الخليل: مشروع الموازنة استكمال لمسار التصحيح
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أشار وزير المالية يوسف الخليل الى أنه "في الوقت الذي تجري فيه مناقشات بناءة وقيّمة لموازنة العام 2024 في لجنة المال والموازنة، تخرج بين الحين والآخر أصوات منها ما بُني على أسس علمية وواقعية، ومنها خلاف ذلك لا يمكن وضعها إلا في إطار الكسب الشعبوي ليس إلا". وقال: "إننا إذ نرحب بكل موقف بناء ونتعامل معه بمسؤولية، ونجد أنفسنا أمام بعض الأصوات الخارجة في مداولاتها عن البناء العلمي للموازنة لذلك نوضح التالي:
أولا، تؤكد وزارة المالية ان مشروع موازنة 2024 يصب في خطة التعافي الموضوعة من قبل الحكومة، وهي استكمال لمسار التصحيح الذي بدأ مع اقرار موازنة 2022 والاجراءات المؤاتية التي أقرّتها المالية العامة، والتي أنتجت اليوم استقرارا ماليا ونقديا وثباتا في سعر الصرف كما ولجمت التقلبات الحادة في وتيرة التضخم والتدهور في الاوضاع المعيشية التي عانى منها المواطنون على اكثر من ثلاث سنوات".
وأضاف البيان: "ثانيا، إن وزارة المالية سعت بجهد خلال السنتين المنصرمتين ورغم كل العقبات والتحديات والظروف السياسية المعاكسة الى تمويل القطاع العام وتأمين الخدمات العامة، وتحقيق توازن مالي، مما يحفّز الاستقرار النقدي ويعيد مسار التعافي والنهوض، وهذا ما تم تحقيقه اليوم الى حد ما.غير أن هذا الاستقرار يبقى غير محصن ولا مستدام، خاصة في الظروف الامنية والاقليمية الراهنة، ان لم نستكمل المسار التصحيحي مع مشروع موازنة 2024 والنهج الذي سلكناه سابقا في موازنة 2022".
وتابع: "ثالثا إن تعاقب الازمات المالية والنقدية والمصرفية والاقتصادية المتتالية منذ العام 2019 أدى الى انخفاض حادّ في قيمة العملة وموارد الخزينة التي أذابها التضخم، كما وأن الفروقات في سعر الصرف خلقت خللا وأطاحت بمبدأ المساواة والعدالة في ما يخص توزيع الاعباء بحسب القدرات، فاستفادت بعض الشرائح على حساب المصلحة العامة". أما رابعا، "فإن تكييف الرسوم والضرائب مع نسب التضخم وتصحيح الخلل الناتج عن فروقات سعر الصرف يخدم المصلحة العامة، ويساهم في دعم الاستقرار المالي والنقدي ويمكّن العدالة بين الفرقاء في الاقتصاد دون تحميل كلفة التصحيح على حساب شريحة ما دون الاخرى (وغالبا ما يكون المودعون هم الشريحة التي تتحمّل العبء الاكبر من أثر الازمة). وخامسا: إن عدم التصحيح يعني هدر المال العام، ما يهدد كيان واستدامة مؤسسات الدولة، كما توفير الحد الادنى من الخدمات العامة، من أمن، ودواء، وتعليم، ومساندة الشرائح المهمشة، الى ما هنالك من اطاحة في امكانيات الادارة الضريبية والامنية في مكافحة التهريب ولجم القطاع غير الشرعي الذي يشكل اليوم خطرا متناميا على الاقتصاد. كما وأن مواجهة المخاطر التي تواجه البلاد اليوم (المخاطر الامنية من جراء اندلاع الحرب في غزة ومعالجة أزمة اللاجئين المتفاقمة)، تستدعي توفر ادارات دولة بناءة وفعالة".
وأكمل الخليل: "سادسا، إن التهويل بأن الرسوم تزداد 30 ضعفا، فلا بد من الاشارة أن الليرة خسرت 99% من قيمتها تجاه الدولار الاميركي، وانخفض سعر صرف الليرة 60 ضعفا نسبة لما كان، علما اننا في زمن تضخم وصل الى 265% أذاب قيم الرسوم التي أصبحت ما دون كلفة الخدمة المقدمة، فلا بد من تكييف قيمها الى حد ما، مع نسب التضخم. كما وأن معظم هذه الرسوم لا تطال الاستهلاك الرائج، وخاصة استهلاك الاسر ذوي الدخل المحدود لان معظمها خارج السلة الاستهلاكية، اضافة الى أن غالبية هذه الرسوم هي رسوم غير متكررة ولا تدخل ضمن استهلاك الاسر اليومي". وقال: سابعا، يعيدنا التهويل إلى ما سبق تطبيق الدولار الجمركي، وقد ظهر اليوم أن تطبيق الدولار الجمركي لم ينعكس سلبا على الاسعار ولم يرفعها بالشكل الكارثي الذي تنبّأ له البعض، بل انه ساهم الى حد كبير في اعادة الانتظام المالي وتمكين المالية العامة، وتأمين الاستقرار النقدي، وكما أشرنا مرارا وتكرارا أن التأخّر في اقرار الاجراءات له كلفة باهظة على الاقتصاد وعلى المواطن كما كان الحال مع التأخير في اقرار موازنة 2022 واجراءاتها بما فيها الدولار الجمركي". وأوضح في النطقة الثامنة أن مشروع موازنة 2024 تسعى الى تأمين الاعتمادات اللازمة لتيسير المرفق العام والعمل في الادارات العامة بفعالية أكبر (لا يجوز الاستمرار في الصرف على قاعدة الاثني عشرية من موازنة 2022 التي لم تعد اعتماداتها تتماشى مع احتياجات اليوم)، والتمويل الذاتي دون احداث عجز يستدعي تدخل المصرف المركزي واستنزاف الاحتياطي ما يهددّ الاستقرار المالي والنقدي، وذلك من خلال تعزيز الايرادات والتكيّف مع سعر الصرف الرائج وتفعيل الالتزام الضريبي، دون زيادة عبء ضريبي على كاهل المواطن كما يزعم البعض (مع التذكير ان العبء الضريبي انخفض من 16% من الناتج المحلي كمعدل وسطي للسنوات الاخيرة ما قبل الازمة الى 4% مقدر بحسب احصاءات عام 2022، ما يعكس الاثر السلبي للتضخم وفروقات سعر الصرف، ومدى عدم الالتزام الضريبي)".
وخلص الى ان: "وزارة المالية اذ تؤكد استعدادها التام لتقبل اقتراحات ومناقشات بناءة من شأنها ان تخدم المصلحة العامة بعيدا عن الشعبوية والتهويل في سبيل تحييد البلاد من الانزلاق مجددا في دوامة الانهيار وتحث السلطات المعنية على تبني الإجراءات المقترحة اللازمة التي تصب في مسار التعافي المالي، فهي مجبرة على الإشارة إلى أن الانتقاد البناء مجد ومرحب به ويساهم في تعزيز الامكانيات في سبيل السير بالعمل نحو النهوض ومواجهة التحديات، على عكس التصاريح الشعبوية التي لا تخدم المصلحة العامة خاصة في هذه الظروف الصعبة".
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: المصلحة العامة موازنة 2022 سعر الصرف
إقرأ أيضاً:
الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو
فقط الهزيمة العسكرية هي التي أدت إلى أن يتواضع آل دقلو للجلوس مع عبد العزيز الحلو ؛ و هو يمثل سودان ٥٦ ليس بأجندته العلمانية أو شعار الهامش الذي يرفعه ؛ بل الحركة العنصرية التي كانت تبحث عن النقاء العرقي و دولة “العطاوة” كانت لتهتم بالتكوين القبلي للحلو أكثر من “المنفستو” الذي يحمله.
فالحلو المولود لأب من المساليت و أم من النوبة يمثل كل شيء حاربته حركة النقاء العروبي في السودان. فبينما أذاقت مليشيا الدعم السريع كل قبائل السودان و مكوّناته الألم و الإذلال ؛ احتفظت لقبيلتيْ النوبة و المساليت بجحيم خاص في حربها. في بداية تمردها ضد الدولة و بينما كانت تحاصر القيادة العامة و تتوقع إسقاطها ؛ لم تصبر على قبيلة المساليت و ارتكبت فيهم أسوأ المجازر و لم يفهم الناس حينها لماذا تتمرد على الجيش لكنها تقتل المساليت بهذه الوحشية من دون الناس.
عرب العطاوة الذين أحضرتهم المليشيا شرسون جدا ضد النوبة. و هما يطلقون كلمة “أنباي” لكل ذي بشرة داكنة في السودان. و عند دخولها لمدينة الفولة مثلا، و رغم أنها لم تكن في مزاج الإنتهاكات لإعتقادها أن إقتحام المدينة كان بهدف تأديب بسيط لأبناء العمومة الضالين و الذين لا يوافقونها على مشروعها ، إلا أنها
أخرجت من بين صفوف المواطنين عشراتٍ من المنتمين للنوبة و قتلتهم رمياً بالرصاص فقط لأنهم من النوبة. و لذا إنضم المئات من جنود و ضباط جيش الحلو نفسه من إلى أبناء عمومتهم داخل مناطق الجيش السوداني لإدراكهم بطبيعة هذه الحرب التي يريد الحلو إنكار عدواتها للنوبة بعد عامين من العداء المطلق و العلني و المفضوح و هو يستوطن بلاد النوبة و يثري من رفع ظلاماتهم.
آل دقلو المهزومين عسكرياً استدعوا الحلو ليعلمهم فضيلة “التمرد لأجل التمرد” دون مشروع أو مطالب محددة. الحلو هو ملك الخندقة. و هو أولى من يعلمهم كيف لهم أن يتراجعوا إلى ركنٍ قصيٍّ من البلاد للعق جراحهم و الإكنفاء على أنفسهم دون محاولة السيطرة على الثور الهائج في الخرطوم . الحلو هو أنسب من يعزي آل دقلو عن مصابهم و يكشف عنه الندوب و الحروق في جسد الذين حاربوا سلطة الخرطوم و يقص على مسامعهم حكاوي شهداء التمرد من المغامرين الذين إغتالتهم ٥٦ أو شردتهم طوال عمرهم لمحاولة السيطرة عليها بالقوة ؛ قرنق و يوسف كوة و بولاد و القائمة تطول.
لم يكن متوقعاً من دقلو صاحب مشروع النقاء العروبي أن يسعى للقاء الحلو لولا فشل مشروعه . دقلو الجريح يقلّب الآن في دفاتر مليشيات السودان القديمة عن شركاء في الهزيمة و النواح ؛ و عن مشروع يتيم كي يتبناه. دقلو يحاول إقامة مشروع مزدحم يقيه غضب ٥٦ و صيادها المترصد و الغاضب . يحاول خلط الأوراق مخافة الإستفراد به بينما ٥٦ في أفضل أحوالها عسكرياً بعد أن أخذ هو “عرضته” الراقصة ثم وهن و انكسر و تراجع.
ظهور عبد الرحيم دقلو بالبدلة خارج السودان بينما ما زال العطا و كباشي مثلاً لا يظهران بغير الكاكي ، و بينما يصفي الجيش ما تبقى من مغامرات دقلو العسكرية بالخرطوم و كردفان يكشف هو أولوياته الجديدة. إنتهت عنتريات القائد الميداني إلى فضاء المعارض السياسي صاحب المشروع. لا خطة للإنسحاب تشغل باله و لا توجيه بإنقاذ جنوده المحاصرين و إستبقاء حياتهم. بل غسل اليد من دمائهم و الإبتعاد مسافة حتى لا يسمع آلة الجيش الهائلة تطحن أجسادهم إلى العظم. إنهم بعض الماهرية “الشهداء” و كثير من الحبش و الجنوبيين الذين لا بواكي لهم و يستحقون أي مجازفة لإنقاذهم.
عمار عباس
إنضم لقناة النيلين على واتساب