بموازاة حرب الجيش الإسرائيلي المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش والمستوطنون نوعا مختلفا من الحرب في الضفة الغربية المحتلة، بحسب إيزابيل ديبري في تقرير مطول بوكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية (Associated Press) ترجمه "الخليج الجديد".

وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت حركة "حماس" في ذلك اليوم هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط  غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، وأسرت نحو 239، بينهم عسكريون، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.

ولليوم الـ45، يشن جيش الاحتلال حربا على غزة أسفرت عن استشهاد أكثر من 13 ألف فلسطيني، بينهم 5.5 آلاف طفل و3 آلاف و500 امرأة، بالإضافة إلى إصابة ما يزيد عن 30 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، في قطاع يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.

وقالت ديبري إنه "بين عشية وضحاها، تم إغلاق الضفة الغربية، ومداهمة المدن، وفرض حظر التجول، واعتقال المراهقين، وضرب المعتقلين، واقتحام القرى من جانب الحراس المستوطنين".

"حيتنا جحيم.. يبدو كما لو أنني في سجن".. هكذا قال صبري بوم، وهو مزارع (52 عاما)، قام بتحصين نوافذ منزله بشبكات معدنية الأسبوع الماضي لحماية أطفاله من المستوطنين الذين قال إنهم ألقوا قنابل صوتية في قرية "قريوت الشمالية".

ووفقا للسلطات الصحية الفلسطينية، قتل مستوطنون تسعة فلسطينيين خلال ستة أسابيع.

وأفاد مسؤول ملف الاستيطان بشمال الضفة غسان دغلس بأن قوات الاحتلال دمرت أكثر من 3000 شجرة زيتون خلال موسم الحصاد الحاسم.

وقالت الأمم المتحدة إن المستوطنين ضايقوا المجتمعات الرعوية؛ مما أجبر أكثر من 900 شخص على ترك 15 قرية.

وحتى قبل هجوم "حماس"، كان 2023 بالفعل العام الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة منذ أكثر من عقدين، إذ قُتل 250 فلسطينيا بنيران إسرائيلية.

وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنه خلال الأسابيع الستة من الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية 206 فلسطينيين آخرين.

اقرأ أيضاً

215 شهيدا في الضفة منذ طوفان الأقصى.. إسرائيل تواصل اقتحام البلدات والمخيمات الفلسطينية

جيش المستوطنين

ووفقا للفلسطينين، الذين يعانون من حكم عسكري إسرائيلي متواصل منذ 57 عاما، فإن هذه الحرب جعلتهم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، بحسب ديبري.

وقال عبد العظيم وادي (50 عاما)، الذي قُتل شقيقه وابن شقيقه برصاص مستوطنين: "أصبحنا خائفين من الغد".

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب 1967، ويطالب المستوطنون بالضفة بزعم أنها "حقهم التوراتي"، فيما يعتبر معظم المجتمع الدولي المستوطنات، التي يسكنها 700 ألف إسرائيلي، غير قانونية.

أما إسرائيل فتعتبر الضفة الغربية أرضا متنازع عليها، وتقول إن مصير المستوطنات يجب أن يتقرر عبر المفاوضات. وينص القانون الدولي على أن الجيش الإسرائيلي، باعتباره القوة المحتلة، يجب أن يحمي المدنيين الفلسطينيين.

لكن الفلسطينيين يقولون إنه خلال نحو ستة عقود من الاحتلال، فشل الجنود الإسرائيليون في كثير من الأحيان في حمايتهم من هجمات المستوطنين وأحيانا انضموا إليها. ومنذ بداية الحرب، أصبح الخط الفاصل بين المستوطنين والجنود غير واضح، وفقا لديبري.

ولفتت إلى أن تعبئة إسرائيل لما يزيد عن 300 ألف جندي احتياطي في زمن الحرب تضمنت استدعاء المستوطنين للخدمة وتكليف العديد منهم بمراقبة مجتمعاتهم.

وأعلن الجيش أنه أحيانا حل جنود الاحتياط، الذين يعيشون في المستوطنات، محل الكتائب النظامية في الضفة الغربية.

وتؤكد جماعات حقوق الإنسان أن الزي الرسمي والبنادق الهجومية تضخم شعور المستوطنين بالإفلات من العقاب.

وقال أوري جيفاتي، من "كسر الصمت" وهي مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين: "تخيل أن الجيش الذي كان من المفترض أن يحميك، أصبح الآن مكونا من مستوطنين يرتكبون أعمال عنف ضدك".

وأفاد بشار، وهو طبيب من قرية قريوت الفلسطينية، بأن سكان مستوطنة شيلو القريبة، الذين يرتدون الآن ملابس عسكرية، أغلقوا جميع الطرق باستثناء طريق واحد، وحطموا خط أنابيب المياه، ما أجبر السكان على نقل المياه بالشاحنات بثلاثة أضعاف السعر.

ومضى قائلا: "كانوا هم الذين يحرقون أشجار الزيتون دائما ويسببون المشاكل، والآن هم المسؤولون".

اقرأ أيضاً

صحفي إسرائيلي يحذر: الانفجار التالي سيكون من الضفة الغربية.. أوقفوا هياج المستوطنين

224 جيتو

كما منع الجيش الإسرائيلي 750 عائلة في البلدة القديمة في الخليل (جنوب)، حيث يعيش حوالي 700 مستوطن يهودي متطرف بين 34 ألف فلسطيني تحت حماية عسكرية مشددة، من الخروج باستثناء ساعة واحدة في الصباح وأخرى في المساء أيام الأحد والثلاثاء والخميس، بحسب السكان ومنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية" بتسيلم".

كما أن المدارس مغلقة والعمل متوقف والمرضى انتقلوا للعيش مع أقاربهم في الجزء الخاضع للسيطرة الفلسطينية من المدينة، وغالبا ما يتجول المستوطنون الإسرائيليون ليلا ويسخرون من الفلسطينيين المحاصرين في منازلهم، بحسب لقطات نشرتها "بتسيلم".

وشدد درور سادوت، من "بتسيلم"، على أن "الخليل هي صورة مصغرة صارخة لكيفية ممارسة إسرائيل سيطرتها على السكان الفلسطينيين".

ويقول الفلسطينيون إن المستوطنين يقتحمون قرية قصرة الشمالية يوميا، ويغطون بساتين الزيتون بالأسمنت ويغمرون السيارات والمنازل بالبنزين.

وشدد السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي على أن القيود "قسمت الضفة الغربية إلى 224 جيتو تفصلها نقاط تفتيش مغلقة".

اقرأ أيضاً

نائبان بالكونجرس يحذران بايدن من عنف المستوطنين بالضفة الغربية: اضغط لوقفه

استهداف الزيتون

طوال العام، ينتظر الفلسطينيون الخريف، حين يتحول الزيتون من الأخضر إلى الأسود، ويعد حصاد شهرين من الطقوس المحببة وزيادة للدخل، كما أضافت ديبري.

واستدركت: "لكن العنف شاب موسم الحصاد، ويقول الفلسطينيون إن الجنود والمستوطنين منعوا القرويين من الوصول إلى البساتين واستخدموا الجرافات لإزالة الجذور العقدية لأشجار عمرها قرون".

وتؤكد جماعات حقوقية أن هدف عنف المستوطنين هو إجلاء الفلسطينيين من الأراضي التي يطالبون بها لإقامة دولتهم المستقبلية، وإفساح المجال أمام توسيع المستوطنات اليهودية.

وبحسب رويات مروعة نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وصلت قرية وادي السيق البدوية إلى نقطة الانهيار بسبب محنة ثلاثة فلسطينيين جرى اعتقالهم على مدار تسع ساعات في 12 أكتوبر الماضي.

وأفاد قرويون بأن أسابيع من أعمال العنف أجبرت عشر عائلات على الفرار، عندما اندفع مستوطنون ملثمون يرتدون الزي العسكري في ذلك اليوم، وطرحوا أحد السكان البدو واثنين من الناشطين الفلسطينيين على الأرض ودفعوهم إلى شاحنات صغيرة.

وقال محمد مطر، أحد الناشطين (46 عاما)، للوكالة إن المستوطنين قيدوهم وضربوهم وعصبوا أعينهم وجردوهم من ملابسهم الداخلية وأحرقوهم بالسجائر، كما بالوا عليه وأدخلوا عصا في شرجه، وصرخوا به ليرحيل إلى الأردن.

وعندما أُطلق سراحه، غادر مطر، وكذلك فعلت عائلات وادي السيق الثلاثين المتبقية، إذ أخذوا أغنامهم إلى ثنيات التلال شرق رام الله (وسط) وتركوا كل شيء خلفهم، كما ختمت ديبري.

اقرأ أيضاً

نائبان بالكونجرس يحذران بايدن من عنف المستوطنين بالضفة الغربية: اضغط لوقفه

المصدر | إيزابيل ديبري/ أسوشيتدبرس- ترجمة وتحرير الخليج الجديد

المصدر: الخليج الجديد

كلمات دلالية: حظر اقتحام قتل تعذيب الضفة إسرائيل حرب الضفة الغربیة اقرأ أیضا فی الضفة أکثر من

إقرأ أيضاً:

اقتحامات واعتقالات بمدن الضفة وتصاعد اعتداءات المستوطنين

اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ فجر اليوم الثلاثاء عدة مدن وبلدات بالضفة الغربية المحتلة، كما شرعت باعتقال عدد من الفلسطينيين، في وقت تصاعدت فيه اعتداءات المستوطنين الإسرائيليين.

وقال مراسل الجزيرة إن قوات الاحتلال الإسرائيلي اقتحمت مدينة البيرة وسط الضفة الغربية من مدخلها الشمالي، وشرعت في محاصرة شوارع عدة في محيط مقر الرئاسة الفلسطينية، في محافظة رام الله والبيرة.

وقد اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة البيرة عبلة سعدات زوجة الأسير أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، ودهمت القوات بمشاركة 13 آلية عسكرية منزل العائلة، كما اعتقلت شابا وطالبة إثر دهمها منزلا آخر في حي الجنان.

بدورها قالت إباء سعدات ابنة الأسير أحمد سعدات للجزيرة إنها قلقة على مصير والدتها، لا سيما وأنها تعاني من ظروف صحية صعبة، في ظل الأوضاع الصعبة في السجون الإسرائيلية.

واقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي الأطراف الشرقية من مخيم بلاطة شرقي نابلس، وبلدة يعبد غربي جنين.

كما اقتحمت قوات خاصة إسرائيلية مخيم الدهيشة، جنوب بيت لحم في جنوب الضفة الغربية، ودهمت أحد المنازل، واعتقلت فلسطينيا، ودفعت بتعزيزات عسكرية إلى المخيم، وسط اندلاع للمواجهات مع شبان فلسطينيين.

واقتحمت قوات الاحتلال مدينة الخليل، جنوبي الضفة، ودهمت منزل الشهيد عبد القادر القواسمي منفذ عملية النفق التي وقعت قبل 11 شهرا عند حاجز النفق جنوب القدس، وأدت إلى مقتل جندي وإصابة 7.

وعند مدخل مخيم الفوار، جنوب الخليل، نكلت قوات الاحتلال بالمواطنين، واحتجزت امرأة وطفلها، وصادرت مركبات لمواطنين.

????شاهد
سلطات الاحتلال تعتقل الشيخ عبداللّه علقم بعد اقتحام منزله و تفتيشه في مخيم شعفاط شمال شرق القدس المحتلة pic.twitter.com/Almthh9Sm9

— المركز الفلسطيني للإعلام (@PalinfoAr) September 17, 2024

اعتداءات المستوطنين

والاثنين، شنّ مستوطنون إسرائيليون هجمات استهدفت تجمعات فلسطينية في الضفة الغربية، في حين اقتحم الجيش الإسرائيلي عدة قرى وبلدات وصادر ممتلكات.

ففي جنوب الضفة، تعرض مواطن فلسطيني لإطلاق نار من قبل مستوطنين في قرية سوسيا جنوبي مدينة الخليل، وفق ما صرح به رئيس المجلس المحلي للقرية جهاد نواجعة.

وجنوبي الخليل أيضا، قالت مديرة مدرسة فلسطين الأساسية المختلطة، مها أحمد، إن الجيش الإسرائيلي اقتحم المدرسة نهارا خلال ساعات دوام الطلبة.

كما أصيب 7 فلسطينيين واعتقل شخصان أحدهما متضامن إسرائيلي، بعد إقدام مستوطنين والجيش الإسرائيلي على اقتحام مدرسة المعرجات شمال غرب مدينة أريحا شرقي الضفة الغربية المحتلة.

من جهتها، قالت وكالة الأنباء الرسمية الفلسطينية (وفا) إن مواطنة تعرضت، مساء الاثنين، لاعتداء المستوطنين في تجمع سكني في قرية سوسيا شرق مدينة يطا.

وذكرت أن مستوطنين اعتدوا على عدد من المواطنين بالضرب وأن الاعتداء أسفر عن إصابة مواطنة من عائلة أبو ملش بجروح ورضوض، نُقلت على إثرها إلى المستشفى، ووصفت حالتها بالمتوسطة.

وشرق مسافر يطا، أشارت وفا إلى استيلاء قوات إسرائيلية على عدد من المركبات في منطقة الفخاري بقرية الكرمل واعتقلت المواطن محمد الهريني أثناء محاولته التصدي للمستعمرين الذين حاولوا الاستيلاء على أرضه.

كما اعتقلت القوات المواطن حاتم مخامرة، واستولت على جراره الزراعي، بعدما اعتدت عليه وعلى نجله علي، قرب مدخل الكرمل- التوانة في مسافر يطا.

أما شمالي الضفة، فذكرت "وفا" أن قوات الاحتلال الإسرائيلي ومستعمرين اقتحموا، مساء الاثنين، قرية عاطوف بالأغوار الشمالية، واستولوا على جرافة.

وفي محافظة نابلس، قالت الوكالة إن مستوطنين اقتحموا أراضي في بلدة بيتا جنوبي المدينة بحماية جنود الاحتلال، مما أدى لاندلاع مواجهات، دون تسجيل إصابات.

ومنذ اندلاع الحرب على قطاع غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، صعد الجيش الإسرائيلي ومستوطنون اعتداءاتهم على المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وهو ما أسفر إجمالا عن استشهاد 705 فلسطينيين بينهم 159 طفلا، وجرح نحو 5700، واعتقال نحو 10 آلاف و700 وفق معطيات رسمية فلسطينية.

مقالات مشابهة

  • ‏إذاعة الجيش الإسرائيلي: تحويل طواقم إنقاذ مقاتلة للجيش من الضفة الغربية إلى الحدود مع لبنان تحسبًا لاندلاع حرب شاملة
  • عاجل | إذاعة الجيش الإسرائيلي: تحويل قوات مقاتلة للجيش من الضفة الغربية إلى الحدود مع لبنان تحسبا لاندلاع حرب شاملة
  • عقوبات كندية على مؤسستين وعدد من المستوطنين.. شاركوا بأعمال عنف في الضفة
  • الاحتلال الإسرائيلي يعتقل أكثر من 30 فلسطينيًا بمختلف مناطق الضفة الغربية
  • العاهل الأردني والرئيس المصري يرفضان أية محاولات لتهجير الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة
  • اقتحامات واعتقالات بمدن الضفة وتصاعد اعتداءات المستوطنين
  • مقررة أممية: عنف الجيش والمستوطنين وصل في الضفة الغربية إلى مستويات غير مسبوقة
  • حماس: تصاعد جرائم المستوطنين في الضفة الغربية يستدعي مزيدا من العمل المقاوم
  • إصابة فلسطيني لدى اقتحام الجيش الإسرائيلي مخيم الدهيشة في الضفة الغربية المحتلة  
  • "الخارجية" تحذر من تصعيد جرائم المستوطنين ضد المواطنين