أكّد كبير مستشاري الطاقة في البيت الأبيض، عاموس هوشستاين، ثقة بلاده في أنّ “الدول العربية المنتجة للنفط لن تستخدم البترول سلاحا اقتصاديّا”، وذلك رغم مشاعر الغضب المتزايدة التي تسيطر على الرأي العام بالمنطقة جراء استمرار التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة.

ونقلت صحيفة “فاينانشال تايمز” البريطانية عن هوشستاين قوله إنّ “مستوى التعاون بين المنتجين الأمريكيين والخليجيين، بما في ذلك السعودية، كان وثيقا للغاية خلال العامين الماضيين”، مضيفا: “لقد جرى استخدام النفط كسلاح من وقت لآخر منذ أن أصبح سلعة متداولة، لذلك نحن دائمًا قلقون بشأن هذا الأمر، ونعمل على تلافي حدوث ذلك”.

وتابع: “لدينا حربان نشطتان في العالم، إحداهما تتعلّق بثالث أكبر منتج في العالم (روسيا)، والأخرى في الشرق الأوسط حيث تحلّق الصواريخ بالقرب من أماكن إنتاج النفط، ومع ذلك فإنّ الأسعار تقترب من أدنى نقطة خلال العام”.

وقال هوشستاين إنّ ذلك أظهر “أنّنا ندير الأمور بشكل جيّد إلى حدّ ما، لكن لا يمكننا أن نشعر بالراحة دائما مع تطوّر الأوضاع”، واصفا التعاون والتنسيق بين المنتجين والمستهلكين على مدى العامين الماضيين بالقويّ للغاية، في محاولة منع صدمات الطاقة، وفق تقديره.

ورفضت الدول الخليجية الرائدة في تحالف أوبك +، دعوات إيران لفرض حظر، احتجاجًا على العدوان الذي تشنّه قوّات الاحتلال على قطاع غزة، وفق الصحيفة. لكن الأشخاص المطّلعين على تفكير المملكة العربية السعودية -أكبر مصدر للنفط في العالم- يقولون إنّ “انخفاض أسعار النفط إلى أدنى مستوى لها في 4 أشهر عند 77 دولارا للبرميل، الأسبوع الماضي، وتصاعد الغضب بين الأعضاء (في أوبك +) بشأن غزة، يمكن أن يساهم في اتّخاذ قرار بإجراء مزيد من التخفيضات”

ومن المتوقّع أن تمدّد الرياض تخفيضات إنتاج النفط الطّوعية حتى العام المقبل، وذلك عندما يجتمع أعضاء تحالف “أوبك +” في فيينا في 26 نوفمبر. ويمكن أن يكون خيار خفض الإنتاج بما يصل إلى مليون برميل يوميّا، أي حوالي 1٪ من الإمدادات العالمية، مطروحًا على الطاولة.

ورفض هوشستاين التعليق على إمكانية تمديد أوبك + لتخفيضات الإنتاج، أو إمكانية إجراء محادثات بين إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، والسعودية والمنتجين الآخرين، لكنه قال إنّ “واشنطن كانت على مدى العامين الماضيين على اتصال مستمر ومنتظم بشأن حزمة كاملة من القضايا”.

وأضاف: “أعتقد أنّنا توصّلنا إلى تفاهم مع المنتجين في الولايات المتحدة والمنتجين في الشرق الأوسط وفي جميع أنحاء العالم، على أنّ هناك حدّا للوقت الذي تصل فيه الأسعار إلى نقطة معينة، مما يؤثّر سلبًا في النمو الاقتصادي العالمي ويؤثّر فيهم في النهاية”. وتابع: “إنّهم يعرفون موقفنا جيّدًا، وأعتقد أنني أتفهّم موقفهم، ولن نتّفق دائمًا، بيد أنّ النقطة المهمة هي أنه يمكننا العمل معًا”.

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

اختلاف الدول العربية: حجر عثرة أمام السلام في السودان

اختلاف الدول العربية: حجر عثرة أمام السلام في السودان

د. أحمد التيجاني سيد أحمد

يُعد غياب التوافق بين الدول العربية على التوقيع حجر عثرة رئيسي يعرقل الوصول إلى اتفاق ينهي الحرب في السودان.

لمن يتأمل المشهد، فإن حرب اليمن ما زالت مستمرة لأكثر من عشر سنوات، تديرها القوى ذاتها من الدول العربية، إلى جانب إيران. وهي حالة تكشف كيف يمكن لغياب الإرادة السياسية المشتركة، أو التورط في أجندات متضاربة، أن يُطيل أمد النزاعات ويزيد معاناة الشعوب.

بالمثل، نجد أن ذات الدول العربية كانت، إلى جانب مصر، من أبرز الأسباب التي أدت إلى فشل مبادرة بريطانية لتشكيل مجموعة اتصال تهدف إلى تسهيل محادثات وقف إطلاق النار في السودان.

بينما توافقت الدول غير العربية الثلاث المشاركة في اجتماع لندن (المملكة المتحدة، فرنسا، وألمانيا)، إلى جانب الاتحاد الأوروبي والاتحاد الإفريقي، على التوقيع على بيان مشترك يعكس التزامها بدعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للنزاع في السودان، ورفض جميع الأنشطة، بما في ذلك التدخلات الخارجية، التي تؤدي إلى تصعيد التوترات أو إطالة أمد القتال أو تمكينه.

وقد نشب جدل استمر يومًا كاملاً بين مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة حول صيغة البيان، مما أدى إلى غياب الإجماع العربي.

ويمثل رفض الدول العربية للحلول التي تؤدي إلى سلام السودان انتكاسة دبلوماسية كبيرة للجهود المبذولة لإنهاء عامين من الحرب الأهلية. بل ويؤكد هذا الموقف السلبي على غياب الرغبة الحقيقية لدى بعض الأنظمة العربية في رؤية السودان ينعم بالسلام.

وعلى الرغم من غياب بيان ختامي بسبب الخلافات العربية، فإن البيان المشترك الصادر عن الرؤساء المشاركين يعكس توافقًا بين الدول الغربية الثلاث والاتحادين الأوروبي والإفريقي على المبادئ التالية:
• دعم الجهود الرامية إلى حل سلمي للنزاع في السودان.
• رفض جميع الأنشطة التي تُسهم في تصعيد التوترات أو تمديد أمد الحرب، بما في ذلك التدخلات الخارجية.
• التأكيد على وحدة السودان وسلامة أراضيه.
ويُظهر هذا التوافق التزامًا مشتركًا بدعم السودان في مواجهة تحدياته، والعمل من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.

كذلكً يجب التنبيه إلى أن مضامين بيان اجتماع لندن تتقاطع وتتوافق بوضوح مع ما ورد في وثيقة ودستور التحالف التأسيسي السوداني "TASIS"، لا سيما في ما يلي:
• ضرورة اتخاذ إجراءات حاسمة ومنسقة وعاجلة لحل النزاع ووقف إطلاق النار الدائم.
• تخفيف معاناة الشعب السوداني.
• الالتزام بسيادة السودان ووحدته واستقلاله وسلامة أراضيه.
• دعم تطلعات السودانيين لبناء مستقبل سلمي، موحد، ديمقراطي، وعادل.
• تسليط الضوء على الكلفة الإنسانية الكارثية للنزاع، بما في ذلك النزوح الداخلي وتأثيره على دول الجوار.
• التأكيد على إلحاح الوضع الإنساني وضرورة تعزيز التنسيق لإيصال المساعدات الإنسانية.
• أهمية إشراك المدنيين السودانيين، لا سيما النساء والشباب والمجتمع المدني، في جهود حل النزاع وصياغة مستقبل السودان.
• تحميل الأطراف المتحاربة مسؤولية حماية المدنيين والالتزام بالقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان.

كسرة:
افتتح وزير الخارجية البريطاني "لامي" المؤتمر بتصريح لافت، قال فيه:
- "لقد فقد الكثيرون الأمل في السودان. وهذا خطأ. إنه خطأ أخلاقي أن نرى هذا العدد الكبير من المدنيين يُذبحون، وأطفالًا رُضعًا يتعرضون للعنف الجنسي، بينما يواجه ملايين السودانيين خطر المجاعة أكثر من أي مكان آخر في العالم. لا يمكننا ببساطة أن نتجاهل الأمر."
وأضاف:
- "بينما أتحدث، يواجه المدنيون وعمال الإغاثة في الفاشر ومخيم زمزم للنازحين عنفًا لا يُصدق. العائق الأكبر ليس نقص التمويل أو نصوص الأمم المتحدة، بل نقص الإرادة السياسية. علينا ببساطة إقناع الأطراف المتحاربة بحماية المدنيين، والسماح بدخول المساعدات، ووضع السلام كأولوية قصوى."
لكن، وعلى الرغم من هذا النداء الإنساني القوي، لم تُثمر جهود "لامي" لإقناع الدول العربية بالموافقة على المبادئ الدبلوماسية التي طُرحت كمدخل لمجموعة اتصال مستقبلية حول السودان.
وقد أكد مسؤولون أن المؤتمر لم يكن محاولة للوساطة المباشرة أو منصة لتعهدات مالية، بل هدف إلى بناء تماسك سياسي أكبر بين الدول الفاعلة في الملف السوداني. وشاركت فيه ١٤ دولة، إضافة إلى الاتحادين الأوروبي والإفريقي، وأسفر عن توصية بعودة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع إلى طاولة التفاوض، وفتح المسارات أمام وصول المساعدات الإنسانية.
كما تعهدت الدول المشاركة بتقديم ما يقرب من ٨٠٠ مليون يورو لدعم المتضررين من الحرب التي تدخل عامها الثالث.

ahmedsidahmed.contacts@gmail.com  

مقالات مشابهة

  • المغرب ضمن الدول الأكثر إنتاجاً للفضة في العالم (إنفوغراف)
  • الأنظمة العربية من اتفاقية الدفاع المشترك إلى نزع سلاح المقاومة.. ماذا حدث؟
  • أسعار النفط تواصل الارتفاع وسط تشديد العقوبات الأمريكية وتعهدات أوبك بخفض الإنتاج
  • ‏حماس: إسرائيل تستخدم التجويع كسلاح من خلال منعها دخول المساعدات إلى غزة
  • اختلاف الدول العربية: حجر عثرة أمام السلام في السودان
  • أسعار النفط تواصل الصعود بدعم من العقوبات على إيران وتعهدات “أوبك”
  • النفط يرتفع وسط عقوبات أمريكية على إيران وخفض مرتقب من دول بـ”أوبك”
  • مستشار وزير التموين: العالم يمر بحالة هبوط تضخمي .. فيديو
  • في أول تصريح علني منذ مغادرته الرئاسة.. بايدن: سياسة ترامب ستدمر أمريكا
  • شركات نفط أمريكية تتخوف من زيادة الإنتاج مع الحرب التجارية وزيادات أوبك