جريدة الرؤية العمانية:
2024-10-03@13:01:40 GMT

المواقف الصلبة

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

المواقف الصلبة

 

محمد رامس الرواس

"العلماء ملح البلد" الإمام أحمد بن حنبل- رحمه الله.

**********

كان العالم الجليل العز بن عبدالسلام يقف بكل شموخ وجرأة يَخطب في النَّاس ويوجههم للتصدي للأعداء، فظل طيلة حياته رحمه الله يرفع من همم الأمة وينطق بما جاء في القرآن الكريم وبما وَرد عن الرسول الكريم عليه أفضل الصلاة والتسليم.

والعلماء المستنيرون بهدى الله يتعدى دورهم التوعية والدعوة في المجتمعات إلى أدوار عُليا هي بمثابة حمل الأمانة الكبرى عند حدوث الحروب والكوارث والأزمات التي تحل بالأوطان سواء كانت قضايا سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية فيصدحون بقول الحق بكل ثقة وصدق وأمانة، وما أشد احتياجنا اليوم إلى هذه الفئة من العلماء وهذا النوع من الأدوار المناطة بهم في ظل ما يحدث حاليًا في غزة من قصف وتهجير وإبادة تقوم بها الآلة الحربية الإسرائيلية المدعومة بمساندة دولية.

إنَّ الأحداث التاريخية التي ارتبطت بالمآسي في تاريخ الأمة تجد لها من العلماء الأجلاء من يقوم بتوجيه القيادات والنَّاس بما يرضي الله ورسوله، فالمسؤولية عظيمة والمواقف الإيمانية مطلوبة وبذل المساعي الصادقة الحثيثة للاصطفاف ضد أعداء الأمة من أكبر المسؤوليات التي تناط بالعلماء، فعندما يقوم العلماء بمواقفهم الثابتة عند الأحداث الجسام التي تتعرض لها الأمة إنما يمهدون بذلك الطريق - بإذن الله تعالى - إلى النصر، وما أحوجنا اليوم لمثل هذه المواقف لتنير البصائر التي اختلت عند البعض.

منذ اليوم الأول للحرب على غزة وقف الشيخ الجليل أحمد بن محمد الخليلي مفتي عام السلطنة، موقف عالمٍ يُشرفنا جميعًا وأطلق حديثه الصادق والواضح كالعادة في مثل هذه المواقف الصلبة والثابتة مما جعل له احتراما عالميا وقدرا كبيرا بين علماء المسلمين، فقد انتقد- حفظه الله- تخاذل الأمة الإسلامية، لا سيما العرب، عن نصرة إخوانهم في فلسطين وفي الدفاع عن مشروعية الاستبسال لأهل غزة وكتائبها الباسلة للذود عن أرضها في مواجهة الكيان الإسرائيلي وكان مما قاله حفظه الله: "وفق الله المُقاومة الفلسطينية في الدفاع عن حقوقها المشروعة واستبسالها في مواجهة العدو الغاشم المحتل". ولقد كان لهذه الكلمات وقع عظيم وصدى في نفوس المتلقين لها، فالإعلان عن ضرورة دعم المجاهدين في غزة وأنحاء فلسطين عامة موقف صريح من الشيخ وجد مساندة من الحكومة العُمانية الرشيدة فأثنى هو بدوره على ذلك فقال: "إنا لنشكر حكومتنا الرشيدة بجميع مؤسساتها المدنية والعسكرية وعلى رأسها عاهل البلاد المفدى حفظه الله".

ونحن بدورنا كمواطنين نشكر شيخنا الجليل، ونفتخر بالمواقف الصلبة التي وقفها ووقفتها سلطنتنا الحبيبة ومنها الدعوة إلى محاكمة العدو الصهيوني بجرائم الحرب التي اقترفها. وهكذا عند الأزمات والحروب والكوارث تتجلى فضائل العلماء وتتضح مواقفهم ويبرز ثباتهم في قول الحق والصدوح به.

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

د. أسامة عيدروس: جرتق النيل ومحكات القيود

قيدومة:
من الصعب على المتابع اليومي لأخبار الحرب في السودان أن يقتنع بأن هذه الحرب منذ اندلاعها لم تتغير فيها مجريات سير المعارك تغييرا استراتيجيا كبيرا. فالحجم الهائل من الدمار الذي خلفته وكمية الألآم وعذابات الآمنين ودماء الضحايا وجراحاتهم الحسية والنفسية من أقسى ما مر على السودانيين. ولكن الحرب في مستواها الاستراتيجي مازالت في نفس المنحنى الذي عجزت فيه المليشيا المتمردة عن استلام المعسكرات الأساسية للجيش في الخرطوم ونعني بها المدرعات والمهندسين والقيادة والاشارة ووادي سيدنا وحطاب والكدرو والعيلفون.

وعلى الرغم من أن المليشيا تمددت في مساحات واسعة في دارفور وكردفان والجزيرة وسنار إلا انها استنزفت بشكل كبير وفقدت قوتها الصلبة منذ أغسطس 2023م، رغم الاستبدال الذي يحدث للأفراد بالمرتزقة الأجانب والنهابة من السودانيين والامداد الخارجي من حلفاء المليشيا بالأسلحة حتى النوعية منها. يمكن للمتابعين بدقة أن يحددوا الآن عدد النسخ التي تبدلت من الدعم السريع والاستنزاف الذي حصل فيها في الوقت الذي حافظ فيه الجيش على قوته الصلبة واستفاد من الاستراتيجية الفيتنامية في إطالة أمد الحرب كوسيلة لامتصاص زخم العدو والاعداد وتدريب المقاتلين على التكتيكات الأمثل لكسب الحرب رغم خسارة عدد من المعارك.
منذ السادس من يوليو 2023م تحولت المليشيا الى الدفاع في الخرطوم وحولت انتشارها في الاعيان المدنية وبيوت المواطنين إلى ثكنات للقناصة ومدافع الكورنيت المضادة للدروع بسيناريو أشبه بما فعلته (داعش) في الموصل بالعراق. غير أن سقوط مدني ومن بعدها سنجة وكذلك الفزع والحشود من أجل اسقاط الفاشر خفف كثيرا من تركز قواتهم في ولاية الخرطوم وهو خطأ استراتيجي وقعت فيه المليشيا على الرغم من أنه أكسبها بعدا معنويا باعتبارها قوات لا تقهر كما أشاع لدى النهابة مقولة (الدنيا مهدية) وهي تعني غياب سلطة الدولة مما شجع الكثيرين على الانخراط بالتمرد من أجل السلب والنهب دون خشية من العواقب.

على الرغم من الانتشار الواسع للمليشيا تظل هذه الحرب هي حرب السيطرة على الخرطوم. وقد تشجعت المليشيا بالنجاحات التي حققتها في ولايات الوسط من أجل الاندفاع بقوة لإسقاط الفاشر ثم سنار ومن بعدها تواصل الانتشار حتى اسقاط بورتسودان. والملاحظ ان استراتيجية الهجوم المستمر والانتشار الواسع دون سيطرة فعلية كان من المكن ان تحقق نتيجة نهائية في الحرب اذا وصل الزخم هذا الى بورتسودان أو حدث انهيار تام في الجيش السوداني.
في المقابل ظل الجيش محتفظا بقوته الصلبة طول فترة الحرب مع امداد مستمر بالمقاتلين في صفوف الجيش كجنود او قوات مكافحة الإرهاب أو الاحتياطي المركزي أو قوات الحركات المسلحة (سلام جوبا) أو المستنفرين من أبناء الشعب السوداني.

كان الجيش فقط محتاجا لإعلان ساعة الصفر وبدء التحرك في الخرطوم، والذي يحس الكثيرون انه تأخر كثيرا، ليستعيد الثقة والمعنويات. وزاد على ذلك ظهور كثيف لمشاة الجيش من الشباب اليافعين ولأول مرة بمظهر منضبط ولبس عسكري مكتمل.
في الحلقة القادمة نكتب عن النقاط الحاكمة وملحمة عبور الجسور ودلالتها العسكرية.
أعتذر عن التأخير في النشر لظروف خاصة

د. أسامة عيدروس
30 سبتمبر 2024م

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • سمو ولي العهد يستقبل رئيسة وزراء تايلاند على هامش قمة حوار التعاون الآسيوي بالدوحة
  • ممثل سمو أمير البلاد سمو ولي العهد يلتقي نائب أمير دولة قطر
  • صراع العقل والعاطفة
  • ممثل سمو أمير البلاد سمو ولي العهد يصل إلى دولة قطر لترؤس وفد الكويت بالقمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي
  • نائب أمير الشرقية يستقبل عضوي هيئة كبار العلماء من المنطقة اليوم
  • الأخطاء القاتلة التي ارتكبتها الأمة الإسلامية
  • ممثل سمو أمير البلاد سمو ولي العهد يتوجه غدا إلى قطر لترؤس وفد دولة الكويت في القمة الثالثة لحوار التعاون الآسيوي
  • عبدالله آل حامد: “اليوم الإماراتي للتعليم” يجسد المكانة التي يحظى بها العلم في فكر محمد بن زايد
  • د. أسامة عيدروس: جرتق النيل ومحكات القيود
  • أيُ العلماءِ نتبع؟