عمّان- تبدو حياة الإنسان آمنة ومريحة في دفء "منطقة الراحة"، وفي أحيان كثيرة يصعب علينا الاعتراف بأن إيجاد الدافع للمغادرة أمر صعب، لكن كلما بقينا عالقين في "منطقة الراحة"، أهدرنا مزيدا من الفرص للانغماس الكامل في التجربة الإنسانية.

لذلك، ينصح الخبراء بتعلّم كيفية الخروج من منطقة "الراحة الخاصة"، الأمر الذي يتطلب قوة إرادة وتغييرا في العقلية.

ما تحديات "منطقة الراحة"؟

يعرّف اختصاصي الطب النفسي الدكتور أسامة كنعان "منطقة الراحة" بأنها "منطقة وهمية، تستخدم مجازا للدلالة على حالة نفسية يعيشها الفرد، بحيث يشعر بالسعادة وبراحة كبيرة وطمأنينة غامرة ورضى عن نفسه، وحالته، ومعلوماته، ومهاراته وحتى عن الأشخاص الذين يتعامل معهم والمكان الذي يوجد فيه، حيث إنها جميعها ثابتة، ولا يوجد فيها أي جديد أو متغير".

ومن شأن الركون إلى منطقة الراحة سلب التحدي من حياة الفرد، "وكما نعلم جميعا، فإن التحديات التي نواجهها في حياتنا هي التي تصقل لدينا المهارات المعرفية والحياتية، وبالتالي تحقق لنا النجاح والسعادة، أي أن المعادلة باتت بسيطة وواضحة: تحديات أقل، مهارات أقل. وفي المقابل، تحديات أكثر، مهارات أكثر وأقوى".

وبما أن التطوّر من سمات الإنسان الناجح، "فمن المفترض ألا يقبل (الشخص) بحالة الركود هذه التي تُعطي انطباعا خدّاعا بالرضى، وإنما سيغدو في حياته باحثا عن تحديات جديدة، وتتحول حياته إلى سباق مع الزمن كي يُثري معلوماته ويزيد من مهارته"، وفق كنعان.

منطقة الراحة هي منطقة وهمية تستخدم مجازا للدلالة على حالة نفسية يعيشها الفرد (بيكسلز) لماذا تصعب مغادرة "منطقة الراحة"؟

ويوضح كنعان -للجزيرة نت- أن صعوبة مغادرة منطقة الراحة قد تكون ناتجة عن مجموعة من العوامل النفسية والعقلية التي تؤثر على الإنسان.

وإليك بعض الأسباب التي قد تحول دون مغادرة البعض مناطق الراحة:

الأمان والثبات: تورث مناطق الراحة شعورًا بالأمان والاستقرار، وقد يسبب الخروج منها شعورًا بعدم اليقين وعدم الأمان. التقليد والرتابة: غالبًا ما يكون البشر عرضة للروتين والرتابة، ومغادرة منطقة الراحة قد تعني مواجهة تحديات وتجارب جديدة. التحفظ على الراحة النفسية: توفر مناطق الراحة فرصة للاسترخاء واستعادة الطاقة، والخروج منها قد يبدو مصدرا للتوتر والإرهاق. الخوف من المجهول: قد يشعر الإنسان بالقلق حيال المستقبل وما قد يكون في انتظاره خارج منطقة الراحة، وهذا الخوف يمكن أن يكون عامل صعوبة. الرغبة في تجنب التحديات: يفضل البعض البقاء في مناطق الراحة لتجنب التحديات والضغوط الناتجة عن مواجهة العالم الخارجي.

التمسك بالرتبة والهيكل: مناطق الراحة غالبًا ما تكون ذات هيكل وتنظيم، والبعض قد يجد الأمان والسهولة في التمسك بهذا الهيكل.

أسامة كنعان: اكتشاف بيئات جديدة عن طريق السفر من أمتع الطرق للخروج من منطقة الراحة (الجزيرة) كيف تخرج من منطقة الراحة؟

ويقترح كنعان عدة وسائل للخروج من منطقة الراحة، ومنها:

اختيار هدف واحد والتركيز عليه من دون الإفراط في التفكير الذي يسبب المماطلة في تنفيذه. تغيير الروتين اليومي يسهم بشكل كبير في الخروج من هذا المأزق الذي قد يلازم الإنسان فترات طويلة. مواجهة الخوف والمضي تدريجيًا نحو التغلب عليه بتغيير طرق التفكير في مسببات الخوف.

اكتشاف بيئات جديدة عن طريق السفر الذي يعد من أمتع الطرق للخروج من منطقة الراحة.

جين سلايطة: العيش في منطقة الراحة يبعدك عن تحدي نفسك وخلق نسخ إبداعية من ذاتك (الجزيرة)

 

ماذا يحدث عندما تظل حبيس منطقة الراحة؟

من جانبها، تقول مدربة المهارات الحياتية جين سلايطة إن العيش في منطقة الراحة "يبعدك عن تحدي نفسك وخلق نسخ إبداعية من ذاتك، وبالتالي يتقوقع الإنسان على نفسه وتصبح حياته مملة متكررة يسودها الكسل".

وتوضح سلايطة -للجزيرة نت- أن "هناك مخاوف عديدة للخروج من منطقة الراحة، مثل الخوف من المجازفة كتغيير العمل، وما يشعر به الشخص من عدم قدرته على التعلم، وشعوره أنه لا يمتلك مهارات كافية تؤهله للقيام بالعمل الجديد، هذه كلها أفكار مخيفة يستطيع الإنسان التخلي عنها".

وتضيف "أنها عبارة عن فكرة كوّنها الشخص عن نفسه وبنى صورة ذاتية بأنه لا يستطيع التغيير. هذه الصورة وهمية وغير حقيقية، لكنها تتحكم في تصرفات الإنسان وأفكاره ومشاعره وخياراته".

وترى سلايطة أن معظم المخاوف فكرية من داخل الإنسان، "وإذا لم يعِها ويدرك أنه يستطيع تغييرها ويبني الصورة التي يريدها، تستمر الصورة القديمة، ويظل الشخص في منطقة الراحة من دون إنجازات، ويستصعب الخروج منها".

وتختم بالتشديد على ضرورة "اهتمام الإنسان بتطوير نفسه والتغلب على مخاوفه. هذه مسألة قرار وإرادة تعود للشخص نفسه إذا قرر التغير والتعلم والتطور، إذ توجد دورات عديدة لتطوير الذات وبناء صورة ذاتية مشرقة شجاعة قوية قيادية، وهناك مدربون مؤهلون يستطيعون تقديم المساعدة اللازمة".

الثقة بالنفس ترتبط بعلاقة طردية مع مناطق الراحة، فكلما صغرت مناطق الراحة، قلت الثقة بالنفس (بيكسلز) ماذا يحدث عند مغادرة منطقة الراحة؟

يستعرض موقع "بيتر آب" عددا من مزايا مغادرة منطقة الراحة، أبرزها:

زيادة المرونة: كلما خرجت من "فقاعة الراحة"، زاد مستوى المرونة لديك، فاتخاذ قرارات قد تبدو غير مريحة يزيد من قوتك ويساعدك في التغلب على العقبات التي تواجهها في حياتك الشخصية والمهنية. تحدي الذات: لن تدرك حقيقة قدراتك إذا أصررت على التقوقع في منطقة الراحة. لكن بمجرد التغلب على خوفك، ستبدأ في اكتشاف إمكاناتك الحقيقة. ابدأ بتحدي نفسك، وابحث عن فرص للتعلم! تعزيز الثقة بالنفس: ترتبط الثقة بالنفس بعلاقة طردية مع مناطق الراحة، فكلما صغرت مناطق الراحة، قلت ثقتك بنفسك وقدراتك. وكلما واجهت مخاوفك وتحديتها أكثر، زادت ثقتك بنفسك.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: الثقة بالنفس الخروج من

إقرأ أيضاً:

خالد الجندي: "علينا تعلم القناعة فالدنيا زائلة والنفس طماعة" (فيديو)

أكد الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، على أهمية المحاسبة الذاتية في حياة المسلم، مشددًا على ضرورة مراجعة النفس بشكل مستمر لتحقيق الطمأنينة والتقوى.

وخلال حلقة من برنامج "لعلهم يفقهون" الذي يُبث على قناة الناس، أشار الجندي إلى ما قاله الإمام ابن القيم رحمه الله، حيث أوضح أن المحاسبة تبدأ بمراجعة الفرائض. فإذا لاحظ الإنسان نقصًا في عباداته، يجب عليه تداركه إما بالقضاء أو بالإصلاح.

خالد الجندي: التعصب بداية التطرف حتى في مباريات كرة القدم خالد الجندي: حدود العقل البشري يحمي من الزيغ والانحراف

 

وأضاف الجندي أن المسلم ينبغي أن يحاسب نفسه على ما نهى عنه، فإذا ارتكب محرمًا، فعليه أن يتوب ويستغفر، مشيرا إلى أهمية الحسنات التي تمحو السيئات، مؤكدًا أن المحاسبة تشمل أيضًا الانتباه للغفلة، فإذا غفل الإنسان عن الذكر أو التقرب إلى الله، يجب عليه أن يعود سريعًا ويشغل نفسه بالطاعات.

وأضاف: "يجب على الإنسان أن يحاسب نفسه على كل كلمة نطق بها أو فعل قام به، ويتساءل: ما الهدف من هذه الكلمة؟ ولماذا قمت بهذا الفعل؟ وكيف قمت به؟"، مشيرًا إلى أن كل حركة وكل كلمة ستكون موضع حساب يوم القيامة.

واستشهد الشيخ خالد الجندي بالآيات القرآنية التي تحث على المحاسبة، مثل قوله تعالى: "فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ" (سورة الحجر: 92-93)، مؤكدًا أن الحساب سيكون عن الإخلاص والمتابعة في جميع أعمالنا.

ودعا الشيخ خالد الجندي المسلمين إلى أن تكون حياتهم موجهة نحو الله، مشددًا على أن الدنيا زائلة والنفس طماعة، لذا ينبغي أن يتعلم الإنسان القناعة ويجعل حياته مليئة بالطاعة لله سبحانه وتعالى.

مقالات مشابهة

  • حالة الطقس اليوم الأربعاء 25 ديسمبر 2024: رياح وأتربة تؤثر على عدة مناطق
  • حينما تحوّل غريغور سامسا إلى حشرة...!
  • أمين الفتوى بدار الإفتاء: الخصام يؤثر على قبول الأعمال واستجابة الدعاء
  • خالد الجندي: محاسبة النفس تبدأ بمراجعة الفرائض والنواهي
  • خالد الجندي: "علينا تعلم القناعة فالدنيا زائلة والنفس طماعة" (فيديو)
  • هل المعاصي تؤثر على البركة في الرزق؟.. داعية يجيب
  • خالد الغندور يوجه نصيحة لـ إمام عاشور: حافظ على النعمة التي تعيش فيها
  • كتلة هوائية أبرد من المعتاد تؤثر على الأردن نهاية الأسبوع وزيادة متوقعة في برودة الأجواء
  • أغرب 5 أنواع من الفوبيا تسبب التوتر والاختناق.. منها رهاب التليفون
  • دعوى قضائية أمريكية ضد طبيبة في نيويورك وصفت دواء للإجهاض لسيدة في ولاية تكساس التي يحظر فيها ذلك