موقع 24:
2025-01-23@06:54:41 GMT

الدور الإماراتي التنويري .. قراءة بين السطور

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الدور الإماراتي التنويري .. قراءة بين السطور

جوهر الرؤية التنمويَّة التي قامت وتقوم عليها النهضة في الإمارات تعتمد على الإنسان


يُمثِّل التمكين السياسي إطارًا مرجعيًّا حقيقيًّا للوطن، والتناقضات السياسيَّة لا تحدث في أي وطن إلا عند غبش الرؤية الثقافيَّة؛ ولذا لا ينبغي الاستهانة بقوة الثقافة والفكر في تأكيد السيادة السياسيَّة للوطن؛ فالثقافة لها مؤشِّر يقيس مدى تحقُّق التمكين السياسي.


هناك حقائق لا بدَّ من تأكيدها، أهمها أن أوطاننا عظيمة بقيادتها، وقد أثبتت الإمارات للقاصي والداني أنها "المعجرة"، ليس في قدرتها على تحقيق الأمن في الداخل فقط، بل كان التحدِّي الحقيقي أن تصبح هي البلد الآمن وسط إقليم جغرافي ملتهب ومتفجِّر بالصراعات والأزمات، ما جعل الإمارات تكون "الإعجوبة الأمنيَّة"؛ لتتبوأ بهذه الريادة مقعدها الحضاري والتنويري بين الأمم.

كما أن السياسة الخارجيَّة الإماراتيَّة نجحت في الترويج للإسلام السمح عالميًّا، وهو نوعيَّة من الثقافة الإنسانيَّة تتَّسم بالروحانيَّة والتسامح، والرحمة للعالمين، وهذه المعايير الإنسانيَّة باتت مطلبًا مهمًّا للمسلم المعاصر؛ إذا كنَّا فعلًا نريد الحياة أو العيش الآمن الهادئ البعيد عن العنف والظلم والقهر.
وقد أثبتت التجارب أن السياسة المتَّزنة هي تلك السياسة المثقَّفة، القادرة على انتشال الأوطان من أدغال الفوضى والغوغاء، خصوصًا في ظلِّ تعقيدات الواقع السياسي الملتهب، ويأتي على رأس الهرم الثقافي: العلماء والدُّعاة، والمفكِّرون، والكتَّاب، والأدباء، والأكاديميون.
وإنَّنا نحمد الله ونسجد له شاكرين أن بلغنا في الوقت الراهن شأوًا بعيدًا في اكتساب المعارف والعلوم والتكنولوجيا الحديثة والمتقدّمة، وأصبحنا مؤهلين لقيادة صفوف الوعي الحضاريّ في المنطقة بأسرها.
ولذلك فإنه لا يليق بنا عمليًّا أن نمنح المجتمعات المتقدمة مقامَ العلو والمكانة الرفيعة بسبب امتلاكها وسائلَ المعرفة الحديثة، طالما أن تلك الأمم التي تدعي الحضارة تخضع لأهواء الاحتراب والاقتتال، وتتخلى عن أبسط قواعد الإنسانيَّة؛ لأننا نرى وهذا حقنا أنّ العلاقة يجب أن تكون مطردة بين الأخلاق والثقافة من جهة، والتقدم العلمي من جهة أخرى، وأن اعترافنا لأي دولة بقصب السيف لا بد أن يخضع لعواملَ شتَّى من أهمها السعي البناء نحو الرفعة الإنسانيَّة والأخلاقيَّة.
ثم دعونا نستعرض التجربة الإماراتيَّة الخاصة بمظاهر سياستها الخارجيَّة والداخليَّة ذات البعد الثقافي التنويري؛ لنؤكد أن الإمارات ركزت على مجابهة قوى التطرف والإرهاب، وسعت إلى توضيح زيفها وفساد أفكارها، وحاربت الحواضن الثقافيَّة لأفكار الغلو والعنف، لتتفرغ حينئذٍ لرسالتها الأخلاقيَّة والمعرفيَّة بنشر الآداب والمعارف والفنون؛ كي لا نترك الشباب نهبًا للأفكار المتصارعة أو للتيارات التي تفرخ العنف في سبيل الحصول على ما تريد من مكاسب اجتماعيَّة وسياسيَّة.

ورغم تراكم الأدلة على قدرات إماراتيَّة استثنائيَّة، ما بين الحزم والصرامة على مقارعة الظلم وصد العدوان، فإن الإمارات لا تفرط في القيم الإنسانيَّة الأصيلة، واللمسات الحانيَّة للبشر في كل مكان في العالم، وأنها في الوقت نفسه لا تتهاون مع كل من تسوِّل له نفسه زعزعة استقرار المنطقة، كما إنها تعرّي الزيف وتنزع الظلم بقواتها المسلحة، كما تزرع التنوير والأمل في مكان بقواتها الناعمة.
وقد انتهجت الإمارات جملة من الحلول الناجعة لمقارعة الفكر الظلامي، منها تعميق قيم التسامح والثقافة والتنوير والتدين الوسطي، كل ذلك وفق رؤية تهدف إلى بناء مجتمعات سعيدة؛ لأن هذه القيم والمبادئ تشكل معايير للخلود والبقاء الإنساني، وإرثًا تاريخيًّا يستحق الحفاوة والتقدير من الشعوب المحبة لأوطانها.
ونسجِّل هنا بكل افتخار أن الإمارات امتلكت ناصية الأمن وحازت الاستقرار، وباتت تمتلك كلَّ المقومات لتحمي نفسها من الإرهاب والتطرف، كما نسجل أن جوهر الرؤية التنمويَّة التي قامت وتقوم عليها النهضة في الإمارات تعتمد على الإنسان الذي يمتلك كل المقومات للتحضر والتنوير، وتزود العقل بكل المقومات والأفكار الخالية من الشوائب؛ وذلك لخلق مجتمع متسامح وإيجابي وهو أسلوب حياة يحياها الإنسان الإماراتي.

وأخيرًا دعونا نقرأ ما بين السطور فيما يخص الدور الإماراتي التنويري، ذلك الدور الذي تتمثل أهم عناصره في اقتصاد قائم على بنية تحتيَّة متطورة ومعرفة تنمويَّة مستدامة، ووضع التنمية ببعديها البشري والإستراتيجي على رأس أولويات الدّولة، ثم السعي الصادق إلى قيادة الشعوب إلى التطور والازدهار، ويأتي في النهاية تسخير كل المدلولات القيميَّة المشتملة على كل ما هو إنساني وحقوقي، بل وأخلاقي، لتكون بوصلة المجتمع، باعتبارها مرجعيات حضاريَّة، وإثراء المجتمع بفعاليات وطنيَّة وتراثيَّة ودينيَّة وثقافيَّة جديرة وغنيَّة بالحصانة الفكريَّة، بحيث يقربه إلى الرأى الديني المتزن والوسطي، ولا ننسى الدور الإماراتي الداعم للمضي في مشروع الوسطيَّة وتكريس خطاب الدولة والتنمية، وتعزيز الاستقرار، والتصدي للأفكار الظلاميَّة، وكل هذه العوامل كان مفعولها قويًّا ومحركًا وفاعلًا، وقد منح ذلك الدور الإمارات شهرة عالميَّة جعلتها وجهة للنخب من الزوار، وخيرة العقول، والصفوة من المستثمرين من كل أنحاء العالم.
تستحوذ الإمارات على الكثير من الظواهر السياسيَّة المثقَّفة، القادرة على تعميق الفكر التنويري، والدليل على ذلك هو ما تقوم به الإمارات من تحرك ملموس في صياغة المشهد السلمي، وفي صياغة ثقافة تتسم بالحريَّة والتعايش وقبول الآخر، وكلُّ تلك الإنجازات تُحرِّكها قيم الثقافة النبيلة.
يحقُّ لكلِّ إماراتي أن يفخر بوطنه ويقيادته الحكيمة التي تعمل ليل نهار من أجل رفاهية المواطن وأمنه وتمكينه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات الدور الإمارات

إقرأ أيضاً:

جامعة خليفة تنظم قراءة وتوقيع كتاب «الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات» لجمال السويدي

أبوظبي (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «خولة للفن والثقافة» ترسخ مكانتها منصة رائدة للإبداع في 2024 تمكين أصحاب الهمم

نظّمت جامعة خليفة في أبوظبي، بالتعاون مع مكتب معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، نائب رئيس مجلس أمناء مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، أمس الاثنين، ندوة قراءة في كتاب «الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير»، الصادر حديثاً عن الأرشيف والمكتبة الوطنية، لمؤلفه معالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي.
وتُعد قضية الهوية الوطنية إحدى القضايا التي يوليها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، اهتماماً كبيراً، وذلك لدورها المحوري في تعزيز التماسك المجتمعي وترسيخ الثوابت الوطنية، وتدعيم قدرة الإماراتيين على التواصل الحضاري مع جميع شعوب العالم، وقدرتهم على التفاعل الإيجابي مع المتغيرات العالمية.
حضر الندوة البروفيسور إبراهيم سعيد الحجري، رئيس جامعة خليفة للعلوم والتكنولوجيا– أبوظبي، والدكتور عبدالله بن حمود البوسعيدي، أستاذ الدراسات الإسلامية والدراسات الإماراتية بجامعة خليفة، والدكتور لبيب أحمد بسول، الأستاذ بقسم العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة خليفة، ونخبة من أساتذة الجامعة والمفكرين والمثقفين، وعدد كبير من طلاب وطالبات جامعة خليفة، وشهدت الندوة حفل توقيع للكتاب، حيث حرص كثيرون على اقتناء نسخ منه بتوقيع الدكتور جمال السويدي.
قدم الحفل الدكتور عبدالله الحفيتي، عميد مكتبة جامعة خليفة، وأشاد كثيراً بالكتاب، مؤكداً أنه كتاب معد برؤية جيدة، من حيث الفكرة والمضمون والرسالة والهدف. مشيداً بالمسيرة البحثية والعلمية لمعالي الأستاذ الدكتور جمال سند السويدي، قائلاً، إنه مفكر موسوعي وخبير استراتيجي له تأثير كبير في المنطقة والعالم، واصفاً السويدي بأنه قدوة حسنة ومثل أعلى للباحثين من الأجيال الحالية والقادمة.
من جهته، أثنى الدكتور لبيب أحمد بسول، على المسيرة العلمية والبحثية للدكتور جمال السويدي، مشيداً بفكرة ومضمون كتاب «الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير»، قائلاً: «إن الكتاب يحاول إعادة بناء مفهوم الهوية الوطنية الإماراتية، من خلال استيعاب التطورات العالمية والتكنولوجية والاجتماعية بشكل متزامن ومتوازن، وضمان عدم فقدان الشخصية الوطنية المميزة لهوية دولة الإمارات العربية المتحدة وخصوصيتها».
أما الدكتور عبدالله بن حمود البوسعيدي، أستاذ الدراسات الإسلامية والدراسات الإماراتية بجامعة خليفة، فأشاد بالكتاب وجهود المؤلف البحثية، مضيفاً أن السويدي بذل الكثير من المجهودات القيّمة حول مسألة الهوية الوطنية ككل، ورصد الانعكاسات الإيجابية للموروث الإسلامي، على مسألتي الدولة المدنية والهويّة الوطنية، في التجربة الإماراتية.
وأضاف: «إن كتاب (الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات العربية المتحدة.. بين خصوصية الثوابت والقيم وعالمية المعايير)، يجب أن يدرّس كمادة أساسية في جامعة خليفة، وغيرها من الجامعات الإماراتية والعربية».
عمق فكرة المواطَنة 
قدّم الدكتور جمال السويدي الشكر إلى جميع الحضور، والبروفيسور إبراهيم سعيد الحجري، رئيس الجامعة، على حُسن التنظيم وحفاوة الاستقبال، وقال: «إن الكتاب يتناول نظريات الهوية الوطنية، ويستعرض مفاهيمها، في النموذجين الليبرالي والمحافظ، ويوضح مدى ارتباط الهوية الوطنية بمسارات التطورات التنموية للدول»، مشيراً إلى أن النظرية الليبرالية تعزّز الحقوق الفردية على حساب القضايا الأخلاقية والاجتماعية، وتسقط من حساباتها الواجب أو الولاء للمجتمع، وتتجاهل الطبيعة الاجتماعية للأفراد والمسؤوليات والواجبات المستحقة للمجتمع.
وأضاف السويدي، أن المواطَنة في دولة الإمارات العربية المتحدة، تعتبر من أهم التجارب العربية، مستدلاً على ذلك بعمق فكرة المواطَنة ورسوخها لدى أبناء دولة الإمارات، مشيراً إلى أن تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة في الهوية الوطنية تفوق العديد من الدول التي سبقتها في التأسيس بعقود عديدة، واصفاً الهوية الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة بأنها نموذج يمتاز بمستوى عالٍ من اللُّحمة الوطنيّة، والمواطَنة الراسخة.
وأشار السويدي إلى أن القيادة الإماراتية الرشيدة - بدءاً من الآباء المؤسسين، ووصولاً إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، وإخوانه أصحاب السمو حكام الإمارات - تُمثل الضامن لبقاء مرتكزات الهوية الوطنية مجتمعةً في دولة الإمارات العربية المتحدة، وصونها وتعزيزها.

مقالات مشابهة

  • المركزي الإماراتي يصدر مسكوكة تذكارية بمناسبة 50 عاماً على تأسيسه
  • الإمارات تضيء على ريادتها في تطوير المشهدين الثقافي والإبداعي
  • ابن طوق يستعرض المزايا التنافسية للاقتصاد الإماراتي خلال دافوس 2025
  • عبدالله بن طوق يستعرض المزايا التنافسية للاقتصاد الإماراتي خلال دافوس 2025
  • ابن طوق يستعرض المزايا التنافسية للاقتصاد الإماراتي في دافوس 2025
  • البطولة العربية للطائرة.. الزمالك ينهي إستعداداته لمواجهة الجزيرة الإماراتي
  • “الثقافي البريطاني”: الإمارات وجهة بارزة للتعليم الدولي
  • جامعة خليفة تنظم قراءة وتوقيع كتاب «الهُويّة الوطنيّة في دولة الإمارات» لجمال السويدي
  • قمة بين الوصل والشارقة في ختام الدور الأول بالدوري الإماراتي
  • قمة الوصل والشارقة وصدام بين شباب الأهلي والجزيرة في ختام الدور الأول بالدوري الإماراتي