مستشار بايدن: أمريكا واثقة بأنّ الدول العربية لن تستخدم النفط كسلاح
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أكّد كبير مستشاري الطاقة في البيت الأبيض، عاموس هوشستاين، ثقة بلاده في أنّ “الدول العربية المنتجة للنفط لن تستخدم البترول سلاحا اقتصاديّا”، وذلك رغم مشاعر الغضب المتزايدة التي تسيطر على الرأي العام بالمنطقة جراء استمرار التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة.
ونقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن هوشستاين قوله إنّ “مستوى التعاون بين المنتجين الأمريكيين والخليجيين، بما في ذلك السعودية، كان وثيقا للغاية خلال العامين الماضيين”، مضيفا: “لقد جرى استخدام النفط كسلاح من وقت لآخر منذ أن أصبح سلعة متداولة، لذلك نحن دائمًا قلقون بشأن هذا الأمر، ونعمل على تلافي حدوث ذلك”.
وتابع: “لدينا حربان نشطتان في العالم، إحداهما تتعلّق بثالث أكبر منتج في العالم (روسيا)، والأخرى في الشرق الأوسط حيث تحلّق الصواريخ بالقرب من أماكن إنتاج النفط، ومع ذلك فإنّ الأسعار تقترب من أدنى نقطة خلال العام”.
وقال هوشستاين إنّ ذلك أظهر “أنّنا ندير الأمور بشكل جيّد إلى حدّ ما، لكن لا يمكننا أن نشعر بالراحة دائما مع تطوّر الأوضاع”، واصفا التعاون والتنسيق بين المنتجين والمستهلكين على مدى العامين الماضيين بالقويّ للغاية، في محاولة منع صدمات الطاقة، وفق تقديره.
ورفضت الدول الخليجية الرائدة في تحالف أوبك +، دعوات إيران لفرض حظر، احتجاجًا على العدوان الذي تشنّه قوّات الاحتلال على قطاع غزة، وفق الصحيفة. لكن الأشخاص المطّلعين على تفكير المملكة العربية السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- يقولون إنّ “انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر عند 77 دولارا للبرميل، الأسبوع الماضي، وتصاعد الغضب بين الأعضاء (في أوبك +) بشأن غزة، يمكن أن يساهم في اتّخاذ قرار بإجراء مزيد من التخفيضات”
ومن المتوقّع أن تمدّد الرياض تخفيضات إنتاج النفط الطّوعية حتى العام المقبل، وذلك عندما يجتمع أعضاء تحالف “أوبك +” في فيينا في 26 نوفمبر. ويمكن أن يكون خيار خفض الإنتاج بما يصل إلى مليون برميل يوميّا، أي حوالي 1٪ من الإمدادات العالمية، مطروحًا على الطاولة.
ورفض هوشستاين التعليق على إمكانية تمديد أوبك + لتخفيضات الإنتاج، أو إمكانية إجراء محادثات بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والسعودية والمنتجين الآخرين، لكنه قال إنّ “واشنطن كانت على مدى العامين الماضيين على اتصال مستمر ومنتظم بشأن حزمة كاملة من القضايا”.
وأضاف: “أعتقد أنّنا توصّلنا إلى تفاهم مع المنتجين في الولايات المتحدة والمنتجين في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم، على أنّ هناك حدّا للوقت الذي تصل فيه الأسعار إلى نقطة معينة، مما يؤثّر سلبًا في النمو الاقتصادي العالمي ويؤثّر فيهم في النهاية”. وتابع: “إنّهم يعرفون موقفنا جيّدًا، وأعتقد أنني أتفهّم موقفهم، ولن نتّفق دائمًا، بيد أنّ النقطة المهمة هي أنه يمكننا العمل معًا”.
المصدر: مأرب برس
إقرأ أيضاً:
العالم يتعرف إلى السلطة الجديدة في دمشق
كان رئيس جهاز الاستخبارات القومي في تركيا أول الواصلين الأجانب إلى دمشق واللقاء بأحمد الشرع قائد هيئة تحرير الشام. ثم جاء الأوروبيون والأمريكيون والأمميون والقطريون والأردنيون والسعوديون، في حين كانت روسيا حريصة على إعلان أنها “على تواصل” مع السلطة الجديدة، وكذا فعلت إيران التي لم تكتم شعورها بالهزيمة الكبرى التي منيت بها في سوريا. أما إسرائيل ففضلت “اختبارها” باحتلال أراض سورية جديدة وقصف ما تبقى من إمكانات سوريا العسكرية وإطلاق تصريحات عدائية بحق السلطة الجديدة في دمشق.
وقررت الولايات المتحدة إزالة المكافأة الموضوعة على رأس أبي محمد الجولاني، مع “دراسة” إزالة اسم الهيئة التي يقودها من قائمة المنظمات الإرهابية والعقوبات المفروضة على سوريا في عهد النظام الهارب.
هذه إجراءات سالبة وحسب لا تعني إقامة علاقات طبيعية مع سوريا الجديدة، ناهيكم عن مساعدتها على تضميد الجراح والشروع في بناء دولة منهارة أو محاولة لجم حليفها الإسرائيلي، إضافة إلى دور واشنطن في المرحلة الانتقالية بحكم وجود قواتها على جزء من الأراضي السورية يصادف أنها تشتمل مصادر النفط والغاز.
الدول الأوروبية المعنية بسوريا من زاوية موضوع اللاجئين على الأقل ما زالت تتعامل بحذر مع السلطة الجديدة، ولم تطلق وعوداً بشأن المساهمة في إعادة الإعمار، لعلها تنتظر أن تسبقها الدول العربية الغنية المنتجة للنفط. تركيا المزهوة بإنجاز تكاد تنسبه إلى نفسها، أعني إسقاط نظام الأسد، عينها على فرص الاستثمار لشركاتها قبل كل شيء، والعين الأخرى على شمال شرق سوريا حيث تجد أن الفرصة سانحة للتخلص من قوات سوريا الديمقراطية وإدارتها الذاتية في مناطق سيطرتها قبل دخول ترامب إلى البيت الأبيض بعد أسابيع قليلة. ولعل طموحها يصل إلى درجة لعب دور “الأخ الأكبر” للسلطة الجديدة.
ربما كان أبرز المتوجسين بين الدول من سقوط نظام الأسد، مصر والإمارات العربية المتحدة، وسيكون عليهما التأقلم مع الوضع الجديد ولو على مضض. ربما ينطبق ذلك على الصين أيضاً التي ترى في سقوط النظام الذي واظبت على تأييده في مجلس الأمن منذ بداية الثورة مكسباً صافياً للتحالف الغربي الذي يسعى لتطويق طموحاتها.
أحمد الشرع المعروف بقدرته على الاقناع ولا يخفى طموحه السياسي على أحد، حذِرُ في تصريحاته، يتجنب الشراك التي تنصب له، ويقول ما هو مقبول في الداخل كما مع مندوبي الدول الذين يلتقي بهم أو وسائل الإعلام التي تلاحقه. أما في الإجراءات، كتشكيل حكومة تصريف الأعمال أو إعادة العمل في دوائر الإدارة العامة أو تعيين محافظين أو تنظيم العلاقة مع السكان في شؤون الأمن وغيرها، فهو يتصرف بصورة أحادية، ويبدو أنه حاسم في رفضه اعتماد قرار مجلس الأمن رقم 2254 أو التعاون مع أطر المعارضة المعترف بها دولياً في المهجر.
لعل أكثر ما يلفت النظر في “براغماتية” أحمد الشرع هو تعاطيه العاقل مع الاستفزازات الإسرائيلية، وانفتاحه على علاقة طبيعية مع موسكو، وتجنب إطلاق تصريحات استفزازية ضد طهران. هذه من علامات نضج سياسي بعد عمر أمضى الرجل جله في العمل الميداني الجهادي في العراق وسوريا، وفي حكم منطقة إدلب طوال السنوات السابقة والتعامل مع الفصائل الأخرى.
ويكاد يكون الشخص الوحيد الذي يمارس السياسة بمعناها الحقيقي في سوريا اليوم. هذا ما يجعل أكثر التساؤلات يدور حول مقدار سيطرته على هيئة تحرير الشام ومداها الزمني المحتمل، وعن مدى قدرته على ضبط الوضع الأمني بالعديد المحدود لقوات التحالف الذي يقوده، ومدى قدرته في الحفاظ على استقلالية القرار الوطني وسط قوى دولية عاتية تمارس على السلطة الجديدة ضغوطاً متفاوتة تحرّكها روائز مصالحها الخاصة في “الكعكة السورية”، ومدى استمرار حيازته على قبول شعبي يحتاجه في تعزيز شرعيته الثورية. وبقدر ما تتوقف هذه العناصر على استمرار أدائه الحالي، فهي ستتأثر أيضاً بمدى التجاوب المحلي والدولي مع المتطلبات العاجلة لبناء دولة جديدة من الصفر تقريباً تمثل جميع السوريين وتحظى بدعم من دول صديقة.
من مفارقات الأسبوعين الفائتين أن البيئة الموالية لنظام الأسد كانت، لأسباب مفهومة، الأكثر تجاوباً مع سياسة الهيئة تجاهها، وحين تتعرض مناطقهم لانتهاكات فهم ينسبونها إلى فصائل أخرى ويستنجدون بهيئة تحرير الشام لحمايتهم منها، بعد سنوات من شيطنتها والمساهمة الفعالة في الصراع ضدها. هذه أيضاً براغماتية مقابلة أو واقعية سياسية مطلوبة. بالمقابل ثمة أوساط تسعى ما وسعها ذلك إلى التخريب على هذا الوضع، سواء من فلول النظام المخلوع أو من أفراد من الفصائل “المنتصرة”.
وثمة أيضاً من يخلطون بين المتطلبات السياسية العاجلة ومسبقاتهم الإيديولوجية على ما شهدنا في مظاهرة ساحة الأمويين الأسبوع الماضي حين رأينا أصواتاً تنادي “علمانية! علمانية!” وكأنهم يحتجون على إقرار دستور ينص على إسلامية الدولة السورية وتطبيق الشريعة فيها. في السياق الذي ارتفع فيه هذا الشعار لا يمكن أن يعني غير “النضال” ضد السلطة الجديدة ولم يمض عليها أكثر من عشرة أيام، في الوقت الذي تحتاج سوريا فيه إلى كل شيء باستثناء الاستقطابات الداخلية الحادة.
المعارضة السياسية الموجودة خارج سوريا مرتبكة لا تجد لنفسها موقعاً في المشهد السياسي، كما لو أنها مستسلمة لانتهاء دورها بنهاية نظام الأسد. فهي تجني الحصيلة الهزيلة لعملها طوال العقد الماضي، ربما تنتظر أن تمنحها الدول الفاعلة في سوريا اليوم دوراً من خلال القرار 2254، بعدما فشلت في الحصول على أي نفوذ اجتماعي بين السوريين.
يجتهد المحللون في تحديد أبرز الرابحين والخاسرين في سوريا بعد الثامن من الشهر الجاري، فيعدّون تركيا وإسرائيل بين الأوّلين، وإيران وروسيا بين الأخيرين. ولا أحد يذكر النظام المخلوع كخاسر، فهو قد خسر مسبقاً منذ سنوات طويلة، وسقط كثمرة معفنة من تلقاء ذاته. وكذا قلما ينظر أحد إلى سوريا كدولة خسرت كل شيء لتفوز فقط بجائزة ترضية هي نافذة أمل مفتوحة على المستقبل، ويتوقف على السوريين أنفسهم أن يحولوها إلى مستقبل يستحقونه.
القدس العربي