زواج "إنترنتي" يبدأ بـ"لايك"!
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
جابر حسين العماني
jaber.alomani14@gmail.com
بعد أن كان المجتمع العربي مُتمسكاً بثقافته المتجذرة وعاداته وتقاليده الاجتماعية المعينة، كان من الصعب في حينها على الرجل لقاء المرأة أو التحدث معها بشأن تحديد تفاصيل الزواج، فلا المرأة ترى الرجل ولا الرجل يرى المرأة، سوى في ليلة الزواج، والزواج عندهم كبعض الفواكه التي يشتريها الناس وهم لا يعلمون ما بداخلها، أهي حلوة أو مرة؟ لذا يكتفي الرجل والمرأة بما يقوله الناس أو الأهل أو المجتمع أو من تربطهم بالبنت وأهلها صلة من آراء في حقهما حتى يقدمان على الزواج.
اليوم ومع انتشار مواقع التواصل الاجتماعي عبر الإنترنت، توغلت حالات التعارف بهدف الزواج أو تحت مسماه، بحيث أصبح بعض أفراد المجتمع يعتمدون اعتمادًا كبيراً على الشبكات العنكبوتية والمواقع الافتراضية المختلفة لاختيار الشريك المناسب للزواج، وأصبح البعض يهتم اهتمامًا بالغًا بتوظيف تلك الوسائل للحصول على أكبر مساحة للتعارف بين الطرفين، واستطاع كل من الرجل والمرأة معرفة الكثير عن بعضهما البعض، بسبب التعارف قبل الإقدام على مشروع الزواج المقدس.
وبالتالي يشكلان علاقات من الحب والصداقات والتعارف، من هذا الطريق، وهو طريق شبكات التواصل، وهو في حد ذاته يعد مشكلة شرعية واجتماعية نبهنا الشارع المقدس لحرمتها الشرعية وخطورتها الاجتماعية لما لها من آثار على الفرد والأسرة والمجتمع، وهي ما تسمى بالعلاقات المحرمة قبل الزواج، والتي يستغلها البعض لتشكيل علاقات غرامية لا تتوقف على الكذب والاحتيال فحسب، وإنما تمتد لما هو أسوء من ذلك، كاستغلال الشباب وتجنيدهم لتيارات مشبوهة، أو ترغيبهم لتعاطي المخدرات وزعزعة الأمن القومي في البلاد، وانتشار الدعارة والعلاقات المحرمة والمشبوهة، القائمة على تغيير الحقائق من خلال استخدام ما يُسمى بالذكاء الاصطناعي والفلاتر وتغيير الصوت أو الشكل أو حتى لون البشرة.
فهل أصابنا الجهل المطبق حتى نغفل عن الزواج من أبناء وبنات مجتمعاتنا وأوطاننا، ونبحث عن من لا نعرفهم، ولم نشاهد أشكالهم الحقيقية، دون استيضاح لحقيقة دينهم وأخلاقهم سوى ما يظهر لنا على شاشات الهواتف النقالة والتي ربما تخدعنا عندما يتزينون بالفلاتر الكاذبة بحجة الحب والعلاقات الزائفة التي يجب ايقافها لما تؤدي إلى عاقبة الندم.
ولقد أثبتت بعض الدراسات العلمية أن معدلات الطلاق ارتفعت بشكل ملحوظ في السنوات الأولى من ارتباط الأزواج الذين تعرفوا على بعضهم البعض عبر الإنترنت، مقارنة بالأزواج الذين تعرفوا والتقوا من خلال العائلة أو الأعراف الاجتماعية القائمة على مقدمات الزواج السليمة والصحيحة، والتي منها السؤال المباشر عن الشريك واللقاء المباشر به.
وهنا ينبغي على كل من يبحث عن شريك حياته، أن يعلم أن تلك المساحات المستخدمة في العالم الافتراضي عبر وسائل التواصل الاجتماعي أكثرها كارثية، إذا لم يتعرف الرجل والمرأة على سلبياتها وايجابياتها، وكيفية استخدامها بالطرق السليمة والشرعية، النابعة من الحكمة والعلم والاستشارة والدراية.
واليوم ونحن نعيش الكثير من حالات التطور التكنولوجي والمعرفي باستخدام شبكات التواصل الاجتماعي، علينا جميعا استغلال المساحات الافتراضية والعنكبوتية بالشكل السليم الذي يضمن للجميع مستقبلا زاهرا في الحياة الزوجية الخالية من المنغصات، والقائمة على الاستخدام الايجابي، وليس العلاقات الزائفة والكاذبة التي لا فائدة منها.
إن تأسيس مشروع الزواج المقدس ينبغي أن يقوم على دراسة الثقافة الزوجية، واتقان المهام والمسؤوليات الأسرية، والتوافق والانسجام الزوجي، واحترام الدين والأخلاق والقيم والتقاليد الاجتماعية، وتوفير القدرة المالية، ومزيدا من الرشد العقلي الذي يحتاجه المشروع الأسري الناجح، من خلال حضور الأنشطة التثقيفية في مجال العلاقات الزوجية، والتي تعرفك أيها القارئ الكريم كيف تخطط لحياتك الزوجية؟ وكيف تختار شريك حياتك بالشكل المطلوب؟ وكيف تبني بيتك وأسرتك بناءً سليما صالحا في المجتمع؟ وكيف تتغلب على مشاكلك الزوجية؟ التي لا يخلو بيت منها، وكيف تبني نفسك جيدا وتهيئها للدخول إلى الحياة الزوجية؟ متوكلا في ذلك على الله تعالى واستشارة حكماء الأهل والمجتمع لاختيار الشريك الأمثل، وكما قال الإمام جعفر بن محمد الصادق:
أَلاَ إِنَّ اَلنِّسَاءَ خُلِقْنَ شَتَّى // فَمِنْهُنَّ اَلْغَنِيمَةُ وَاَلْغَرَامُ
وَمِنْهُنَّ اَلْهِلاَلُ إِذَا تَجَلَّى// لِصَاحِبِهِ وَمِنْهُنَّ اَلظَّلاَمُ
فَمَنْ يَظْفَرْ بِصَالِحَتِهِنَّ يَسْعَدْ // وَمَنْ يُغْبَنْ فَلَيْسَ لَهُ اِنْتِظَامٌ
لذا ينبغي التأني وعدم الاستعجال بشأن الزواج، وكم من مستعجل بدأ حياته الزوجية وهو في مستنقع واسع من المشاكل والآلام والغصص الحياتية التي لم يستعد لمواجهتها والتي تنتهي به حتمًا إلى الطلاق.
رابط مختصر
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
انطلاق المؤتمر الإقليمي للرعاية البديلة ودور التنمية المستدامة.. «الحماية الاجتماعية للأطفال والشباب والتمكين الاجتماعي والاقتصادي والاستدامة وبناء مؤسسات معاصرة» أبرز المحاور
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
تنظم جمعية "سند للرعاية الوالدية البديلة"، المؤتمر الإقليميى للرعاية البديلة بعنوان "دور أهداف التنمية المستدامة في حماية وتمكين فاقدى الرعاية الوالدية" يومي 29 و30 يناير 2025، بمشاركة منظمة يونيسيف والوكالة الإيطالية للتعاون .
بدأ المؤتمر بعرض قصص ملهمة لمجموعة من الشباب من الأسر البديلة في كيفية مواجهة المجتمع وتحقيق أهدافهم بداية من وحيد سالم التي تملك موهبة فنية وترسم لوحات فنية تحولت لفيلم كانت هي البطلة والثانية سامية كمال التي تواجه المجتمع ببسمتها الجميلة عقب عمل تقويم أسنانها في أحدى كليات الطب، علاوة عن سليمان عبد الرحمن الذي يرفض مخاوفة ويتعامل مع المجتمع بثقة .
يأتي المؤتمر في وقت تسعى فيه الدول العربية إلى تحسين جودة الرعاية والخدمات المقدمة للأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية، ويهدف المنظمون إلى تعزيز دور المسؤولية المجتمعية وتطوير منظومة رعاية وحماية الأطفال والشباب في المؤسسات الإيوائية ونظام الاحتضان "الكفالة في الأسر" في الوطن العربي، ويأتي المؤتمر برعاية وزيرة التضامن الاجتماعي الدكتورة مايا مرسي، ووزير الشباب والرياضة الدكتور أشرف صبحي.
يناقش المؤتمر أربعة محاور رئيسية: المحور الأول يتضمن الحماية الاجتماعية للأطفال والشباب في الرعاية البديلة والرعاية اللاحقة، فيما يركز المحور الثاني على التمكين الاجتماعي والاقتصادي لخريجي دور الرعاية، ويتناول المحور الثالث استدامة جودة الرعاية البديلة من خلال عقد الشراكات المبتكرة، وأخيرًا يناقش المحور الرابع كيفية بناء مؤسسات قوية معاصرة في مجال الرعاية البديلة.
من ناحيته، ذكر أيمن عبد الموجود، الوكيل الدائم لوزارة التضامن الاجتماعي لشئون مؤسسات المجتمع الأهلي، أن الوزارة تولي اهتماما لملف الرعاية الوالدية البديلة، وتعمل بما يتفق مع اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل وحقوق الإنسان، والاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، واستراتيجية التنمية المستدامة 2030، موضحا أنه أثناء المراجعة الدورية الشاملة لحقوق الإنسان فى مصر أمام مجلس حقوق الإنسان الدولي أبرزت الوزارة دور مصر في ملف الأيتام والتحول إلى دور الرعاية للأسر البديلة.
بدورها قالت عزة عبد الحميد، المؤسس ورئيس مجلس إدارة "سند": "ترجع أهمية عقد هذا المؤتمر إلى زيادة أعداد الأطفال فاقدي الرعاية الوالدية في الوطن العربي وعلى المستوى العالمي، حيث يوجد أكثر من 220 مليون طفل - واحد من كل عشرة أطفال – في العالم يعيشون بدون رعاية والدية أو معرضون لخطر فقدانها للدخول في نظام الرعاية البديلة، ومن هنا تأتي أهمية تضافر جهود الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدني، والقطاع الخاص لتوفير بيئة داعمة تُعزز من تمكين هؤلاء الأطفال والشباب اجتماعيًا واقتصاديًا ودمجهم في المجتمع".
وتابعت: "بالرغم من ارتباط أهداف التنمية المستدامة بقضية الأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية، إلا أنه توجد العديد من التحديات التي تمنع دمج هذه القضية ضمن أهداف التنمية المستدامة" وأكدت على ضرورة ربط قضية فاقدي الرعاية الوالدية بشكل مباشر بمؤشرات التنمية المستدامة لجذب الإنتباه والتمويل، مشيرة إلى ضرورة خلق الحوافز للقطاع الخاص وتشجيعهم لدعم برامج المسؤولية الاجتماعية.
وأوضحت ياسمين الحاجري المدير التنفيذي لجمعية "سند" أن المؤتمر يعد فرصة جيدة لتوحيد الجهود وتبادل الخبرات بين الحكومات، منظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص لدعم الأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية، وأن الشباب رأس مال بشري يجب الاستثمار فيه وتغير منظور الخيري التكافلي إلى التنموي.
وأضافت أن تعزيز التعاون الإقليمي في مجال الرعاية البديلة لهؤلاء الأطفال يهدف إلى وضع حلولاً مستدامة تضمن نموًا صحيًا واجتماعيًا لهؤلاء الأطفال، بما يتماشى مع أهداف التنمية المستدامة، وعلبمت بناء قدرات التربيويين ومقدمي الرعاية والمدرسين وهي سر حصولنا على جائزة التعليم على مستوي الجمهورية .
يذكر أن جمعية "سند" سعت منذ نشأتها إلى تقديم حلول مبتكرة لتعزيز نظام الرعاية البديلة في مصر وضمان مستقبل
أفضل للأطفال والشباب فاقدي الرعاية الوالدية، والعمل على تمكين هؤلاء الشباب من خريجي دور الرعاية اجتماعياً واقتصادياً. كما نجحت في تحقيق أثر ملموس على نطاق واسع.
وقال الدكتور علي عبد الله ٱل إبراهيم العضو المنتدب للشبكة الإقليمية للمسؤولية الاجتماعية إن هناك العديد من التحديات التي تحول دون تمكين أبنائنا من فاقدي الرعاية الوالدية اقتصاديا واجتماعيا، تتمثل في قلة مبادرات المسؤولية الاجتماعية التي تركز على هذه القضية الهامة، وضعف التنسيق بين منظمات المجتمع المدني والقطاع الخاص لنشر الوعي بأهمية الربط بين قضية فاقدي الرعاية الوالدية بمؤشرات التنمية المستدامة.
وأشار إلى أن "الشبكة" تعمل على رفع مستوى الوعي حول المسؤولية المجتمعية للشركات والمؤسسات، وتهدف إلى تعزيز المسؤولية المجتمعية للشركات والمؤسسات، والقطاعات الحكومية والأهلية والخاصة.
يشارك في المؤتمر نحو 250 فردا من مختلف الدول العربية (الكويت - البحرين – الأردن - المملكة العربية السعودية - سلطنة عمان - قطر- دولة الإمارات العربية المتحدة)، حيث يمثلون الأطراف المعنية في التنمية المستدامة ومجال الرعاية البديلة. ويسعى المشاركون إلى تقديم مقترحات عملية لتحقيق النتائج المرجوة، وتبادل الخبرات، بالإضافة إلى بحث شراكات مستقبلية لتضافر الجهود. كما يشهد المؤتمر مشاركة فاعلة من الشباب فاقدي الرعاية الوالدية، حيث يقدمون حلولًا مبتكرة لتطوير نظم الرعاية البديلة والرعاية اللاحقة من خلال مشاركة تجاربهم وقصص نجاحاتهم الملهمة.