مخيم جنين- تمام الساعة الثامنة مساء أمس الأحد، بدأت سيارات المواطنين الفلسطينيين تتوافد إلى ساحة مستشفى ابن سينا في مدينة جنين شمال الضفة الغربية، تنقل عائلات من مخيم جنين، للمبيت في الساحة حتى صباح اليوم التالي.

وفي الساحة المخصصة لاستقبال سيارات الإسعاف كانت أعداد المواطنين تزداد بشكل كبير مع تقدم الوقت، بينما يحمل كل منهم حقائب صغيرة الحجم، وعددا من الأغطية.

عائلة عدي كميل واحدة من الأُسر التي وصلت إلى المستشفى الليلة الماضية، ويقول الأب الذي كان ينقل طفلتيه إلى داخل قسم الطوارئ، إنها ليست المرة الأولى لقدومهم إلى المستشفى ليلا، وإنهم يبيتون منذ قرابة أسبوع كل ليلة هنا، ثم يعودون صباحا إلى منزلهم في المخيم.

ويوضح "أخاف على عائلتي لذا أضطر لنقلهم إلى ساحة المستشفى، رغم أنه ليس آمنا بالكامل، لكن هنا أفضل من الوجود في المخيم ليلا، لا طريقة أخرى لحمايتهم".

ومع تكرار الاقتحامات الليلية للمخيم وتعمد جرافات الاحتلال الإسرائيلي وآلياته تدمير بنيته التحتية، يحاول الأهالي الخروج منه مع نهاية كل يوم، والانتقال إلى أماكن يعتقدون أنها أكثر أمنا لهم.

شوارع مخيم جنين تحولت إلى برك مياه بسبب تجريفها من قوات الاحتلال (الجزيرة) اقتحامات وتدمير

ويشهد المخيم منذ بدء العدوان على قطاع غزة موجات نزوح يومية لساحات المستشفيات والأحياء السكنية القريبة في مدينة جنين، بينما رحلت بعض العائلات إلى القرى المجاورة في المحافظة.

ويتابع عدي "الوضع مخيف، الاقتحامات شبه يومية ومستمرة وكل اقتحام يكون أكبر وأصعب من سابقه، قوات الاحتلال دمرت شارع المخيم فقطعت شماله عن وسطه وجنوبه، هذا ما يجبرنا على ترك منازلنا والخروج من المخيم قبل اقتحامه".

ويضيف" قبل أسبوع، جرافات الاحتلال جرفت قطعة أرض واسعة قريبة من المخيم، كثير من الناس شعروا أن ذلك تمهيد لعملية كبيرة داخل المخيم".

ومع توسع الاقتحامات العسكرية الإسرائيلية وتدمير البنية التحتية للمخيم، وقصف المنازل وأماكن تجمع المقاومين، زادت تخوفات الأهالي من تنفيذ إسرائيل اقتحاما واسعا في مدينة جنين ومخيمها، قد يمتد لأيام أو يتحول لعملية عسكرية موسعة تذكرهم باجتياح 2002 الذي استمر 11 يوما.

لا أمان

داخل منزله الذي لحق به جزء كبير من الدمار خلال اقتحام الاحتلال المخيم في شهر يوليو/تموز الماضي، يُجري أبو جهاد الغول مكالمة هاتفية مع شقيقته، التي تركت منزلها في حارة الحواشين في المخيم وانتقلت إلى قرية برقين في الجنوب الغربي من مدينة جنين.

يصف أبو جهاد، الوضع في الحارة صعب جدا، والحياة فيها أصبحت خطيرة، "لا أمان على حياة الناس هناك، والجرافات العسكرية لم تترك فيها شارعا إلا جرفته بالكامل".

ويؤكد "شقيقاتي أخلين منازلهن، إحداهن تسكن في حارة الحواشين والأخرى حارة الدمج، في كل اقتحام تُقصف الحارتان، وتُجرف شوارعهما والقصف أجبر الناس على الخروج، وهناك خوف مستمر، والناس لا يريدون عيش الحصار وهدم المنازل على رؤوسهم كما حصل في 2002".

داخل المخيم، تبدو الأوضاع بغاية الصعوبة مع غياب الخدمات الأساسية للسكان، واستمرار قطع الكهرباء عند كل اقتحام شبه يومي لقوات الاحتلال، وعلى الأرض يواجه السكان صعوبات في الحركة والتنقل بين حارات المخيم وأزقته، بسبب تدمير الشوارع وتجريف مداخله بشكل مستمر.

يقول أبو جهاد "اليوم نزلت الأمطار، فتعسرت الحركة بشكل أكبر، وبرك المياه منتشرة في الشوارع المجرفة، وصعّب الأمر تدمير شبكات الصرف الصحي التي تسبب في خروجها إلى الشوارع، نحن نسير على المياه العادمة".

تجمع الاهالي في ساحة مستشفى جنين الحكومي هربا من اعتداءات الاحتلال واقتحاماته الليلية (الجزيرة) أعمال تخريب

ويرى السكان أن أعمال التخريب هذه ربما تكون مقدمة لعمليات عسكرية كبيرة ستنفذها قوات الاحتلال الإسرائيلي في مخيم جنين، ويتخوفون من إحكام الحصار عليه في حال صدقت توقعاتهم، ما يعني منع أكثر من 14 ألف شخص يعيشون فيه من الخروج منه.

ومنذ اقتحام مخيم جنين في الثالث من يوليو/تموز الماضي، بدأت العائلات في استئجار بيوت خارجه، وزاد عدد الباحثين عن بيوت للإيجار بشكل كبير منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتعدى الأمر الانتقال إلى بيوت داخل مدينة جنين، حيث وصل عدد من سكان المخيم إلى القرى البعيدة، وكلهم يحاولون حماية عائلاتهم من اقتحام موسع للمخيم.

يقول إسماعيل أبو قطنة، أحد سكان حارة الجورة التي كانت بعيدة لفترة عن التدمير والقصف، "عائلتي تترك منزلنا بشكل يومي، عند مغيب الشمس نذهب إلى قرية كفر دان، القريبة من المخيم".

ويضيف "في البداية كنا نقول، إننا اعتدنا على اقتحاماتهم المستمرة، لكن اليوم أصبحت إسرائيل تقصف المنازل، وتوسع اقتحاماتها، أحيانا تقتحم المخيم لأكثر من 12 ساعة، والواضح أنها سياسة جديدة ومستمرة، والتخوف من توسعها لشيء أكبر".

وفي المخيم الذي غرقت شوارعه بمياه الأمطار والوحل بفعل تجريفه، كان يمكن رؤية عدد كبير من الأشخاص يعودون إليه حاملين أمتعتهم، وكما يقول سكانه، فإن الحارات تكاد تكون فارغة في كل ليلة، بينما تعود الحياة للمخيم عند الصباح.

ويوضح إسماعيل "أشعر أن حارة جورة الذهب أصبحت حارة أشباح، لا يبقى فيها إلا القليل من الناس، إنها طريقة عيش مرهقة، الترحيل المستمر يوميا من المخيم وإليه، وحتى إن لم تجتحه إسرائيل، فإن ما يحدث لنا يوميا أمر صعب ولا يُحتمل إن طال".

ويضيف "عمي يملك غرفتين صغيرتين في قرية كفر دان، نتكوم فيهما كلنا، حتى الأطفال تغير نظام حياتهم، وانقطعوا عن مدارسهم، وتعطلت أشغالنا بشكل كبير وتضرر كثير منها، أصبحنا نشعر أن حياتنا تشبه حياة أهالي غزة في كثير من الجوانب.


المقاومة مستعدة

يرى المقاومون الفلسطينيون في المخيم أن ما يحدث في مخيمهم وبقية المخيمات الفلسطينية هو أمر خطير وغير مسبوق، ولا يحتاج لانتظار حدوث اجتياح للتعامل معه بحذر والاستعداد له.

ويقول المقاتل في كتيبة جنين "ن.ن" ، "كل اقتحام للمخيم كبير وخطير، والاستهداف بالقصف أمر كبير، والقصف بالأباتشي شيء خطير، لذا لسنا بحاجة لتوقع اجتياح كبير للمخيم، فما يحصل تعدى موضوع الاجتياح أصلا".

ويضيف "ن.ن" أن اجتياح المخيم في 2002 استمر 11 يوما وكان عدد الشهداء حوالي 7، بينما وصل عدد شهداء المخيم منذ بداية "طوفان الأقصى" إلى 50 شهيدا، إلى جانب إصابات كثيرة وخطيرة وتدمير ممنهج وواسع لكل البنية التحتية في المخيم.

ويتابع "بإمكاننا أن نسمي كل اقتحام يسقط فيه 14 شهيدا، كاقتحام الأسبوع الماضي الذي استمر أكثر من 15 ساعة، بأنه اجتياح للمخيم".

يقول المقاتل في كتيبة جنين، إن "من حق الناس أن تشعر بالخوف، نحن في زمن حرب، وما تفعله إسرائيل قد يعطي مؤشرات تجعل الناس يفكرون ويحسبون لما بعد هذه المعطيات، لكننا نقول، إن أهدافها واضحة منذ أكثر من عامين، وهي القضاء على المقاومة في الضفة والقضاء على المخيمات، خاصة مخيم جنين؛ لأنه رمز المقاومة بالضفة".

ويؤكد المقاومون أن استهداف إسرائيل للعائلات يجعل الناس يلجؤون للرحيل عن المخيم ليلا والمبيت خارجه، ويشددون على أن المقاومة، وإن حدث أي اجتياح، ستدافع عن المخيم حتى آخر رصاصة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: مدینة جنین من المخیم فی المخیم مخیم جنین أکثر من

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي ينفذ اقتحامات جديدة في الضفة الغربية

سرايا - نفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الاثنين، سلسلة اقتحامات جديدة شملت مدنا وبلدات في الضفة الغربية المحتلة، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا".

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، بلدة عزون واماتين شرق قلقيلية، وسيرته آلياتها في عدة أحياء فيهما، دون أن يبلغ عن اعتقالات.

كما اقتحمت قوات الاحتلال، بلدة الخضر جنوب بيت لحم، وتمركزت في مناطق "التل، ومحيط الجامع الكبير، والبوابة"، وأطلقت قنابل الصوت وروعت الفلسطينيين.

واقتحمت قوة من جيش الاحتلال الإسرائيلي، حارة أبو سنينة بالمنطقة الجنوبية من مدينة الخليل، وداهمت منزل رئيس البلدية، وجرت عمليات تفتيش بالمنزل وتحقيقات ميدانية مع العائلة.

واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء الأحد، شاباً من بلدة طمون جنوب طوباس.

وأفاد مدير نادي الأسير في طوباس كمال بني عودة، بأن الاحتلال اعتقل الشاب جلال عبد الغني بني عودة (46 عاماً)، بعد استدعائه للتحقيق.

وفا





تابع قناتنا على يوتيوب تابع صفحتنا على فيسبوك تابع صفحتنا على تيك توك


طباعة المشاهدات: 1697  
1 - ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه. 11-11-2024 01:27 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
رد على :
الرد على تعليق
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
اضافة
امرأة تواجه الطلاق بعد ولادتها لسبب صادم فندق على شكل ديك يدخل موسوعة غينيس إيقاف مباراة ملاكمة من أجل "قص الشعر" .. ما القصة؟ أثرياء دولة أفريقية .. هكذا صنعوا ثرواتهم ودولهم بالفيديو .. أيمن العلي الشهير بـ (ملك جمال الأردن)... شاهد قطعة نقدية فئة نصف دينار مزورة .. فيديو البنك المركزي لـ "سرايا": قرار التأمين... أسماء الناجحين في الامتحانات التنافسية قهوة أبو صالح: "أسلوب رخيص و سفيق" شهيدان وجرحى بقصف للاحتلال استهدف خيمة نازحين بمخيم...ماليزيا تجهز لمعركة دبلوماسية ضد إسرائيل داخل الأمم...إعلام عبري: تقدم ملحوظ في مفاوضات تسوية أوضاع لبنانقيادي في حماس يكشف حقيقة الانتقال من قطر ويرجع...وزير الدفاع الإسرائيلي: الحقنا الهزيمة بحزب اللهواشنطن بوست: ترامب يدعو بوتين في مكالمة هاتفية إلى...مستشارة إسرائيلية تقدم ملفًا يظهر خرق بن غفير للقانون رئيس الأركان الإسرائيلي يصدق على توسيع العملية...حماس توجه رسالة للقادة العرب وتؤكد ان الاحتلال هو... سبب وفاة والدة أحمد مكي .. وهذا أول تعليق من... دانا حلبي: أيمن زيدان كان "طاقة القدر" ما قصة الخـ .. ـــلاف الوحيد بين حسين ومصطفى فهمي؟ بالفيديو منع فنانة مغربية من السفر .. والسبب لا يصدق أحمد السقا يكشف سر القبور ودفن الموتى التعمري يساهم في فوز مونبيلييه على بريست بالدوري الفرنسي يونايتد ينسى عهد تين هاج بثلاثية أمام ليستر 5 خيارات أمام ريال مدريد لسد النقص في قلب الدفاع نجل الفنان المصري حكيم يوقع مع نادٍ إسباني عارف الحاج يغيب عن الملاعب 3 أشهر على الأقل لبنان يرسل 5 آلاف جندي إضافي إلى الجنوب فندق على شكل ديك يدخل موسوعة غينيس - صور مجرد جلد وعظام .. صدمة عالمية من تغير شكل الرائدة العالقة في الفضاء منذ 155 يوما حبس رجل متهم بطعن 5 أشخاص في سياتل الأميركية رمى زوجته الحامل من الطابق الرابع ونزل لحرق جثتها .. تفاصيل بعد فيضانات إسبانيا .. صداع نصفي ودوار بعد تنشق روائح كريهة ضبط بحوزته "مخدرات وسلاح أبيض" .. حبس نجل داعية شهير بمصر "مزقها" الدب ودفنها ليلتهمها لاحقا .. فيديو صادم لنجاة امرأة بسيبيريا خبير مصري يفجّر مفاجأة حول راصد الزلازل الهولندي وتوقعاته كيف يمكن للحليب أن يهدد النساء بخطر الإصابة بالقاتل الصامت؟

الصفحة الرئيسية الأردن اليوم أخبار سياسية أخبار رياضية أخبار فنية شكاوى وفيات الاردن مناسبات أريد حلا لا مانع من الاقتباس وإعادة النشر شريطة ذكر المصدر(وكالة سرايا الإخبارية) saraynews.com
الآراء والتعليقات المنشورة تعبر عن آراء أصحابها فقط
جميع حقوق النشر محفوظة لدى موقع وكالة سرايا الإخبارية © 2024
سياسة الخصوصية برمجة و استضافة يونكس هوست test الرجاء الانتظار ...

مقالات مشابهة

  • خبير: ريادة الأعمال تقلل حجم البطالة بشكل كبير
  • خبير عسكري: الهجوم الإسرائيلي على لبنان ضرب ممنهج ومدمر
  • هجوم قطري عنيف علي إسرائيل .. ماذا قالت الدوحة؟
  • اقتحامات ليلية بالضفة ومستوطنون يطعنون فلسطينيا
  • قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم المناطق الجنوبية من جنين شمالى الضفة
  • إعلام فلسطيني: اشتباكات مسلحة مع قوات الاحتلال الإسرائيلي في جنين
  • أردوغان: هدف إسرائيل توسيع الاستيطان في غزة وتدمير الوجود الفلسطيني
  • شهادة من الداخل.. الاحتلال يقوم بتطهير عرقي ممنهج شمال غزة
  • هدم العراقيب في النقب للمرة الـ232.. اقتحامات واعتقالات بالضفة (شاهد)
  • الاحتلال الإسرائيلي ينفذ اقتحامات جديدة في الضفة الغربية