل قيمتها إلى 14.3 مليار دولار، بالإضافة إلى 3.8 مليارات دولار من المساعدات العسكرية السنوية التي تقدمها بالفعل.

كما لفتت المنظمة -المشاركة في الدعاوى القضائية- إلى موافقة المملكة المتحدة على تراخيص أسلحة للقوات الإسرائيلية تتضمن الطائرات والقنابل والذخائر، بحوالي 539 مليون دولار.

فيما صدرت كندا أسلحة بقيمة 33 مليون دولار إلى إسرائيل بين عامي 2021 و2022، وأصدرت ألمانيا تراخيص أسلحة بقيمة إجمالية 916 مليون دولار بين عامي 2015 و2019.

وقالت هيومن رايتس ووتش، في بيانها، إن "عمليات نقل الأسلحة المستقبلية إلى إسرائيل من هذه الدول في سياق الانتهاكات الخطيرة والمستمرة لقوانين الحرب، من شأنها أن تجعل هذه الدول متواطئة في هذه الانتهاكات التي تسهم فيها عن علم وبشكل كبير".

والقاسم المشترك بين كل هذه الدول هو رفضها حتى الآن المطالبة بوقف إطلاق النار على قطاع غزة ومساندتها الصريحة لحكومة إسرائيل اليمينية المتطرفة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: إلى إسرائیل قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

كيف تحولت غزة إلى أكبر فشل أخلاقي وسياسي لبايدن.. ما علاقة نتنياهو؟

نشرت صحيفة "الغارديان" مقالا لمدير مركز هاكوبكيفوركيان لدراسات الشرق الأدنى، وأستاذ الصحافة في جامعة نيويورك،  محمد بزي، قال فيه إن الرئيس الأمريكي أهدر نفوذه على نتنياهو حتى مع استمرار الزعيم الإسرائيلي في تقويضه.

فمنذ هجمات السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، أظهر جو بايدن دعما شبه مطلق لـ"إسرائيل" وقادتها. وأرسلت إدارته المئات من شحنات الأسلحة التي مكنت الجيش الإسرائيلي من مواصلة حربه الوحشية على غزة. كما استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لمنع قرارات متعددة تطالب بوقف إطلاق النار. وقوضت شرعية كل من محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية بسبب انتقاداتهما للإجراءات الإسرائيلية. كان بايدن على استعداد لتدمير واجهة النظام الدولي القائم على القانون لحماية "إسرائيل" والحكومة المتطرفة لرئيس وزرائها بنيامين نتنياهو.



قد يعتقد الشخص أن نتنياهو سيُظهر امتنانا عميقا لحليف مثل بايدن الذي يُظهر مثل هذا الدعم غير المشروط لما يقرب من تسعة أشهر، وغالبا ما يتصرف ضد مصالحه الخاصة ومصالح الولايات المتحدة الأكبر. وبدلا من ذلك، دأب نتنياهو على تجاهل وتحدي حليف "إسرائيل" الأكثر أهمية ــ ولم يدفع أي ثمن في مقابل ذلك.

والآن، يسخر رئيس الوزراء الإسرائيلي علنا من بايدن وإدارته: ففي 18 حزيران/ يونيو، أصدر نتنياهو مقطع فيديو باللغة الإنجليزية يدعي فيه أن الولايات المتحدة تحجب الأسلحة التي تحتاجها "إسرائيل" لمواصلة حربها. وفي 23 حزيران/ يونيو، واصل نتنياهو التنفيس عن ازدرائه لبايدن والدعم الأمريكي الشامل، وأخبر مجلس الوزراء الإسرائيلي أن إدارة بايدن خفضت بشكل كبير إمدادات الأسلحة في الأشهر الأخيرة.

في الواقع، قام بايدن بتعليق شحنة ذخيرة واحدة إلى "إسرائيل"، والتي تتكون في الغالب من قنابل تزن 2000 رطل والتي يمكن أن تسبب خسائر مدمرة عند إسقاطها على المراكز السكانية، كما فعل الجيش الإسرائيلي باستمرار في غزة. ولكن بعد أقل من أسبوع، غيّر بايدن مساره واستأنف إرسال أسلحة أكثر بكثير من تلك التي أخرها. وفي منتصف شهر أيار/ مايو، أبلغت الإدارة الكونغرس بأنها ستمضي قدما في صفقات أسلحة جديدة لـ"إسرائيل" تزيد قيمتها تزيد عن مليار دولار، حتى عندما أصبح من الواضح أن نتنياهو تحدى شهورا من تحذيرات بايدن وكان يمضي قدما في الغزو البري لمدينة رفحفي أقصى جنوب قطاع غزة، حيث لجأ إليها أكثر من مليون فلسطيني.

فشل بايدن في استخدام النفوذ الأكثر فعالية الذي يتمتع به على الحكومة الإسرائيلية: وقف شحنات الأسلحة الأمريكية وإجبار نتنياهو على قبول اتفاق وقف إطلاق النار الذي تحاول إدارة بايدن التوسط فيه منذ أشهر. وبدلا من ذلك، أظهر بايدن ضعفا وبدد أي تأثير كان يمكن أن يكون له على نتنياهو والحرب الإسرائيلية، التي أودت بحياة أكثر من 37 ألف فلسطيني ودفعت غزة إلى حافة المجاعة.

لقد تحولت غزة إلى فشل بايدن الأخلاقي والسياسي الخارجي الأكثر إثارة للحيرة كرئيس: لماذا سمح لنتنياهو بتقويضه، ولماذا تستمر إدارة بايدن في الرد بطريقة غير كفؤة على زعيم أجنبي يعتمد على الولايات المتحدة أكثر بكثير من عكس ذلك؟

لقد بنى بايدن ما يسمى بإستراتيجية "عناق الدب" لإبقاء نتنياهو قريبا منذ بداية الحرب - حيث عانق الرئيس الأمريكي الزعيم الإسرائيلي حرفيا خلال زيارة إلى تل أبيب في تشرين الأول/ أكتوبر. وقال بايدن ومساعدوه إنه يمكن أن يكون له تأثير أكبر على تصرفات "إسرائيل" من خلال تقديم الدعم في العلن، بينما يقيد نتنياهو وحلفائه المتطرفين سرا. لكن هذا النهج لم ينجح قط، وكان نتنياهو يستغل بايدن منذ البداية، كما حاول أصدقاء رئيس الوزراء الإسرائيلي وأعداؤه أن يقولوا للإدارة الأمريكية. ولسبب غير مفهوم، بالكاد قام بايدن بتعديل استراتيجيته: فقد انتقد نتنياهو علنا، ولكن عندما يتجاهل الزعيم الإسرائيلي الولايات المتحدة أو يتحداها، يواصل بايدن مساعدته غير المشروطة بتدفق مستمر للأسلحة والغطاء الدبلوماسي لحماية "إسرائيل" من اتهامات بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية في غزة.

في الواقع، لا يُظهر نتنياهو فقط افتقارا ملحوظا للامتنان لبايدن في شكواه الأخيرة بشأن تأخر شحنات الأسلحة - بل يحاول رئيس الوزراء تدمير قدرة بايدن على استخدام الأسلحة الأمريكية كوسيلة ضغط على "إسرائيل". ولأن بايدن تردد بسرعة بعد تعليق حزمة واحدة من القنابل في شهر أيار/ مايو، فإن نتنياهو يحقق النجاح. ولم تعد إدارة بايدن تهدد بتأخير أو إلغاء شحنات الأسلحة الأخرى لإجبار "إسرائيل" على تغيير تكتيكاتها. وبدلا من ذلك، تنفق الإدارة طاقتها في الدفاع عن نفسها ضد ادعاءات نتنياهو المحسوبة بأن الولايات المتحدة لا تزود "إسرائيل" بما يكفي من الأسلحة.

زار الأمن الإسرائيلي، يوآف غالانت، واشنطن الأسبوع الماضي والتقى بمسؤولين أمريكيين قاموا باستعراض مئات شحنات الأسلحة الأمريكية إلى "إسرائيل" منذ تشرين الأول/ أكتوبرسطرا بسطر. ومن أجل دحض اتهامات نتنياهو بشكل أكبر، كشفت إدارة بايدن علنا لأول مرة عن ثمن الدعم الأمريكي لـ"إسرائيل" منذ هجوم حماس: 6.5 مليار دولار من الأسلحة والمساعدات الأمنية الأخرى، مع الموافقة على ما يقرب من 3 مليارات دولار من هذا المبلغ في أيار/ مايو. ويتم دفع كل هذا من قبل دافعي الضرائب الأمريكيين، لأن "إسرائيل" هي أكبر متلق إجمالي للمساعدات الخارجية الأمريكية في العالم، حيث تلقت حوالي 310 مليار دولار (معدلة حسب التضخم) منذ تأسيس الدولة في عام 1948.

وذكرت صحيفة واشنطن بوست أن مذكرة داخلية تم توزيعها على الأعضاء الديمقراطيين في الكونغرس أوضحت أن الدفعة الوحيدة من الذخائر الثقيلة التي علقها بايدن في أيار/ مايو تمثل "أقل من 1٪ من إجمالي الدعم العسكري الذي قدمته الولايات المتحدة لإسرائيل منذ بداية هذا الصراع".

ومع ذلك، يتجاهل نتنياهو شحنات الأسلحة الأمريكية الضخمة منذ تشرين الأول/ أكتوبر، ويستخدم بنجاح تلك الشحنة المؤجلة لتقويض بايدن والتشكيك في التزامه تجاه الدولة اليهودية. ويشعر بايدن ومساعدوه الآن بالقلق من أن نتنياهو سيستخدم خطابا أمام جلسة مشتركة للكونغرس في 24 تموز/ يوليو لمهاجمة الرئيس مرة أخرى، وهو ما يصب في مصلحة الجمهوريين في مجلس النواب الذين دعوا نتنياهو للتحدث رغم اعتراضات الإدارة. قاوم الزعماء الديمقراطيون في الكونغرس في البداية، لكنهم تراجعوا بعد ذلك وانضموا إلى الدعوة التي قادها الجمهوريون.

وفي عام 2015، استخدم نتنياهو خطابا مماثلا في الكونغرس لانتقاد الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وجهود إدارته في ذلك الوقت للتفاوض على اتفاق للحد من برنامج إيران النووي. ويبدو أن نتنياهو سيستخدم خطابه هذه المرة لمهاجمة بايدن خلال الانتخابات الرئاسية الأمريكية لكونه غير داعم بشكل كافٍ للحرب الإسرائيلية - على الرغم من كل الأدلة التي تشير إلى عكس ذلك. ويحاول رئيس الوزراء وحلفاؤه تقويض بايدن ويفضل أن يكون دونالد ترامب رئيسا مرة أخرى.



كان من الواضح منذ أشهر أن نتنياهو لا يريد إنهاء الحرب في غزة، وقد عمل على تخريب المفاوضات التي تتوسط فيها الولايات المتحدة لوقف إطلاق النار والاتفاق على إطلاق سراح الرهائن المتبقين الذين تحتجزهم حماس. وبمجرد انتهاء الحرب، يشعر نتنياهو وحلفاؤه من اليمين المتطرف بالقلق من احتمال مواجهة انتخابات برلمانية مبكرة وتحقيقات عديدة في الإخفاقات الاستخباراتية للحكومة الإسرائيلية التي أدت إلى هجوم حماس. إذا أُجبر على ترك السلطة، فسيواجه نتنياهو أيضا محاكمة طال انتظارها بتهمة الرشوة وتهم الفساد الأخرى بسبب أفعال يُزعم أنه ارتكبها خلال فتراته السابقة كرئيس للوزراء.

نتنياهو ناج سياسي وهو على استعداد لإطالة أمد الحرب للبقاء في السلطة وتجنب المساءلة. ومن الواضح أن نتنياهو سيقوض بايدن – والمصالح الأمريكية الأوسع – لإنقاذ نفسه. كل هذا يجعل استجابة بايدن الضعيفة وعجزه في مواجهة نتنياهو أمراً محيراً أكثر: لماذا يخاطر الرئيس الأمريكي بمستقبله السياسي من خلال الاستمرار في دعم زعيم أجنبي يعمل على زعزعة استقراره؟
لقد وقع بايدن وإدارته في نوع من التفكير السحري [القائم على الخرافة والاعتقاد بالخوارق]: فهم يطالبون نتنياهو وحكومته بوقف حرب وحشية، مع الاستمرار في توفير الأسلحة والغطاء السياسي الذي يمكن "إسرائيل" من إطالة أمد إراقة الدماء.

مقالات مشابهة

  • مخاوف إسرائيلية جديدة: تهريب الأسلحة من غزة إلى الضفة من خلال جنود الاحتلال
  • كيف تحولت غزة إلى أكبر فشل أخلاقي وسياسي لبايدن.. ما علاقة نتنياهو؟
  • شركة في صربيا تزود إسرائيل بالأسلحة تقيم علاقات مهمة مع الإمارات
  • هيئة البث الإسرائيلية: إحباط محاولة لتهريب شحنة أسلحة خفيفة من الأردن لإسرائيل
  • جيش الاحتلال يزعم إحباط محاولة تهريب أسلحة عند الحدود الأردنية
  •  إسرائيل تعلن إحباط تهريب أسلحة من الأردن إلى الضفة الغربية
  • إسرائيل تحبط عملية تهريب أسلحة من الأردن للضفة الغربية
  • إسرائيل تعلن إحباط تهريب أسلحة من الأردن إلى الضفة الغربية
  • كالكاليست: هل يمكن لإسرائيل الاستغناء عن الأسلحة الأميركية؟
  • الانتخابات التشريعية الفرنسية.. فوز لليمين المتطرف وتحالفات مرتقبة للجولة الثانية