سودانايل:
2025-04-30@20:04:07 GMT

المحنة العربية المركزية

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

على دروب النضال من أجل الحرية ،الاستقلال والسيادة بذلت شعوب عديدة تضحيات متباينة . ذلك البذل اشتمل على معايشة أشكال من التعذيب و التهجير . لكنما لا سيرة شعب تشابه ملحمة البذل ، الصمود والبقاء كما كما الفلسطينية .فعلى مدى عشرات العقود تتوارث أجيال أعباء كتابة حكايات يومية يتماوج في نسيجها إلى جانب الدم ،الفداء ، العطاء ممارسة الحياة العائلية على سفافيت التعذيب والإضطهاد تحت وطأة الاحتلال .

في هذا النسيج الفريد تتشابك خطوط انسانية مبهرة مع أخرى داكنة من التواطؤ ، التآمر. كما تتقاطع فيها حقائق التاريخ مع الميتافيزيقا ، لعبة السياسة مع قوة السلاح ، الرهان على فرضيات الواقع أو تصورات الوهم .

*****

عديد من الشعوب ذاقت ويلات التهجير ، قساوة حياة معسكرات اللجوء، مرارات تجارب المنافي مع نوبات الحنين إلى دفء العشيرة المبعثرة ورائحة الوطن .ربما التفرد الفلسطيني الصارخ في هذه السيرة يتجسد في مخطط الاقتلاع الممنهج وعمليات التهجير الجماعي بحلقاته المنجزة على حيز زماني قياسي دون مثيلاتها ،والمستهدفة لا تزال . هو تفرد يزداد توهجاً بالاستماتة الفلسطينية في القبض على ذرات الأرض و جذور الشجر وجزع التاريخ مقاومة صنوف الضغوطات والإغراءات.غزة هي الحلقة الراهنة لكنها ليست ليست الأخيرة في ملحمة الصمود والبقاء.

*****

فطوال هذه العقود من السنين ظل الفلسطينيون يتأرجحون وسط تيارات من المحن القاسية تنشط دونما تهوي بهم في درك الحرب أو تنأى بهم إلى مرافئ السلام. فقط هم محمّلون بأثقال من دفاتر الخسارات الفادحة في البشر ، الشجر والحجر ومثلها كراسات من التذكارات الفاتنة والأحلام الخائبة المنقوشة (غرانيكا) بلا حدود على امتداد الوطن العربي، بل جهات المعمورة الأربع. استثمارا لوعد ميتافيزيقي استنفرت عواصم وشخصيات غربية قواها من أجل زرع اسرائيل في قلب العالم العربي .في ذلك الجهد صبت باريس،لندن وبرلين ثم واشنطن جهودا متباينة بغية تسديد فواتير أو تحقيق مكاسب أو إنجاز المهمتين معاً.الذاكرة العربية الجمعية تجتر فقط وعد بلفور.

*****

مقابل ذلك الاستنفار من أجل اليهود طرحت الجهات ذاتها عروضا تتراوح بين الإغراء والتحريض بغية اقتلاع الفلسطينيين وتهجيرهم .التاريخ يشير بأصبع الإتهام إلى الجنرال الفرنسي نابليون بإثارة المسألة اليهودية ثم رئيس وزراء بريطانيا بالمرستون بتقديم وعود اقتصادية للسلطان العثماني في العام ١٨٤١ مقابل السماح لليهود بالهجرة ألى فلسطين كما حض السلطان على تهجير الفلسطينيين إلى شمال العراق. لكن بنيامين دزرائيلي ذهب أبعد من بالمرستون في دعم اليهود ربما كونه الوحيد بين رؤساء الحكومة البريطانية يهودي الإنتماء. شمال العراق نفسه استهدفته الإدارة الاميركية في العام ١٩٩٤ وجهة لتهجير الفلسطينيين ، إذ أغرت واشنطن بغداد برفع الحصار مقابل قبول استقبال ساكني مخيمات لبنان في الشمال .تلك خطوة استهدفت تفكيك الضغوط المتكاثفة على اسرائيل في شأن حق العودة.

*****

الذاكرة الشعبية القومية محشوة بالعديد من الأسماء العربية والغربية على نحو مرتبك ومربك.فالجميع يذكر الشريف حسين ،الملك حسين ، الملك عبد الله وخادم الحرمين عبدالله،عبد الناصر والسادات،عرفات ورابين،كامب ديفيد وأوسلو، شاوسسكو والشاه القضية العربية المركزية والوطن البديل،شارون والجميل، الحرب والتطبيع ،الأرض مقابل السلام، اختراق الحاجز النفسي وبناء الجدار العازل. الكفاح المسلح والعمل الإرهابي ، .نظام عالمي جديد وفوضى خلاقة.لكن تباين الرؤى يغلب التوافق ازاء كل هذه الأسماء و المصطلحات .لذلك كله ليس مستغربا سقوط العقل السياسي العربي ملتبسا تجاه أحدث موجة التهجير الدامية الراهنة في غزة. هي العقلية ذاتهاالمرتبكة في سوريا ، اليمن ، العراق كما السودان.

*****

هذا الارتباك المكين غيّب عمداً إضاءات عربية بناءة، منها تحريض عبد الناصر الملك حسين قبيل مغادرة الخرطوم على كسر اللاءات الثلاثة بالسعي لمفاوضة الإسرائيليين حتى إذا اقتضى ذلك (تقبيل أيدي الاميركيين )من أجل استرداد الضفة وغزة استباقا لما سيفعله اليهود فيهما.هذه الرواية لا تعكس فقط نفاذ رؤية ناصر بل تبلور انموذجا لتحرير العمل السياسي من القوالب الجامدة.هو السقوط الملتبس غير القادر على التقاط تحذير وزير الخارجية الأميركي جيمس بيكر لاحقا من خطورة تداعيات المستوطنات أمام كل جهود للسلام .هو الالتباس مغمض العينين عن تدافع الميليشيات عابرة الحدود لجهة الرافدين أو النيلين.فجميعهم عقبات أمام السلام.

*****

خيال مصممي ومنفذي ( طواف الأقصى ) لم يبلغ حتما العودة الآمنة دعك من اقتياد عشرات الأسرى. ربما هي مهمة انتحارية جماعية. ذلك ليس هو النجاح . قطفة الحصاد في العملية هوهز شجرة الكيان الإسرائيلي ، حتى فقدان الثقة بتفوقه العسكري و أمنه الجاذب ليهود الشتات . الإخفاق ليس فقط فيما تتعرض له غزة من التوحش في التقتيل والتدمير -ذلك وبال تقاصرت دونه توقعات المصممين - بل في انكشاف ضياع (القضية المركزية) العربية.فكل شعب عربي منشغل حاليا ب محنة قطرية بدلا عن القضية القومية المركزية .لذلك يغلب العجز على الفعل تجاه المذبحة وعمليات التهجير القسرية تحت فوهات القصف الجوي والأرضي .ربما أمسى العيش في الملاذات الطارئة ظاهرة عربية قومية معاصرة وسط المحن القطرية!

 

aloomar@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: من أجل

إقرأ أيضاً:

محافظ الغربية من داخل شونة سمنود المركزية: القمح شريان وطن

أجرى اللواء أشرف الجندي محافظ الغربية جولة تفقدية مفاجئة إلى شونة سمنود المركزية لمتابعة أعمال توريد واستلام القمح المحلي من المزارعين، وذلك ضمن جهود المحافظة لتأمين سلاسل الإمداد وتعزيز منظومة الأمن الغذائي القومي، بحضور  الدكتور ناجح فوزى وكيل وزارة الزراعة بالغربية.

جهود محافظ الغربية 

وأكد محافظ الغربية خلال جولته أن الدولة تُولي محصول القمح اهتمامًا بالغًا باعتباره حجر الزاوية في تحقيق الاكتفاء الذاتي، مشيرًا إلى أن المحافظة تتابع يوميًا أعمال التوريد ميدانيًا لضمان انتظامها وتذليل أي عقبات قد تواجه الموردين، موضحًا أن “القمح ليس مجرد محصول.. بل شريان أمن قومي لا مجال فيه للتقصير”.

وشملت جولة المحافظ تفقد جاهزية الشونة المركزية بسمنود لاستقبال المحصول، والتأكد من توافر اشتراطات السلامة والتخزين الآمن، حيث استعرض سيادته آليات الفرز والاستلام، ونظام قياس الأوزان، ومدى التزام العاملين بإجراءات الجودة المعتمدة.

تشوين صوامع الغلال 

وأشار اللواء الجندي إلى أن محافظة الغربية أعدت 25 موقعًا تخزينيًا لاستقبال القمح هذا الموسم، موزعة جغرافيًا لتيسير التوريد على المزارعين، بإجمالي طاقة استيعابية تتجاوز 190 ألف طن، موضحًا أن الدولة لا تدخر جهدًا في سبيل الحفاظ على محصول القمح منذ لحظة استلامه وحتى وصوله آمنًا لمواقع التخزين المعتمدة.

واختتم المحافظ تصريحاته بالتأكيد على أن المحافظة تُسخّر كافة إمكانياتها لدعم جهود الدولة في هذا الملف الحيوي، لافتًا إلى أن التعاون والتكامل بين الجهات التنفيذية والرقابية ومزارعي الغربية هو الضمان الحقيقي لنجاح موسم التوريد وتحقيق أهداف الأمن الغذائي.

طباعة شارك محافظ الغربية جولة الصوامع شون توريد مزارعين

مقالات مشابهة

  • مذيعي القنوات يريدون انتزاع إدانة من عبد الواحد مع جهلهم ، ربما ، بالموازنة الصعبة
  • وزير الخارجية: التهجير خط أحمر.. ولن نساوم على القضية الفلسطينية |فيديو
  • وزير الخارجية: مصر ترفض أي شكل من أشكال التهجير القسري للفلسطينيين
  • محافظ الغربية من داخل شونة سمنود المركزية: القمح شريان وطن
  • للمرة الـ27.. نتنياهو يمثُل أمام المحكمة المركزية في تل أبيب
  • وزير الأوقاف: معاناة غزة جرح غائر في جسد العالم العربي.. ورفض التهجير عقيدة |خاص
  • رئيس جامعة الأزهر يشيد بجهود القيادة السياسية في رفض التهجير القسري لأهل غزة
  • الاطلاع على سير الدورات الصيفية في الإصلاحية المركزية بالأمانة
  • ممثلة مصر أمام العدل الدولية: إسرائيل تخير سكان غزة بين القصف أو التهجير
  • محافظ بني سويف يتفقد سير العمل بمشروعات الدواجن المركزية