تخيم حالة من الإحباط على المسؤولين في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون)؛ جراء استمرار هجمات جماعات حليفة لإيران على قوات ومواقع عسكرية أمريكية في الجارتين العراق وسوريا، بالرغم من ضربات أمريكية انتقامية، بحسب صحيفة "ذا واشنطن بوست" الأمريكية (The Washington Post)..

الصحيفة أضافت، في تقرير ترجمه "الخليج الجديد"، أن مسؤولين في البنتاجون محبطون مما يعتبرونه استراتيجية غير متماسكة لمواجهة وكلاء إيران، الذين يُعتقد أنهم مسؤولون عن هذه الهجمات، ويرون أن الضربات الجوية الانتقامية المحدودة التي وافق عليها الرئيس جو بايدن فشلت في ردعهم.

وقال أحد مسؤولي الدفاع، طلب عدم كشف هويته: "لا يوجد تعريف واضح لما نحاول ردعه.. هل نحاول ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية..  حسنا، من الواضح أن هذا لا يعمل".

وبحسب الصحيفة فإن "الغضب المشتعل في الشرق الأوسط بشأن الدعم الأمريكي للحملة العسكرية  الإسرائيلية في غزة، حيث قُتل آلاف المدنيين الفلسطينيين في الأسابيع الستة الماضية، أدى إلى زيادة القلق بين بايدن ونوابه من أن أي رد فعل أمريكي مبالغ فيه على هجمات قد يوسع الصراع".

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن جيش الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّفت ما يزيد عن 13 ألف شهيد فلسطيني، بينهم أكثر من 5 آلاف و500 طفل، و3 آلاف و500 امرأة، فضلا عن أكثر من 30 ألف جريح، 75 بالمئة منهم أطفال ونساء، وفقا للمكتب الإعلامي الحكومي بالقطاع.

فيما قتلت حركة "حماس"، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، وأسرت نحو 239، بينهم عسكريون، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

ومنذ 17 أكتوبر، تعرضت القوات الأمريكية بالعراق وسوريا لـ61 هجوما شبه يومي بصواريخ وطائرات بدون طيار، وتظهر بيانات للبنتاجون حصلت عليها الصحيفة أن الهجمات استهدفت 10 قواعد يستخدمها عسكريون أمريكيون في البلدين.

اقرأ أيضاً

61 هجوما خلال شهر.. إصابة جندي أمريكي في استهداف قوات بلاده في العراق

حلفاء إيران

وردا على الهجمات، سمح بايدن بثلاث جولات من الغارات الجوية، جميعها في شرق سوريا، وأحدثها في 12 نوفمبر/تشرين الثاني الجاري، إذ تم استهدف مواقع قالت البنتاجون إن الحرس الثوري الإيراني والجماعات التابعة لطهران تستخدمها.

وقالت الصحيفة إنه إيران تقدم الدعم للجماعات التي تسعى إلى إنهاء الوجود الأمريكي في العراق وسوريا، حيث ينتشر حوالي 3500 جندي بداعي منع عودة "تنظيم الدولة".

وتابعت: "كما تدعم طهران حزب الله في لبنان، الذي هدد قادته بفتح جبهة جديدة ضد إسرائيل، وكذلك المتمردين الحوثيين في اليمن".

ومؤخرا، أعلنت البنتاجون أن الحوثيين دمروا طائرة أمريكية بدون طيار من طراز "ريبر" بقيمة 30 مليون دولار فوق البحر الأحمر، فيما اعترضت سفن حربية أمريكية في الأسابيع القليلة الماضية صواريخ وطائرات مسيّرة أطلقها الحوثيون باتجاه إسرائيل.

اقرأ أيضاً

إيران: الدول الداعمة لإسرائيل أسوأ الكائنات الموجودة على الأرض

بدائل محدودة

وفي تصريحاتهم، سعى مسؤولو البنتاجون إلى التقليل من أهمية الهجمات في العراق وسوريا، ووصفوها بأنها غير دقيقة في كثير من الأحيان ولا تسبب أضرارا تذكر للبنية التحتية الأمريكية، كما أن إصابات الجنود طفيفة، كما زادت الصحيفة.

واستدركت: "ولكن مع استمرار ارتفاع عدد الهجمات، تزايد أيضا القلق من أنها مسألة وقت قبل أن تودي بحياة عسكري أمريكي".

وقال السيناتور كيفين كريمر، عضو لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ، للصحيفة: "لا أشعر بأي ردع، إنهم يواصلون إطلاق النار".

كريمر أردف: "لا أقترح أن نبدأ حربا شاملة مع طهران، لكنني أعتقد أن موقفنا يجب أن يكون أكثر عدوانية قليلا من مجرد الدفاع الصارم".

وأقر مسؤول دفاعي أمريكي كبير بأن البنتاجون لا يرى سوى القليل من البدائل الجيدة للتدابير المتخذة حتى الآن، وتشمل ضربات جوية انتقامية محدودة، وتعزيز أسلحة الدفاع الجوي، ونشر حاملتي طائرات بالقرب من إسرائيل وإيران.

وأضاف أن شن ضربات في العراق، مثلا، من شأنه أن يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العراق، حيث تنتشر القوات الأمريكية بدعوة من حكومة بغداد، كما أن الضربات المباشرة على إيران ستكون بمثابة "تصعيد هائل".

اقرأ أيضاً

إصبعهم على الزناد.. إيران تؤكد جهوزية الموالين لها للهجوم الإسرائيلي البري على غزة

 

المصدر | ذا واشنطن بوست- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حرب غزة البنتاجون إحباط هجمات العراق سوريا العراق وسوریا فی العراق

إقرأ أيضاً:

الذاكرة العراقية على حافة النسيان!

الذاكرة الإنسانيّة العالميّة زاخرة بمئات المواقف النبيلة والمشينة، والورديّة والدمويّة، ومنذ الجريمة الأولى على الأرض بقتل قابيل لأخيه هابيل سجّلت كتب التاريخ ملايين الجرائم الوحشيّة التي ارتكبها الإنسان ضدّ أخيه الإنسان!

والتاريخ الأسود لجرائم الحروب متواصل منذ مئات السنين، وتمثّل بمئات المجازر ومنها: الغزو المغوليّ للعراق في العام 1258م، والمجازر الفرنسيّة بحقّ الجزائريّين لأكثر من مئة عام وبقيت لغاية العام 1962م، ومجازر الحربين العالميتين الأولى والثانية، والمذابح الصهيونيّة في فلسطين بعد العام 1937م وصولا لمذابح غزّة الأخيرة، ومذبحة هيروشيما في العام 1945م، والابادة الجماعية في البوسة والهرسك بين عاميّ 1992 و1995م، والمجازر الأمريكيّة في العراق قبل وبعد العام 2003م، وغيرها!

ومرّت يوم 13 شباط/ فبراير الذكرى السنويّة لجريمة ملجأ العامرية ببغداد في العام 1991، والتي نُفّذت بطائرتين أمريكيّتين (أف 117) تحمل قنابل ذكيّة وأهلكت 400 مواطن!

بمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة
وبمراجعة سريعة للمجازر الأمريكيّة في العراق وأولها دعم الحصار الدوليّ في 6 آب/أغسطس 1990 بعد غزوّ الكويت، والذي تتابع حتّى الغزوّ الأمريكيّ في العام 2003، سنجد أنّ آثارها متواصلة حتّى الساعة!

وطحن "الحصار الدوليّ" الفقراء وعموم الناس، ولم يؤثّر على الطبقات العليا، وهذا دليل على الحقد الأمريكيّ على العراقيّين بعيدا عن سياسات "كسر إرادة الدولة" حينها!

وضرب الحصار الجوانب الصحّيّة بالصميم، وحَطَّم القطاعات الصناعيّة والخدميّة، وضرب جوهر الاقتصاد وبلغ التضخّم لمستويات جنونيّة، وتسبّب بهجرة آلاف العلماء والأطباء وغيرهم. ويمكن القول إنّ آثار الحصار القاسية مهّدت للاحتلال في العام 2003!

ولا ننسى الدور الغامض لفرق التفتيش الدوليّة التي ساهمت في تأجيج الموقف الدوليّ ضدّ العراق رغم تفتيشهم لكافّة المواقع المشكوك بها، بما فيها القصور الرئاسيّة، ومع ذلك كانت تقاريرهم سلبيّة ومسيّسة!

وبدأت لاحقا بوادر الغزو الأمريكيّ، الذي شنّ دون تفويض أمميّ، بقيادة الرئيس جورج بوش الابن! وحاول العراق، في الوقت الضائع، تجنّب العدوان بالطرق الدبلوماسيّة والعمليّة، ومنها تدمير صواريخ "صمود" بداية آذار/ مارس 2003، وبعد أسبوعين أمهل الرئيس بوش (سدى) الرئيس العراقيّ 48 ساعة لمغادرة البلاد، ويوم 19 آذار/ مارس أعلنت واشنطن بداية غزوها للعراق!

وبعد شهرين من المعارك الشرسة أعلنت واشنطن بداية أيّار/ مايو انتهاء العمليّات القتاليّة الكبرى، وعيّنت بول بريمر حاكما مدنيّا على العراق! ورتّبت واشنطن، لاحقا، عمليّة سياسيّة طائفيّة وتقسيميّة، تتواصل آثارها السلبيّة حتّى اللحظة، وهذا دليل على خططها الموضوعة مسبقا لتقزيم العراق!

وكانت فضيحة سجن "أبو غريب"، نهاية نيسان/ أبريل 2004، الدليل الأبرز على همجيّة القوّات المحتلّة، وأظهرت انتهاكات نقشت في الذاكرة الإنسانيّة لبشاعتها، واستخفافها بالإنسان والقيم النبيلة والقوانين الدوليّة!

وكشفت لجنة التحقيقات الأمريكيّة منتصف حزيران/ يونيو 2004 "عدم وجود أدلة دقيقة على ضلوع العراق في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001"!

ومع ذلك استمرّ الاحتلال، وارتكب جريمته البشعة بمدينة الفلوجة في الثامن من تشرين الثاني/ نوفمبر 2004، واستخدم في تدمير المدينة القنابل الفسفوريّة واليورانيوم المنضّب!

ووقعت الجريمة الأكبر بعد التفجير المدروس لمرقد الإمامين العسكريّين بمدينة سامرّاء يوم 22 شباط/ فبراير 2006، وتسبّبت بفتنة طائفية أبادت عشرات آلاف الأبرياء وهجّرت الملايين! وانطلقت بعد تفجير سامرّاء مرحلة جرائم السيّارات والدّرّاجات الملغمة التي أفنت عشرات آلاف الأبرياء بمختلف المدن!

ورغم إعلان واشنطن انسحابها الرسميّ يوم 18 كانون الأوّل/ ديسمبر 2011، إلا أنّ قوّاتها تتمركز اليوم في عدّة قواعد عسكريّة، أبرزها "عين الأسد" في محافظة الأنبار الغربيّة!

والاحتلال الأمريكيّ، المستمرّ بشكل متستّر، سحق العراق والعراقيّين بشتّى الطرق المعلنة والخفيّة، ومع ذلك لا توجد إحصائيات دقيقة حول أعداد القتلى نتيجة الاحتلال، وهنالك دراسات ذكرت أرقاما مخجلة لا تتجاوز السبعين ألف قتيل، بينما هنالك دراسات ومنها، دراسة البروفيسور الأمريكيّ جوزيف سيتجليز نهاية شباط/ فبراير من العام 2008، أكّدت بأنّ عدد القتلى حتّى نهاية العام 2006، وصل لأكثر من 700 ألف، وبلغ عدد اللاجئين أكثر من ثلاثة ملايين و800 ألف لاجئ!

مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!
ولاحقا كشف مركز صقر للدراسات في 2009 أنّ الاحتلال تسبب بمقتل مليوني عراقيّ، وخلف أكثر من مليون أرملة وأربعة ملايين يتيم حتى نهاية 2008!

وكان من أبرز آثار الاحتلال انهيار المؤسّسات الصحّيّة والخدميّة وعشرات آلاف الإصابات بالسرطانات المتنوّعة، وانتشار المخلّفات العسكريّة ومنها أكثر من 20 مليون لغم أرضيّ، وتسرّب عشرات آلاف الطلبة من المدارس، وغيرها!

وكذلك جرائم النهب لأكثر من 126 طنّا من الذهب ومليار الدولارات والعملات الصعبة، وأكثر من مليون ونصف قطعة أثريّة، فضلا عن الخسائر الفادحة في القطاعات التجاريّة العامّة والخاصّة!

والكارثة الأشدّ ظهرت بفوضى السلاح، وانتشار عشرات الجماعات المسلّحة الرسميّة وشبه الرسميّة، وهي اليوم من أكبر أسباب احتماليّة تعرّض العراق لعقوبات أمريكيّة عسكريّة واقتصاديّة ومصرفيّة!

مجزرة الاحتلال الأمريكيّ الأخطر تمثّلت بضياع هيبة الدولة، والإنسان وضياع طعم الحياة واستمرار التناحر الساسيّ والفساد الماليّ الذي سحق ألف مليار دولار، وأيضا انتشار المخدّرات والجريمة المنظّمة والاتّجار بالبشر، وآلاف الصور السلبيّة المؤلمة والقاتلة للوطن والناس وللماضي والحاضر والمستقبل!

فهل ستُمحى هذه الكوارث من الذاكرة العراقيّة؟

x.com/dr_jasemj67

مقالات مشابهة

  • وزير استخبارات إيران: لا تراجع عن سياسة الرد بالمثل في مواجهة التهديدات الأمريكية
  • إيران تفتح باب التفاوض لبيع طائرات شاهد بعد عرض أمريكي.. ما الذي نعرفه؟
  • الهجمات الجوية على إيران.. تأخير مؤقت أم دافع للتسريع نحو القنبلة النووية؟
  • الذاكرة العراقية على حافة النسيان!
  • وثائق FBI: اغتيال ترويل كان جزءاً من مخطط أوسع لاستهداف أمريكيين بالعراق
  • ضمن خطة ترامب.. تسريح 6 آلاف موظف من مصلحة الضرائب الأمريكية
  • جريمة مروعة.. شاب يشعل النار في جسد والده بالعراق
  • من النفط إلى التمويل.. كيف تتحدى إيران العقوبات الأمريكية؟
  • تركيا تعلن قتل 408 عماليين منذ مطلع العام الحالي في العراق وسوريا
  • وزير الخارجية: العلاقة المتوترة بين إيران وأمريكا تؤثر على العراق!