عربي21:
2024-07-05@12:03:51 GMT

بين المقاومة وتشي جيفارا وأمثاله

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

في عالم التسلط والتجبر والبلطجة، يغدو المقاومون لهذا كله أيقونات ورموزاً، ليس في عصرهم فحسب، وإنما لعصور قادمة، مما يعني إضافتهم رصيداً وذخيرة للتاريخ المقاوم للهيمنة، والتجبر والوحشية. هذا ما حدثنا عنه التاريخ، وهذا ما نعيشه حين نستشهد بأولئك المقاومين على مدى التاريخ، الذين يشحنون أصحاب الهمم العالية في الصمود والتصدي، والصبر والمصابرة، وعدم التخلي عن المبادئ والقيم، مهما استشرس العدو.

فلا زلنا نستذكر الصحابة رضوان الله عليهم، الذين دكّوا عروش أعظم إمبراطوريتين في التاريخ فارس والروم، وهم لا يملكون شيئاً مما حازته تلك الإمبراطوريات من إمكانيات وقدرات، لكنها العقيدة والاستمساك بالمبادئ والقيم التي جعلتهم يتفوقون بها على عدوهم، وهو ما حصل مع مقاومين آخرين على مدى التاريخ وإن كان بدرجات متفاوتة بكل تأكيد.

اليوم يتكرر هذا الصمود للمقاومة الفلسطينية مع عجز الكيان الصهيوني على هزيمة المقاومين في وسطه، والذين تربوا في سجنه. فاليوم تصنع المقاومة في غزة بصمودها وثباتها، أيقونات حقيقية ليس لها فحسب، وإنما للمسلمين والإنسانية والتاريخ، تصنع أيقونات يضافون إلى أيقونات تاريخية في مقاومة البغي والتسلط والهمجية والاحتلال، أيقونات تثبت كل لحظة قدرتها على التفوق الأخلاقي والقيمي، وحتى العسكري والأمني على عدوها، وتثبت معه من جديد أن سقف الذكاء ليس ما يقرره ويمارسه الاحتلال، وسقف السلاح النوعي ليس سقفاً لهزيمة المقاومين، فلدى المقاومة سقوفها الخاصة في مواجهة الغزاة والمعتدين.

خروج الملايين من المتظاهرين في الغرب تنديداً بجرائم الكيان الصهيوني ودعماً لأهلنا في غزة يؤكد أن العالم كله، غربيه قبل شرقيه، قد طفح به الكيل في التغطية والتستر على جرائم الاحتلال الصهيوني المستمرة لعقود، ويثبت هذا الخروج من جديد تعطش العالم كله إلى أيقونات تقاوم هذا الاحتلال، وتقف في وجهه وقد كان ذلك، فنحن نسمع عن تحول رموز المقاومة الفلسطينية لأيقونات من أمثال تشي جيفارا.

خسر الكيان الصهيوني الكثير من مغامراته، وخسرت معه القوى الغربية التي راهنت على انتصاره في عدوانه الكثير، وظن هذا الكيان ومن وراءه أن فلسطين اليوم هي نفسها عام 1973 أو 1967 أو 1948، وظن الاحتلال أن آباءه المؤسسين لهذا الكيان المجرم هم أنفسهم قادة الاحتلال الصهيوني اليوم، لكن الفرق كبير وشاسع، والهوة كبيرة بين الزمنين، فلم تعد فلسطين وشبابها هم أنفسهم، بعد أن اعتمدوا على أنفسهم، ثم على الله، ومعهم دعم أمتهم المسلمة، في هزيمة هذا الكيان الصهيوني، على الرغم من تواطؤ الجيوش العربية على القضية الفلسطينية.

هذه الرمزيات الفلسطينية التي صنعها صمود غزة ألقت بتداعياتها المباشرة حتى على صنّاع السياسة في العالم العربي من خلال فرْملة التطبيع مع الكيان الصهيوني؛ والذي وصل تطبيعه إلى العظم بزيارات قادة هذا الكيان إلى السعودية، ليتراجع اليوم السيد عبد الإله بنكيران، رئيس حزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة المغربية سابقاً، عن خطأ حزبه في دعم التطبيع، وهو الأمر الذي سيعني تجمد عملية التطبيع لدى متحمسي الليكود العربي ربما لسنوات، ليس لعدم قناعتهم بها، وإنما لأن الظروف التي صنعتها غزة والمقاومة ستفرض على هؤلاء المطبعين وداعمي التطبيع الفرملة، فتسونامي غزة سيلقي بتداعياته على الثورات العربية وربيعها، وهو ما يستلزم تراجع مشروع الثورات المضادة.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفلسطينية المقاومة غزة الاحتلال فلسطين غزة الاحتلال المقاومة مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الکیان الصهیونی هذا الکیان

إقرأ أيضاً:

المقاومة بالضفة تحيي سلاح القنص بوجه الاحتلال

نابلس- من مكانٍ ما أطلق مقاوم فلسطيني، بعد ظهر أمس الثلاثاء، رصاصة فأصابت هدفها بدقة في مستوطنة "هار براخا" (التي يعني اسمها جبل البركة) الواقعة على جانب من جبل جرزيم بمدينة نابلس شمال الضفة الغربية.

لم تقتل الهدف، لكنها أحدثت ضجة وهلعا بين صفوف المستوطنين وجنود الاحتلال الذين سارعوا لاقتحام المدينة -لا سيما المنطقة الشرقية والجنوبية- بحثا عن المنفذ.

وأظهر مقطع فيديو نشره الاحتلال تجمع عشرات المستوطنين بمنطقة "مطلة يوسف"، حسبما يطلق عليها المستوطنون (تطل على قبر النبي يوسف بنابلس حسب ادعاءاتهم الدينية)، وفي أثناء ترديدهم التراتيل التوراتية هناك، سقط أحدهم أرضا بعدما صرخ متألما من شيء ما.

وانتشر الجنود بالمنطقة وهاجموا القرى والأحياء القريبة من المستوطنة بحثا عن "قناص نابلس"، على حد وصف الإعلام العبري، وأطلقوا النيران نحو منازل المواطنين القريبة، وأصابوا عددا منهم. ولم ينشر الاحتلال تفاصيل أكثر عن العملية، واكتفى بالقول إن ما جرى هو إطلاق نار من "مسافة طويلة".

"عيون الحرامية" وأخواتها

وأعادت عملية القنص إلى الأذهان مشاهد مشابهة من عمليات مماثلة -وإن تباعدت زمنيا- في الخليل ورام الله ونابلس، وأكدت تطور المقاومة الفلسطينية وتجاوبها السريع رفضا لإجراءات الاحتلال القمعية ضد الفلسطينيين بحجة حماية المستوطنين وزيادة أمنهم.

وشكلت عملية "عيون الحرامية" التي نفذها الأسير الفلسطيني ثائر كايد حمَّاد (44 عاما) من بلدة سلواد، في الثالث من مارس/آذار 2002، نقلة نوعية في شكل المقاومة آنذاك، إذ قتل قنصا -ببندقية من طراز "إم 1" (M1) أميركية الصنع ابتاعها من ماله الخاص- 11 جنديا إسرائيليا وجرح 9 آخرين.

ونُفذت العملية في منطقة عيون الحرامية قرب بلدة سلواد وعلى الشارع الرئيسي بين نابلس ورام الله، وطارد الاحتلال منفذها لأكثر من 30 شهرا واعتقله بتاريخ الثالث من أكتوبر/تشرين الأول 2004 وحكم عليه بالسجن المؤبد، وروى حمَّاد تفاصيل عمليته في رسالة بعثها من داخل معتقله.

وعام 2013 ذاع صيت "قناص الخليل"، وارتبط هذا الوصف بالشاب ناصر بدوي المنتمي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) وشقيقه أكرم الذي ساعده في ذلك. وامتد عملهما على مدار 3 سنوات نفذا خلالها -ببندقية قنص قديمة وكاتم صوت صنعاهما بأنفسهما- عدة عمليات استهدفا بها جنود الاحتلال والمستوطنين قرب الحرم الإبراهيمي وفي مواقع أخرى بالمدينة.

واعتُقل ناصر مطلع يناير/كانون الثاني 2016، ولدرء الشبهة عن شقيقه، لجأ أكرم -بعد أيام- إلى تنفيذ عملية إطلاق بالآلية ذاتها وبواسطة بندقية "كارلو" المصنعة محليا، لكنه اعتُقل بعد أيام من اعتقال شقيقه ناصر.

جنود الاحتلال يبحثون عن منفذ عملية القنص في مستوطنة هار براخا قرب نابلس (الجزيرة) تطور المقاومة

لكن، مع ذلك، ظلت عملية قتل الجندي الإسرائيلي في لواء غفعاتي "كوبي جال" بعد قنصه في رقبته برصاصة قرب الحرم الإبراهيمي، في سبتمبر/أيلول 2013، تؤرق الاحتلال الذي لم يعتقل منفذها حتى الآن، وباعترافه، فإن اعتقال الشقيقين بدوي عقّد القضية أكثر وزادها غموضا.

وقبل عامين، وقعت آخر عمليات القنص التي لم تُكشف كثير من تفاصيلها، حينما أصيب مستوطن قرب مستوطنة "إيتمار" شرق نابلس برصاص "قناص ماهر بالرماية"، وفق وصف الاحتلال الإسرائيلي حينها.

وشهدت نابلس، مثل غيرها من مدن شمال الضفة التي تعيش حالة المقاومة خلال العامين الماضيين، استهداف المقاومين فيها -وعبر إطلاق نار من بعيد- نقاطا عسكرية لجيش الاحتلال وتجمعات للمستوطنين في أكثر من مكان.

ومنذ تنفيذ عملية القنص الأخيرة الثلاثاء الماضي، لم يوقف الإعلام العبري تحريضه على الفلسطينيين، لا سيما مدينة نابلس واعتبارها "معقلا من معاقل الإرهاب"، وسط دعوات لجيش الاحتلال لتكثيف عمله ضدها واعتقال المنفذين أو اغتيالهم.

من جهته، يقول ياسر مناع -الباحث في الشأن الإسرائيلي- إن المقاومة بالضفة تتراكم منذ سنوات وتتطور مع شكل وحجم ممارسات الاحتلال، فلم يعد يمارس الاقتحام والاعتقال بأريحية كونه يواجَه باشتباكات حادة انتقلت لاحقا إلى تفجير العبوات الناسفة والتسبب في خسائر مادية بمعداته وبشرية بين جنوده.

وفي حديثه للجزيرة نت، يرى أن أهمية عمليات القنص تكمن في أنها تُطلَق من مكان مجهول ومأهول بالسكان، ومن ثم إمكانية التنفيذ بأي زمان ومكان والاختباء والانسحاب بهدوء، وسهولة اختيار الهدف أيضا من مواقع عسكرية للجيش والمستوطنات، وهو ما سيتطلب إجراءات أمنية أكبر من الاحتلال.

كتيبة جنين إحدى تشكيلات المقاومة خلال استعراض سابق (الجزيرة) إبداع وحقبة جديدة

وتتميز هذه العمليات، وفق مناع، بصعوبة جمع المعلومات عن المنفذ، ومن ثم عدم معرفة مكان العمل القادم وزمانه، وبالتالي "خلق متلازمة الخوف لدى المستوطنين في أثناء تنقلهم داخل المستوطنات وخارجها".

وعما إذا كانت الضفة ستشهد تطورا في "عمليات القنص"، قال الباحث في الشأن الإسرائيلي إن الاحتلال ينظر لها على أنها جزء من الصراع والمعركة بغزة، "وبالتالي كل شيء وارد".

وأضاف مناع أن "الحالة في تراكم؛ منحنى الأحداث بالضفة في تصاعد، وكلما صعَّد الاحتلال في استهداف المقاومين، فإن المقاومة ستبتكر الوسائل والأدوات المناسبة".

وما يقوم به الشباب المقاوم بالضفة الغربية لا يخضع لحسابات السياسيين المنطقية، كما يرى نهاد أبو غوش الكاتب والمحلل السياسي، ويقول إن هذا الجيل الشاب تواق للحرية ولا يقبل العيش تحت إجراءات الاحتلال التي تستفز كرامته وإنسانيته.

ولذلك، يضيف للجزيرة نت، سيبتدع هذا الجيل أشكالا جديدة في المقاومة تعبر عن مخزونه الكفاحي الذي لم تعد التشكيلات التقليدية من الفصائل الفلسطينية والسياسيين تستوعبه، من عبوات وقنص وتشكيلات ميدانية على طريقة كتيبتي جنين وعرين الأسود ما دام الاحتلال ماضيا في جرائمه ضد كل ما هو فلسطيني.

وتابع أبو غوش "أمام ما نشهده من تحولات لم يعد يقتصر على حالة مقاومة هنا وهناك، نحن نشهد حقبة جديدة من المقاومة بزخم كفاحي رسخته على أرض الواقع، وعجز الاحتلال عن إجهاضه ووأده رغم اغتيالاته". وأضاف أنه كلما طوَّر الاحتلال أدوات قمعه، فالشباب المقاوم لديه أيضا الجاهزية والقدرة العقلية والروح المعنوية التي تمكنه من اختراق منظومة الاحتلال الأمنية وكل أساليبه.

ويقطن مستوطنة "هار براخا" غلاة المستوطنين المتطرفين، وقتل مقاوم فلسطيني اثنين منهم قبل نحو عامين في عملية فدائية في بلدة حوارة جنوب نابلس.

مقالات مشابهة

  • هزات متواصلة للاقتصاد الصهيوني.. العمليات النوعية لليمن تؤلم الإسرائيليين
  • جميعهم قُتلوا.. المقاومة الفلسطينية تستدرج قوة للاحتلال لعين نفق مفخخ
  • مرصد الأزهر: الكيان الصهيوني شاذ دخيل على الشرق الأوسط غرسته أيادٍ غربية
  • جيش العدو يعلن مقتل ضابط وجندي بنيران المقاومة في غزة
  • المقاومة بالضفة تحيي سلاح القنص بوجه الاحتلال
  • بيان القوات المسلحة اليمنية بشأن تنفيذ عملية عسكرية مشتركة مع المقاومة الإسلامية العراقية استهدفت هدفا مهما للعدو الصهيوني في حيفا
  • حصيلة جديدة لضحايا وجرحى العدوان الصهيوني على غزة
  • هوامش مهمة على الديانة الإبراهيمية.. قاموس المقاومة (32)
  • المقاومة في الضفة.. بين العبوات الناسفة وسلاح الحرائق
  • وزارة الخارجية والمغتربين: سورية تدعو الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى تحمل مسؤولياتهما لوقف جرائم الكيان الصهيوني، وإنهاء كافة أشكال الاحتلال والاستيطان، وتوفير الحماية لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف