حظر واقتحام وتعذيب وقتل وتدمير وتهجير.. حرب مختلفة في الضفة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
بموازاة حرب الجيش الإسرائيلي المدمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، يشن الجيش والمستوطنون نوعا مختلفا من الحرب في الضفة الغربية المحتلة، بحسب إيزابيل ديبري في تقرير مطول بوكالة "أسوشيتدبرس" الأمريكية (Associated Press) ترجمه "الخليج الجديد".
وردا على اعتداءات الاحتلال اليومية بحق الشعب الفلسطيني ومقدساته، شنت حركة "حماس" في ذلك اليوم هجوم "طوفان الأقصى" ضد مستوطنات محيط غزة، فقتلت 1200 إسرائيلي وأصابت 5431، وأسرت نحو 239، بينهم عسكريون، ترغب في مبادلتهم مع أكثر من 7 آلاف أسير فلسطيني، بينهم أطفال ونساء، في سجون الاحتلال.
ولليوم الـ45، يشن جيش الاحتلال حربا على غزة أسفرت عن استشهاد أكثر من 13 ألف فلسطيني، بينهم 5.5 آلاف طفل و3 آلاف و500 امرأة، بالإضافة إلى إصابة ما يزيد عن 30 ألف مصاب، 75% منهم أطفال ونساء، في قطاع يقطنه نحو 2.3 مليون فلسطيني.
وقالت ديبري إنه "بين عشية وضحاها، تم إغلاق الضفة الغربية، ومداهمة المدن، وفرض حظر التجول، واعتقال المراهقين، وضرب المعتقلين، واقتحام القرى من جانب الحراس المستوطنين".
"حيتنا جحيم.. يبدو كما لو أنني في سجن".. هكذا قال صبري بوم، وهو مزارع (52 عاما)، قام بتحصين نوافذ منزله بشبكات معدنية الأسبوع الماضي لحماية أطفاله من المستوطنين الذين قال إنهم ألقوا قنابل صوتية في قرية "قريوت الشمالية".
ووفقا للسلطات الصحية الفلسطينية، قتل مستوطنون تسعة فلسطينيين خلال ستة أسابيع.
وأفاد مسؤول ملف الاستيطان بشمال الضفة غسان دغلس بأن قوات الاحتلال دمرت أكثر من 3000 شجرة زيتون خلال موسم الحصاد الحاسم.
وقالت الأمم المتحدة إن المستوطنين ضايقوا المجتمعات الرعوية؛ مما أجبر أكثر من 900 شخص على ترك 15 قرية.
وحتى قبل هجوم "حماس"، كان 2023 بالفعل العام الأكثر دموية بالنسبة للفلسطينيين في الضفة منذ أكثر من عقدين، إذ قُتل 250 فلسطينيا بنيران إسرائيلية.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إنه خلال الأسابيع الستة من الحرب، قتلت القوات الإسرائيلية 206 فلسطينيين آخرين.
اقرأ أيضاً
215 شهيدا في الضفة منذ طوفان الأقصى.. إسرائيل تواصل اقتحام البلدات والمخيمات الفلسطينية
جيش المستوطنين
ووفقا للفلسطينين، الذين يعانون من حكم عسكري إسرائيلي متواصل منذ 57 عاما، فإن هذه الحرب جعلتهم أكثر عرضة للخطر من أي وقت مضى، بحسب ديبري.
وقال عبد العظيم وادي (50 عاما)، الذي قُتل شقيقه وابن شقيقه برصاص مستوطنين: "أصبحنا خائفين من الغد".
واحتلت إسرائيل الضفة الغربية والقدس الشرقية وقطاع غزة في حرب 1967، ويطالب المستوطنون بالضفة بزعم أنها "حقهم التوراتي"، فيما يعتبر معظم المجتمع الدولي المستوطنات، التي يسكنها 700 ألف إسرائيلي، غير قانونية.
أما إسرائيل فتعتبر الضفة الغربية أرضا متنازع عليها، وتقول إن مصير المستوطنات يجب أن يتقرر عبر المفاوضات. وينص القانون الدولي على أن الجيش الإسرائيلي، باعتباره القوة المحتلة، يجب أن يحمي المدنيين الفلسطينيين.
لكن الفلسطينيين يقولون إنه خلال نحو ستة عقود من الاحتلال، فشل الجنود الإسرائيليون في كثير من الأحيان في حمايتهم من هجمات المستوطنين وأحيانا انضموا إليها. ومنذ بداية الحرب، أصبح الخط الفاصل بين المستوطنين والجنود غير واضح، وفقا لديبري.
ولفتت إلى أن تعبئة إسرائيل لما يزيد عن 300 ألف جندي احتياطي في زمن الحرب تضمنت استدعاء المستوطنين للخدمة وتكليف العديد منهم بمراقبة مجتمعاتهم.
وأعلن الجيش أنه أحيانا حل جنود الاحتياط، الذين يعيشون في المستوطنات، محل الكتائب النظامية في الضفة الغربية.
وتؤكد جماعات حقوق الإنسان أن الزي الرسمي والبنادق الهجومية تضخم شعور المستوطنين بالإفلات من العقاب.
وقال أوري جيفاتي، من "كسر الصمت" وهي مجموعة من الجنود الإسرائيليين السابقين: "تخيل أن الجيش الذي كان من المفترض أن يحميك، أصبح الآن مكونا من مستوطنين يرتكبون أعمال عنف ضدك".
وأفاد بشار، وهو طبيب من قرية قريوت الفلسطينية، بأن سكان مستوطنة شيلو القريبة، الذين يرتدون الآن ملابس عسكرية، أغلقوا جميع الطرق باستثناء طريق واحد، وحطموا خط أنابيب المياه، ما أجبر السكان على نقل المياه بالشاحنات بثلاثة أضعاف السعر.
ومضى قائلا: "كانوا هم الذين يحرقون أشجار الزيتون دائما ويسببون المشاكل، والآن هم المسؤولون".
اقرأ أيضاً
صحفي إسرائيلي يحذر: الانفجار التالي سيكون من الضفة الغربية.. أوقفوا هياج المستوطنين
224 جيتو
كما منع الجيش الإسرائيلي 750 عائلة في البلدة القديمة في الخليل (جنوب)، حيث يعيش حوالي 700 مستوطن يهودي متطرف بين 34 ألف فلسطيني تحت حماية عسكرية مشددة، من الخروج باستثناء ساعة واحدة في الصباح وأخرى في المساء أيام الأحد والثلاثاء والخميس، بحسب السكان ومنظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية" بتسيلم".
كما أن المدارس مغلقة والعمل متوقف والمرضى انتقلوا للعيش مع أقاربهم في الجزء الخاضع للسيطرة الفلسطينية من المدينة، وغالبا ما يتجول المستوطنون الإسرائيليون ليلا ويسخرون من الفلسطينيين المحاصرين في منازلهم، بحسب لقطات نشرتها "بتسيلم".
وشدد درور سادوت، من "بتسيلم"، على أن "الخليل هي صورة مصغرة صارخة لكيفية ممارسة إسرائيل سيطرتها على السكان الفلسطينيين".
ويقول الفلسطينيون إن المستوطنين يقتحمون قرية قصرة الشمالية يوميا، ويغطون بساتين الزيتون بالأسمنت ويغمرون السيارات والمنازل بالبنزين.
وشدد السياسي الفلسطيني مصطفى البرغوثي على أن القيود "قسمت الضفة الغربية إلى 224 جيتو تفصلها نقاط تفتيش مغلقة".
اقرأ أيضاً
نائبان بالكونجرس يحذران بايدن من عنف المستوطنين بالضفة الغربية: اضغط لوقفه
استهداف الزيتون
طوال العام، ينتظر الفلسطينيون الخريف، حين يتحول الزيتون من الأخضر إلى الأسود، ويعد حصاد شهرين من الطقوس المحببة وزيادة للدخل، كما أضافت ديبري.
واستدركت: "لكن العنف شاب موسم الحصاد، ويقول الفلسطينيون إن الجنود والمستوطنين منعوا القرويين من الوصول إلى البساتين واستخدموا الجرافات لإزالة الجذور العقدية لأشجار عمرها قرون".
وتؤكد جماعات حقوقية أن هدف عنف المستوطنين هو إجلاء الفلسطينيين من الأراضي التي يطالبون بها لإقامة دولتهم المستقبلية، وإفساح المجال أمام توسيع المستوطنات اليهودية.
وبحسب رويات مروعة نشرتها صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، وصلت قرية وادي السيق البدوية إلى نقطة الانهيار بسبب محنة ثلاثة فلسطينيين جرى اعتقالهم على مدار تسع ساعات في 12 أكتوبر الماضي.
وأفاد قرويون بأن أسابيع من أعمال العنف أجبرت عشر عائلات على الفرار، عندما اندفع مستوطنون ملثمون يرتدون الزي العسكري في ذلك اليوم، وطرحوا أحد السكان البدو واثنين من الناشطين الفلسطينيين على الأرض ودفعوهم إلى شاحنات صغيرة.
وقال محمد مطر، أحد الناشطين (46 عاما)، للوكالة إن المستوطنين قيدوهم وضربوهم وعصبوا أعينهم وجردوهم من ملابسهم الداخلية وأحرقوهم بالسجائر، كما بالوا عليه وأدخلوا عصا في شرجه، وصرخوا به ليرحيل إلى الأردن.
وعندما أُطلق سراحه، غادر مطر، وكذلك فعلت عائلات وادي السيق الثلاثين المتبقية، إذ أخذوا أغنامهم إلى ثنيات التلال شرق رام الله (وسط) وتركوا كل شيء خلفهم، كما ختمت ديبري.
اقرأ أيضاً
نائبان بالكونجرس يحذران بايدن من عنف المستوطنين بالضفة الغربية: اضغط لوقفه
المصدر | إيزابيل ديبري/ أسوشيتدبرس- ترجمة وتحرير الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: حظر اقتحام قتل تعذيب الضفة إسرائيل حرب الضفة الغربیة اقرأ أیضا فی الضفة أکثر من
إقرأ أيضاً:
هآرتس: سرّاق الأرض الإسرائيليون العنيفون يستهدفون الضفة الغربية بأكملها
قالت صحيفة هآرتس إن مؤيدي ضم الأراضي الفلسطينية لم يعودوا يكتفون بالمنطقة (ج) من الضفة الغربية المخصصة للسيطرة الإسرائيلية الكاملة بموجب اتفاقيات أوسلو، بل زاد مشروع السرقة في تلك المنطقة نهمهم للتوسع إلى مناطق أخرى.
وأوضحت الصحيفة -في افتتاحيتها- أن حركة سرقة الأراضي الفلسطينية كانت تضع أنظارها منذ زمن على المنطقة (ب) الخاضعة للسيطرة المدنية الفلسطينية والسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وفي سعيهم لسرقتها كسابقتها، يرى المستوطنون أن الاتفاقيات الدبلوماسية التي وقعتها إسرائيل ملزمة للفلسطينيين وحدهم.
اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2هآرتس: عندما يصبح الجيش الإسرائيلي نموذجا للوحشيةlist 2 of 2إنترسبت: هل ينكر مسؤولو أوروبا جرائم الحرب في غزة رغم الوثائق؟end of listوهكذا يسرق المستوطنون الأرض في المنطقة (ج)، ويبنون عليها -كما تقول الصحيفة- ثم تضفي الحكومة الشرعية على تلك البؤر الاستيطانية متجاهلة تماما اتفاقيات أوسلو وملحقاتها، أما عندما يحاول الفلسطينيون البناء والعيش حتى خارج المنطقة (ج)، فيصرخ المستوطنون بأن الاتفاقيات تنتهك ويطالبون إسرائيل بوقف البناء.
ولتوضيح ما أشارت إليه، استعرضت هآرتس قضية بلدة المالحة التي بناها الفلسطينيون في قسم من المنطقة (ب) تم نقله إلى السلطة الفلسطينية بموجب اتفاق واي عام 1998 بشرط استخدامه كمحمية طبيعية، ولكن عمليا تم إنشاء بلدة جديدة فيه، فقررت حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والمستوطنون مصادرة سلطة فرض لوائح البناء في تلك المنطقة من السلطة الفلسطينية، على أساس أن البناء ينتهك اتفاق واي، وقبل حوالي أسبوعين هدمت إسرائيل المباني الفلسطينية منتهكة بذلك اتفاق واي.
إعلانوفي غضون ذلك، بنى المستوطنون 5 بؤر استيطانية، كلها في المنطقة (ب)، يسكن فيها العديد من الشباب الذين يرهبون العائلات الفلسطينية.
ويقول والد إحدى آخر العائلات الفلسطينية المتبقية في المنطقة إن "المستوطنين ضربوا ابني مرتين. بعد ذلك بدؤوا في القدوم إلى منزلنا، ومرة تظاهر اثنان منهم بأنهما من الجيش وفتشا المنزل".
وخلصت الصحيفة إلى أن هدم المباني الفلسطينية في منطقة، امتنعت إسرائيل حتى الآن عن التدخل فيها، إلى جانب إنشاء بؤر استيطانية جديدة، يُظهِر أن الضم بدأ يتسلل إلى المنطقة (ب)، وهذا تطور خطير، لأن هذا القرار يهدد الفلسطينيين الذين يعيشون هناك ويسرع من انحدار إسرائيل إلى دولة فصل عنصري بلطجية أبعدت نفسها عن الأسرة الدولية.