بورتسودان "أ.ف.ب":أسفرت سلسلة هجمات في منطقة أبيي المتنازع عليها بين السودان وجنوب السودان عن مقتل 32 شخصا بينهم نساء وأطفال وجندي دولي على ما أفاد مسؤولون محليون.

وندد مسؤول حكومي في منطقة أبيي الغنية بالنفط عند الحدود بين البلدين بهذه الهجمات التي وقعت امس في منطقتين ونفذتها مجموعات مسلحة وجنود يرتدون بزات جيش جنوب السودان.

وأضح بوليس كوش اغوار اجيت وزير الاعلام في أبيي والناطق باسم سلطات جنوب السودان في المنطقة في بيان نشر مساء امس "خلال هذه الهجمات قتل 32 شخصا بينهم أطفال ونساء حرقوا في أكواخهم فيما أصيب أكثر من 20 شخصا بجروح".

وأضاف في بيان "قتل جندي في قوة الأمم المتحدة الأمنية الموقتة في أبيي" من دون إعطاء المزيد من التفاصيل.

وتقع منطقة أبيي بين السودان وجنوب السودان وتشكل بؤرة توتر منذ استقلال الجنوب في العام 2011.

في وقت سابق من الشهر الحالي، أعربت مبعوثة الأمم المتحدة الخاصة لمنطقة القرن الإفريقي هانا تيتيه عن خشيتها من اقتراب المعارك الدائرة في السودان من حدود جنوب السودان وأبيي وزعزعة الوضع الهش أساسا في المنطقة.

وأدت الحرب في السودان "إلى تعليق" المفاوضات بين البلدين حول هذه المنطقة المتنازع عليها منذ فترة طويلة.

وأقر مجلس الأمن الدولي بالاجماع خلال الشهر الحالي تمديد مهمة القوة الدولية في أبيي المنتشرة منذ 12 عاما والبالغ عديدها حاليا أربعة آلاف عنصر.

وفي السياق، أدت سبعة أشهر من الحرب المتواصلة في السودان الى مقتل الآلاف ونزوح الملايين داخليا والى دول الجوار، وجعلت احتمال التقسيم خطرا محدقا ببلاد كانت تعاني أساسا من التشرذم والصراعات.

ومع تواصل المعارك والنزاع على السلطة بين قائد الجيش عبد الفتاح البرهان وحليفه السابق قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، يخشى خبراء أن يتكرر في السودان "السيناريو الليبي"، في إشارة الى الفوضى التي تعمّ الجار الشمالي الغربي حيث تتنازع حكومتان السلطة.

في السودان، سيطرت قوات الدعم السريع على مناطق في الخرطوم وحققت تقدما كبيرا في إقليم دارفور (غرب). في المقابل، تحصّن أعضاء الحكومة وقادة الجيش في مدينة بورتسودان المطلة على البحر الأحمر بشرق البلاد، والتي بقيت في منأى عن المعارك التي اندلعت في 15 أبريل.

ولا يبدو أي طرف مستعدا لتقديم تنازلات على طاولة المفاوضات، خصوصا أن أيا منهما لم يحقق تقدما حاسما على الأرض.

ومطلع الشهر الجاري، فشلت جولة جديدة من مفاوضات جدة التي ترعاها الولايات المتحدة والسعودية في تحقيق أي خرق.

ولم تفلح جولات التفاوض المتعددة سوى في إبرام وقف موقت للمعارك التي كانت سرعان ما تستأنف بمجرد انتهاء المهل.

ويثير فشل الوساطات الدولية المتعددة مخاوف من أن يفضي استمرار الوضع على حاله لفترة طويلة الى تقسيم السودان.

وقال خالد عمر يوسف الناطق باسم قوى الحرية والتغيير، الكتلة المدنية التي كانت شريكة في الحكم مع الجيش قبل انقلاب البرهان ودقلو عليها في أكتوبر 2021، "إن استمرار المعارك يمكن أن يؤدي الى سيناريوهات مرعبة من بينها التقسيم".

وأضاف لوكالة فرانس برس "موجة التسليح المتصاعدة (للمدنيين) تعمّق الشروخ الاجتماعية في السودان".

وأدت الحرب بين الجيش وقوات الدعم الى مقتل أكثر من 10 آلاف شخص، وفق تقدير لمنظمة "أكليد" يعتقد على نطاق واسع أنه أدنى من الحصيلة الفعلية.

كما تسببت المعارك بنزوح أكثر من ستة ملايين شخص وتدمير معظم النية الأساسية في السودان الذي كان يعدّ حتى قبل اندلاع النزاع، من أفقر بلدان العالم.

ومنذ مطلع نوفمبر، تواترت التقارير عن مذابح جديدة في دارفور في ظل هجوم واسع النطاق لقوات الدعم التي أعلنت السيطرة على قواعد الجيش في المدن الكبرى في الاقليم.

في مدينة أرداماتا (غرب دارفور)، قتل مسلحون 800 شخص وتمّ تدمير 100 مأوى في معسكر للنازحين، ما دفع ثمانية آلاف شخص للفرار الى تشاد المجاورة خلال أسبوع واحد، وفق الأمم المتحدة.

وأعرب الاتحاد الأوروبي عن "صدمته" من سقوط "حوالى ألف قتيل" في زهاء يومين في أرداماتا في ما يبدو حملة "تطهير عرقي".

ويعتقد الخبراء أن تلك الأرقام تبقى ما دون الفعلية بسبب انقطاع شبكات الاتصالات بشكل شبه كامل جراء القتال.

ومنذ بداية النزاع، أحصت الأمم المتحدة أكثر من 1.5 مليون نازح داخل إقليم دارفور الذي يعيش فيه ربع سكان البلاد البالغين 48 مليونا.

من جهتها، حذرت الأمم المتحدة الأسبوع الماضي من أن العنف في السودان بلغ مرحلة "الشر المطلق" وأعربت عن قلقها خصوصا من هجمات على أساس عرقي في دارفور.

وفيما يقاتل الجيش في مختلف أنحاء السودان، اتخذ قائده البرهان وحكومته من بورتسودان مقرا لقيادتهم، ما غذّى الخشية من تقسيم البلاد.

ويرى المحلل السوداني فايز السليك أن الفشل في التوصل الى حل سياسي يمكن أن يقود الى وضع مشابه للوضع في ليبيا "مع وجود أكثر من حكومة لا تملك أيا منها فعالية حقيقية وغير معترف بها دوليا".

وعلى رغم أن الخبراء يرون أن دقلو قادر على الاعتماد على حلفاء وازنين مثل الامارات، فإن البرهان حافظ على مكانته كرئيس فعلي للدولة في المحافل الدولية ويشارك في اجتماعات الأمم المتحدة والجامعة العربية.

ورأى السليك أن التقدم الكبير الذي حققته قوات الدعم السريع في دارفور "يعطيها ميزة نسبية ويمكنها من التحرك داخل قواعدها"، وذلك في إشارة الى القبائل العربية في الإقليم.

ذلك أن الفصائل العربية المسلحة المعروفة بـ"الجنجويد" تشكّل عماد قوات الدعم السريع، وهي التي قامت مطلع القرن الحالي تحت قيادة دقلو، بتنفيذ سياسة الأرض المحروقة في دارفور لصالح الرئيس السابق عمر البشير، من خلال حرق ونهب ممتلكات الاثنيات غير العربية.

وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير المتهم بارتكاب "جرائم حرب" و"جرائم ضد الانسانية" في دارفور. وتحذر المحكمة اليوم من تكرار السيناريو نفسه.

وعلى رغم تقدم قوات الدعم في دارفور، فإن فرص تحقيق أي طرف نصرا عسكريا حاسما على الآخر تبدو ضئيلة، بحسب ما قال لفرانس برس خبير عسكري طلب عدم الكشف عن هويته.

وأوضح "حتى لو تمكن الجيش من استعادة السيطرة على الخرطوم، وهي مهمة شاقة، فسيكون من الصعب جدا من الناحية اللوجستية إرسال قوات لاستعادة أجزاء من دارفور"، اذ يفضل 1200 كيلومتر بين العاصمة ومدينة الجنينة عاصمة غرب دارفور قرب الحدود مع تشاد.

في الخرطوم استيقظ السكان قبل نحو عشرة أيام على خبر صادم: تفجير جسر "شمبات" الذي يربط بين ضاحيتي العاصمة بحري وأم درمان.

وفي حين تبادل طرفان النزاع الاتهامات بشأن تدمير الجسر، رأى خبراء أن قوات الدعم فقدت بخسارة الجسر، خط إمدادها الرئيسي من وسط السودان.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: قوات الدعم السریع الأمم المتحدة فی السودان فی دارفور أکثر من

إقرأ أيضاً:

الدعم السريع تتهم مناوي بسرقة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى دارفور

أتهمت قوات الدعم السريع حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، بسرقة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى إقليم دارفور وتحويلها إلى قواته.

وقالت قوات الدعم السريع في بيان على منصة “أكس” اليوم، “مناوي هو السارق الأكبر لأموال الجوعى وتحويل المساعدات إلى قواته المرتزقة، ولا زالت هناك كميات من المساعدات الإنسانية المقدمة للشعب السوداني مكدسة في مخازنه”.

و كان قد اتهمت حكومة إقليم دارفور في بيان رسمي، قوات الدعم السريع بنهب وعرقلة عدد من قوافل المساعدات الإنسانية التى كانت فى طريقها إلى مدن الإقليم الذى يواجه أزمة إنسانية غير مسبوقة بحسب صحيفة سودان تريبون السودانية.

وأكدت قوات الدعم السريع التزامها الكامل بإيصال المساعدات الإنسانية إلى إقليم دارفور تضامناً مع ضحايا المجاعة التي تأثر بها ملايين السودانيين جراء الحرب.

وقالت في بيانها “إن الحرب أشعلها عناصر النظام القديم مستخدمين الجيش المختطف والمرتزقة من حركات دارفور أمثال المدعو مني أركو مناوي لمواصلة نهب موارد البلاد والتسلط على رقاب الشعب السوداني”.

وأضاف البيان “لاحظنا خلال الفترة الماضية أن المرتزق مناوي ظلّ يردد أكاذيب وادعاءات فارغة بشأن نهب المساعدات والقوافل الإنسانية، ليغطي على الهزائم التي تتعرض لها مرتزقته، ومن زج بهم في حرب الحركة الإسلامية التي تهدف إلى استعادة حكمها البغيض”.

وقالت قوات الدعم السريع “إن مناوي وأمثاله غير جديرين بالحديث نيابة عن أهل دارفور، من تسبب في معاناتهم بإصطفافه مع الحركة الإسلامية التي أشعلت الحرب، وإعلانه على الملأ أنه سيقاتل قواتنا، وبالتالي عليه أن يتحمل نتائج جرائمه ويترك الصراخ والعويل وينتظر مصيره المحتوم”.

و أكدت قوات قوات الدعم السريع أنها تعمل جنباً إلى جنب مع المنظمات الإنسانية لتسهيل إيصال المساعدات إلى مستحقيها.

فيما يؤكد مواطنون و كيانات أهلية بولاية الجزيرة أن قوات الدعم السريع ترتكب انتهاكات يومية في قرى ولاية الجزيرة وتنهب المحاصيل وحتى الطعام من المواطنين و تعمل على تهجيرهم القسري من قراهم.

الخرطوم ــــ التغيير  

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: أرواح مئات الآلاف مهددة في الفاشر في جنوب غرب السودان  
  • هل تكتمل النبوءة ؟!
  • الأمم المتحدة: أرواح مئات الآلاف مهددة بالفاشر في جنوب غربي السودان
  • بلينكن: التقدم في إرسال المساعدات أصبح مهدداً بهجوم الدعم السريع في الفاشر
  • وسط المعارك والأمراض.. أطفال “يموتون جوعا” في بلدة سودانية شمال دارفور
  • الفاشر… ماذا يعني سقوط المعقل الأخير للجيش السوداني؟
  • الفاشر… ماذا يعني سقوط المعقل الأخير للــجيش السوداني؟
  • السودان يحترق والقوى الأجنبية تستفيد.. ما المكاسب التي تجنيها الإمارات من الأزمة؟
  • الدعم السريع تتهم مناوي بسرقة المساعدات الإنسانية الموجهة إلى دارفور
  • تقرير تقصي الحقائق عن جرائم الحرب في السودان