يستغلوننا لمكاسبهم.. أصوات يهودية في ألمانيا معارضة للعدوان على غزة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
برلين – "العديد من الألمان غير اليهود، يريدون أن يعلموننا ما هي معاداة السامية. إنهم يستغلون اليهود لتحقيق مكاسبهم السياسية والشخصية" هكذا تقول إيريس هيفيتس، عن جمعية "الصوت اليهودي من أجل السلام العادل في الشرق الأوسط" للجزيرة نت.
هيفيتس هي واحدة من أشهر اليهود الإسرائيليين في ألمانيا الداعمين بقوة لحقوق الشعب الفلسطيني، لكنها ليست وحدها.
هذا النضال يكلفهم كثيرا من التضييق، مثل الضجة التي أثارها مشهد هيفيتس وشرطة برلين توقفها لمجرد أنها حملت لافتة كتبت عليها "كوني يهودية وإسرائيلية.. أوقفوا الإبادة الجماعية في غزة"، كما أن زميلها في الجمعية "أودي راس" أوقف عن عمله مرشدا في المتحف اليهودي في برلين، بسبب حديثه عن فصل عنصري داخل إسرائيل لعدد من زوار المتحف.
This week, we spoke with Iris Hefets, who in mid-October was detained by police in Berlin while staging a lone protest in which she held up a sign that read “As an Israeli Jew: Stop the genocide in Gaza”.
Yesterday, for the same reason, Iris was arrested once again. pic.twitter.com/rp138Uioa0
— DiEM25 (@DiEM_25) November 11, 2023
دعم انتقائي لليهودونشرت الكاتبة اليهودية المعروفة في ألمانيا ديبورا فيلدمان، قبل أيام، مقالا في صحيفة "الغارديان" البريطانية أثار ضجة واسعة، تحت عنوان "ألمانيا هي مكان جيد لتكون يهوديا. إلا إذا كنت مثلي، يهوديا تنتقد إسرائيل"، موضحة أنه "كما في إسرائيل، يتم تفسير حماية اليهود بشكل انتقائي بحيث تنطبق فقط على الموالين للحكومة القومية اليمينية في إسرائيل".
لكن ليس كل يهود ألمانيا يتخذون مواقف هيفيتس، فالمجلس المركزي لليهود -أكبر الهيئات الممثلة لليهود في البلد- أعلن مؤخرا جمع التبرعات لصالح الجنود الإسرائيليين في الحرب، وقال في بيان إن "كل من يدعم حق إسرائيل في الوجود عليه إظهار التضامن مع الجنود الشجعان في جيش الدفاع الإسرائيلي"، مضيفا أن "الجالية اليهودية تنظر إلى هذه الحرب ببالغ الاهتمام والتعاطف، لأنها تخصّ تأمين حياتهم، أي الدولة اليهودية".
وتركز الحكومة الألمانية بشكل كبير على حوادث وصفتها بـ"معاداة السامية" في ألمانيا خلال الأسابيع الأخيرة، وأكدت التزامها الكامل بحماية اليهود. كما تصف برلين أمن إسرائيل بـ"مصلحة عليا وطنية"، وتعدّ ألمانيا من أشد المدافعين عن العدوان الإسرائيلي على غزة، وتعتبر ذلك دفاعا عن النفس، ويرى المستشار الألماني أولاف شولتس أن "التزام إسرائيل بالقانون الدولي ليس محلّ شك".
معاداة السامية
وتضم ألمانيا مكتبا في كل ولاية لمكافحة "معاداة السامية" بحكم مسؤوليتها التاريخية تجاه جرائم النازية بحق اليهود. وحسب الأرقام الرسمية، هناك 95 ألفا من اليهود مسجلون ضمن الطائفة اليهودية في البلاد، لكن الرقم الإجمالي في البلاد يصل إلى 200 ألف يهودي. ورفعت الحكومة الاتحادية في مايو/أيار الماضي، ما تقدمه من مدفوعات سنوية للمجلس المركزي اليهود من 13 مليون يورو إلى 22 مليون يورو.
تعود هيفيتس إلى تاريخ العلاقات الإسرائيلية الألمانية بعد الحرب العالمية الثانية، وتقول إن "الاتفاق بين ديفيد بن غوريون -أول رئيس وزراء لإسرائيل- وبين كونراد أديناور -أول مستشار لألمانيا الغربية بعد الحرب- نصّ على منح ألمانيا تعويضات مالية للضحايا اليهود، وكذلك لدولة إسرائيل باعتبارها ممثلا جماعيا لليهود حينها"، مضيفة أن "إسرائيل أخذت المال رغم أن بعض النازيين كانوا لا يزالون في السلطة كهانز غلوبكه الذي عمل إلى جانب أديناور".
ولفتت إلى أن "التعامل الرسمي الألماني يشبه نظيره الإسرائيلي، الاثنان معا يضيّقان على عمل الصحافة، وعلى النقاش المجتمعي والعمل الأكاديمي، في ما يخص الانتقادات الموجهة لسياسات إسرائيل"، متابعة أن برلين "تمول جزءا كبيرا من المجتمع اليهودي الداعم إسرائيل وللسياسات اليمينية الألمانية".
من جانبه، يقول النائب في برلمان برلين عن حزب اليسار فرات كوجاك إنه "لا يوجد شك في خصوصية الدور التاريخي لألمانيا، ولكنه تطور مرعب أن يتم استخدام هذا التبرير للهجوم على جلّ مظاهر التضامن مع الشعب الفلسطيني ومعارضة الحرب".
وأوضح كوجاك -للجزيرة نت- أن عددا كبيرا من السياسيين الألمان "يسيؤون استخدام الوضع الحالي لأجل التحريض على الكراهية ضد اللاجئين والمهاجرين واتهامهم بمعاداة السامية".
كوجاك: عدد من السياسيين الألمان يسيؤون استخدام الوضع الحالي للتحريض على الكراهية ضد اللاجئين (مواقع إلكترونية) التضييق ليس جديدافي عام 2019 فازت جمعية "إريك هيفيتس" بجائزة مدينة غوتنغن للسلام (مدينة في وسط ألمانيا)، تقديرا لالتزامها الدؤوب بالسعي لحل سلام عادل بين دولتين متجاورتين، ودعمها لإقامة دولة فلسطينية ذات سيادة، حسب موقع الجائزة.
ولكن هذه الجائزة لم تمر دون ضجة، إذ احتج رئيس المجلس المركزي لليهود جوزيف شوستر، وراسل عمدة المدينة قائلا إن الجمعية هي داعم لأنشطة حركة مقاطعة إسرائيل "بي دي إس" (BDS) والتي صنفها البرلمان الألماني معادية للسامية، لافتا أن هذه الحركة "تريد عزل دولة إسرائيل وشعبها والتشهير بها كدولة أبارتايد".
ولم تسحب اللجنة الجائزة، لكن الضغوط أدت إلى انسحاب بلدية المدينة وبعض ممولي حفل التتويج. ومع ذلك كان الأثر المضاد كبيرا، حيث "شرعت لجنة التحكيم في جمع أموال لتمويل هذا الحدث، وفي النهاية جمعنا أكثر مما نحتاج، لذلك تبرعنا بكل ما تبقى لمنظمات فلسطينية وإسرائيلية تعمل في الميدان"، بحسب هيفيتس.
وسبق ذلك في 2018 أن أغلق بنك ألماني حساب الجمعية، والسبب -حسب هيفيتس- هو دعم الجمعية لحركة "بي دي إس"، موضحة "قالوا لنا إن تراجعنا عن دعم الحركة سيعيدون حسابنا، وطبعا رفضنا ذلك".
الأمر يصل -حسب هيفيتس- إلى المشاركة في البرامج الحوارية في الإعلام الألماني، مضيفة "غالبا لا تتم دعوتنا عندما يتم دعوة الكل. كما أن مفوضي مكاتب معاداة السامية، وهم مسيحيون، لا يريدون الكلام معنا، طرقنا أبواب القضاء ضد حملات تشهير، غالبا ما نفوز في الدعاوى، لكن هذا يأخذ كثيرا من الجهد".
بدوره، أكد كوجاك وجود "قيود واضحة على الحقوق الأساسية، ما يؤثر على الفلسطنيين وعلى اليسار وعلى المنظمات اليهودية المعارضة"، مضيفا "الأمر لم يبدأ منذ الهجمات الفظيعة لحماس في السابع من أكتوبر ولا للقصف الإسرائيلي الضخم والقاسي، فالمنع مستمر منذ سنوات، ومن ذلك منع مظاهرات إحياء ذكرى النكبة. بل في 2022 مُنعت المظاهرات في برلين لشهر كامل، ما يعدّ هجمة عنيفة على الحق في التعبير والتظاهر".
تهديد لمجتمع ديمقراطي
في الإطار ذاته، قالت هيفيتس إن "السلطات الألمانية تخاطر بحياتنا، لأنها تنشر الرواية الإسرائيلية حول معاداة السامية ولأنها تخلط بشكل منهجي بين اليهود وإسرائيل"، متابعة أن "الوسم الجماعي لأيّ تصرفات أو مشاعر معادية لإسرائيل بمعاداة السامية يعرّض حياة اليهود للخطر".
لكن "الضرر لا يخصّ فقط اليهود" -حسب هيفتس- حيث تعدّ ألمانيا لقانون يمنع من أدينوا بمعاداة السامية من نيل الجنسية الألمانية، وهو ما تراه هيفيتس" طريقة للسيطرة على المهاجرين واللاجئين ومنعهم من التوجه للمظاهرات المؤيدة للفلسطينيين، خصوصا أن العديد من اللاجئين السوريين نالوا مؤخراً الجنسية"، مؤكدة "وجود سياسات عنصرية يمينية موجهة ضد المهاجرين في ألمانيا، خصوصا العرب والمسلمين الذين يوصفون بـ "البرابرة والبدائيين" من طرف بعض الأصوات.
وتعتمد ألمانيا تعريف التحالف الدولي لإحياء ذكرى الهولوكوست "آي إتش آر إيه" (IHRA) لمعاداة السامية الذي يحدد "كراهية اليهود" ضمن تعريفها الأساسي، لكن الحكومة الفدرالية أضافت الجملة التالية للتعريف "دولة إسرائيل، التي يُنظر إليها على أنها جماعة يهودية، قد تكون هدفا لمثل هذه الهجمات".
وبشأن ما إذا كان هناك "تفسير سياسي خاطئ" أحيانا لمعاداة السامية، يرد كوجاك "نعم، المعركة المهمة والصحيحة ضد معاداة السامية يتم جمعها مع الانتقادات المشروعة للقصف الإسرائيلي الكبير وللاحتلال المستمر لعقود من الزمن لقطاع غزة والضفة الغربية"، وهو ما يضعف -حسب كلامه- أهمية المعركة ضد معاداة السامية الموجودة بشكل واسع النطاق لدى اليمين.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: معاداة السامیة فی ألمانیا
إقرأ أيضاً:
إسرائيل: صفقة الرهائن "أقرب من أي وقت مضى"
أكد وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس الإثنين، أنّ المفاوضين الإسرائيليين "أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق" بشأن إطلاق سراح الرهائن في قطاع غزة.
وقال كاتس أمام أعضاء لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان "نحن أقرب من أي وقت مضى للتوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن، منذ الاتفاق السابق" الذي تمّ التوصل إليه في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 بين حركة حماس وإسرائيل، حسبما أفاد المتحدث باسمه وكالة فرانس برس، مؤكداً بذلك ما نقلته الصحف الإسرائيلية في وقت سابق.
إلى 45028 قتيلاً..ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة - موقع 24قالت وزارة الصحة الموالية لحماس في غزة الإثنين، إن حصيلة الحرب في قطاع غزة ارتفعت إلى 45028 قتيلاً منذ 7 اكتوبر (تشرين الأول) 2023.من جانبه، قال مسؤول في حركة حماس في الدوحة لوكالة فرانس برس مشترطا ًعدم الكشف عن هويته، "بالنسبة للتوصل إلى صفقة تبادل الأسرى بين المقاومة والاحتلال ووقف الحرب، أعتقد أنها أصبحت فعلياً أقرب من أي وقت مضى، الظروف مُهيّأة أكثر من قبل... إذا لم يقم (رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين) نتانياهو بتعطيلٍ مقصود للاتفاق، كما فعل في كلّ المرّات السابقة".
وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، سمحت هدنة لمدّة أسبوع بالإفراج عن 105 رهائن محتجزين في قطاع غزة و240 فلسطينياً معتقلين في السجون الإسرائيلية.
وهذه الهدنة هي الوحيدة التي تمّ التوصّل إليها في الحرب التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، في أعقاب هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على إسرائيل.
ومنذ ذلك الحين، فشلت جميع جهود الوساطة التي قادتها مصر والولايات المتحدة وقطر، للتوصل إلى هدنة جديدة.
وفي بداية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أعلنت قطر تعليق جهودها متهمة الطرفين المتحاربين بعدم رغبتهما في التوصّل إلى اتفاق.
ولكن الجهود استنفت الدبلوماسية بقيادة مشتركة من واشنطن والقاهرة والدوحة وأنقرة.
والخميس، أكد مستشار الأمن القومي في البيت الأبيض جايك ساليفان خلال زيارة إلى إسرائيل، أنّ لديه "انطباعاً" بأنّ نتانياهو مستعدّ للتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح الرهائن.