رأي اليوم:
2024-07-12@07:22:55 GMT

لبنان على حافة الهاوية

تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT

لبنان على حافة الهاوية

د. حامد أبو العز في الوقت الذي لم تخرج المبادرة الفرنسية بأي نتائج تذكر على مستوى حلحلة الملفات العالقة في لبنان، تتحدث صحف لبنانية عن افلاس قريب الوقوع لبلدية بيروت. تقلصت موجودات البلدية إلى حوالي 800 مليار ليرة لبنانية وهي بالكاد تكفي لسداد رواتب الموظفين والكلفة التشغيلية لمقرها لمدة لا تتجاوز ال18 شهراً.

لا تنحصر معضلات لبنان على الإفلاس المحتمل لبلدية بيروت التي عرفت في السابق بأنها أثرى البلديات في لبنان، بل تتعداها إلى جميع القطاعات الأخرى كالقطاع المصرفي والقطاع السياحي ونسبة الاستثمارات الخارجية وعزوف رؤوس الأموال عن الاستثمار في لبنان بسبب فقدان الاستقرار الأمني والتشريعي في البلاد. وأما بالنسبة لمبادرات حلحلة الملفات السياسية العالقة كملف الرئاسة وملف الحكومة، فيبدو بأنّ المعادلة السائدة هذه الأيام هي معادلة “مكانك راوح”، ويبدو بأنّ فشل المبادرات الفرنسية في إيجاد حل توافقي بين الأطراف والفرقاء اللبنانيين هو العنوان السائد للمرحلة الحالية بينما تمتنع فرنسا عن إعلان مثل هذه النتيجة تفادياً للجحيم الأكبر المتمثل بالدخول في دوامة الفوضى والانهيار الاقتصادي الكبير. قد يعود المبعوث الفرنسي إلى بيروت في منتصف شهر يوليو المقبل ومن المحتمل أن يحمل معه مبادرة حوار بنّاء بين الأطراف المتخاصمة، إلا أن تمسك الأطراف والأحزاب اللبنانية بمواقفها السابقة سيقوض هذه المبادرة قبل بدايتها، ولذلك فإن الزيارة ستكون “زيارة عبثية”، وهذا الوصف هو أقل ما يمكن أن توصف به هذه الزيارة إذا لم يتم تحقيق خروقات داخلية أو خارجية. داخلياً، أتت طرح مبادرة الحوار الداخلي عبر الثنائي الشيعي حزب الله وحركة أمل وقد تكررت هذه الدعوات في عملية استباقية لزيارة المبعوث الفرنسي في منتصف يوليو. وقد جاء الرد على دعوات حزب الله إلى الحوار من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع الذي رأى “أن آذان اللبنانيين قد صُمَّتْ في الآونة الأخيرة من دعوات البعض إلى الحوار ثم الحوار ثم الحوار في الوقت الذي يعي الجميع أن أصحاب هذه الدعوات المتكررة لم يكونوا يومًا أهل حوار”. من يتابع الشأن اللبناني وتطوراته اليومية يعي جيداً آليات عمل الأطراف السياسية المتناحرة ويعرف أسباب رفض الحوار أو قبوله من هذا الطرف أو ذاك. إن عملية التمسك بمرشح معين سواء من الثنائي الشيعي أو أطراف المعارضة لا يتعلق في ذاته بالملف الرئاسي، بل يتعلق بتحقيق تحالفات مستدامة وتعويض خسائر وتحقيق مكاسب وكل ذلك يأتي على المدى البعيد. الأمر الوحيد المثير للاستغراب في ملف الرئاسة اللبنانية هو موقف التيار الوطني الحر الذي لا يتحلى بأي مرونة تذكر وهو ينجر شيئا فشيئاً نحو موقف المعارضة. تنظر القوات اللبنانية إلى ملف الرئاسة اللبنانية كملف مهم لعرقلة أي تحالف محتمل ومستقبلي بين التيار الوطني الحر وحزب الله، كما تتخذ من هذا الملف منصة لتعويض الخسائر السياسية التي تكبدتها إثر ترجيح الحكومة السعودية وولي عهدها الأمير محمد بن سلمان اتخاذ موقف الحياد الإيجابي مما يحدث في لبنان.  إذ أن جميع التقارير الواردة من باريس تشير إلى امتناع ولي العهد السعودي عن التعليق على المبادرات الفرنسية بشأن لبنان واقتصار الحكومة والمسؤولين في السعودية على الإشارة إلى أن ملف الرئاسة هو شأن داخلي لبناني. إن رفض عمليات الحوار يؤكد على تمسك المعارضة بخيار منع وصول رئيس تيار المردة سليمان فرنجية إلى كرسي الرئاسة ولذلك فإن المعارضة وعلى رأسهم القوات اللبنانية تستخدم التفاهم مع جبران باسيل لتحقيق هذه الغاية وهم على يقين تام بأن التحالفات مع التيار الوطني الحر دوما في مهب الريح إلا أنهم يستثمرون في هذا الموقف للإطاحة بخيار فرنجية عبر جبران باسيل. ختاماً، إذا ما استمر الفرقاء اللبنانيون ينظرون إلى الملفات العالقة كمنصات لتحقيق الأهداف السياسية وتفكيك التحالفات والمجيء بتحالفات أخرى، فلا دعوات الحوار الداخلي ولا المبعوث الفرنسي سيكونان قادران على انقاذ لبنان من الوقوع في فوهة البركان. زيارة لودريان المقبلة إن لم تترافق بحلحلة داخلية وتنازل الأطراف ستكون زيارة استجمام للمبعوث الفرنسي وبداية لكارثة لا يقوى هذا البلد الممزق على تحملها. باحث السياسة العامة والفلسفة السياسية كاتب فلسطيني

المصدر: رأي اليوم

كلمات دلالية: فی لبنان

إقرأ أيضاً:

موقع القوات محفوظ.. التسوية رابحة للجميع


بالتوازي مع الحديث عن التسوية الشاملة المرتبطة بالحدود الجنوبية والتي يتحضر المبعوث الخاص للرئيس الاميركي جو بايدن، آموس هوكشتاين للوصول الى بيروت فور وقف اطلاق النار في قطاع غزة للبحث في كيفية ترتيبها مع "حزب الله" والدولة اللبنانية، هناك تسوية متصلة تتعلق الازمة السياسية الداخلية والاقتصادية والامنية، وهذه التسوية هي التي ستحكم الحياة السياسية اللبنانية لسنوات طويلة مقبلة وقد سرّعتها الاحداث العسكرية التي سيطرت على المنطقة وعلى لبنان خلال الاشهر الاخيرة.

حتى ان الاميركيين باتوا اليوم يربطون التسوية الحدودية بالتسويات السياسية والاقتصادية، اي ان الوصول الى اتفاق متكامل حول الترتيبات السياسية عند الحدود الجنوبية مع "حزب الله" يجب أن يكون متوازياً مع تسوية داخلية وحلول اقتصادية ومسار مرتبط بالتنقيب عن الغاز في البلوكات البحرية الجنوبية وغير الجنوبية، وهذا امر يوافق عليه، لا بل يصر عليه الحزب لاسباب كثيرة منها انهاء الازمة الداخلية وتخفيف الضغوط المعيشية التي تزيد من الاعباء عليه.

يريد الاميركيون استقرار كاملاً في المنطقة، وفي الاصل كانوا يسعون لذلك قبل معركة "طوفان الاقصى" التي لم تكن في حساباتهم ابدا، وعليه فإن ما حصل أخر خطتهم المرتبطة بالتفرغ لكل من الصين وروسيا ومكّن الاخيرة من احراز تقدم جدي وكبير في معركتها الاوكرانية، لذا فإن التوازنات في الداخل اللبناني ستتبدل، وقد يكون "حزب الله" اكثر الرابحين، لا لشيء، بل لانه الوحيد الذي يمتلك ما يقدمه في المفاوضات، وبالتالي فإن اي تنازل حدودي يخدم الاستقرار سيحصل مقابله على مكسب داخلي.

لا يسعى الحزب الى تغيير الصيغة اللبنانية، او اقله لم يعد يسعى لذلك، اذ ان علاقته مع القوى والاحزاب السنيّة باتت متينة جدا، وعلى الصعيد الاقليمي ستكون العلاقة مع السعودية متجهة نجو الاستقرار والتعاون والتنسيق خصوصا مع استلام الرئيس الايراني الجديد زمام الحكم، فهل ستسعى حارة حريك الى عزل خصومها الداخليين في المرحلة المقبلة؟ وهل سيستفيد من تفوقه النوعي خلال المفاوضات التي ستقودها واشنطن لتكرار مرحلة ما بعد الطائف في وجه بعض القوى المسيحية؟

يفضل "حزب الله" ان تكون له مكاسب سياسية واسعة في لبنان، لكن ليس في مصلحته ان يدير سلطة احادية، اي انه سيسعى كما دائما للحصول على شرعية كاملة من خلال دعم تشكيل حكومة وحدة وطنية تشارك فيها جميع الاحزاب السياسية حتى تلك التي تخاصمه من دون ان يكون لتلك الاحزاب اي قدرة على إشغال الحزب وازعاجه، وهذا ينطبق على حزب "القوات اللبنانية" بشكل اساسي الذي سيكون موقعه محفوظا في اي تسوية مقبلة.

كما ان "حزب الله" ليس في وارد ترك "التيار الوطني الحر" ورئيسه جبران باسيل يتفرد بالمشاركة في السلطة والاستفادة من التسوية، لان ذلك سيعطيه قدرات واسعة ويمنحه سلطة لا يمكن ضبطها كما حصل في السنوات السابقة التي كان يمتلك فيها الرجل عشرة وزراء وقدرات كبيرة جدا داخل الادارة، وهذا امر لا يقبل به الحزب ولا رئيس مجلس النواب نبيه بري مهما تحسنت علاقته بباسيل.. 
  المصدر: خاص "لبنان 24"

مقالات مشابهة

  • محطة مضيئة جديدة في سجل الجامعة اللبنانية.. مبادرة المعارضة تصطدم بموقف الثنائي
  • تسوية كسر العظم والهزيمة لجيش السودان و استلهام من صراعات تاريخية
  • ميقاتي: رئيس الوزراء العراقي أوعز باستمرار تزويد لبنان بالفيول وسنلتقي في بغداد بعد عاشوراء
  • الفشل يهدّد اجتماع الاتحاد الأفريقي لوقف الحرب في السودان بعد مقاطعته من القوى السياسية والعسكرية الأساسية
  • خارطة طريق نحو السلام ونصائح لحكومة الأمر الواقع للجنح نحو التفاوض والاصلاح
  • هل تتحالف القوى المسيحية؟
  • الباطرونا في البرلمان تثني على "قيادة أخنوش للحوار الاجتماعي" مرحبة بانخفاض عدد أيام الإضراب
  • تحالف الحسم:عدم حل أزمة الرئاسة البرلمانية يؤثر سلبا على العملية السياسية
  • ”سلطنة عمان تنقذ الحوثيين من حافة الهاوية: تفاصيل وساطة خلف الكواليس”
  • موقع القوات محفوظ.. التسوية رابحة للجميع