فرنسا تسابق الزمن لإرضاء المغرب وسفيرها بالرباط يعترف علانية بارتكاب خطأ
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أخبارنا المغربية- علاء المصطفاوي
أكد مجموعة من المحللين السياسيين، سواء من فرنسا أو المغرب، أن هناك جهودا مكثفا في الكواليس تهدف إلى إذابة جليد الخلاف القائم بين البلدين، والذي وصل خلال الأشهر الأخيرة إلى حد القطيعة غير المعلنة.
ووفقا لذات المصادر، فإن هذه الفرضية تزكيها المعطيات المتوفرة حاليا، وعلى رأسها اعتراف السفير الفرنسي بالمغرب بارتكاب خطأ في قضية تشديد شروط الحصول على التأشيرات بالنسبة للمغاربة، وإعلانه عن رفع هذا الإجراء بشكل فوري، وكذا قيام الرباط بتعيين سفيرة لها بباريس، لملء الكرسي الذي ظل شاغرا لمدة طويلة.
ويرى المحللون أن صناع القرار بفرنسا أدركوا جيدا خطأ الإبقاء على علاقات سيئة مع المغرب، علما أن علاقاتهم بالجزائر بدورها لا تمر بأفضل أوقاتها، وبالتالي فإن الأسابيع القليلة المقبلة ستشهد على الأرجاح بوادر انفراج للأزمة بين البلدين، والتي استنرت أزيد من عامين.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
الطفولة في الزمن الرقمي
يتصدر محتوى الأطفال اليوم واجهات المنصّات الاجتماعية، حتى غدت الطفولة مادة للتسلية ووسيلة للترويج وأداة لجمع الإعجابات والمشاهدات وفي أحيان أخرى لجمع المال. مشاهد تختزلها منصات التواصل الاجتماعي لأطفال يتم تقديمهم للعالم على أنهم عباقرة صغار أو نماذج فريدة يفتخر بها، وآخرون يتم توثيق أدق تفاصيل يومياتهم في مشاهد لا تخلو من المبالغة أو التكلف. وبين فخر الآباء وفضول المتابعين، تضيع الحدود بين البراءة والاستغلال، واحترام الخصوصية وتقديس الطفولة، ومع اتساع هذا المشهد، يبرز سؤال أخلاقي ملحّ: هل ما نراه من مشاهد يومية متكررة على وسائل التواصل الاجتماعي هو احتفاء بالطفولة أم انتهاك لحقوقها في الرعاية والعيش بعيدا عن كاميرات الهواتف وفضول المتابعين مع ضمان حياة مستقرة بعيدة عن المشتتات؟
في أحيان كثيرة، وأثناء تصفحي لمواقع التواصل الاجتماعي، تمر أمامي مقاطع لأطفال لم يتجاوز عمر بعضهم الرابعة أو الخامسة، يُقدَّمون في مشاهد متكرّرة، بعضها مضحك، وبعضها غريب حد التكلف. يتحدثون أو يقلّدون أو يشاركون مواقف لا يدركون معناها؛ براءة الطفولة هي التي تدفعهم إلى تلك الأفعال، غير أن من يوثق تلك اللحظات لا يتحلّى غالبًا بالبراءة ذاتها، فالمقصد من وراء ذلك في الغالب إما مادي أو ترويجي، بحثًا عن الإعجاب والشهرة، حتى وإن كان الثمن صورة طفل تستغل، أو طفولة تعرض أمام جمهور نهم يبحث عن متعة لحظية ينتقل بعدها إلى متع أخرى.
قوانين حماية الطفل والطفولة وُضعت منذ زمنٍ بعيد، ووقعت عليها معظم دول العالم، وعلى رأسها اتفاقية حقوق الطفل التي أقرتها الأمم المتحدة عام 1989، وجعلت من صون كرامة الطفل وحمايته من الإهمال والإساءة والاستغلال التزامًا دوليًّا لا حياد عنه. نصّت الاتفاقية في بنودها على ضمان حق الطفل في الخصوصية وسلامته النفسية والجسدية، وفي حماية صورته وهويته في وسائل الإعلام، بوصفها جزءًا من شخصيته الإنسانية التي ينبغي أن تنمو في بيئة آمنة. ولم يأتِ ذكر الإعلام في تلك الاتفاقية مصادفةً، بل إدراكًا عميقًا لما للإعلام من أثر في تشكيل الوعي، وتوجيه الرأي العام، وإعادة صياغة القيم داخل الأسرة والمجتمع.
وخلال عقود الإعلام التقليدي، ظلت تلك المبادئ تحت رقابة مؤسسات ومنظمات تعنى بالطفولة، ما جعل الانتهاكات محدودة ومقننة. غير أنّ المشهد تغيّر جذريا مع بزوغ المنصّات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي؛ إذ اتسع نطاق النشر، وتراجعت الضوابط، واهتزّت القيم التي كانت تحكم العلاقة بين الطفل والإعلام. وبين سعي المنصّات وراء الأرباح، ورغبة الأفراد في الشهرة، تلاشت الحدود الأخلاقية، وغابت المسؤولية التي تفرضها المواثيق الدولية، ليجد الطفل نفسه مكشوفًا أمام جمهورٍ لا يُقاس، وفضاء لا يرحم، واستهتار اسري بقيم الطفولة وحقوقها في العيش في أمان واستقرار.
قانون الطفل العُماني الصادر في 2014، حاله كحال القوانين الأخرى، نصّ أيضًا في بعض بنوده على حماية الطفولة، مؤكدًا على حق الطفل في الرعاية والنماء في بيئة آمنة خالية من الإهمال أو الإساءة أو الاستغلال. وتكفل للطفل حفظ كرامته وسمعته وشرفه، وتقوم وزارة التنمية الاجتماعية واللجان المشرفة على حقوق الطفل بمتابعة الانتهاكات والبلاغات التي ترد عن انتهاكات لحقوق الأطفال سواء في الجوانب الإعلامية أو الجوانب الأخرى التي شملها القانون.
غير أنه ومهما بلغت تلك القوانين والتشريعات من الدقة والشمول إلا أنها قد لا تغني عن الإحساس بالمسؤولية تجاه الطفولة، فهذه ليست مسؤولية القوانين وحدها، ولا الجهات المشرفة على تطبيقها، بل هي أولا مسؤولية أسرية وأبوية تنبع من داخل البيت، حيث تُغرس البذور الأولى للوعي والرعاية والتمييز بين ما يجوز وما لا يجوز نشره أو كشفه. وهي كذلك مسؤولية مجتمعية تتقاسم فيها المؤسسات التعليمية والإعلامية والثقافية أدوارها في بناء ثقافة تحترم خصوصية الطفل وتصون براءته، فلا يمكن إلقاء اللوم على جهة بعينها في وقوع التجاوزات، سواء كانت وسيلة إعلام أو تطبيقًا إلكترونيًا أو منصة تواصل اجتماعي؛ لأن الخلل الحقيقي يبدأ من غياب الوعي وينتهي بضعف الضمير.
إنّ حماية الطفولة لا تتحقق بالنصوص وحدها، بل حين يتحول الإحساس بالمسؤولية إلى سلوكٍ يوميٍّ يمارسه الأهل والمجتمع، فيصبح احترام الطفولة ثقافةً راسخة لا تُفرض بالقانون، بل تُغرس في الوعي وتترسّخ في الضمير الإنساني.