أسامة خليفة تتعدد الآراء في موضوع الفرق بين سياسة رئيس أمريكي وإدارته، وبين سياسة رئيس آخر وإدارته، بما يخص جوهر القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطيني، ولاسيما بين أخر رئيسين ( ترامب، بايدن). بعد نحو سنتين ونصف من دخول بايدن البيت الأبيض رئيساً للولايات المتحدة خلفاً لترامب ذي الشخصية الجدلية، توضَّح أن سياسة إدارة بايدن بشأن الصراع الاسرائيلي-الفلسطيني لا تختلف في بنود رئيسية عن سياسة الإدارة السابقة، بل هي مطابقة لها، بأقله في موضوعين رئيسيين: -القدس لجهة التمسك بقرار الاعتراف بالمدينة عاصمة لدولة إسرائيل.
-والتطبيع بصيغته «اتفاقات أبراهام» لجهة تثبيتها وتطويرها إن أمكن بتشجيع دول أخرى على الانضمام لها. وعلى قول وزير خارجية الولايات المتحدة بلينكن، فهذه الإدارة، «ستواصل البناء على جهود الإدارة السابقة لمواصلة مسيرة التطبيع قدماً»، ولا تكف إدارة بايدن عن إرسال الإشارات الواضحة والصريحة، التي تؤكد سيرها على خطى إدارة ترامب، فإدارة «بايدن- الديمقراطي» لم تلغِ ما أنجزته إدارة «ترامب- الجمهوري»، بل هي تسير على خطاها، وتبني عليها، التزاماً بالمصالح الأميركية العليا في إقليم الشرق الأوسط، وفي مقدمة هذه المصالح، توفير كل أشكال الحماية لدولة إسرائيل، وتعزيز دورها في الإطار التحالفي الهيكلي – قيد الإنجاز – للإقليم. أما فيما يتعلق بنقاط الاختلاف مع سياسة الإدارة السابقة، فبعضها يقتصر على سطح الأمور ولا يدخل في عمقها، ففي موضوع الاستيطان، تبتعد إدارة بايدن عن تبريره، بدعوى عدم خروجه عن أحكام القانون الدولي، كما فعل وزير الخارجية الأمريكي السابق بومبيو، لكنها لا تعترض عليه بشكل فعلي باستثناء إسداء النصح بتفادي نقاطه المتفجرة، وفي السياق، المطالبة بعدم ترحيل المقدسيين من بيوتهم في عدد من أحياء المدينة، تجنباً للمضاعفات التي ستثيرها هذه العملية، وفي تبنٍ واضح للرواية الإسرائيلية الطامحة لوضع اليد على المسجد الأقصى، فالخارجية الأمريكية تواصل إطلاق مصطلح «الحرم-الهيكل». وامتداداً لما سبق أن أقرته إدارة الرئيس
ترامب ووزير خارجيته بومبيو، فالرئيس بايدن ووزير خارجيته بلينكن رفضا فرض عقوبات على إسرائيل، وأكدا على الفصل بين الموقف من الاستيطان وبين استمرار المساعدات المقدمة لإسرائيل. وفي موضوع وكالة الغوث، أعلنت واشنطن، قرارها بإعادة المساهمة بتمويل موازناتها، إنما ضمن التزامات من قبل «الأونروا» “بالحفاظ على حيادها في سلوك موظفيها، وموادها التعليمية، ومراجعة مناهج الدولة المضيفة، وإدارة أبنيتها، وضمان الاستخدام السليم لأصولها، واتخاذ جميع التدابير الممكنة لضمان ألا يؤدي التمويل الذي تقدمه الولايات المتحدة لـ «الأونروا» إلى توفير المساعدة أو الدعم «لإرهابيين» أو «لمنظمات إرهابية»، إصلاحات ترمي إلى إحداث تغيير جوهري في مهام ووظيفة الوكالة، فهو ينص على استثناء الناشطين في بعض مجالات العمل الوطني –الموصومة بـ«الإرهاب» حسب زعمهم- من خدماتها ووظائفها، وتحت ما يسمى الحيادية، تدعو إلى تغيير المناهج التربوية لجهة التخلي عن الرواية الفلسطينية، أساس الهوية والحقوق الوطنية. إن ما احتسبه البعض ضمن خانة الاختلاف بين إدارتي ترامب وبايدن، يتمثل في وعدين قطعا من الإدارة الأخيرة أمام السلطة الفلسطينية، إنما بشرط معلق سيعيق تنفيذهما، الأول: يقضي بإعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، ويستوجب تنفيذه نقض قرار سابق للكونغرس يصنف المنظمة في خانة الإرهاب. والثاني: إعادة فتح القنصلية الأمريكية في القدس الشرقية، ويقتضي تجاوز اعتراضات الحكومة الإسرائيلية التي تعتبر هذه الخطوة انتهاكاً لسيادتها على المدينة. وفيما يتعلق بالدعوة لحل الدولتين المتفاوض عليه بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وفق الإدارتين موضوع المقارنة هذه بينهما، فهو استحقاق مؤجل إلى أن تنعقد شروطه، التي بدورها تحتاج إلى وقت زمني أطول، سوف تشغله قضايا تندرج تحت عنوان «السلام الاقتصادي»، أو ما يتقاطع معه بجوانب رئيسية من مشاريع أخرى، على غرار «إجراءات بناء الثقة» أو «تقليص الصراع»، والتي تمهد الطريق أمام «السلام السياسي». هذه الدعوة إلى «حل الدولتين» والعملية السياسية ليست مطروحة كأولوية على جدول أعمال إدارة بايدن حالياً، فليس هناك ما يستعجلها فلسطينياً أو عربياً إلا في حال التهبت الأرض تحت أقدام الاحتلال، وهو ما يشابه ما كانت تقترحه إدارة ترامب في عدم الدخول مباشرة في المسار التفاوضي بل ترحيله إلى أمد غير منظور، إنما محاولة إرساء أسس مثل الرخاء والأمن والكرامة على قدم المساواة، وهذا يحتاج إلى إطار زمني طويل. إدارة بايدن أكثر سوءاً في سياسة التضليل والنفاق، من إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب الفجة والوقحة، فيما يتعلق بالتنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية، والانحياز الكامل لإسرائيل على حساب الفلسطينيين، ولم تكن حكومة إسرائيل لتقدم على خططها الاستعمارية، وإطلاق برنامجها لضم الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 67، لو لم تكن مستندة إلى دعم أميركي يعبر عن تواطؤ واشنطن بأشكال مختلفة، بما فيه الاكتفاء بالاعتراض الخافت على تلك الأعمال التي تأخذ – في عديد المرات – أبعاداً شديدة الإحراج لسياسة البيت الأبيض، من خلال حركة الاستيطان المنفلتة من عقالها، أو ما تقوم بها الحكومة الإسرائيلية قمعاً وعدواناً على الشعب الفلسطيني، وأقصى ما يمكن للولايات المتحدة أن تنتقده في هذا السياق، هو دعوة إسرائيل لـ«عدم الإفراط في استخدام القوة»، وهي محاولة مكشوفة يراد منها إرضاء بعض العواصم العربية، بشراء صمتها، وحفظ ماء وجهها أمام شعوبها، إن سياسيات الإدارات الأمريكية المتعاقبة على مستوى المبادئ، يتم اشتقاقها من التزام واشنطن بحق تل أبيب في استخدام العنف وممارسة العدوان على الشعب الفلسطيني، بدعوى الحق في اعتماد الكيفية، واستعمال الوسيلة التي تراها إسرائيل مناسبة للدفاع عن نفسها وحفظ أمنها. فاجتماعات مستشاري الأمن القومي لدى الطرفين، جيك سوليڤان وتساحي هنغبي، مستمرة بوتيرة منتظمة، واللقاءات بين وزيري الأمن (الجيش) أوستين وغالانت مستمرة هي الأخرى، دون أي خلل، فضلاً عن المشاورات عن بعد، والتي تؤكد أن إسرائيل والولايات المتحدة – بالمحصلة وكاتجاه عام – تلتزمان استراتيجية متجانسة في الإقليم، وإن تمايزت بينهما في بعض عناصرها، وفي موقف إدارة بايدن السلبي، من الوزيرين بن غڤير وسموتريتش، وموقفها السلبي من محاولة نتنياهو تعديل أنظمة القضاء، لكن ذلك لم يؤثر على العلاقة الأمريكية-الاسرائيلية. ورغم حديث الولايات المتحدة، الرتيب عن «حل الدولتين»، وتوظيفه في التغطية على سياستها الحقيقية، إنما تعتبر تطبيع العلاقات العربية – الإسرائيلية، هو الطريق الرئيسي إلى «السلام»، وتعتبر «تحالف أبراهام» هو النموذج الواجب إتباعه لإرساء أسس السلام في المنطقة، واستكمال هيكلة أوضاع الإقليم في الشرق الأوسط، من خلال دمج إسرائيل وإقامة علاقات معها على كافة المستويات، وفي كافة الميادين. كما يعتبر «إعلان منتدى النقب» هو الإطار الفعلي والنموذجي لإغلاق ملف الصراع العربي – الإسرائيلي، بالتطبيع، علماً أن هذا «المنتدى» قد التأم للمرة الأولى سداسياً (الإمارات + المغرب + البحرين + مصر إلى جانب الولايات المتحدة وإسرائيل) في آذار/مارس 2022، وما زالت المساعي جارية على قدم وساق، لعقد اجتماعه الثاني في المغرب، بعد أن تأجل أكثر من مرة لعدم توفر «السياق السياسي المناسب» على قول وزير خارجية المغرب، قاصداً أن هذا السياق غير قائم حالياً، بفعل ما تقترفه إسرائيل من أعمال دموية بحق الشعب الفلسطيني. التزام واشنطن بحماية أمن إسرائيل هو سياسة أمريكية ثابتة، أما بالنسبة لقضايا الفلسطينيين فلا شيء ثابت غير التصريحات الجوفاء الغير ملتزمة بأي خطوة عملية، في زيارة رسمية للرئيس الأميركي جوزيف بايدن إلى بيت لحم التقى خلالها بالرئيس محمود عباس، أكد التزامه بحل الدولتين على خطوط 1967 مع تبادل للأراضي متفق عليه بين الإسرائيليين والفلسطينيين، كما سلط الضوء على أهمية المفاوضات المباشرة التي تؤدي إلى دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة ومتصلة جغرافياً إلى جانب دولة إسرائيل، تتمتعان بحدود آمنة ومعترف بها، ما يسمح للشعبين بالعيش جنبا إلى جنب في سلام وأمن. والحقيقة التي لا لبس فيها أن المفاوضات المباشرة ليست من أولويات السياسة الأميركية في المنطقة، بل التطبيع الإسرائيلي – العربي وفق نموذج «تحالف أبراهام»، وإعادة هيكلة الوضع في الشرق الأوسط، وفق نموذج «منتدى النقب»، وهي سياسة بدأها ترامب ويتابعها بايدن، باعتبار أن التطبيع هو الطريق إلى «السلام»، وهو الطريق الذي يقود إلى حل المسألة الفلسطينية (حل بالمضمون التصفوي، وليس بمضمون حق تقرير المصير) تحت شعار «حل الدولتين»، وهو الشعار الذي يتسم بدرجة عالية من الغموض، غموض يصب بالنتيجة في خدمة الموقف الإسرائيلي، وصولاً إلى مسخه بصيغة الحكم الإداري الذاتي، كما كان الحال بوضوح في «صفقة القرن» التصفوية التي أعلن عنها الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب في 28/1/2020، الأمر الذي – بالنتيجة – يلتقي وأقوال نتنياهو في الاجتماع المغلق للجنة الخارجية والأمن في الكنيست– 20/6/2023: «يجب العمل على اجتثاث فكرة إقامة دولة فلسطينية، وقمع وطحن تطلعات الفلسطينيين لإقامة دولة لهم». في 14/7/2022 تم توقيع «إعلان القدس المشترك للشراكة الاستراتيجية»، بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس حكومة إسرائيل السابق يائير لابيد، هذه الاتفاقية تعكس حقيقة العلاقة القائمة بين الطرفين، وبحسب «إعلان القدس» الناظم للعلاقة الأمريكية الاسرائيلية، أحد المبادئ الأساسية للعلاقة هو: «الالتزام الأميركي الراسخ بأمن إسرائيل، لا سيما الحفاظ على تفوقها العسكري النوعي» + «التزام الولايات المتحدة الثابت بالحفاظ على قدرة إسرائيل على ردع أعدائها وتعزيز القدرة للدفاع عن نفسها ضد أي تهديد أو مجموعة من التهديدات» + «تأكيد الولايات المتحدة أن هذه الالتزامات مقدسة من الحزبين (الديمقراطي والجمهوري)، وأنها ليست التزامات أخلاقية فحسب، بل أيضاً التزامات استراتيجية ذات أهمية حيوية للأمن القومي للولايات المتحدة نفسها». أما وزير خارجية الولايات المتحدة توني بلينكن الذي التقى وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي في 5/6/2023، فقد تناول الموضوع الفلسطيني تحت عنوان «القضايا الإسرائيلية – الفلسطينية»، موحياً بهذا العنوان – زوراً وبهتاناً – وجود قضايا إسرائيلية على سوية قضايا فلسطينية(!) تقتضي بحثاً، بينما لا وجود – في حقيقة الأمر- سوى لمسألة واحدة وحيدة، تتمثل بخلاص الشعب الفلسطيني في الضفة والقطاع من شرور الاحتلال، المتواصل ضماً وتهويداً وترحيلاً، منذ 4 حزيران/يونيو 1967، وضمان حق العودة للاجئين. وعيّن وزارة الخارجية الأميركية توني بلينكن مبعوثاً خاصاً يعمل على تسريع وتيرة الانضمام إلى «تحالف أبراهام»، من خلال فتح الباب أمام التحاق عدد آخر من الأنظمة العربية به، وذلك بغرض استحثاث دمج إسرائيل في المنطقة، وتعزيز مكانتها. وفي إطار ما يسمى التكامل الهيكلي في الإقليم، تسعى واشنطن لتكريس «منتدى النقب» لدمج إسرائيل فيه وتكون أحد مكوناته الرئيسية، والضغط على المملكة العربية السعودية للالتحاق بركب «تحالف أبراهام»، والانخراط في آلية «منتدى النقب»، الذي يهدف إلى تقوية موقع اسرائيل في أي حل تفاوضي قادم، الذي تعمل الولايات المتحدة على إعادة تقديمه باعتباره تحالفاً إقليمياً من أجل التنمية والاستقرار والازدهار، والتكامل الإقليمي، وتغيير اسمه ليكون أقل استفزازاً للعرب بشطب مُسمّى النقب الذي يؤشر بتحدٍ مقصود إلى شبهة «الجغرافيا السياسية» للمكان. أما في ملف الاستيطان، فإن إدارة بايدن لم تتخذ أية إجراءات عملية، تضع بها حداً لمشاريع الاستيطان الإسرائيلي، وإن كانت في الوقت نفسه، تحاول أن تنتقد الاستيطان، باعتباره «يعرقل» أو «يقيم عقبة» أمام الوصول إلى «حل الدولتين»، وهي خطوة إلى الوراء في موقف الإدارة الأميركية، إذا ما قورنت حتى بموقف إدارة أوباما، المتحيِّزة أيضاً لإسرائيل، التي وجدت نفسها – أمام التعنت الإسرائيلي الموصول – مضطرة في مجلس الأمن لتمرير القرار 2334، الذي اعتبر الاستيطان – من بين أمور أخرى – عملاً غير مشروع، وأعاد التأكيد على المكانة القانونية للأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس. وفي عهد ترامب لم تعد المستوطنات مخالفة للقانون الدولي، واعترفت واشنطن بشرعية الاستيطان في انتهاك فظ لقرار مجلس الأمن الرقم2334-2016 المناهض للاستيطان، وبات بإمكان دولة الاحتلال أن توسع مشاريعها الاستيطانية في أنحاء الضفة الغربية بما فيها القدس، واتبع ترامب سياسة قامت على الاستخفاف بالقوانين والشرعية الدولية، وإدارة الظهر للاتفاقيات والمؤسسات الدولية في محاولة منه لفرض الأمر الواقع، وبما يخص القضية الفلسطينية نسف قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وأسبغ شرعيته الخاصة على ممارسات سلطات الاحتلال باعتبارها تشكل الأساس الواقعي لحل القضية وفقاً لرؤية وردت في صفقة القرن. وقبيل رحيل ترامب، وتسلم بايدن مقاليد الأمور، وقبيل أن يكشف عن أوراق سياسته، أقدمت السلطة الفلسطينية على خطوة مفاجئة بالعودة إلى مسار أوسلو بشقيه الأمني والتفاوضي، وحاولت أن تبرر ذلك بأننا أمام مرحلة جديدة لها استحقاقاتها السياسية والأمنية، بعدما أعلن بايدن تأييده لما يسمى «حل الدولتين»، في هذا الإطار رحب الكثيرون برحيل ترامب، وذهبوا إلى التفاؤل والتبشير برحيل صفقة القرن ومعها مخطط الضم، في اعتقادٍ أن دعوة بايدن إلى حل الدولتين من شأنها أن تفرج عن العملية السياسية المعطلة عملياً منذ العام 2000. لقد كان طرح «الحل الاقتصادي» طرحاً اسرائيلياً من قبل نتنياهو، لكن تبنته إدارة ترامب، ومن بعدها إدارة بايدن، باعتبار «الحل الاقتصادي» الحل الوحيد الممكن والمتاح في هذه المرحلة، وأن تحسين الأوضاع الاقتصادية للفلسطينيين في مناطق السلطة، تبعد الشعب الفلسطيني عن النضال الوطني التحرري، فكلما تحسن مستوى المعيشة لدى الفلسطينيين، كلما ابتعدوا عن اللجوء لاستخدام «العنف»، وساد الهدوء في الأراضي المحتلة، وكلما نجحت السلطة الفلسطينية في مكافحة «الإرهاب» (!)، ولجمه. وفي هذا السياق أعلن الرئيس بايدن عن عدد من المبادرات المتعلقة بالرعاية الصحية، وطرح خدمات الاتصال الرقمي الجيل الرابع (4G) الذي طال انتظاره لكل من غزة والضفة الغربية، والوصول والحركة، والخدمات الهامة من أجل اللاجئين الفلسطينيين والأمن الغذائي. علاوة على أكثر من نصف مليار دولار قدمتها الولايات المتحدة للشعب الفلسطيني منذ أن أعادت إدارة بايدن التمويل الذي تشتد حاجة الفلسطينيين إليه، وأعلن بايدن عن مساهمات إضافية تبلغ مجموعها 316 مليون دولار. كما حث الرئيس بايدن الحكومات الإقليمية والمجتمع الدولي على التفكير في أفضل السبل لمساعدة الشعب الفلسطيني. وأكد بايدن أن الشعب الفلسطيني يستحق أن يعيش حياة كريمة وفرصة للتنقل والسفر بحرية، ليشعروا بالأمان في مجتمعاتهم؛ وأن يكونوا قادرين على توفير الأمل لأطفالهم بأنهم سيتمتعون ذات يوم بنفس الحرية وتقرير المصير، وكرر أهمية تعزيز الأفق السياسي، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة مستعدة للعمل لتحقيق هذا الهدف، وتعهد بأن تواصل الولايات المتحدة التعاون مع السلطة الفلسطينية في العديد من القضايا الحاسمة لتعزيز الأمن والازدهار للشعب الفلسطيني، لتشمل العمل في القضايا المالية، والتجارة، وتشجيع الاستثمار الأجنبي المباشر، وتحقيق الأمن والازدهار للشعب الفلسطيني، وكأنه يعرض على الفلسطينيين بيع بلدهم وفق الحل الاقتصادي بديلاً للحل السياسي، وهو ما كانت إدارة ترامب عرضته في ورشة المنامة. باحث في المركز الفلسطيني للتوثيق والمعلومات «ملف»
المصدر: رأي اليوم
كلمات دلالية:
السلطة الفلسطینیة
الولایات المتحدة
الشعب الفلسطینی
حل الدولتین
إدارة بایدن
بایدن عن
إقرأ أيضاً:
WP: تحول مواقف الأمريكيين تجاه إسرائيل شهد فورة في عهد بايدن
نشرت صحيفة "واشنطن بوست" تقريرا أعدته ياسمين أبو طالب قالت فيه إن مواقف الأمريكيين من "إسرائيل" شهدت تحولا جيليا في ظل إدارة الرئيس جو بايدن. وقالت إن الإجماع على دعم "إسرائيل" كان شاملا للطيف السياسي الأمريكي، لكن رئاسة بايدن عمقت من الفجوة داخل الحزب الديمقراطي. ففي نهاية تشرين الثاني/نوفمبر سارع البيت الأبيض وحلفاؤه في الكونغرس إلى قتل تحرك في مجلس الشيوخ يمنع ثلاث شحنات أسلحة إلى "إسرائيل"، وكان خطوة حساسة، حيث قاد الإجراء أو رعايته أعضاء مجلس الشيوخ المقربين من بايدن، بمن فيهم السيناتور بيرني ساندرز والسيناتور فان هولين.
وقد التقى وزير الخارجية أنتوني بلينكن مع الديمقراطيين في لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ للاحتجاج على أن الإجراء من شأنه أن يشجع حماس في الوقت الخطأ على وجه التحديد. ودعا زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، السيناتور تشارلز شومر أعضاء مجلس الشيوخ إلى مكتبه واحدا تلو الآخر لحثهم على قتل التحرك والتصويت بلا. كما وأطلقت لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية (إيباك) المؤثرة حملة من الإعلانات عبر الإنترنت تستهدف مؤيدي الإجراء.
ومع ذلك صوت 19 عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ، أي ثلث الأعضاء لصالح تحرك ساندرز، إما بالكامل أو دعم أجزاء منه. وأرسلوا رسالة واضحة إلى بايدن، عبروا فيها عن عدم رضاهم عن سياسة بايدن الشرق أوسطية ومن حزبه.
وتعلق أبو طالب إن هذه هي المرة الأولى التي يصوت فيها الكونغرس على منع مبيعات الأسلحة لـ"إسرائيل"، ولم يتمكن البيت الأبيض من منع ذلك.
ويسلط التحرك الضوء على تحول جوهري في علاقات أمريكا بـ"إسرائيل"، وهو التحول الذي بدأ منذ سنوات لكنه انفجر في عهد بايدن مع هجوم حماس على "إسرائيل" وغزو
إسرائيل اللاحق لغزة.
فقد ساهم رده في انقسام حزبه الذي من المرجح أن يكون جزءا من إرثه، على الرغم من أنه قد لا يرغب في ذلك، حيث من غير المرجح أن تظل سياسة "إسرائيل" في أمريكا كما هي.
وقالت الصحيفة إن دعم "إسرائيل" كان منتشرا بين الأمريكيين منذ إعلان تأسيس "إسرائيل" عام 1948، لكن الدعم أصبح قضية مثيرة للانقسام، حيث يواصل الجمهوريون بقيادة ترامب دعمهم لـ"إسرائيل"، في وقت يزداد فيه نقد الديمقراطيين، وينظم الجناح التقدمي في الحزب احتجاجات ضد "إسرائيل" وسياستها.
ويقول بروس ريدل، المحلل الذي عمل في قضايا الشرق الأوسط مع رؤساء من الإدارتين: "يرى الجيل الأصغر سنا من الناخبين الأمريكيين أن "إسرائيل" ليست الطرف المظلوم، بل الطرف الذي خلق الوضع من خلال احتلالها المستمر وغياب أي مفاوضات مع السلطة الفلسطينية"، و"الخلاصة هي أن سياسات الصراع العربي - الإسرائيلي تغيرت الآن بشكل كبير. وقد حدث ذلك في عهد بايدن".
وتقول الصحيفة إن أسباب التحول سابقة عن بايدن، فقد تحولت "إسرائيل" إلى اليمين، وبخاصة في عهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. كما أن الأمريكيين الأصغر سنا ليست لديهم أي ذاكرة شخصية عن الهولوكوست أو تأسيس "إسرائيل" ويعبر الكثيرون عن تعاطف أكبر مع الفلسطينيين، الذين يرون أنهم يعانون في ظل دولة استعمارية بعد طرد مئات الآلاف من منازلهم بسبب تأسيس "إسرائيل".
وبنفس السياق يعاني المجتمع اليهودي الأمريكي، رغم ميوله الديمقراطية الليبرالية، من انقسام حول "إسرائيل"، وأكثر من أي وقت مضى . ومع ذلك، تسارعت الدينامية وتعززت خلال رئاسة بايدن.
فبعد هجمات حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر، شنت "إسرائيل" حربا مدمرة ضد غزة وخلقت كارثة إنسانية. وفي حين انتقد بايدن "إسرائيل" طوال الحرب لتعريض حياة المدنيين للخطر ولعرقلتها المساعدات الإنسانية، فقد أكد على مواصلة الدعم العسكري الهائل، بحجة أن حرب "إسرائيل" هي دفاع عن النفس ضد عدو إرهابي. وبالنسبة للعديد من الديمقراطيين كان موقفه منسجما مع نسخة سابقة للحزب الديمقراطي و"إسرائيل" مع أنها لا تتساوق مع الواقع الحالي.
وبدا بايدن متمسكا بوجهة نظر قديمة كونها من لقائه عندما كان عضوا شابا في الكونغرس، مع رئيسة وزراء "إسرائيل"، غولدا مائير عام 1973.
وقال تومي فيتور، المتحدث السابق باسم الأمن القومي في البيت الأبيض للرئيس باراك أوباما: "جزء من مشكلة بايدن هو أنه يتمتع بخبرة عميقة" لكنه "لا يزال يتحدث عن لقاء غولدا مائير، وإسرائيل هذه قد اختفت تقريبا".
ومن جانبهم قال الديمقراطيون الذين صوتوا لصالح مشروع قرار منع إرسال الأسلحة إلى "إسرائيل"، إن المسألة لا تتعلق بما إذا كان ينبغي دعم "إسرائيل" أو ما إذا كانت "إسرائيل" تتمتع بحق الدفاع عن نفسها، بل إنهم يقولون إن جوهر المناقشة في حزبهم يتلخص فيما إذا كان الوقت قد حان لإعادة النظر في العلاقة التي تعني إرسال الولايات المتحدة كميات هائلة من المساعدات العسكرية إلى "إسرائيل" دون أي قيود تقريبا.
وقال فان هولين، وهو ناقد صريح لسياسة بايدن في غزة: "إن جميع الديمقراطيين في مجلس الشيوخ يدعمون الشراكة الوثيقة مع إسرائيل. ولكن الشراكة يجب أن تكون طريقا باتجاهين، وليس شيكا مفتوحا في اتجاه واحد، وهذا هو جوهر القضية"، وأضاف: "هناك مجموعة كبيرة ومتنامية [من الديمقراطيين] تؤمن بالشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، لكنها تعتقد أن الولايات المتحدة بحاجة إلى استخدام نفوذها بشكل أكثر فعالية لضمان الامتثال للقانون الأمريكي".
وأشارت الصحيفة إلى دور نتنياهو في تفاقم إحباط الديمقراطيين، حيث تخلى عن سياسة الزعماء الإسرائيليين السابقين المتمثلة في التعاون الحزبي الدقيق بين الحزبين ومال إلى دعم الجمهوريين.
كما وانتهك قواعد البرتوكول في عام 2015 عندما قبل دعوة القادة الجمهوريين لإلقاء خطاب في الكونغرس ومهاجمة سياسة الرئيس أوباما آنذاك بشأن إيران. وفي تموز/ يوليو، اتخذ نتنياهو قرارا مشابها عندما خاطب الكونغرس بدعوة من رئيس مجلس النواب، الجمهوري عن لويزيانا، مايك جونسون، حيث كان هو وبايدن على خلاف علني بشأن مسار الحرب في غزة.
وقال فيتور، الذي يشارك حاليا في استضافة بودكاست "أنقذ أمريكا": "هذه الحركة في الحزب الديمقراطي سبقت هذه الحرب في غزة" و"بدأ بيبي نتنياهو في تسميم العلاقة مع باراك أوباما في وقت مبكر من عام 2009، لكن زيارة عام 2015 وخطابه أمام الكونغرس كشفت عنه وما هي خططه. وأدى إلى تآكل مستمر للدعم بين المشرعين".
وكان دعم بايدن لـ"إسرائيل" بعد هجوم 7 أكتوبر حماسيا، وحصل على إشادة الحزبين. فقد ألقى خطابا في وقت الذروة بعد أقل من أسبوعين من الهجمات وتعهد فيه بأن تقف الولايات المتحدة مع حليفتها في سعيها للقضاء على حماس. وسافر إلى "إسرائيل"، متفاخرا بأنه أول رئيس أمريكي يزورها أثناء الحرب. وعانق نتنياهو عندما التقيا.
ولكن المزاج السياسي بين الليبراليين تغير بسرعة مثل العملية العسكرية. فقد أسفرت الغارات الجوية الإسرائيلية عن صور يومية للمعاناة واليأس في غزة، وتدمير المباني الفلسطينية التي سويت بالأرض بسبب الغارات الجوية الإسرائيلية والأطفال الذين تم انتشالهم من تحت الأنقاض.
وقد أدت القيود الإسرائيلية الصارمة على المساعدات الإنسانية على الرغم من المناشدات الأمريكية المتكررة إلى انتشار الجوع والمرض والدمار في غزة، مع تزايد الغضب إزاء صور وقصص الأطفال الذين يتضورون جوعا وفي غضون أشهر، واجه بايدن المتظاهرين في كل مكان الٌقى فيها خطابا، وهم يهتفون ضد "جو الإبادة الجماعية".
وبين ليلة وضحاها، تحولت غزة إلى قضية محورية لدى التقدميين الذين نظروا إلى الفلسطينيين كمجموعة مهمشة و"إسرائيل" كقوة استعمارية، وهو تحول صارخ عن صورتها السابقة بين العديد من الأمريكيين باعتبارها ولادة جديدة لشعب مضطهد. وحتى مع وقوف العديد من القادة اليهود إلى جانب "إسرائيل"، تحدث آخرون بشكل متزايد ضد حكومة نتنياهو، من الحاخامات الليبراليين إلى السياسيين مثل ساندرز وشومر.
وفي بيان لها، قالت "إيباك" إن أغلبية الكونغرس والجمهور الأمريكي يدعمون "إسرائيل".
وتزعم مجموعات مثل "صوت اليهود من أجل السلام"، على الرغم من صغر حجمها نسبيا، أن العسكرة الإسرائيلية ليست فقط خارج نطاق القيم الأمريكية بل وأيضا القيم اليهودية.
وقال إيلان غولدنبرغ، مستشار السياسة السابق للبيت الأبيض، إن الناس على جانبي المجتمع اليهودي المنقسم قد حصنوا أنفسهم على مدار العام الماضي.
وقال غولدنبرغ، الذي عمل مديرا للتواصل مع اليهود في الحملة الرئاسية لنائبة الرئيس كامالا هاريس: "المعسكر الأول متشكك بالفعل من نتنياهو، ثم أصبح أكثر تشككا بسبب الحرب، وابتعد أكثر عن هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية. وهذا يشكل جزءا كبيرا من المجتمع اليهودي. أما الجزء الآخر فهم الجمهوريون والديمقراطيون المحافظون الذين ضاعفوا بعد السابع من أكتوبر والحرب في غزة دعمهم لأفعال الحكومة الإسرائيلية".
ومر العرب والمسلمون الأمريكيون بتحول ثقافي خاص بهم، فبعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر 2001، شعر كثيرون منهم بأنهم صاروا هدفا للتشهير بعد كل هجوم شنه مسلحون إسلاميون، وترددوا في التحدث علنا أو لفت الانتباه غير الضروري إلى دينهم أو عرقهم، وفقا لمقابلات عديدة أجريت مع أفراد المجتمع.
ولكن حرب غزة قلبت هذا الأمر رأسا على عقب، وخاصة بين أفراد المجتمع الأصغر سنا. وأصبح العديد من العرب والمسلمين صريحين في الحديث عن القضية الفلسطينية وارتدوا الكوفية، الذي أصبح يرمز إلى التضامن معها.
وفي مجال النشاط الآخر، مثل حركة "حياة السود مهمة" فقد جاء تضامنهم مع الفلسطينيين وهم شعب من أصحاب البشرة الملونة الذين تستهدفهم دولة بوليسية وحشية وانضموا إلى القضية. وبحلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر هذا العام، وجد استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث أن 50% من الديمقراطيين والمستقلين ذوي الميول الديمقراطية يعتقدون أن حملة "إسرائيل" ضد حماس قد ذهبت بعيدا، في حين شعر 13% من الجمهوريين وقادة الحزب الجمهوري بهذه الطريقة.
ومع دخول الحملة الرئاسية المرحلة الأخيرة، سعى كل من هاريس وترامب إلى استمالة المجتمع العربي والمسلم، وخاصة في ميشيغان، التي تضم واحدة من أكبر التجمعات للعرب والمسلمين في أمريكا. ويقول ريدل: "قد ننظر للوراء وإلى عام 2024 ونقول إن هذه هي المرة الأولى في تاريخ الانتخابات الرئاسية التي ساعد فيها العرب بتحديد النتيجة" و"لم يكن الصوت العربي والمسلم في الحقيقة مهما في الانتخابات الأمريكية لأنه كان صغيرا".
ومع تمسك بايدن بنهجه التقليدي المتساهل تجاه "إسرائيل"، بدأ التحريض خارج واشنطن يتسلل إلى قاعات الكونغرس. وفي نواح كثيرة، كان هذا يشبه مسار الاحتجاجات ضد حرب فيتنام في الستينيات من القرن الماضي، والتي بدأت في الحرم الجامعي لكنها وجدت في نهاية المطاف أبطالافي مجلسي النواب والشيوخ.
وقال ساندرز إنه يعتقد أنه كان من الممكن أن يكون هناك المزيد من الدعم لإجراءاته لمنع شحنات الأسلحة إذا لم يحشد فريق بايدن وشومر بقوة ضدها. وتداول البيت الأبيض نقاط الحديث بين المشرعين بتأكيدات مثل، "الآن هو الوقت المناسب للتركيز على الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن ووقف الحرب. إن قطع الأسلحة عن "إسرائيل" من شأنه أن يجعل هذا الهدف أبعد من المنال ويطيل أمد الحرب، وليس تقصيرها". وقال ساندرز إن الضغط وضع زملاءه في موقف صعب. وأضاف ساندرز: "كان لديك رئيس الولايات المتحدة وإدارته، حرفيا في يوم التصويت، يفعلون كل ما في وسعهم للتحرك ضدنا" و"كان لديك زعيم الأغلبية يفعل كل ما في وسعه"،إلى جانب "إيباك".
وعبر عدد من المشرعين في الكونغرس عن إحباط من إدارة بايدن التي أعلنت عن قرارات لتخفيف حدة الغضب ثم تتردد في متابعتها، تماما كرسالة بلينكن ووزير الدفاع لويد أوستن التي هددت "إسرائيل" وطلبت منها تحسين الظروف الإنسانية خلال 30 شهرا وإلا واجهت العواقب. وعندما حان الموعد لم تفعل الإدارة شيئا.