حذَّر معماريون ومؤرِّخون عراقيون من مخاطر الإهمال الَّذي تعاني مِنْه المباني والمعالم الأثريَّة في العراق من الجهات الرسميَّة الَّتي وضعت تراث العراق وتاريخه في آخر سلَّم اهتماماتها.
إنَّ الحملة المُنظَّمة لهدم تراث وحضارة العراق طاولت (1200) معلَم تراثي في بغداد ومحافظات عراقيَّة أخرى، الأمْرُ الَّذي سيؤثِّر على الموروث الحضاري والمعماري العراقي إلى حدِّ التهديد بالزوال بعد قيام جهات نافذة بالعراق بهدم مبانٍ تراثيَّة وحولوها إلى مبانٍ تجاريَّة.
وتزامن هذا التحذير مع قلق المعنيِّين بالحفاظ على سلامة الأبنية والعمارات، لا سِيَّما المعالم الأثريَّة والتراثيَّة لعدم تصميمها لمقاومة الحالات الطارئة. مِثل الهزَّات الأرضيَّة المُحتمَلة من احتمال تعرُّض الأبنية العامَّة في بغداد والمحافظات لخطر الانهيار؛ جرَّاء الزلازل والهزَّات الأرضيَّة المُحتمَلة الَّتي لَمْ تعتمد المعايير الدوليَّة القانونيَّة الَّتي تأخذ بمبدأ السَّلامة والمتانة ومقاومة الزلازل والهزَّات الأرضيَّة.
ولَمْ تسلم البيوت والمباني التراثيَّة والتاريخيَّة من مخاطر تعرُّضها ليس للهزَّات الأرضيَّة فقط، وإنَّما للهدم والانهيار جرَّاء عدم الاهتمام بها؛ كونها صروحًا حضاريَّة ومَعْلمًا من معالم الحضارة الإنسانيَّة للشعوب.
وتضمُّ بغداد ومُدُن عراقيَّة أخرى آلاف المواقع والمباني التراثيَّة، لكنَّ الآلاف من هذه المباني تعرَّضت للهدم، خلال السَّنوات الماضية الَّتي أعقبت احتلال العراق.
المُؤرِّخ الدكتور مؤيد سعيد أكَّد أنَّ هناك تراثًا ضخمًا ومعالم تاريخيَّة يصل عمر بعضها إلى (1250) سنة ورثتها بغداد ومراكز أثريَّة تَعُودُ إلى ما قَبل الإسلام، وخصوصًا في عكركوف غرب بغداد، ولكن لا أحَد يهتمُّ بصيانتها والحفاظ عَلَيْها.
من جانبها كشفتْ لجنة الثقافة والإعلام النيابيَّة العراقيَّة عن أنَّ البيوت والمباني التراثيَّة في بغداد تتعرض لحملة هدم مُنظَّمة، لافتةً إلى أنَّ (600) بيت فقط تبقَّى مِنْها في العاصمة من أصْلِ (1800) بيت.
ووجَّهت اللَّجنة أصابع الاتِّهام لمسؤولين عراقيِّين نافذين باستغلال مناصبهم، وشرعوا بهدم مبانٍ تراثيَّة دُونَ أيِّ إجراءات أصوليَّة، وحوِّلت إلى مبانٍ تجاريَّة. وعَدَّ الخبير العراقي في العمارة المهندس إحسان فتحي في تصريح متداول تدمير التراث المعماري بأنَّه انتحار ثقافي وخسارة لا تُعوَّض؛ لأنَّ الموروث الحضاري والمعماري مُهدَّد بالزوال، وأنَّ العديد من المواقع التاريخيَّة ذهبَ ضحيَّة توسيع الشوارع أو التمدُّد العمراني أو جشع. وتحوَّل إلى مأساة تاريخيَّة في رصافة بغداد بعد زوال معالم من تاريخها، فضلًا عن نهر دجلة الَّذي فقَدَ قِيمته الحقيقيَّة ولَمْ يَعُدْ يُستعمل إلَّا نادرًا، بعد أن كان الشريان الرئيس لمدينة بغداد اقتصاديًّا لنقلِ البضائع والأشخاص.
مصدر في دائرة الآثار والتراث أشار إلى أنَّ دائرته لا تملك غير (26) مبنًى تراثيًّا من أصل 3000.
ويُعدُّ المبنى تراثيًّا في حال بُني قَبل (200) سنة أو أكثر، ويُشترط فيه أن يحملَ صفات فنيَّة وحضاريَّة، وتدخل ضِمْن هذا التصنيف الخانات القديمة، والحمَّامات والبيوت والمدارس والأسواق ذات المميزات المعماريَّة الفريدة وغيرها.
وتُصنَّف المباني الأثريَّة إلى ثلاث فئات طبقًا لمختصِّين بالتراث؛ الأولى وهي الفئة المميزة الَّتي تحمل صفات معماريَّة فريدة يجِبُ الحفاظ عَلَيْها ولا يجوز التفريط بها، أمَّا الفئة الثَّانية فتتعامل الهيئة معها بالحفاظ على الواجهة فقط، ويُمكِن السَّماح بتغيير البناء الداخلي، والفئة الثَّالثة وتخصُّ المباني الَّتي لا يُمكِن صيانتها، ويسمح بهدمها وإعادة بنائها بشرط محاكاة صفاتها المعماريَّة الأصليَّة.
أحمد صبري
كاتب عراقي
a_ahmed213@yahoo.com
المصدر: جريدة الوطن
إقرأ أيضاً:
"اعداد غير مسبوقة".. "CNN" الأمريكية تتحدث عن السياحة في العراق
الاقتصاد نيوز - بغداد
نشرت شبكة "CNN" الامريكية، تقريرا اكدت خلاله "ازدياد" أعداد السائحين الغربيين المتوجهين الى العراق بنسب "غير مسبوقة" منذ عام 2003 وحتى اليوم، مؤكدة ان الارتفاع الكبير في نسب السائحين الى العراق اصبح الان "ترند" لدى السياح الغربيين.
وقالت الشبكة بحسب ما ترجمت "بغداد اليوم"، إن شركات السياحة الغربية وخصوصا البريطانية، سجلت ارتفاعا كبيرا العام الحالي باعداد السائحين الأجانب المتوجهين الى العراق الفدرالي بعد ان كانت السياحة الغربية محصورة خلال السنوات السابقة بإقليم كردستان العراق.
وتابعت: "أصبحت بغداد، الحلة وميسان بالإضافة الى البصرة، اهم الوجهات السياحية التي يزورها السائحون القادمون من دول الغرب خلال العام الحالي على الرغم من اصدار الحكومات الغربية تحذيرات مستمرة لرعاياها من السفر الى العراق، الامر الذي لم يعق التنامي المتسارع باعداد السائحين المتجهين الى العراق".
أحد مدراء شركات السياحة البريطانية روبرت كايل، اكد للشبكة، أن التصاعد المتسارع في اعداد السائحين الغربيين الراغبين بالتوجه الى العراق دفع بشركته الى زيادة عدد الرحلات السنوية من رحلة واحدة سنويا، الى أربعة رحلات".
السي أن أن أكدت أيضا أن العراق لم يصبح فقط "ترند" لدى السائحين الأجانب بل أصبح وجهة سياحية نادرة للرحلات "النسائية حصرا"، موضحة أنه "على الرغم من ان العراق قد يبدو بلادا لا يسهل للنساء الترحال داخلها، الا ان رائدة الاعمال جانيت نيونهام من ايرلندا، اطلقت شركة ناجحة تعتمد على تنظيم رحلات سياحية الى العراق تقتصر على النساء فقط، موضحة ان رحلاتها تتضمن زيارات الى المناطق المقدسة في كربلاء والنجف".
الشبكة توقعت أن يشهد العراق زيادة أكبر في اعداد السائحين الأجانب خلال العام المقبل مع مساعي الحكومة العراقية لإعلان بغداد عاصمة السياحة العربية لعام 2025، الأمر الذي شددت على أنه سيلعب دورا إيجابيا في جذب المزيد من السائحين الغربيين إلى البلاد التي قالت إن معظم الغربيين لا يعرفون حتى الان ان بإمكانهم زيارتها رسميا ضمن رحلات سياحية.