تغيّر جذري في موقف الصحافة الفرنسية من الحرب على غزة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
لم يكن الموقف الفرنسي الرسمي وحده الذي شهد تحوّلاً كبيراً في الحرب الدائرة في قطاع غزة الفلسطيني من تأييد شبه تام لإسرائيل إلى موقف متوازن بين طرفي الصراع، وصولاً إلى الدعوة الصريحة لوقف إطلاق النار، إذ شهدت الصحافة الفرنسية كذلك تغيّراً جذرياً في طريقة التعاطي مع الأحداث الدائرة، بما في ذلك أكثر وسائل الإعلام ذات التوجّه المُتشدد، مؤكدة أن إسرائيل في طريقها إلى خسارة معركة مستشفى الشفاء سياسياً حتى لو انتصرت عسكرياً.
صحيفة "لو بنيون" رأت بشكل صريح ومباشر، أن العملية العسكرية الإسرائيلية في مستشفى الشفاء بغزة هي إخفاق استخباراتي، مُشيرة إلى أن أدّلة الجيش الإسرائيلي لا تُثبت بعد استخدام المنشأة الطبية الفلسطينية كموقع عسكري لحركة حماس، وذلك رغم إعلان العثور عن جثتي رهينتين إسرائيليتين تمّ اختطافهما في يوم 7 أكتوبر (تشرين الأول)، واكتشاف مخبأ يُؤدي إلى نفق تستخدمه الحركة. وذكرت اليومية الفرنسية، أنه لا يُمكن استبعاد أنّ مستشفى الشفاء كان موقعاً استراتيجياً لحماس خلال حرب 2014، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم. وتسألت "هل الهجوم على مستشفى الشفاء كان خطأ كبيراً من قبل المخابرات العسكرية الإسرائيلية". ولم تستبعد "لو بينيون" أن تكون هذه عملية تضليلية من قبل حماس تهدف إلى الضغط على الجيش الإسرائيلي في وسائل الإعلام وتحريض الرأي العام ضدّه.
هزيمة إعلاميةمن جهتها يومية "لو فيغارو"، والتي كانت تتجاهل في البداية ضحايا القصف الإسرائيلي على غزة، بدأت مؤخراً تُبدّل من أسلوبها، وخصوصاً بعد العملية الإسرائيلية ضدّ مستشفى الشفاء، والتي تحدّثت عن مخاطرها على الطرفين على حدّ سواء، ورأت أن إسرائيل تُكافح لمُحاولة إقناع الرأي العام الداخلي والخارجي بأن حربها مُوجّهة ضدّ حركة حماس فقط وليس ضدّ الشعب الفلسطيني في غزة. لذا فإن إسرائيل، بحسب الصحيفة الفرنسية، تسعى جاهدة للعثور على أي أدلة دامغة تُثبت بأن حركة حماس كانت تتخذ من المستشفيات مقرّات عسكرية لها، وفي حال فشلها فهذا يعني الإضرار بشرعية الدفاع عن النفس في ظل الكارثة الإنسانية في غزة، وهو ما يستدعي بالتالي جهوداً ثقيلة لتلميع الصورة ومحو ذكرى الضحايا. ورغم ما نشرته إسرائيل من صور أولى تقول إنها تُبثت الدور العسكري لمستشفى الشفاء وحقيقة اتهاماتها، إلا أنّ "لو فيغارو" ترى أنّ ما تم نشره لغاية اليوم لا يرقى إلى مستوى الادّعاءات والمخاطر ولا يُقدم دليلاً حول اتهامات إسرائيل.
مجلة "لكسبريس" كانت أكثر وضوحاً ومباشرة ودعت إلى التوقف الفوري عن قصف المدنيين في غزة، وقالت في افتتاحية لها، إن الضغوط الدولية على إسرائيل من أجل وقف إطلاق النار تتزايد، وإنّ استراتيجيتها العسكرية باتت تُثير التساؤلات. وأشارت المجلة إلى أنّ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو من الزعماء الغربيين القليلين الذين دعوا الى تجنّب قصف المدنيين.
وحذّرت الافتتاحية من ترسيخ فكرة تحوّل غزة إلى "مقبرة للأطفال" في حال لم تتزايد الضغوط الدولية على إسرائيل بهدف وضع حدّ لعمليات القصف على السكان المدنيين، وهي ترى كذلك أنّ استراتيجية إسرائيل في القضاء على حركة حماس العسكرية تبدو غير واقعية.
"اللو موند" التي كانت أكثر توازناً منذ بداية الحرب بين حماس وإسرائيل، نقلت قصصاً مأساوية للفرنسيين والفلسطينيين الذين تمّ إجلاؤهم من قطاع غزة، والذين قالوا للصحيفة "كنا ننتظر الموت طوال الوقت". وبحسب وزارة الخارجية الفرنسية، تمكّن 115 فرنسياً كانوا في غزة من الوصول إلى فرنسا. والآن أصبحوا آمنين، لكنّهم ما زالوا يشعرون بالقلق بشأن أحبائهم الذين تركوهم وراءهم في ظلّ القصف الإسرائيلي المتواصل ضدّ المدنيين. أخيراً تتحدّث "ليبراسيون" عن أنّ الحرب في غزة تُثير خلافات عامة في جميع أنحاء العالم، ومظاهرات في الشوارع وتوترات سياسية لا مثيل لها ومُتناقضة في كل بلد على حدى. وترى الصحيفة أنّ هذا لا يعود تاريخه إلى المواجهة الحالية التي بدأت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، التي لا يُفسّر عنفها الشديد وحده حجم وكثافة ردود الفعل التي تُؤيّد أو تُدين كلّ طرف، وبحيث يُمكن أن يُطلق عليها مُسمّى "الحرب المعولمة"، بل إنّ ما تُسمّيه الصحافة "الحرب بين حماس وإسرائيل" يُنظر إليه على نطاق واسع، في كافة أنحاء العالم، باعتباره صراعاً دولياً.
المصدر: موقع 24
كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة فرنسا غزة وإسرائيل مستشفى الشفاء فی غزة
إقرأ أيضاً:
الاتحاد السوداني للعلماء يرفض التعديلات على الوثيقة الدستورية التي حمّلها مسؤولية الحرب
الخرطوم: السوداني/ أعلن بيان الاتحاد السوداني للعلماء والأئمة والدُّعاة، رفضه للتعديلات التي أجراها مجلسا السيادة والوزراء على الوثيقة الدستورية، مشيراً إلى أنه كان يرفض الوثيقة الدستورية والاتفاق الإطاري وحمّلها مسؤولية اندلاع حرب ١٥ أبريل ٢٠٢٣.
وقال بيان للاتحاد اليوم الثلاثاء، إن اتحاد الدُّعاة بكامل عضويته ممثلاً فيه طوائف من أهل القبلة واستشعاراً لعظم المسؤولية الملقاة على عاتقه يتوجه بهذا البيان إبراءً للذّمة ونُصحاً للأُمّة في شأن اعتماد الوثيقة الدستورية والتعديلات التي أجريت عليها ليستبين النّاسُ حقيقتها ويكونوا على بينةٍ وحذر من أيّ محاولةٍ أثيمةٍ تمس إرادتهم وهُويتهم لا سيما وأنّ سبب الحرب وباعثها الأول كان رفض الاتفاق الإطاري ومن قبله الوثيقة الدستورية وأنّ الدّماء التي سالت كانت لأجل هذا الدّين الذي من كلياته حفظ الأنفس والعقول والأعراض والأموال” .
ونبه البيان إلى أن الاتحاد سبق وأن أصدر جملةً من البيانات وعقد عدّة مؤتمرات صحفية أبان من خلالها الموقف الشرعي من الوثيقة الدستورية وكذلك الاتفاق الإطاري ودستور المحامين، وطالب صراحةً بإلغاء الوثيقة الدستورية من أصلها لما اشتملت عليه من تكريس وتمهيد للعلمانية ومضامين تصادم شريعة الإسلام وتمس هوية المسلمين وتؤسس لأزمات متفاقمة، مشيرا إلى أن الاتحاد مجدداً يؤكد رفضه للوثيقة الدستورية حتى وإن أجريت عليها بعض التعديلات لأن الوثيقة الدستورية ما وُضعت إلّا لتكون منهاجاً لأهل السودان في الحكم والتحاكم.
وشدد الاتحاد على أن أيّ وثيقةٍ أو مشروع دستور يوضع للحكم والتحاكم في السودان يجب أن يتضمّن التنصيص على أنّ الإسلام هو دين الدولة وهُوية أهله ولا ضير في ذلك كما تفعل كلُّ الدُّول التي تحترم دينها وثقافتها سواءً كانت دولاً عربيةً أو إسلامية بل حتى الدول النصرانية في أوروبا وأمريكا، وأن تكون شريعة الإسلام هي مصدر التشريع الوحيد ولا يجوز تسويتها بغيرها من المصادر سواءً كانت من المعتقدات الدينية الأخرى أو التوافق الشعبي أو قيم وأعراف الشعب فوضع ًتشريعات بشرية تخالف تشريع الله وحكمه يُعد شركاً بالله تعالى ومنازعةً له في أمره، وأكد على ضرورة أن يراعى في أي وثيقة أو دستور يوضع للحكم والتحاكم حقوق غير المسلمين التي كفلتها لهم الشريعة الإسلامية المتعلقة بدينهم ودور عباداتهم وأحوالهم الشخصية وسائر حقوقهم المنصوص عليها.
وطالب اتحاد العلماء بأن يناط أمر الدستور والوثيقة بأهل الاختصاص فيتولى وضع المضامين من لديهم الأهلية الشرعية من المسلمين الذين عُرفوا بسداد الرأي والعلم والنّصح والعقل والرزانة الذين يعرفون الأمور ويعرفون المصالح وضدها.
وأشار البيان إلى أن “المخرج من هذا التردي السياسي والأمني والاقتصادي الذي دخل فيه السودان يكمن في أن تُسارع الزمرة التي نصبت نفسها وتولت أمر حكم السودان في هذه الفترة أن يقوموا بالواجبات العاجلة المؤملة فيهم من تخفيف وطأة الفقر والعوز وحفظ الأمن وجمع الكلمة وتأليف القلوب وتهيئة البلاد لحقبة جديدة تستقر فيها سياسياً واقتصادياً وألا ينتهكوا حق الله فيتعدوا حدوده وألا يخونوا حقوق عامّة الشعب، فيسلطوا عليهم ثلة محدودة تعبث بهويتهم وكرامتهم وسيادتهم ومآل حالهم وترهنهم للمؤسسات الدولية والدول الأجنبية”.
ودعا الاتحاد كافّة أهل السودان أن يتحمّلوا مسؤوليتهم ويقوموا بدورهم في رفض أي مسلك وعر يفضي بالعباد والبلاد لمتاهاتٍ عواقبها وخيمة ولن يكون ذلك ممكناً إلا بتحقيق الاعتصام بحبل الله المتين ودينه القويم وترك التنازع والاختلاف الذي يؤدي إلى الفشل.