لماذا شرعت صلاة الجنازة.. وما حكمها إذا صلى الإمام وهو على جنابة؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
لماذا شرعت صلاة الجنازة؟ وما حكمها إذا صلى الإمام وهو على جنابة؟ سؤال أجابه الدكتور شوقي إبراهيم علام مفتي الجمهورية من خلال موقع دار الإفتاء المصرية.
لماذا شرعت صلاة الجنازة؟صلاة الجنازة هي دعاء بحسب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر والمفتي السابق، وإذا صلى الإمام وهو على جنابة، فقد بطلت صلاتُه وَحْدَهُ، أما صلاة المأمومين خلفه؛ فصحيحةٌ.
يقول السائل: يوجد رجلٌ استيقظ من النوم على جنابة، فأُخبر بوفاة قريب له، فأسرع إليه، وعند صلاة الجنازة قدموه، فصلى بهم إمامًا ناسيًا أنه جُنُب، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد العودة من الدفن؛ فما حكم صلاته؟ وما حكم صلاة المأمومين خلفه؟، ليجيب مفتي الجمهورية أنه إذا قُدِّمَ الإمام للصلاة على الجنازة حال كونه ناسيًا لجنابته، فصلى بالناس، ولم يتذكر الجنابة إلا بعد الفراغ من الصلاة والعودة من الدفن؛ فقد بطلت صلاتُه وَحْدَهُ، أما صلاة المأمومين خلفه؛ فصحيحةٌ شرعًا، ولا إعادة عليهم؛ سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها، ولا حرج عليهم -وهذا مذهب جمهور الفقهاء-؛ فقد ورد "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، ولكونه الأقرب لروح الشريعة، وما يتوافق مع مقاصدها العامة، والتي منها قوله تعالى: ﴿وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى﴾ [الأنعام: 164].
فضل الصلاة على الجنازة واتباعهاصلاة الجنازة لها فضلٌ كبير، وأجرٌ عظيمٌ، وهي مِن حقِّ الميت على الحي، ومن فروض الكفاية، وقد أكدَّ الشرع الشريف عليها، وحث على اغتنام ثوابها؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنِ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا، وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيُفْرَغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّهُ يَرْجِعُ مِنَ الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ؛ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ؛ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ» أخرجه الشيخان.
قال الإمام الطيبي في "شرح المشكاة" (4/ 1393، ط. مكتبة نزار الباز): [قوله: «كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ» وذلك تفسير للمقصود من الكلام، لا للفظ القيراط، والمراد منه على الحقيقة: أنه يرجع بحصتين من جنس الأجر، فبَيَّنَ المعنى بالقيراط الذي هو حصته من جملة الدينار، أقول: يريد أنَّ قوله: «بِقِيرَاطَيْنِ» مُبْهَمٌ من وجهين؛ فبَيَّنَ جنس الموزون أولًا بقوله: «مِنَ الأَجْرِ»، ثم بيَّن ثانيًا المقدارَ المرادَ منه بقوله: «مِثْلُ أُحُدٍ»] اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني في "فتح الباري" (3/ 195، ط. دار المعرفة): [قال الزين بن المنير: أراد تعظيم الثواب؛ فَمَثَّلَهُ لِلْعَيَان بأعظم الجبال خَلقًا وأكثرها إلى النفوس المؤمنة حُبًّا] اهـ.
الشروط الواجبة لصحة صلاة الجنازة وكيفية أدائها والدعاء المستجاب للميت.. الإفتاء توضح اشتراط الطهارة لصحة صلاة الجنازةمن المقرر شرعًا أن الطهارة من الحدثين -الأكبر والأصغر- شرطٌ لصحة صلاة الجنازة؛ لعموم الأحاديث الواردة في ذلك؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» أخرجه الشيخان.
وعن أبي الْمَلِيحِ عامر بن أسامة الْهُذَلِيِّ، عن أبيه رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبَلُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ، وَلَا صَدَقَةً مِنْ غُلُولٍ» أخرجه الإمام أحمد في "المسند"، والنسائي في "السنن الكبرى".
قال شمس الدين السفيري في "شرحه على صحيح البخاري" (2/ 263، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةَ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ» دليلٌ على بطلان الصلاة مع الحدث، وفيه دليل على أنه يحرم على المحدث حدثًا أصغر الصلاة، ولو كانت نفلًا، أًو صلاة جنازة] اهـ.
وهذا ما ذهب إليه جمهور الفقهاء، واتفقت عليه نصوصهم:
قال العلامة الحدَّادِي الحنفي في "الجوهرة النيرة" (1/ 107، ط. المطبعة الخيرية): [ومن شرط صحة صلاة الجنازة: الطهارة، والستر، واستقبال القبلة، والقيام] اهـ.
وقال الإمام ابن رشد الحفيد المالكي في "بداية المجتهد" (1/ 257، ط. دار الحديث) عند ذكر شروط الصلاة على الجنازة: [واتفق الأكثر على أنَّ من شرطها الطهارة، كما اتفق جميعهم على أنَّ مِن شرطها القبلة] اهـ.
وقال الإمام النووي الشافعي في "المجموع" (5/ 222، ط. دار الفكر): [اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أنه يشترط لصحة صلاة الجنازة طهارة الحدث، وطهارة النجس في البدن، والثوب، والمكان] اهـ.
وقال الإمام ابن قدامة الحنبلي في "الكافي" (1/ 363، ط. دار الكتب العلمية) عند الكلام على شروط صلاة الجنازة: [ومن شرطها: الطهارة والاستقبال والنية؛ لأنها من الصلوات فأشبهت سائرهن] اهـ.
وقال أبو السعادات البهوتي الحنبلي في "كشاف القناع" (1/ 134، ط. دار الكتب العلمية): [فصل: (ومَن أحدث حدثًا أكبر أو أصغر حرم عليه الصلاة)؛ لما روى ابن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «لَا يَقْبَلُ اللهُ الصَّلَاةَ بِغَيْرِ طُهُورٍ» رواه مسلم. وهو يَعُمُّ الفرض، والنفل، والسجود المجرد كسجود التلاوة، والقيام المجرد كصلاة الجنازة] اهـ.
آراء الفقهاء في صلاة الجنازة للإمام وهو على جنابةقد اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجنازة إذا صلى بهم الإمام ناسيًا أنه على غير طهارة؛ بأن كان محدثًا، أو على جنابة؛ هل تبطل صلاة المأمومين خلفه، أو لا؟
وسبب اختلافهم مبنيٌّ على كون صحة انعقاد صلاة المأموم؛ هل هي مرتطبةٌ بصحة صلاة الإمام، أو ليست مرتبطة؟ فمَن رآها مرتبطةً قال: صلاتهم فاسدة، ومَن لم يرها مرتبطةً قال: صلاتهم جائزة، وفرَّق بعضهم بين السهو والعمد بناءً على أصلهم في اشتراط اتحاد قصد الإمام مع المأموم؛ كما في "بداية المجتهد" للإمام ابن رشد الحفيد (1/ 166).
فذهب جمهور الفقهاء؛ من المالكية، والشافعية، والحنابلة: إلى صحة صلاة المأموم مطلقًا، ولا إعادة عليه، سواءٌ كان الإمام عالمًا بجنابته، أو ناسيًا لها؛ حيث لا تتوقف صحة انعقاد صلاة المأموم على صحة صلاة إمامه، ولأنه لا يجزئ عن المأموم فعل الإمام، فكذا لا تفسد صلاته بفساد صلاة إمامه؛ بدليل أن الإمام يُحْدِثُ في الصلاة فينصرف، ويبني المأموم ولا ينصرف، ولم تبطل صلاته ولا طهارته بانتقاض طهارة إمامه مع أنه مُتَّبِعٌ له. وقد روي ذلك عن عمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الحسن البصري، وسعيد بن جبير، والأوزاعي، وسليمان بن حرب، وأبو ثور.
فعن الشَّرِيدِ الثَّقَفِيِّ رضي الله عنه: "أَنَّ أمير المؤمنين عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَأَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا" أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن"، وابن أبي شيبة في "المصنف".
وعن محمد بن عمرو بن الحارث: أَنَّ أمير المؤمنين ذا النورَين عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ صَلَّى بِالنَّاسِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَمَّا أَصْبَحَ نَظَرَ فِي ثَوْبِهِ احْتِلَامًا، فَقَالَ: "كَبِرْتُ وَاللهِ؛ إِنِّي لَأَرَانِي جُنُبًا ثُمَّ لَا أَعْلَمُ!" ثُمَّ أَعَادَ، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ أَنْ يُعِيدُوا. قال عبد الرحمن بن مهدي: سألت سفيان، فقال: سَمِعْتُهُ من خالد بن سلمة، ولا أجيء به كما أريد، وقال: وهذا المجمع عليه؛ الجنب يعيد، ولا يعيدون؛ ما أعلم فيه اختلافًا. أخرجه البيهقي في "السنن الكبرى"، والدارقطني في "السنن".
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة الجنازة صلى الله علیه وآله وسلم قال رضی الله عنه قال الإمام اهـ وقال ی الله ع إذا صلى على أن
إقرأ أيضاً:
أمين الفتوى: الصلاة خلف الإمام عبر التلفزيون أو من خلال الجدران باطلة
أكد الشيخ أحمد العوضي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، أنه لا يجوز للمسلم أن يصلي وراء الإمام إذا كان في مكان آخر غير المكان الذي يؤدي فيه الصلاة، حتى وإن كانت المسافة بينهما قصيرة.
وأوضح أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، خلال حوار مع الإعلامية زينب سعد الدين، ببرنامج "فتاوى الناس"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "الصلاة وراء الإمام في نفس المسجد أو المكان هي الشرط الأساسي لصحة الصلاة في الجماعة"، لأنها لا تصح إذا كانت المسافة بين الإمام والمأموم تشمل جدرانًا أو أماكن منفصلة، حتى لو كانت الجدران متلاصقة".
أمين دار الفتوى الإسلامي الأعلى بأستراليا يُعزي شيخ الأزهر في وفاة شقيقته آمين الفتوى يوضح حكم البكاء على الميت والحزن عليهوأضاف أن الصلاة خلف الإمام عبر التلفزيون أو الراديو غير صحيحة، مشيرًا إلى أنه لا يجوز للمرء أن يتابع الصلاة عبر هذه الوسائل ويؤدي الصلاة كأنها جماعة، إذ لا يتحقق اتحاد الإمام والمأموم في مكان واحد.
وتابع أن صلاة الجماعة تتطلب وجود الإمام والمأموم في نفس المكان وفي نفس الوقت، مشددا على أهمية أن يتابع المسلمون في رمضان صلواتهم في المسجد مع الإمام مباشرة، وحذر من الأخطاء الشائعة مثل محاولة أداء صلاة الجماعة عبر التلفزيون أو الوسائل الإلكترونية.