موقع 24:
2025-04-07@03:37:40 GMT

الدور الإماراتي التنويري .. قراءة بين السطور

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الدور الإماراتي التنويري .. قراءة بين السطور

جوهر الرؤية التنمويَّة التي قامت وتقوم عليها النهضة في الإمارات تعتمد على الإنسان


يُمثِّل التمكين السياسي إطارًا مرجعيًّا حقيقيًّا للوطن، والتناقضات السياسيَّة لا تحدث في أي وطن إلا عند غبش الرؤية الثقافيَّة؛ ولذا لا ينبغي الاستهانة بقوة الثقافة والفكر في تأكيد السيادة السياسيَّة للوطن؛ فالثقافة لها مؤشِّر يقيس مدى تحقُّق التمكين السياسي.


هناك حقائق لا بدَّ من تأكيدها، أهمها أن أوطاننا عظيمة بقيادتها، وقد أثبتت الإمارات للقاصي والداني أنها "المعجرة"، ليس في قدرتها على تحقيق الأمن في الداخل فقط، بل كان التحدِّي الحقيقي أن تصبح هي البلد الآمن وسط إقليم جغرافي ملتهب ومتفجِّر بالصراعات والأزمات، ما جعل الإمارات تكون "الإعجوبة الأمنيَّة"؛ لتتبوأ بهذه الريادة مقعدها الحضاري والتنويري بين الأمم.

كما أن السياسة الخارجيَّة الإماراتيَّة نجحت في الترويج للإسلام السمح عالميًّا، وهو نوعيَّة من الثقافة الإنسانيَّة تتَّسم بالروحانيَّة والتسامح، والرحمة للعالمين، وهذه المعايير الإنسانيَّة باتت مطلبًا مهمًّا للمسلم المعاصر؛ إذا كنَّا فعلًا نريد الحياة أو العيش الآمن الهادئ البعيد عن العنف والظلم والقهر.
وقد أثبتت التجارب أن السياسة المتَّزنة هي تلك السياسة المثقَّفة، القادرة على انتشال الأوطان من أدغال الفوضى والغوغاء، خصوصًا في ظلِّ تعقيدات الواقع السياسي الملتهب، ويأتي على رأس الهرم الثقافي: العلماء والدُّعاة، والمفكِّرون، والكتَّاب، والأدباء، والأكاديميون.
وإنَّنا نحمد الله ونسجد له شاكرين أن بلغنا في الوقت الراهن شأوًا بعيدًا في اكتساب المعارف والعلوم والتكنولوجيا الحديثة والمتقدّمة، وأصبحنا مؤهلين لقيادة صفوف الوعي الحضاريّ في المنطقة بأسرها.
ولذلك فإنه لا يليق بنا عمليًّا أن نمنح المجتمعات المتقدمة مقامَ العلو والمكانة الرفيعة بسبب امتلاكها وسائلَ المعرفة الحديثة، طالما أن تلك الأمم التي تدعي الحضارة تخضع لأهواء الاحتراب والاقتتال، وتتخلى عن أبسط قواعد الإنسانيَّة؛ لأننا نرى وهذا حقنا أنّ العلاقة يجب أن تكون مطردة بين الأخلاق والثقافة من جهة، والتقدم العلمي من جهة أخرى، وأن اعترافنا لأي دولة بقصب السيف لا بد أن يخضع لعواملَ شتَّى من أهمها السعي البناء نحو الرفعة الإنسانيَّة والأخلاقيَّة.
ثم دعونا نستعرض التجربة الإماراتيَّة الخاصة بمظاهر سياستها الخارجيَّة والداخليَّة ذات البعد الثقافي التنويري؛ لنؤكد أن الإمارات ركزت على مجابهة قوى التطرف والإرهاب، وسعت إلى توضيح زيفها وفساد أفكارها، وحاربت الحواضن الثقافيَّة لأفكار الغلو والعنف، لتتفرغ حينئذٍ لرسالتها الأخلاقيَّة والمعرفيَّة بنشر الآداب والمعارف والفنون؛ كي لا نترك الشباب نهبًا للأفكار المتصارعة أو للتيارات التي تفرخ العنف في سبيل الحصول على ما تريد من مكاسب اجتماعيَّة وسياسيَّة.

ورغم تراكم الأدلة على قدرات إماراتيَّة استثنائيَّة، ما بين الحزم والصرامة على مقارعة الظلم وصد العدوان، فإن الإمارات لا تفرط في القيم الإنسانيَّة الأصيلة، واللمسات الحانيَّة للبشر في كل مكان في العالم، وأنها في الوقت نفسه لا تتهاون مع كل من تسوِّل له نفسه زعزعة استقرار المنطقة، كما إنها تعرّي الزيف وتنزع الظلم بقواتها المسلحة، كما تزرع التنوير والأمل في مكان بقواتها الناعمة.
وقد انتهجت الإمارات جملة من الحلول الناجعة لمقارعة الفكر الظلامي، منها تعميق قيم التسامح والثقافة والتنوير والتدين الوسطي، كل ذلك وفق رؤية تهدف إلى بناء مجتمعات سعيدة؛ لأن هذه القيم والمبادئ تشكل معايير للخلود والبقاء الإنساني، وإرثًا تاريخيًّا يستحق الحفاوة والتقدير من الشعوب المحبة لأوطانها.
ونسجِّل هنا بكل افتخار أن الإمارات امتلكت ناصية الأمن وحازت الاستقرار، وباتت تمتلك كلَّ المقومات لتحمي نفسها من الإرهاب والتطرف، كما نسجل أن جوهر الرؤية التنمويَّة التي قامت وتقوم عليها النهضة في الإمارات تعتمد على الإنسان الذي يمتلك كل المقومات للتحضر والتنوير، وتزود العقل بكل المقومات والأفكار الخالية من الشوائب؛ وذلك لخلق مجتمع متسامح وإيجابي وهو أسلوب حياة يحياها الإنسان الإماراتي.

وأخيرًا دعونا نقرأ ما بين السطور فيما يخص الدور الإماراتي التنويري، ذلك الدور الذي تتمثل أهم عناصره في اقتصاد قائم على بنية تحتيَّة متطورة ومعرفة تنمويَّة مستدامة، ووضع التنمية ببعديها البشري والإستراتيجي على رأس أولويات الدّولة، ثم السعي الصادق إلى قيادة الشعوب إلى التطور والازدهار، ويأتي في النهاية تسخير كل المدلولات القيميَّة المشتملة على كل ما هو إنساني وحقوقي، بل وأخلاقي، لتكون بوصلة المجتمع، باعتبارها مرجعيات حضاريَّة، وإثراء المجتمع بفعاليات وطنيَّة وتراثيَّة ودينيَّة وثقافيَّة جديرة وغنيَّة بالحصانة الفكريَّة، بحيث يقربه إلى الرأى الديني المتزن والوسطي، ولا ننسى الدور الإماراتي الداعم للمضي في مشروع الوسطيَّة وتكريس خطاب الدولة والتنمية، وتعزيز الاستقرار، والتصدي للأفكار الظلاميَّة، وكل هذه العوامل كان مفعولها قويًّا ومحركًا وفاعلًا، وقد منح ذلك الدور الإمارات شهرة عالميَّة جعلتها وجهة للنخب من الزوار، وخيرة العقول، والصفوة من المستثمرين من كل أنحاء العالم.
تستحوذ الإمارات على الكثير من الظواهر السياسيَّة المثقَّفة، القادرة على تعميق الفكر التنويري، والدليل على ذلك هو ما تقوم به الإمارات من تحرك ملموس في صياغة المشهد السلمي، وفي صياغة ثقافة تتسم بالحريَّة والتعايش وقبول الآخر، وكلُّ تلك الإنجازات تُحرِّكها قيم الثقافة النبيلة.
يحقُّ لكلِّ إماراتي أن يفخر بوطنه ويقيادته الحكيمة التي تعمل ليل نهار من أجل رفاهية المواطن وأمنه وتمكينه.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة الإمارات الدور الإمارات

إقرأ أيضاً:

الجنجويد والطائرات المسيرة: سيمفونية الدمار التي يقودها الطمع والظلال الإماراتية

كتب الدكتور عزيز سليمان استاذ السياسة و السياسات العامة

في زمن يتداخل فيه الدخان الأسود برائحة البارود، وتصدح فيه أنين الأطفال وسط خرائب المستشفيات والمدارس و محطات الكهرباء و المياه ، يبدو السودان كلوحة مأساوية رسمها الجشع البشري. لكن، يا ترى، من يمسك بالفرشاة؟ ومن يرسم خطوط التدمير الممنهج الذي يستهدف بنية تحتية سودانية كانت يومًا ما عصب الحياة: محطات الكهرباء التي كانت تضيء الدروب، والطرق التي ربطت المدن، ومحطات مياه كانت تنبض بالأمل؟ الإجابة، كما يبدو، تكمن في أجنحة الطائرات المسيرة التي تحمل في طياتها أكثر من مجرد قنابل؛ إنها تحمل مشروعًا سياسيًا وجيوسياسيًا ينفذه الجنجويد، تلك المليشيا التي فقدت زمام المبادرة في الميدان، وانكسرت أمام مقاومة الشعب السوداني و جيشه اليازخ و مقاومته الشعبية الصادقة، فاختارت أن تُدمر بدلاً من أن تبني، وتُرهب بدلاً من أن تقاتل.
هذا النهج، يا اهلي الكرام، ليس عبثًا ولا عشوائية. إنه خطة مدروسة، يقف خلفها من يدير خيوط اللعبة من الخارج. الجنجويد، التي تحولت من مجموعة مسلحة محلية إلى أداة في يد قوى إقليمية، لم تعد تعمل بمفردها. الطائرات المسيرة، التي تقصف المدارس والمستشفيات، ليست مجرد أدوات تكنولوجية؛ إنها رسول يحمل تهديدًا صامتًا: “إما أن تجلسوا معنا على طاولة المفاوضات لننال حظنا من الثروات، وإما أن نجعل من السودان صحراء لا تحتمل الحياة”. ومن وراء هذا التهديد؟ الإجابة تلوح في الأفق، وهي دولة الإمارات العربية المتحدة، التي باتت، بحسب الشواهد، الراعي الأول لهذه المليشيا، مستخدمةً مرتزقة من كل أنحاء العالم، وسلاحًا أمريكيًا يمر عبر شبكات معقدة تشمل دولًا مثل تشاد و جنوب السودان وكينيا وأوغندا.
لكن لماذا السودان؟ الجواب يكمن في ثرواته المنهوبة، في أرضه الخصبة، ونفطه، وذهبه، ومياهه. الإمارات، التي ترى في السودان ساحة جديدة لتوسيع نفوذها الاقتصادي والسياسي، لم تتردد في استغلال الخلافات الداخلية. استخدمت بعض المجموعات السودانية، التي أُغريت بوعود السلطة أو خدعت بذريعة “الخلاص من الإخوان المسلمين”، كأدوات لتفكيك النسيج الاجتماعي والاقتصادي للبلاد. لكن، هل هذه الذريعة الدينية أو السياسية كافية لتبرير تدمير أمة بأكملها؟ بالطبع لا. إنها مجرد ستار يخفي وراءه طمعًا لا حدود له.
الجنجويد، التي انهزمت في المعارك التقليدية، لجأت إلى استراتيجية الإرهاب المنظم. الطائرات المسيرة ليست مجرد أسلحة؛ إنها رمز لعجزها، ولكن أيضًا لدعمها الخارجي. فكل قصف يستهدف محطة كهرباء أو طريقًا أو مصدر مياه، هو رسالة موجهة إلى الحكومة السودانية: “لن نوقف حتى تجلسوا معنا”. لكن من يجلسون حقًا؟ هل هي الجنجويد وحدها، أم القوات المتعددة الجنسيات التي تجمع بين المرتزقة والمصالح الإماراتية؟ أم أن الجلسة ستكون مع الإمارات نفسها، التي باتت تتحكم في خيوط اللعبة؟ أم مع “التقدم”، ذلك الوهم الذي يبيعونه على أنه مخرج، بينما هو في الحقيقة استسلام للعدوان؟
هنا، يجب على الحكومة السودانية أن تتذكر أنها ليست مجرد ممثلة لنفسها، بل هي وكيلة عن شعب دفع ثمن أخطاء الحرية والتغيير، وأخطاء الإخوان المسلمين، وأخطاء السياسات الداخلية والخارجية. الشعب السوداني، الذي قاوم وصبر، يطالب اليوم بموقف واضح: موقف ينبع من روحه، لا من حسابات السلطة أو المصالح الضيقة. يجب على الحكومة أن تتحرى هذا الموقف، وأن تعيد بناء الثقة مع شعبها، بدلاً من الاستسلام لضغوط خارجية أو داخلية.
ورأيي الشخصي، أن الحل لا يبدأ بالجلوس مع الجنجويد أو راعيها، بل بفك حصار الفاشر، وتأمين الحدود مع تشاد، ورفع شكاوى إلى محكمة العدل الدولية. يجب أن تكون الشكوى شاملة، تضم الإمارات كراعٍ رئيسي، وتشاد كجار متورط، وأمريكا بسبب السلاح الذي وصل عبر شبكات دول مثل جنوب السودان وكينيا وأوغندا. كل هذه الدول، سواء من قريب أو بعيد، ساهمت في هذا العدوان الذي يهدد استقرار إفريقيا بأكملها.
في النهاية، السؤال المرير يبقى: مع من تجلس الحكومة إذا قررت الجلوس؟ هل مع الجنجويد التي أصبحت وجهًا للعنف، أم مع القوات المتعددة الجنسيات التي لا وجه لها، أم مع الإمارات التي تختبئ خلف ستار الدعم الاقتصادي، أم مع “صمود” التي يبدو وكأنها مجرد وهم؟ الإجابة، كما يبدو، ليست سهلة، لكنها ضرورية. فالسودان ليس مجرد ساحة للصراعات الإقليمية، بل هو تراب يستحقه اهله ليس طمع الطامعين و من عاونهم من بني جلدتنا .

quincysjones@hotmail.com

   

مقالات مشابهة

  • فريق الإنقاذ الإماراتي.. فزعة احترافية بخبرات دولية في ميانمار
  • فعالية ترفيهية للأطفال المرضى بـ «المستشفى الإماراتي العائم»
  • المبعوث الخاص للدولة لدى أفغانستان: التزام الإمارات بالدعم الإنساني للشعب الأفغاني راسخ ومستمر
  • نجاة عبد الرحمن تكتب: مصر وغزة بين الدعم الإنساني والدور السياسي
  • الجنجويد والطائرات المسيرة: سيمفونية الدمار التي يقودها الطمع والظلال الإماراتية
  • البرنامج النووي السلمي الإماراتي يرسخ ريادته العالمية
  • الابتكار الثقافي.. تصميم المستقبل بمقاييس إماراتية
  • البرنامج النووي السلمي الإماراتي يرسخ ريادته بإنجازات استثنائية
  • "الإمارات للرياضات الإلكترونية" يطلق البطولة العربية الدولية
  • رواد عمل خيري: العالم ممتن للعطاء الإماراتي المستمر كنموذج للتضامن الإنساني