جريدة الوطن:
2025-04-17@09:35:58 GMT

الطبيعة والعافية .. وحلم المتنزهات الصحية!

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الطبيعة والعافية .. وحلم المتنزهات الصحية!

في وقت ليس ببعيد، نتفاجأ أحيانًا من بعض الَّذين قَدْ اعتادوا على العيش في المُدُن، أو نشأوا فيها أنَّهم يميلون إلى تجنُّب بعض مخلوقات الطبيعة أو تلك الَّتي تعيش في قُرانا ومزارعها، كالنَّمل والحمَام أو النَّحل، أو حتَّى ربَّما عِند رؤية الصراصير، وقَدْ يكُونُ هذا خصوصًا ما يُبرِّره إلى حدٍّ ما، نظرًا لارتباطها الثقافي بالقذارة والمَرض.

لكن مِثل هذا الاشمئزاز هو جزء من قطيعة أكبر بَيْنَ الإنسانيَّة والعالَم الطبيعي!
وبَيْنَما تُصبح الطبيعة غير مألوفة ومنفصلة وغريبة بالنسبة لأولئك، بل وربَّما وفي بعض الأحيان ننفر مِنْها بسهولة أكبر، فواقعيًّا يُمكِن لهذه المشاعر أن تدفعَ النَّاس إلى تجنُّب الطبيعة بشكلٍ أكبر! مع أنَّ العِلم يُبَيِّن الآن الفوائد الصحيَّة النَّاجمة عن الخروج من المنزل، في وقتٍ أصبحَ فيه الوصول إلى المساحات الطبيعيَّة أو المرتبطة بها غير متساوٍ أكثر من أيِّ وقتٍ مضى. بطبيعة الحال، المشي عَبْرَ النخيل والأشجار، سواء كان ذلك في مزارعنا أو بَيْنَ الطبيعة مُهمٌّ، وذلك لِمَا لها من أدوار مُهمَّة في تعزيز الصحَّة النَّفْسيَّة في المستقبل. وفي الواقع، أنَّ ممارسة المشي بَيْنَ الأشجار وقضاء الوقت بَيْنَ المزارع أو بالطبيعة يُمكِن أن تساعدَنا في التعامل مع ضغوط الحياة الحضريَّة نَفْسِها. وربَّما يكُونُ لبعض هذه الفوائد علاقة بكيفيَّة تأثير البساتين أو حتَّى المساحات الخضراء وأشجارها على أدمغتنا، خصوصًا وأنَّ إحدى الدِّراسات وجدَتْ أنَّ الأشخاص الَّذين يعيشون بالقرب من الأشجار يتمتعون بـسلامة اللوزة الدماغيَّة بشكلٍ أفضل، ممَّا يعني أنَّ بنية الدِّماغ أكثر قدرة على التعامل مع الضغوطات! ويبدو هنا أنَّ الأشجار تساعد أيضًا في صحَّة قُلوبنا. ففي إحدى الدِّراسات المرتبطة، أظهرت أنَّ المشي بَيْنَ الأشجار أدَّى إلى خفض ضغط الدَّم لدى الأشخاص، ومستويات الكورتيزول، ومعدَّلات النبض، ونشاط الجهاز العصبي (المرتبط بالتوتُّر)، مع زيادة نشاط الجهاز العصبي السمبتاوي (المرتبط بالاسترخاء). وبلا شكٍ ترتبط كُلُّ هذه العلامات الفسيولوجيَّة بصحَّة أفضل للقلبِ، وهذا دليل آخر يشير إلى أنَّ المشي في المساحات الخضراء وبَيْنَ الأشجار أو في المزارع يُحسِّن وظيفة القلب والأوعية الدمويَّة.
بل ولعلَّك تلاحظ كيف أنَّ النَّباتات حَوْلَ المنازل قَدْ تساعد على تقليل فظاظة النَّاس وعدوانيَّتهم، ناهيك أنَّ تلكم الأشجار والنَّباتات قَدْ تجذب أيضًا النَّاس إلى خارج منازلهم، وتغيير نفسيَّتهم السَّيئة إلى حالٍ أفضل. وبعبارة أخرى، يجِبُ على المؤسَّسات المعنيَّة، والبلديَّات الاهتمام بشكلٍ حقيقي باللون الأخضر، وتغذيته في كُلِّ بقعة من الولاية، والمدينة وحتَّى بَيْنَ المُجمَّعات السكنيَّة، بدلًا من أن ينتهيَ ويكُونَ المشهد الحضري فقط مباني وطُرقًا! ولعلَّه من الجميل أن نطبِّقَ ما يُردِّده اليابانيون بالاستحمام في الطبيعة، حين يقولون: شينرين يوكو، حيث شينرين تعني باليابانيَّة (الغابة)، ويوكو تعني (الحمَّام ـ أجلَّكم الله ـ). وأقصد هنا الاستمتاع الكامل بالمساحات الخضراء، خصوصًا مع الأشجار وذلك من خلال حواسِّنا. وهنا لا أقصد أبدًا ممارسة الرياضة، أو المشي لمسافات طويلة، أو الركض. إنَّه ببساطة التواجد في الطبيعة، والتواصل معها من خلال حواسِّ البصر والسَّمع والذَّوق والشَّم واللَّمس. وكأنَّه ذلك الجسر ـ إن استطعت القول ـ ومن خلال فتح حواسِّنا، يسدُّ الفجوة بَيْنَنا وبَيْنَ العالَم الطبيعي. لذلك إن أردت أن تجرِّبَ ذلك، فإنِّي أنصحك بتَرْكِ هاتفك والكاميرا خلفك. فقط سوف تمشي ببطء بَيْنَ الأشجار، وكأنَّك تتذوَّق أصوات وروائح ومناظر الطبيعة، وتدخلها لجسمك.
ختامًا، إذًا كنتَ تشعر بالتشجيع للخروج في الهواء الطَّلق بعد قراءة هذا المقال، فإنَّ المتنزَّهات ستكُونُ بانتظارك مع الكثير من المساحات الخضراء الَّتي يُمكِنك تخصيصها لجزءٍ من يومك للاسترخاء. لذلك وكما نُخطِّط ونحافظ على بنيتنا التحتيَّة الرماديَّة ـ مبانينا وجسورنا ـ من المُهمِّ أن نُخطِّطَ ونحافظَ على بنيتنا التحتيَّة البيئيَّة في المحافظات والمُدُن أيضًا. ومن هنا أقترح على أصحاب السَّعادة المحافظين بأن تُخصِّصَ كُلُّ محافظة بسلطنة عُمان متنزَّها متكاملًا غنيًّا بمساحاته الخضراء وأشجاره الوافرة، وأيضًا بحيرته الممتدَّة، ونباتاته المُتعدِّدة فتغدو كغابةٍ تطلُّ بوسط كُلِّ محافظة ـ على سبيل المثال ـ، وتكُونُ جنَّة استجمام وعلاج لكثير من أبناء المُجتمع. فيستمتع بالمناظر والأصوات والروائح الَّتي تحيط به، وتصبح ملاذًا سياحيًّا واجتماعيًّا وصحيًّا.
د. يوسف بن علي الملَّا
طبيب ـ مبتكر وكاتب طبي
dryusufalmulla@gmail.com

المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: المساحات الخضراء فی الم

إقرأ أيضاً:

القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لاقتلاعه الأشجار دون ترخيص في محمية الملك عبدالعزيز الملكية

المناطق_واس

ضبطت القوات الخاصة للأمن البيئي مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لاقتلاعه الأشجار دون ترخيص في محمية الملك عبدالعزيز الملكية.

وأوضحت القوات أنه طُبقت الإجراءات النظامية بحقه، وسُلمت الكميات المضبوطة للجهة المختصة، مؤكدة أن عقوبة قطع الأشجار من أراضي الغطاء النباتي أو اقتلاعها أو نقلها أو جرفها أو الاتجار بها دون ترخيص غرامة تصل إلى (20,000) ﷼ لكل شجرة.

أخبار قد تهمك القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مخالفين لنظام البيئة لارتكابهما مخالفتي قطع مسيجات ودخول محمية دون ترخيص في محمية الإمام تركي بن عبدالله الملكية 16 أبريل 2025 - 3:05 مساءً القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لارتكابه مخالفة التخييم في محمية الملك عبدالعزيز الملكية 15 أبريل 2025 - 5:01 مساءً

وحثت على الإبلاغ عن أي حالات تمثل اعتداءً على البيئة أو الحياة الفطرية على الرقم (911) بمناطق مكة المكرمة والرياض والشرقية، و (999) و (996) في بقية مناطق المملكة.

مقالات مشابهة

  • المشي بعد الأكل يساعد على إنقاص الوزن
  • "كوريا الآسرة".. مغامرة صحفية امتزجت بسحر الطبيعة والتقدم الصناعي
  • ضبط مواطن مخالف لنظام البيئة لاقتلاعه الأشجار في محمية الملك عبد العزيز الملكية
  • "مياه الفيوم" تعزز الاستفادة من مياه الصرف الصحي المعالجة بزراعة الأشجار الخشبية
  • القوات الخاصة للأمن البيئي تضبط مواطنًا مخالفًا لنظام البيئة لاقتلاعه الأشجار دون ترخيص في محمية الملك عبدالعزيز الملكية
  • المشي أم ركوب الدراجة مفيد أكثر للصحة؟
  • كيت ميدلتون تتواصل مع الطبيعة وتتألق بقبعة بيكر بوي.. فيديو
  • الحديقة العجيبة بسلا …حيث تعيش نباتات العالم في قلب الطبيعة
  • احتفال الربيع وبهجة الطبيعة.. كيف بدأ شم النسيم؟
  • الدفاع المدني يطلق حملة تشجير في دمشق ‏