ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول: قضية القدس من القضايا التي تشغل بال العالم الإسلامي، فهل  الجهاد والمقاومة هما السبيل الوحيد لتحرير الأرض العربية؟

وقالت دار الإفتاء، إن الإسلام دين الرحمة والسماحة والعزة والكرامة وفي ذلك يقول الله تعالى لرسوله: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ [الأنبياء: 107] وقال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: 8].

وأشارت إلى أن الأصل في الإسلام هو السلم والمسالمة لكل البشر لقوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ﴾ [البقرة: 208]، ولم يشرع الجهاد في الإسلام إلا لردّ عدوان المعتدين والدفاع عن الدعوة الإسلامية؛ خاصة إذا دخل الأعداء بلاد المسلمين، عملًا بقوله تعالى: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [البقرة: 190]. وقوله تعالى: ﴿فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ﴾ [البقرة: 194].

وأكدت أن الجهاد في الإسلام مستمر طالما كان هناك عدوّ يحتلّ قطعة من بلاد المسلمين، ولكن الجهاد ليس قاصرًا على حمل السلاح وخوض المعارك فقط، وإنما قد يكون الجهاد بالكلمة أبلغ من الجهاد بالسيف خاصةً في هذا العصر الذي أصبحت فيه الدول تغزو بعضها إعلاميًّا وفكريًّا وسياسيًّا واجتماعيًّا، فأنواع الجهاد متعددة؛ ومنها: الجهاد بالنفس، والجهاد بالمال، والجهاد بالكلمة.

وورد عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه بعد رجوعه من إحدى الغزوات قال: «قَدِمْتُمْ خَيْرَ مَقْدَمٍ مِنَ الْجِهَادِ الْأَصْغَرِ إِلَى الْجِهَادِ الْأَكْبَرِ» رواه البيهقي في "كتاب الزهد"، ممَّا يدل على أنَّ الجهاد له أنواع متعددة، وليس مقتصرًا على الجهاد بالسيف، وأنه ليس الوسيلة الوحيدة لردّ العدوان.

وعلى ذلك: فإنَّ الإسلام يحث المسلمين على أن يكونوا يقظين لكل ما يقوم به أعداء الإسلام من مكر وخديعة، وأن يكونوا مستعدين في كل وقت لرد عدوان المعتدين وألا يغفلوا عن إعداد القوة اللازمة لذلك؛ تحقيقًا لقوله تعالى: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 60]. والله هو الهادي إلى الحق والطريق المستقيم.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء القدس الجهاد الإسلام

إقرأ أيضاً:

مفتي الجمهورية: الإسلاموفوبيا تهديد خطير يستوجب تعاونًا دوليًّا لمواجهته

قال الدكتور نظير عياد، مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: "إن مكافحة الإسلاموفوبيا تمثل ضرورة ملحَّة للحفاظ على السلم المجتمعي وتعزيز قيم التعايش والتسامح بين الشعوب"، مؤكدًا أن التصدي لهذه الظاهرة يتطلب جهودًا دولية متضافرة لمواجهة خطاب الكراهية والتحريض ضد المسلمين.
 

وأكد فضيلته، في كلمته بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة الإسلاموفوبيا الذي يتم الاحتفال به يوم 15 مارس من كل عام، أن انتشار ظاهرة الخوف من الإسلام وتصاعد حملات التشويه والتحريض ضد المسلمين يمثل تحديًا كبيرًا يستوجب العمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة، وتعزيز الحوار بين الأديان والثقافات، ونشر القيم الإسلامية السمحة التي تدعو إلى الرحمة والسلام والعيش المشترك.
 

وأوضح فضيلة المفتي أن دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم تبذل جهودًا حثيثة في هذا الإطار، من خلال مركز سلام لدراسات التطرف والإسلاموفوبيا عبر إصدار دراسات وبحوث متخصصة، وعقد مؤتمرات وندوات دولية، وإطلاق مبادرات تهدف إلى بناء جسور التفاهم والتعاون بين الأمم، مشيرًا إلى أن المؤسسات الدينية تلعب دورًا محوريًّا في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا عبر تقديم الصورة الصحيحة عن الإسلام والتواصل مع المجتمعات المختلفة لبيان حقيقة الدين الإسلامي الحنيف.


وأضاف فضيلته: "إننا ندعو جميع الدول والمؤسسات الدولية إلى اتخاذ خطوات جادة لمواجهة خطاب الكراهية، ووضع أطر قانونية وتشريعية تحد من التمييز والعنصرية ضد المسلمين، كما نؤكد على أهمية وسائل الإعلام في تقديم صورة عادلة ومتوازنة عن الإسلام، بعيدًا عن التنميط السلبي الذي يساهم في تأجيج العداء وبث الخوف بين المجتمعات."

وشدد مفتي الجمهورية على أن رسالة الإسلام تقوم على الرحمة والتسامح واحترام الآخر، وأن أي محاولات لربطه بالعنف أو التطرف تمثل تشويهًا متعمدًا لحقيقته، داعيًا الجميع إلى الانخراط في حوار حضاري قائم على الاحترام المتبادل، بما يسهم في تعزيز السلم والأمن العالميين.


واختتم فضيلته بيانه بالتأكيد على أن دار الإفتاء المصرية ستواصل جهودها الحثيثة لمواجهة الإسلاموفوبيا، وستعمل على تعزيز التعاون مع مختلف الجهات المعنية لنشر قيم العيش المشترك وإرساء دعائم الاحترام المتبادل بين جميع الشعوب.

مقالات مشابهة

  • هل ثواب قراءة القرآن من الهاتف أقل من المصحف الورقي؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يجوز قضاء صلاة التراويح لمن فاتته ؟.. الإفتاء تجيب
  • هل يصح صيام تارك الصلاة؟.. الأزهر للفتوى يجيب
  • حركة الجهاد الإسلامي تحمل العدو الإسرائيلي تداعيات مجزرة بيت لاهيا
  • شيخ الأزهر يدعو في خطاب بالأمم المتحدة إلى إنشاء قواعد بيانات توثق الجرائم ضد المسلمين
  • هل يجوز أداء صلاة التراويح ركعتين غير الوتر ؟.. الإفتاء تجيب
  • ارتفاع مقلق في التعصب ضد المسلمين.. الأمم المتحدة تدعو لـ«مكافحة كراهية الإسلام»
  • مفتي الجمهورية: الإسلاموفوبيا تهديد خطير يستوجب تعاونًا دوليًّا لمواجهته
  • ما فضل ثواب تفطير الصائمين في رمضان؟ «الإفتاء» تجيب
  • ما دور المسلمين الجدد بالغرب في نشر الإسلام؟