تشو شيوان **

الصين كانت المحطة الأولى خلال الجولة التي تقوم بها اللجنة الوزارية العربية الإسلامية المكلفة بالتحرك الدولي لوقف الحرب على غزة حيث وصل أعضاء الوفد الذي يتكون من وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، ونائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي ووزير الخارجية المصري سامح شكري، ووزيرة الخارجية الإندونيسية ريتنو مارسودي، ووزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي حسين إبراهيم طه إلى الصين اليوم في زيارة تستمر ليومين، وأجد أن تكون الصين هي المحطة الأولى للجولة إشارة أجدها مهمة ومهمة جداً لكونها تُعبر عن الشراكة الحقيقية التي تجمع الدول العربية والإسلامية بالصين وتنامي العلاقات بين الجانبين خلال السنوات الماضية، وأيضاً تُعبر عن ثقة الدول العربية بالصين كحليف استراتيجي يتوافق معها ومع تطلعات شعوبها فكرياً وسياسياً.

إنَّ الهدف الأساسي من زيارة الوفد بحث سُبل تخفيف حدة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي المستمر، وحماية المدنيين، والسعي نحو تسوية عادلة للقضية الفلسطينية، وهذا يتناسب تماماً مع توجهات الصين تجاه هذه القضية، بل إنَّ الصين طالبت المجتمع الدولي مراراً وتكراراً بوجوب حماية المدنيين ووجوب إنهاء الصراع في أسرع وقت ممكن منعاً لتدهور الأوضاع وحماية للمدنيين، وأجد أن زيارة الوفد للصين هذه المرة تظهر سعي كلا الجانبين الصيني والعربي إلى الضغط على المجتمع الدولي ليتحرك لوقف إطلاق النار وحماية الأرواح في غزة.

لقد أعلن وزير الخارجية الصيني وانغ يي أمام الوفد أن الصين تريد العمل على "استعادة السلام" في الشرق الأوسط، وقال وانغ، في كلمته الافتتاحية في بكين: "فلنعمل معا لتهدئة الوضع في غزة سريعا ولاستعادة السلام في الشرق الأوسط في أقرب وقت".، وأضاف وانغ أن بكين تؤيد بالكامل الدعوة إلى حل الدولتين الصادرة عن القمة الإسلامية العربية التي عقدت في الآونة الأخيرة في الرياض لإنهاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وهذا ما أسلفت ذكره أن الصين ترى في إحلال السلام الحل الوحيد لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي بصورة يتقبلها الجميع.

 

الصين من حيادة موقفها لا تقف مع جانب على حساب جانب آخر بل هدفها حماية المدنيين والدول العربية تجد في هذه النقطة نقطة إيجابية بعكس ما تجده من تحيز واضح من بعض الدول الغربية تجاه القضية ما يجعل الصين أملاً مهماً بالنسبة للدول العربية يأملون أن تلعب دوراً سياسياً قوياً لإنهاء الحرب وهذا فعلاً ما تقوم به الصين، فمن يتابع جهود لصين منذ بداية الأزمة وتحركاتها داخل وخارج مجلس الأمن سيجد أن الصين لا تكف عن الزج بقضية المدنيين الفلسطينيين في وجه المجتمع الدولي لدعوتهم لتحمل المسؤولية والسعي لإنهاء الصراع الدائر.

من بين النقاط الإيجابية لهذا اللقاء أننا وجدنا دول الشرق تجتمع فيما بينها وتتباحث في أمورها وقضاياها ومشاكلها لوحدها بعيداً عن التدخلات الغربية التي لطالما حاربت أن يكون الشرق مجتمعاً متماسكاً، وعلى العكس فإن الصين تجد في أن دول الشرق قادرة على أن تعمل جنباً لجنب ويكون لها تأثيرها القوي في تحديد مصيرها ومصير قضاياها، وأجد أن هذه النقطة سوف تتعاظم في قادم الأيام، فالدول العربية بدأت في إيجاد طرقاً أخرى غير الطرق الغربية وبدأت تجد تحالفات بعيدة عن الدول الغربية، والصين تؤمن بنفس الفكرة أن النظام العالمي الجديد يجب أن يكون متعدد الأطراف ومن حق الجميع أن يكون له تأثيره مهما كان صغيراً أو كبيراً.

 

إن قضية فلسطين هي محور القضايا الشرق أوسطية أو العربية أو حتى الإسلامية، والصين تؤمن بمدى أهمية هذه القضية وتأثيرها على الكثير من الملفات العالقة في المنطقة، ولهذا مجد الصين تقف وقفة المساند الحقيقي للدول العربية في قضيتهم الأهم وسنجد دورها يتعاظم يوماً بعد يوم في محاولة لعودة السلام لأهالي غزة وفلسطين بأكملها والعمل بشكل موسع مع المجتمع الدولي للوصول لحل عادل للشعب الفلسطيني.

 

إن أجمل ما يمكن أن أعبر عنه كصحفي صيني هي تلك الصورة التي تم التقاطها في نهاية اللقاء والتي جمعت وزير الخارجية الصيني بوزراء خارجية الدول العربية والإسلامية والتي أظهرت مدى التعاضد كما يقول العرب ومدى عمق الشراكة بين الطرفين، وأجد أيضاً أن الصورة تُعبر عن رسالة الصين ورؤيتها تجاه هذه القضية بأن الصين داعمة للمساعي العربية الطامحة لوقف الصراع وإحلال السلام.

** صحفي في مجموعة الصين للإعلام، متخصص بالشؤون الصينية وبقضايا الشرق الأوسط والعلاقات الصينية- العربية

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

“المجلس الدولي وعجزه في حل قضايا الشرق الأوسط ازدواجية المعايير والصراع مع الكيان الصهيوني”

بقلم : جمعة المالكي ..

منذ عقود طويلة، تلعب الأمم المتحدة والمجالس الدولية دورًا محوريًا في معالجة القضايا الدولية، إلا أن قدرتها على حل القضايا في منطقة الشرق الأوسط، خصوصًا القضايا العربية، تظل محل انتقاد واسع وخنوع واضح من بين هذه القضايا، يبرز الصراع العربي الإسلامي _ الصهيوني ، والذي أصبح رمزًا للتحديات المستمرة التي تواجه المنطقة.
لا يخفى على المتابعين كيف تتعامل القوى الكبرى والمجالس الدولية مع القضايا العربية والإسلامية بمعايير مزدوجة، مقارنة بما يحدث مع دول أخرى. ففي حين يُظهر المجتمع الدولي حزمًا واستجابة سريعة لحل الأزمات في مناطق أخرى، تبقى القضايا العربية، مثل القضية الفلسطينية واللبنانية ، عالقة بدون حلول جذرية. تتخذ الدول الكبرى مواقف متباينة تجاه النزاعات، حيث يبدو أن مصالحها الاقتصادية والسياسية تفرض نفسها على مبادئ حقوق الإنسان والعدالة لتتضح للعالم اجمع عدالتهم اكذوبة .
الكيان الصهيوني ، على سبيل المثال، استفاد لسنوات من الحماية الدبلوماسية التي توفرها لها القوى الكبرى في المجلس الدولي، مما أدى إلى تجاهل المجتمع الدولي المتكرر للانتهاكات المستمرة بحق الفلسطينيين وجنوب لبنان والجولان وكثير من القضايا المهمة . وعلى الرغم من قرارات الأمم المتحدة المتتالية التي تدين بناء المستوطنات والاعتداءات على الفلسطينيين وجنوب لبنان والجرائم الإنسانية بحق الشعوب ، لم يكن هناك تحرك فعلي على الأرض لوقف هذه السياسات أو محاسبة المسؤولين عنها.
لا يمكن إنكار أن الشرق الأوسط، وخصوصًا القضايا العربية، شكلت تحديًا دبلوماسيًا كبيرًا للأمم المتحدة. ولكن السؤال يبقى هل يعود الفشل إلى ضعف الإرادة الدولية ؟ أم إلى المصالح التي تتعارض مع مبادئ الحلول العادلة؟

في الوقت الذي فشلت فيه الأمم المتحدة في التوصل إلى حلول سياسية عادلة للصراع العربي الإسلامي -الصهيوني ، نجد أن التدخلات الدولية في أزمات مثل الحرب في العراق وسوريا، لم تؤدِّ إلى حل النزاعات، بل زادت من تعقيد الأوضاع وأدت إلى مزيد من العنف وعدم الاستقرار
أدت السياسات المزدوجة إلى فقدان كثير من العرب والمسلمين الثقة في المجتمع الدولي وقدرته على إنصافهم. فمن ناحية، يتم فرض عقوبات شديدة على بعض الدول العربية أو الإسلامية لأسباب مختلفة، ومن ناحية أخرى، يتم التغاضي عن انتهاكات حقوق الإنسان عندما يكون الفاعل إحدى الدول الحليفة للقوى الكبرى.

هذه الازدواجية دفعت بالكثير من الدول العربية والشعوب إلى البحث عن حلول إقليمية أو بديلة، بعيدًا عن التدخل الدولي الذي بدا غير متوازن. ومع استمرار هذا الاتجاه، يخشى أن تزيد الفجوة بين العرب والمسلمين والمجتمع الدولي، مما يهدد بإضعاف التعاون المستقبلي لحل الأزمات.

خلاصة القول لا يمكن إنكار أن المجلس الدولي يواجه تحديات كبيرة في حل قضايا الشرق الأوسط، ولكن ازدواجية المعايير في التعامل مع القضايا العربية، خصوصًا في الصراع مع الكيان الصهيونى ، تبقى حجر عثرة أمام أي تقدم وكذلك عجزه التام . يجب أن يدرك المجتمع الدولي أن العدل والمساواة في التعامل مع جميع الأطراف هو السبيل الوحيد لإعادة الثقة وتحقيق الاستقرار في المنطقة. بدون ذلك، سيبقى الشرق الأوسط مرآة لعجز النظام الدولي في تحقيق العدالة والسلام.

جمعة المالكي

مقالات مشابهة

  • الجامعة العربية تدعو المجتمع الدولي للوقوف إلى جانب لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
  • جامعة الدول العربية تدعو المجتمع الدولي للوقوف مع لبنان في مواجهة الاعتداءات الإسرائيلية
  • «دعم حقوق الشعب الفلسطيني»: الاحتلال الإسرائيلي يخطط لتوسيع الصراع الإقليمي
  • “المجلس الدولي وعجزه في حل قضايا الشرق الأوسط ازدواجية المعايير والصراع مع الكيان الصهيوني”
  • تصاعد الاشتباكات في الضفة الغربية: توترات جديدة في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
  • وزير الخارجية يعلن إطلاق «التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين»
  • وزير الخارجية الصيني: لا يمكن حل الصراع الإسرائيلي اللبناني باستخدام القوة
  • لافروف: العنف تجاوز حدود الصراع "الإسرائيلي- الفلسطيني" ويزعزع منطقة الشرق الأوسط
  • الصين تعلن عن «خطة» لإيجاد تسوية سياسية لأزمة أوكرانيا
  • رئيس الوزراء الفلسطيني: مجلس الأمن الدولي لم يلجم العدوان الإسرائيلي على غزة