إنشاء جمعية لمكافحة الاتجار بالبشر
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
حيدر بن عبدالرضا اللواتي
haiderdawood@hotmail.com
بالرغم من الجهود العالمية التي تبذل لمكافحة الاتجار بالبشر، إلا أنَّ أعداد المتعرضين لهذه التجارة تتزايد كل عام. فالتقديرات العالمية تشير إلى أنَّ ما يصل إلى نحو 800 ألف رجل وامرأة وطفل يتم الاتجار بهم عبر الحدود الدولية كل عام، ناهيك عن الآخرين الذي يتم استغلالهم في قضايا الدعارة والعمالة القسرية والعبودية المنزلية وغيرها من الأساليب الأخرى التي يتم العمل بها من قبل المُنتهكين.
وبعض عمليات الاتجار بالبشر تتم من خلال خداع الضحايا بوعود بإيجاد وظائف لهم أو تعليمهم أو الزواج منهم في دول أخرى. وفي أغلب الأحيان، تكون الفتيات والأطفال أهدافا لتجّار البشر العاملين في هذه القضايا، في الوقت الذي تشير فيه الإحصائيات العالمية إلى أن 71% من الأشخاص المستعبدين هم من النساء والفتيات؛ حيث تُتَّبع ضدهم أساليب القهر والخوف والموت والتهديد تجاههم ولأهاليهم في الدول التي قدموا منها، وهذا ما حدا بأن يعد الاتجار بالبشر ثالث أكبر نشاط إجرامي ربحي بعد تهريب المخدرات والأسلحة في العالم.
ومن هذا المنطلق تعمل الجهات المعنية في السلطنة على التعامل بكل حزم تجاه هذه القضايا، وتوعية الأفراد والمؤسسات بضرورة أخذ الحيطة والحذر بحيث لا يقعون في المساءلة القانونية. وقد نظمت وزارة الخارجية مؤخرًا وبالتعاون والشراكة مع غرفة تجارة وصناعة عمان ندوة تعريفية بموضوع الاتجار بالبشر وأشكاله وسبل مكافحته بمقر الغرفة بحضور المهتمين بهذه القضايا والقوانين. وقد تناولت الندوة عدة محاور تضمنت مفهوم الاتجار بالبشر وأنواعه والتركيز على الوضع الراهن فى البلاد، بالإضافة إلى الجهود المبذولة لمكافحته، والآثار الاقتصادية والاجتماعية والنفسية لهذه الظاهرة، بجانب دور المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني فى التصدي لهذه القضايا.
إنَّ المواثيق الدولية تؤكد أن الاتجار بالبشر تُعد جريمة وتمثل انتهاكًا لحقوق الإنسان وشكلًا من أشكال الاسترقاق الحديث، حيث ينطوي على نقل الرجال والنساء والأطفال أو تجنيدهم عن طريق الخداع أو الإكراه لغرض الاستغلال. ويرى الخبير الأجنبي بوزارة الخارجية العُمانية أن هذه الأساليب يستخدمها البعض أحيانا ضد أهالي العاملات القادمات من الدول الأجنبية تحت وطأة التهديد، الأمر الذي يفرض عليهن العمل في الدعارة أو نقلهن من مكان لآخر دون رغبتهن والعمل لساعات طويلة، وأن لا يقمن بالإبلاغ عن هذه التجاوزات بحيث لا يتعرض أفراد عائلاتهم في وطنهم لأي ضرر أو قتل. وفي حال الأعمال الإنشائية، يرى الخبير أن بعض الدول في المنطقة ومنها السلطنة تقوم بعض مؤسساتها التجارية بتسكين القادمين من العمالة الوافدة في مجموعات كبيرة في مساحات ضيقة من العيش وبأعداد كبيرة؛ الأمر الذي يخالف القوانين المحلية والدولية، ناهيك عن الساعات الكبيرة التي يعمل بعضهم دون مراعاة لحقوقهم في أيام العطل والمناسبات الرسمية، وأحيانًا في ظروف جوية تتسم بدرجة حرارة عالية.
وفي مجال العبودية المنزلية، يرى الخبير أن بعض الخدم في المنطقة وخارجها يعملون لساعات طويلة في المنازل وخاصة أثناء الليل، الوقت الذي يجب أن يخلد فيه الإنسان إلى الراحة، دون أن يحصل العاملون على مبالغ إضافية، في الوقت الذي يظل فيه البعض يعمل أكثر من سنتين دون أن يحصل على إجازات سنوية؛ الأمر الذي يتطلب تعزيز التوعية بهذه القوانين وتوعية العائلات بها، بحيث يحصل العامل أو الخادم على حقوقه كاملة دون أية مساومات في هذا الشأن. ومن هذا المنطلق يرى الخبير ضرورة توعية المؤسسات وأفراد المجتمع العماني بذلك من خلال مساهمة مؤسسات المجتمع المدني في هذه القضايا، مؤكدًا ضرورة العمل على تأسيس جمعية عمانية لمكافحة الاتجار بالبشر أسوة بالجمعيات المهنية الأخرى التي تعمل في مختلف القضايا التي تهم أفراد المجتمع العماني، مع الاستمرار في توعية القادمين منذ أول لحظة بحقوقهم فيما يتعلق بالعمل وكيفية إبلاغ الجهات المعنية في حال استغلالهم أو تعرضهم لأي ظرف.
إن سطنة عُمان ومن خلال لجنتها الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر والتي تضم ممثلين لمختلف الجهات من الوزارات المعنية وغرفة تجارة وصناعة عمان واللجنة الوطنية لحقوق الإنسان، تعمل على وضع خطط عمل وطنية تشمل تنظيم برامج توعوية وتدريبية تعزز من قدرات العاملين على إنفاذ القانون، فضلًا عن المساهمة في تنفيذ العديد من برامج الرعاية وإعادة التأهيل. كما أنها تتابع كل ما يتعلق بهذا الشأن سواء في السلطنة وخارجها من أساليب الاتجار بالبشر وفرض العقوبات على المخالفين وفق قانون مكافحة الاتجار بالبشر لعام 2008م من سجن وغرامات مالية تجاه قضايا الدعارة، وأي شكل من أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة، أو العمل قسرًا، أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو النزع غير المشروع للأعضاء، وضد كل من يؤوي ويستقبل ويتعامل في هذه القضايا.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
عبر رائحة العظام.. ابتكار علمي لحل لغز القضايا الجنائية الباردة
توصّل الباحث البلجيكي كليمنت مارتن إلى ابتكار طريقة لتصنيع روائح تحاكي رائحة العظام البشرية المجففة بالتعاون مع الشرطة الفدرالية.
يهدف هذا الأسلوب المبتكر إلى مساعدة كلاب البحث في العثور على بقايا الهياكل العظمية المفقودة، وقد تمكن مارتن فيما سبق من عزل رائحة اللحم البشري المتحلل، والتي تُستخدم الآن في تدريب كلاب الشرطة في بلجيكا، ولكن عندما تختفي الأنسجة الرخوة مثل العضلات والدهون والأوعية الدموية والأعصاب والأوتار وبطانات المفاصل، تصبح جزيئات الرائحة للعظام المتبقية أقل بكثير.
وشرح مارتن في تصريحات لرويترز أن رائحة العظام تتغير مع مرور الوقت، فالعظم الذي عمره 3 سنوات يختلف في رائحته عن عظم عمره 10 سنوات، وهكذا. بالإضافة إلى ذلك، فإن بقايا العظام مسامّية وتمتص الروائح من البيئة المحيطة، سواء من التربة أو الأشجار الصنوبرية، مما يزيد من تعقيد عملية اكتشاف الرائحة.
يساعد ذلك المحققين فيما يسمى القضايا الباردة، والتي تتعلق بجرائم غامضة يُخطط لها بشكل طويل للتخلص من الأدلة، مما يؤدي إلى طول فترة معالجتها وتحولها إلى قضايا باردة قيد الدراسة والتحقيق، وقد تظل معلقة في بعض الأحيان.
القضايا الباردة تتعلق بجرائم غامضة يُخطط لها بشكل طويل للتخلص من الأدلة (شترستوك) تدريب جيل جديد من كلاب الشرطةعمل مارتن على تطوير نسخة صناعية من رائحة العظام، آملاً سدّ الفجوة الموجودة في عمل المحققين في القضايا الجنائية الباردة.
إعلانوفي مركز تدريب للشرطة خارج العاصمة البلجيكية (بروكسل)، أجرى كلب بوليسي من نوع سبانيل "بونز" عرضا لتدريبات خاصة باستخدام رائحة الجثث التي طوّرها مارتن، وشملت التجربة إخفاء أنسجة بين كتل خرسانية، مع تلويث بعضها، وقد اكتشف الكلب الرائحة بسرعة ونبح للإشارة إلى اكتشافها.
تعتمد الشرطة البلجيكية على كلاب الشم المدربة وتخصص لها برنامجا تدريبيا صارما يخضع فيه كل كلب لحوالي ألف ساعة من التدريب.
ويعمل الفريق البحثي الآن على تطوير روائح عظام صناعية باستخدام عينات متنوعة من العظام المجففة، والتي تُحفظ في أسطوانة زجاجية، مما يسمح لجزيئات الرائحة بالانتشار في فضاء مغلق، جاهز لاستخراجه واستخدامه في التدريب.
يشبه نهج مارتن في بعض الجوانب عمل صانع العطور الذي يبتكر عطرا خاصا من خلال مزج روائح متنوعة، ومع استمرار تطوير هذه الروائح الصناعية، من المتوقع أن تُحدث تحولا كبيرا في مجال الطب الشرعي، لتصبح إحدى الأدوات القيمة لحل القضايا الجنائية الباردة.