محمد مصطفى حابس: الثورة الجزائرية في ذكرى انتصارها الـــ 61.. سجال الهدى والضلال بين الصليب والهلال في أرض الشهداء والابطال… وثيقة تاريخية تنشر لأول مرة حول تحويل كاتدرائية الجزائر إلى مسجد كتشاوى بعد الاستقلال
تاريخ النشر: 10th, July 2023 GMT
محمد مصطفى حابس بعد استحسان القراء للمرة الثانية مقالنا الذي نشرنا قطوفا منه في الذكرى الستين ثم الــ62 للاستقلال ، حول موضوع الوثيقة التاريخية التي تنشر لأول مرة حول تحويل كاتدرائيات الجزائر الى مساجد بعد الاستقلال، الامر الذي جيش أبواق الاستعمار في الغرب في شن حملة إعلامية مسعورة على الدولة الجزائرية الفتية في أول سنة من ميلادها أي عام 1963، ليكيل لهم – من جهته – بمكيالين العلامة الأمام محمود بوزوزو برد حاسم بلغتهم وفي عقر دارهم وعبر بعض وسائلهم التي تشجعت لنشر ردوده، وبالعربية عبر المنابر العربية منها خصوصا على صفحات مجلة “المسلمون” العريقة التي كانت تصدر عن المركز الاسلامي بجنيف ([1] )، كانت ردود الشيخ العلامة بوزوزو باللغتين ، باللسان العربي المبين وبفرنسية راقية تفوح بحجج تاريخية دامغة وبتعابير إنسانية تثلج صدور المنصفين حتى من بني جلدتهم في الغرب، تلك هي همم رجال باعوا لله أنفيهم، فالثورة المباركة كانت و لاتزال تتويجا لملحمة تاريخية كبرى في التاريخ الوطني والإسلامي والإنساني عامة، أنقذ فيها المجتمع الجزائري وجوده البشري والثقافي والحضاري من مصير أندلس ثانية، بل ومن مصير هنود حمر ثانية- على حد تعبير المفكر الجزائري الطيب برغوث ( [2] )-، مقدمة بذلك نموذجا فذا في الصمود والاستعصاء على الفناء، وفي المحافظة على الوجود الحضاري الذي هو الوجود الحقيقي، الذي بدونه لا يعني الوجود البيولوجي للبشر شيئا في منطق التاريخ والحضارة، وفلسفة الإستخلاف في الأرض.
أفكار الشيخ بوزوزو شبيهة بأفكار ابن خلدون والطيب برغوث : وقبل أن نشرع في سرد هذا الجزء الثاني من مقالنا، استوقفتني هذا الأسبوع بعض التعاليق المهمة و الجادة على مقالنا أنف الذكر، منها تعليق بقلم أستاذنا الدكتور عمر مناصرية، من جامعة المسيلة، الذي علق بقوله:” أفكار جميلة من الشيخ محمود بوزوزو الذي لم أسمع به من قبل وهو يشبه ابن خلدون والطيب برغوث، ففي الأفكار شبه جميل”. كما علق آخر مذكرا بقول الله تعالى: ﴿الَّذينَ أُخرِجوا مِن دِيارِهِم بِغَيرِ حَقٍّ إِلّا أَن يَقولوا رَبُّنَا اللَّهُ وَلَولا دَفعُ اللَّهِ النّاسَ بَعضَهُم بِبَعضٍ لَهُدِّمَت صَوامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلَواتٌ وَمَساجِدُ يُذكَرُ فيهَا اسمُ اللَّهِ كَثيرًا وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزيزٌ﴾ [الحج:40 ]، أما الأخ محمد آيت سليمان من سويسرا، الذي عرف الشيخ بوزوز في نهاية تسعينات القرن الماضي، فعلق بقوله: ” الله أكبر.. الله أكبر.. الشيخ بوزوزو بمنزلة بن خلدون!! يا للخسارة بالنسبة لنا نحن الجزائريين في سويسرا، لما رحل عن دنيانا عرفنا حقيقة قيمة الشيخ ووزنه وفضله ليس على الجزائر قبل الاستقلال بل بعده و على الأمة قاطبة” !! وهناك تعاليق أخرى على الوثيقة و على العلامة محمود بوزوزو كتبت بالفرنسية يضيق المجال لذكرها، كما علق آخرون على مقال مشابه نشرته لنا بالفرنسية مجلة الشاب المسلم في عددها الأخير( [3] )، هذا الأسبوع، بعنوان:”شهادات المنصفين الغربيين على أساتذة الأمة وعلمائها: « الجزائر هي الإسلام!” ، كتب لنا أستاذنا الكبير الدكتور العربي كشاط من باريس، معلقا على النهج الأصيل للشيخ الزاهد الجليل (العلامة محمود بوزوزو)، رسالة بليغة، نقتطف منها، هذه السطور، بعد التحية والسلام..كتب يقول- حفظه الله-:” بعد مدة مديدة خيم عليها صمت ثقيل ألجأت إليه ليال حالكة السواد، تلتها أصابيح ولكن من غير إسفار! والآن فقط تنفس صبح رسالتك عن العدد الجديد من مجلة الشاب المسلم ..ألقيت نظرة عجلى على محتويات المجلة.. وقرأت مقالتك، تنبعث من كل كلمة منها أصداء ذكريات طيبات، تتخايل في ثناياها أسماء صحب كرام (يقصد المشايخ الذين عاصرهم وعمل معهم أمثال، كل من: الشيخ عبد الرحمان شيبان و د. أحمد عروة، د. بوعمران الشيخ، و الاستاذ عبد الوهاب حمودة) ، وتتخاطر في سماواتها نجوم هاديات.. رحم الله من سبقنا الى دار البقاء، وأسبغ على الباقين نعمة الثبات والوفاء..حسنا فعلت يا استاذ مصطفى بالكتابة عن الكاتب البليغ الاخ روجي دو باسكييه (سيدي عبد الكريم)( [4] ) وعن الصالح الزاهد شيخنا محمود بوزوزو..مختتما رسالته متأسفا بقوله” انا اخجل من تقصيري في حق هذه العائلات التي لا ينسى فضلها على المسلمين في هذه الديار..سلامي الى كل الاحبة.” كيف يعتدى العالم المسيحي على العالم الإسلامي ويتشكى منه في نفس الوقت ..؟ في هذا الجزء الثاني، الخاص بهذه الوثيقة التاريخية، نقلا عن مقال شيخنا العلامة محمود بوزوزو، أحب أن أتوقف عند بعض مفاصل ردوده عن الأبواق الفرنسية خاصة، أو المكتوبة بالفرنسية خاصة في رده على القسيس السويسري ” أبي كريطال”، الذي ذكرناه في الجزء الأول من هذا المقال، نقلا عن الجرية السويسرية ([5] )، حيث كتب الشيخ لهؤلاء القوم ، منبها الجميع بما فيهم القارئ العادي بقوله : ” يمكن الاطلاع على التفاصيل في مظانها، إذ ليس المراد هنا إعطاء بسطة في الموضوع إنما المراد التنبيه على قضية من أهم القضايا في العلاقات بين العالم المسيحي والعالم الإسلامي تتجلى فيها المغالطة بأجلى مظهر في جميع صورها من ظلم وبهتان وتجنٍّ يشاهده من يلاحظ كيف أن العالم المسيحي يعتدى على العالم الإسلامي ويتشكى منه في نفس الوقت كأن الظالم هو المظلوم!..”، ثم رسم خطة لمقاله واضعا أرقامًا ومعالم وتوضيحات على بعض المواطن التي تستحق الملاحظة والتنبيه على أمور منها على سبيل المثال:”خوف الأوروبيين من مصيرهم، والمبالغة في تقدير عدد الأوروبيين، وإسقاط المسلمين وموقف الحكومات الفرنسية من التبشير، وعدوان المسلمين على المقابر المسيحية، والكفاح المسيحي الصحيح، وموقف رئيس الأساقفة الحالي دوفال، ومعنى الشجاعة الحقيقية”. 1)- خوف الأوربيين على مصيرهم: إنًّ خوف الأوروبيين لا داعي له سوى توقع العدوان من طرف الفرنسيين أنفسهم المنتمين إلى منظمة الجيش السري( OAS)، أو توقع الانتقام المعادي للمظلومين على أساس الانتصاف من الظالمين بسبب ما اقترفوه من الجرائم ضد الأهالي، متخوفين أن لا يميز هؤلاء بين المجرمين وغيرهم كما أن الفرنسيين لم يميزوا في إجرامهم بين من يعتبر – في عرفهم – مجرمًا ومن يعتبر بريئًا، ومع ذلك فإن الجزائريين لم ينتقموا لأنفسهم كما كان أعداؤهم يتوقعون ويتخوفون، ولو أنهم عاملوهم بالمثل لسالت أودية من الدماء في كل مكان، ولكنهم أظهروا من كرم النفس بقدر ما أظهر أعداؤهم من لؤم النفس أو أكثر. 2)- ملايين المهاجرين: إنَّ عدد الأوروبيين الذين كانوا في الجزائر لم يكن يجاوز مليون نسمة، هاجر بعضهم إلى أوروبا، وبقي منهم عدد كبير في الجزائر ينعمون بأمن لم يكونوا يتوقعونه، والله أعلم بما يضمرونه لنا، ومنهم من لا يزال طامعًا في رجعة أيام الاستعمار حالـمًا بعودة عهد قد قضت عليه العدالة الإلهية قضاء مبرمًا لا يقبل النقض إلى الأبد! 3)- الممارسون للشعائر الدينية: كان صاحب المقال أي القسيس أبي كريطال ([6]) يتوهم أن الجزائر لم يكن يقطنها قبل استقلالها سوى أوروبيين كاثوليكيين ونسي أن المسلمين هم أهل البلاد يجاوز عددهم عشرة ملايين ، بينما الأوروبيين لم يكن عددهم يزيد عن مليون نسمة كما ذكرنا، ولم يكونوا كلهم كاثوليكيين، ولم يكونوا كلهم يمارسون شعائر دينهم، وبعضهم أظهروا أنهم لا يعرفون من هذه الممارسة سوى المجازر والمذابح وانتهاك الحرمات وغير ذلك من أنواع الجرائم والموبقات التي جمعت أوصاف أشنع الوحشيات… وقد أسقط صاحب المقال من قائمة الممارسين لديهم جميع المسلمين بالرغم من تعلقهم بذلك كما يشهد به استرجاع هذا المسجد الذي كان الاستعمار الكاثوليكي حوّله كاتدرائية بما أبكى صاحب المقال وأفقده رشده… إلا أنَّ الحقد الصليبي يعمي البصيرة ويملي السخافات ويطمس على العيون فلا ترى حتى الواقع الملموس تحت أنوار الشمس في رابعة النهار!… 4) – خطأ فرنسا الرسمية: عندما يتحدث الكاتب عن «خطأ فرنسا الرسمية» ينسى خطأ فرنسا «شبه الرسمية» أي المسيحية الصليبية المتعصبة التي كانت ستارًا للاستعمار كما كان الاستعمار مطية لها. وينسى أنَّ الحكومة الإمبراطورية وما بعدها من الحكومات العلمانية لم تضطهد أحدًا من المبشرين المسيحيين ولم تتعرض بأي سوء ولا بأي أذى للدعوة المسيحية في الجزائر بينما لقيت الدعوة الإسلاميَّة منها من ضروب الاضطهاد وألوان المعاكسات ما لا يتصوره وبالعكس من ذلك فقد لقي التبشير المسيحي من المساعدات ما جعل في إمكانه أن يقوم بنشاط واسع النطاق في توفر الوسائل المادية والمعنوية وملائمة الظروف السياسية وبفضل الإمدادات «غير الرسمية» من طرف الحكومات «العلمانية»!… ولا أدل على ذلك من المساحات الواسعة من الأراضي التي منحت للمبشرين، والمباني الكبيرة التي بنوها لحركتهم، والحرية المطلقة لنشر دعوتهم… بينما الدعاة المسلمون كانوا مطاردين محرومين من هذه الحرية بواسطة القوانين الخاصة وبدون قوانين! سواء منهم من كان من جمعية العلماء المسلمين الجزائريين أو من ذوي الغيرة على دينهم ووطنهم. وتاريخ الاضطهاد الفرنسي للإسلام في الجزائر لم يكتب بعد، وهو اضطهاد لم يشهد مثله بعد الأندلس في أي مكان، يتراوح من العدوان على المساجد واغتصاب الأوقاف، ومضايقة اللغة العربية، إلى سجن الدعاة وإبعادهم وتدبير اغتيالات لتوريطهم وليسأل الباحث عن هذه الحقائق جمعية العلماء المسلمين الجزائريين… والمصيبة في هذا المقام هي رضى المسيحيين المعاصرين بهذا الظلم والطغيان الذي من شأنه أن يفتح الباب للشيوعية الإلحادية المادية المعادية لجميع الأديان!… وممن قالوا بوجوب محق الإسلام المؤرخ الفرنسي روني سيديو( [7] )، الذي يقول: «إنَّ مما لا شك فيه أن أحد الأخطاء الأولى للسياسة الأهلية هو السماح ببقاء الإسلام في الجزائر» في كتاب طبع سنة 1958 أي منذ عهد قريب (والمقال نشر عام 1963)!… وأما ما يقوله صاحب المقال عن الاضطهاد الذي أصاب الكاردينال لافيجري ، فالمعلوم هو العكس إذ لقي هذا الكاردينال من التشجيع ما لم يلقه أحد، بفضل مرونته واستعداده للتفاهم مع الحكومات حتى العلمانية لقصده تثبيت أقدام فرنسا باسم المسيحية. وقد قام بنشاط كبير في إفريقيا الشمالية وفي أوروبا حتى أسبغ عليه أحد المؤرخين لكنيسة فرنسا لقب «بطرس الراهب لحرب صليبية جديدة»( [8]). وقد كان بطرس الراهب – كما هو معلوم – أكبر داعية فرنسي في العالم المسيحي للحروب الصليبية الدامية، التي هي الآن هادئة غير أنها (لا تزال مستمرة إلى أيامنا)( [9]) عن طريق التبشير… إنما الشيء الوحيد الذي يمكن أن يعد «خطأ رسميًا» نحو لافيجري هو عدم موافقة الحكومة على مشروعه الواسع الذي كان يتطلب نفقات باهظة إذ كان يرمي إلى كسب الجزائريين لفرنسا عن طريق المسيحية من باب سد حاجة المعوزين وكانوا كثيرين، وإيواء اليتامى وكانوا مضيعين، وعلاج المصابين بالوباء، وقد هلك منهم عشرات الآلاف في تلك الأيام… فما كان من الإمبراطور نابليون الثالث إلا أن “ذكره بأن أهداف رسالته هي تقوية المعنويات عند المائتين ألف مستعمر الكاثوليكيين بالجزائر” ( [10]) أي تثبيتهم حتى لا يفكروا في مغادرة المستعمرة كيما تظل ملكًا لفرنسا على الدوام. ولكن سرعان ما عدل نابليون الثالث موقفه بعد ما أقنعه لافيجري بأهمية مشروعه ومقاصده فمنحه بغيته من الحرية المطلقة ( [11]) في النشاط إذ تأكد لديه أنه يريد من وراء التبشير تثبيت أقدام الاستعمار ليس في الجزائر فحسب بل في القارة الإفريقية كلها، وقد بذل جهدًا كبيرًا لتحبيب فرنسا بتونس فجاءت معاهدة الحماية بعد مقامه بها، وعمل في سبيل تحبيب فرنسا لدى السوريين كذلك سعيًا في تثبيت مركز فرنسا في كل مكان إذ كان من أهدافه: «أن يحبب فرنسا للناس باسم المسيح»([12] )… وكل ما شوهد بعد ذلك من نظام التبشير وكثرة المبشرين في الجزائر إنما هو من عمل لافيجري، غير أنه لم ينجح في (غرس العقيدة الكاثوليكية) على حد تعبير الكاتب، بالرغم من مهارته الفائقة ومرونته النادرة لسوء نيته، وضلال عقيدته، لأن الله تعالى لا يبارك خدمة السياسة الاستعمارية باسم الدين إنما يبارك الأعمال الخالصة لوجهه الكريم ولسر من أسرار الإسلام في نفوس ذويه لم يفهمه ولن يفهمه المطموس على بصائرهم من المستعمرين والمسيحيين ومن شاكلهم من ذوي النعرات الغريبة والنزعات المبتدعة النابية عن الفطرة السليمة ودعاة الإلحاد والعلمانية، ومنكري آيات الله البينات في الآفاق وفي الأنفس!… 5)- فرية الاعتداء على المقابر: المعلوم عن المسلمين الجزائريين أنهم من أشد الناس استنكافًا عن الدخول إلى المقابر غير الإسلاميَّة، فكيف يتصور أن يعتدوا عليها أو يلمسوا ترابها أو حجرها؟… وهل يجهل الكاتب عدوان الفرنسيين على المقابر والمساجد التي لا يزال بعضها يحمل آثار قنابلهم في بعض المدن والقرى بإفريقيا الشمالية منذ عشرات السنين وأننا نحيل الكاتب لرؤية شواهد من ذلك على الكتب المحتفظة بالآثار في شأن هذه القضية، وبما أنَّ الكاتب قس سويسري فإننا ننبه إلى أنه كان في سويسرا أستاذ بكلية اللاهوت بجامعة جنيف معروف بعنايته بدراسة شؤون الإسلام اسمه أدوارد مونتي ألَّف كتابًا عنوانه «تقديس الأولياء في إفريقيا الشمالية» نشر فيه صورًا فوتوغرافية ( [13]) تشهد بصحة الحقائق التي لا يعلمها. ولولا ضيق نطاق المجلة لنشرنا منها ما يفحم المعاندين بمنظر آثار القنابل على القبور والمساجد… ثم إننا نذكر القس أنه لئن كنا نستنكر الاعتداء على القبور بالرغم من انقطاع الرجاء في سكانها، فكيف بنا عند الاعتداء على المرضى في المستشفيات مع دوام الرجاء فيهم، وبالأحرى فكيف بنا حال الاعتداء على الأحياء الذين هم محل كل الرجاء؟ مع أنَّ هذه الأقسام الثلاثة لم يسلم قسم واحد منها من عدوان المستعمرين الفرنسيين الذين لا يتردد صاحب المقال في الزعم بأنهم «كلهم كاثوليكيون قائمون بشعائر دينهم»! فإذا كان هذا العدوان من تعاليم المسيحية ففي استنكاره استنكار لها، وإذا كان الأمر بالعكس ففي الإغضاء عن العدوان حين يصدر عن المسيحيين خيانة لها واستهانة بها. ألا قبح الله النفاق! 6) الكفاح الصحيح: ما المراد بالكفاح الصحيح؟ فإذا كان المراد به رجعة الحكم الاستعماري فهو أضغاث أحلام… وإذا كان المراد به تنصير المسلمين فهو سخافة عقل مريض، إذ من أكبر الخرق الطمع حيث لا مطمع بعد قيام الدليل على استحالة ذلك «منذ 130 سنة» حسب تعبير القسم الحالم الواهم – كان خلالها الاستعمار كله وراء حركة التنصير يمدها بكل ما تريد ويعمل يدًا في يد مع رؤسائها، فكيف لها بالطمع بعد انقطاع يده عنها؟… وإذا كان المراد المحافظة على العقيدة الكاثوليكية عند ذويها فلا معنى لكلمة «كفاح» ما دام لا يهددها شيء في وسط الإسلام الذي من مبادئه (لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ)[البقرة256]. والأوروبيون الذين اعتنقوا الإسلام في الجزائر على قلتهم مثل الحاج نصر الدين دينيه ومحمد الشريف جوكلاري إنما أقدموا على ذلك في حال ضعف المسلمين وعن طواعية واختيار، بهداية من الله: (فَمَن يُرِدِ اللَّهُ أَن يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ)[الأنعام125 ]. عجبًا لشأنكم مع الإسلام! ما أشد ضيق صدركم منه سواء كان أهله مستضعفين أو أحرارًا مستقلين! (كَذَٰلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ)[الأنعام125]. (وَيَجْعَلُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ)[يونس 100]. صدق الله العظيم! ألا أن الكفاح الصحيح هو مكافحة الأوهام والخرافات العالقة بأذهانكم، ومكافحة النفاق والرياء والتدجيل الملازمة لكم، ومكافحة الظنون السيئة والجهل بالإسلام وأسراره، وعليكم بمحاسبة أنفسكم ومطالعة أقوال المفكرين الواقعيين من بني جلدتكم، كمن قال: «من المحتمل أن يكون الأوروبيون مستعمرين ماهرين، ولكن منذ زوال الإمبراطورية الرومانية فإن الشعوب التي كانت حاملة مشعل المدنية حقًا هي الشعوب الإسلاميَّة»( [14]). 7) – موقف الاستعمارييين من الكاردينال دوفال، ونعته بلقب «محمَّد دوفال» : إن رئيس الأساقفة الحالي ( أي عام 1963) في الجزائر برهن عن مرونة ومهارة لا نظير لها تذكران بما كان عليه الكاردينال لافيجري الآنف الذكر. فهو يتقي التصادم بالمسلمين وينصح بالتودد واكتساب القلوب معتبرًا هذا السلوك خير وسيلة للبقاء الفرنسي والتوسع المسيحي في القطر الجزائري. ولكن الاستعمارييين لم يفهموه واعتبروا هذا السلوك يؤدي إلى النتائج المعاكسة لما يرجوه رئيس الأساقفة، فقاوموه ولقبوه «محمَّد دوفال». وهو في الحقيقة ناصح لهم. وقد تجلى كل ما كان حذرهم منه من وخيم العواقب وعرضوا بالعلاقات بينهم وبين السكان المسلمين إلى الخطر المهدد بالمقاطعة… فموقف رئيس الأساقفة مفهوم إذ أن في ضمان رفاهية المجتمع المسيحي، وهو مستوحى من «المصلحة المشتركة» لا أكثر ولا أقل، وهي في ميدان الحياة اليومية والمعاملات الدائمة أمر مبني على الواقع الذي لا مفر منه. ومعناه أن تغيير الفرنسيين سلوكهم وتحسينه إزاء المسلمين إنما يعود بالفائدة لذويه. وقد قدر المسلمون موقف رئيس الأساقفة كل التقدير حاكمين بالظاهر «والله يتولى السرائر». 8) – «المجد للشجاعة البئيسة»! إنَّ الشجاعة البئيسة حقًا كانت شجاعة الجزائريين المسلمين الذين كانوا يتلقون الضربات القاسية من نوع يعجز خيال مثل صاحب المقال عن تصوره، وكانوا لا يستطيعون رد الفعل مثلما حدث في يوم 8 ماي 1945 حيث فتك الفرنسيون فتكًا ذريعًا بعشرات الآلاف من المسلمين الذين لم يكن لهم حول ولا قوة سوى رجائهم في الله وثقتهم في الفرج من عنده وأملهم في الانتصاف من الطغاة الظالمين الذين كانوا ينتهكون كل حرمة بكل وسيلة وفي كل مناسبة وفي غير مناسبة، دون وازع من دين ولا ضمير ولا قانون تحت أنظار القسس والأساقفة الذين لا ينبسون ببنت شفة لإيقاف الظلم والطغيان سوى إذا كان فيهم من يعلم أن هناك عدالة إلهية لا بد من ظهورها طال الزمان أو قصر، وأن من طبيعة الفتن أنها لا تصيب الذين ظلموا خاصة… كما أدرك ذلك رئيس الأساقفة بعاصمة الجزائر فاستوحى مواقفه من هذا الإدراك اتقاء للانتقام العادل، وتوطيدًا لمركزه في البلد، وحفظًا للمستقبل المسيحي به، غير أن التوحش الهستيري الفرنسي قد قضى قضاء مبرمًا على أمانيه في هذا المستقبل الذي لم يكن يهدده أي تعصب ديني من طرف المسلمين الجزائريين المتعلقين بالتسامح الإسلامي الذي لم يقدره المسيحيون حق قدره في أي مكان من بلاد الإسلام. فالمجد للشجاعة الإسلاميَّة البئيسة التي كللتها العدالة الإلهية بالنصر المبين! وبعد، فإنَّ مثل هذه الحالات التي أثارت هذا القس وغيره من أهل دينه فيها مجال واسع للعبرة عند ذوي الإيمان بالله وبحكمته العليا كسائر الأعمال الإيجابية والسلبية أيَا كان مصدرها، إذ كلها ذات أصول عريقة في العدالة الإلهية. وكل ما تحقق في الجزائر المجاهدة إنما هو استجابة ربانية لثورة الضمائر الطاهرة التي غذاها الإسلام بما وصلها الله وأوثق ارتباطها به حتى أصبحت لا تعرف للحياة والموت معنى سوى أنهما من حقوق الله ولا يطمئن لها عيش إلا إذا كانت بلادها دار إسلام. ولهذه الدار مظاهر بينة، ومعالم واضحة، أقامها المسلمون خلال العصور فيما بنوه من مساجد، وشيدوه من معاهد، وألفوه من كتب، ونشروه من تقاليد. وقد أصاب أكثر هذه المعالم ما قضت به طبيعة الغزو الجائر من الهدم والتشويه والتحويل وما أشبه ذلك… 9) – من طبيعة العدالة الإلهية ولطائف حكمة الله نصر بعد عسر: ومن طبيعة العدالة الإلهية أن تجعل حدًا لوحشية الغزاة، فيبقون على بعض هذه المعالم لأسباب ظاهرها حب الاستئثار، والتمتع بجمال الآثار، وباطنها إرادة الله قيام الحجة عليهم بالاغتصاب، وعلى أهلها بمآل الخروج عن سنن الله، وعلى ورثتهم بالذكرى التي تنعش الضمائر للإنابة إلى الله، والتفكير في أداء العهد الذي بينهم وبينه على حفظ الأمانة بإعلاء كلمة الله… ومن طبيعة هذه العدالة إرغام الغزاة على ترك المعالم التي اغتصبوها إلى جانب المعالم التي بنوها كي يضمنوا بقاءهم، وهم ممتنون بها آسفون على فراقها، غير شاعرين أنهم أقاموها بحكم العدل الإلهي، عوضًا عما هدموه من أمثالها مما هو دونها أو خير منها، فيورثها الله أهل الوطن الذين كانوا مستضعفين تعويضًا عن الحرمان الطويل الذي عانوه، وتسلية من العذاب الأليم الذي قاسوه، فيكون لهم الغنم غنمين: استرجاع الحقوق المغصوبة، وإرث الخيرات المجلوبة (كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَزُرُوعٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * وَنَعْمَةٍ كَانُوا فِيهَا فَاكِهِينَ * كَذَٰلِكَ ۖ وَأَوْرَثْنَاهَا قَوْمًا آخَرِينَ * فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنْظَرِينَ *)[الدخان25-29]. وكل ذلك من مباركة الله للمطامح العميقة في قرار الضمائر الطاهرة المتعلقة به. ومن لطائف حكمة الله أن يجيء بتحقيق هذه المطامح في صورة نصر عام يشمل المجاهدين وغيرهم بيانًا لعدله في تعميم النصر مقابل تعميم الفتنة التي لا تصيب الذين ظلموا خاصة، فينعم المسلمون وغيرهم من أعدائهم وخصومهم بثمار النصر بصفة تامة أو نسبية من حيث لا يحتسبون… ولا تفتأ هذه المعاني أن تتجسم في صورة تصحح الوضع القائم في أذهان الغافلين والخصوم بإثبات المصدر الحقيقي والتفسير الصحيح للأحداث التي آتت أكلها بإذن ربها… وهكذا تتجلى العدالة الإلهية لتصحيح الأوضاع القائمة في الأرض وفي الأذهان كي تتجلى آيات الله في الآفاق وفي الأنفس حتى يتميز الحق عن الباطل في كل ما يعتقدونه وفي الواقع الذي يعيشونه… فتتضح لكل ذي وجهة معينة القبلة الصحيحة التي ارتضاها الله للشعوب المستنيرة بشمس الإسلام. جينيف / سويسرا
المصدر: رأي اليوم
إقرأ أيضاً:
توأمة كفاح الشعب السوري حاليًا بجهاد الشعب الجزائري سابقا.. قراءة تاريخية
عندما انطلقت الثورة السورية المعاصرة ربيع العام 2011، كان رفعت مطالب الإصلاح السياسي، الحرية، الديمقراطية، وإنهاء الفساد والاستبداد، في مظاهرات سلمية حضارية، إلا أن رد النظام السوري بقيادة الرئيس المخلوع بشار الأسد كان قمعيًا وعنيفًا، مما أدى إلى تحول الاحتجاجات إلى صراع مسلح وحرب أهلية طويلة الأمد، لم تنته إلا بعد نحو 14 سنة، وقد كلفت الشعب السوري ثمنا باهظا على جميع المستويات.
ربما لن يكون من اليسير على السوريين ولا حتى على العرب والمسلمين والإنسانية، أن تنسى صور التنكيل والتعذيب والمعاناة التي تعرض لها الشعب السوري طوال هذه الأعوام، ليس فقط لحجم الكارثة التي عاشها السوريون وطولها الزمني، وإنما أيضا لبشاعتها حتى أن قصصها استحالت إلى وشم على جبين الإنسانية يصعب محوه مهما تقادم بها الزمن..
وما زاد من عمق المأساة السورية التي حملت الكثير من سمات المآسي التاريخية التي عاشتها شعوب عربية وإسلامية عانت القمع والاستبداد، سواء كان ذلك في العراق تحت الاستبداد أو في ظل الاحتلال الأمريكي الغربي بعده، أو في تاريخ الجزائر التي لا تزال تجربتها في مكافحة الاستعمار الفرنسي تمثل أحد أهم وأنصع الثورات الإنسانية بالنظر إلى عدالتها.. ما زاد من عمق المأساة السورية هو العجز العربي والدولي التام في نجدة الشعب السوري، حتى أمست شوارع عواصمنا العربية تعج باللاجئين السوريين في ظل مضايقات أمنية مشددة عليهم..
بل أكثر من ذلك، فقد عمد خصوم حرية الشعوب إلى وصم الثورة والثوار المنادين بالحرية والكرامة بتهمة الإرهاب، وهو ما أتاح الفرصة الكاملة للمستبد أن يستفرد بالشعب ويثخن في إيلامه وإيذائه بهدف إخماد مطالب التغيير والتوق إلى الحرية..
ومن هنا كانت حتى الكتابة عن الثورة السورية ومعاناة الشعب السوري محاطة بكثير من المخاوف والمحاذير، حتى من باب التأريخ لأكبرنكبة عاشها السوريون في تاريخهم المعاصر..
الكاتب والمفكر الجزائري الدكتور أحمد بن نعمان، كان واحدا من المقفين العرب الذين انحازوا مبكرا لثورة الشعب السوري، وقد رأى أن ثورة الشعب السوري ضد ما يسميه بـ "الاستحلال"، وهي صفة يطلقها على الأنظمة العربية المستبدة التي ورثت الاستعمار الغربي في حكم الشعوب العربية، كانت تشبه في كثير من أسبابها وأدواتها وأهدافها للثورة الجزائرية التي انتها في آخر المطاف إلى طرد المستعمر الفرنسي، وهو ذات ما انتهت إليه الثورة السورية التي أطاحت بنظام الأسد وأنهت بذلك حقبة تاريخية حكم فيها حزب البعث لما يقارب ستة عقود.
في هذه الورقة التي خص بها "عربي21"، يشرح أحمد بن نعمان أوج التشابه بين الثورتين الجزائرية والسورية على الرغم من اختلاف العدو..
من مواجهة الاستعمار إلى مقارعة الاستحلال
تحية من الشعب الجزائري المجاهد ضد الاحتلال الأجنبي سابقا.. إلى توأمه الشعب السوري ضد الاستحلال "العربي" حاليًا! وبالمقارنة تظهر الفوارق والقواسم بين الماضي والحاضر وبين الرجال والأحوال والتخاذل في المواقف مع الخيانة والتلاعب في التصريحات والأقوال المناقضة للأفعال...!!؟ إلى كل الأشقاء الأوفياء أتقدم بتعازيّ الحارة الصادقة، وأنعي لهم هلاك الضمير الإنساني، فضلا عن الإحساس الغريزي الحيواني، في صدور بعض العرب وكل الأعراب، ناهيك عن الأغراب الحاقدين، وخاصة أرباب الفيتو الظالم في بلدان العالم، من المنافقين المجرمين الذين يقولون عكس ما يفعلون بأحلافهم، و يصرحون بأفواههم و أبواقهم، إذا كان الأمر يتعلق بأشباه البشر أمثالنا من ضحايا إرهابهم المشروع، للدفاع عن النفس حسب معاييرهم في مجلس أمنهم المٌرعب لبني الإنسان من أمثالنا، الذين يلاحظ في سلوكهم صدق الإيمان، وفي قلوبهم عقيدة الطاعة لخالق الأكوان، القاهر لفراعنة كل زمان، ويشعرون بالعزة والكرامة، ويتوقون إلى تحرير الأوطان التي يؤمنون أن حبها والتضحية في سبيلها من الإسلام و الإيمان، ويعدون العدة المستطاعة حسب الإمكان، لجهاد الظلم والطغيان، في شام صلاح الدين وما جاوره من البلدان.!
وهذه التعازي أقدمها لنفسي أولا، ولكل من لم يشعر مثلي بأي عيد للأضحى، بل عيد للتضحية بالبشر في حمص وإدلب ودارياّ ودرعا وحلب والغوطة الآن وكل وطن الشعب السوري العظيم، الذي يضحي بأبنائه على كل شبر من ارض أحراره من أصحاب الأخدود الجدد، الذين قالوا منذ بداية المحرقة الصليبية الصهيونية المجوسية ضدهم على امتداد خمس سنوات، وقد أعلنوا في "أوراسهم" بمدينة درعا لكل العالم بأعلى أصواتهم: "يا الله، ما لنا غيرك يا الله.." "واحد واحد، الشعب السوري واحد.." مؤمنين بأن من يتوكل على الله وحده، مخيرًا أو مضطرًا فهو حسبه.
نظرا لطول مدة الثورة الجزائرية وعمقها وأصالتها واتساعها وعدد ضحاياها وقساوة قمعها وقوة عدوها وشراسة قمعه لها في مهدها في مقابل ضعفها وقلة يدها عدة وعتادًا وخبراء وجحافل وأمراء، فإننا يمكن أن نعتبرها كالخلايا الجذعية الجنينية في الكائن البشري ومقارنة بينها وبين الثورات العربية الحالية المنتصرة والجارية، فإنّ لكلّ واحدة منها شبها بثورتنا التحريرية في مرحلة من مراحلها التحضيرية والتصعيدية عبر سنواتها السبع الطوال التي لم تضارعها إلا الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال (وليس الاستحلال) كما هو واقع الحال بالنسبة لثورات الربيع العربي المقصودة بهذا السؤال.ولقد قلت شيئا مدونا منذ أكثر من خمس سنوات، مثلما أكتبه الآن لكم بعصارة قلبي، كأوسط الإيمان وأضعفه، والذي لم يترك لنا أعداء الله والأمة غيره في أوطاننا المستحلة لابتلائنا بحكمته البالغة.! فأجريت حينها مقارنة سياسية واجتماعية وجهادية وعسكرية بين ثورة الشعب الجزائري البطل سابقا، أو المثل التاريخي القديم، مع الموقف البطولي الراهن، والأسطوري النادر المثال للشعب السوري العظيم فعلا و وجدت عدة نقاط التقاء وتشابه، إلى حد التطابق أحيانا، بين ثورتي الشعبين الشقيقين المجاهدين المنطلقين من الصفر، والمعتمدين على الله وحده والإمكانات الذاتية ثانيًا عملا بقول العزيز الحكيم "وأعدوا لهم ما استطعتم!" ولم يقل: "وأعدوا لهم مثلما عندهم من سلاح وعتاد!؟".. والمقابلة منشورة بكاملها في يومية "الجزائر" ليوم 26 نوفمبر 2012مع الصحفي مصطفى بسطامي، ونعيد نشرها حرفيًا فيما يلي :شهدت بعض البلاد العربية "ربيعًا ثوريًا" أطاح ببعض الأنظمة الدكتاتورية هليصح، سيدي، أن نطلق على تلك الحركات "التحررية " اسم الثورات وما هيالثورة الأكثر شبها بالثورة الجزائرية في نظركم؟؟
الجواب: نظرا لطول مدة الثورة الجزائرية وعمقها وأصالتها واتساعها وعدد ضحاياها وقساوة قمعها وقوة عدوها وشراسة قمعه لها في مهدها في مقابل ضعفها وقلة يدها عدة وعتادًا وخبراء وجحافل وأمراء، فإننا يمكن أن نعتبرها كالخلايا الجذعية الجنينية في الكائن البشري ومقارنة بينها وبين الثورات العربية الحالية المنتصرة والجارية، فإنّ لكلّ واحدة منها شبها بثورتنا التحريرية في مرحلة من مراحلها التحضيرية والتصعيدية عبر سنواتها السبع الطوال التي لم تضارعها إلا الثورة الفلسطينية ضد الاحتلال (وليس الاستحلال) كما هو واقع الحال بالنسبة لثورات الربيع العربي المقصودة بهذا السؤال.
ولذلك أستعين في الإجابة والمقارنة بالعودة إلى تشبيه الثورة الجزائرية بالخلايا الجذعية في بداية خلق الجنين، حيث أن كل خلية تتوزع منها خلايا نوعية مختلفة عنها تمامًا كخلايا المخ والقلب والكبد والدم والعين والعظم والظفر والجلد والشعر، التي تختلف في نسيجها ومادتها ولونها وصلابتها ووظيفتها اختلافا جذريًا وكليا مع تكاملها العجيب في الوظيفة الحيوية.. ومن هنا نجد شبيها لها في جميع الثورات الربيعية العربية في الأصالة والشجاعة والإرادة والتعبئة المادية والمعنوية والتصميم والقدرة الفائقة على التضحية ومجابهة كلّ الأخطار الداخلية والخارجية والمناورات والمؤامرات الدولية والثورات المضادة المحلية والجهوية والطوابير الخيانية من الجيران والأشقاء قبل الرفقاء والأعداء بحيث نجد لكل ربيع عربي خانة أو مكانة يملأها في الخريطة الثورية العربية والخريطة مُمتدة أمام القراء كالحصيرة، لكل ذي بصر منهم وبصيرة، ليدرك أن أهم هذه الثورات وأكثرها شبها بالثورة الجزائرية الماضية هي الثورة السورية الحالية أصالة وعمقا وشمولية وعنفاً وشراسة وبجميع المقاييس المتعلقة بمكانة العدو المادية وإرادة الثوار المعنوية ذات المرجعية الروحية التي تجعل الأغلبية مع الثوار والأقلية في صف النظام الحاكم مع خلل صارخ في توازن القِوَى من ناحية الأسلحة المادية والتعبئة العسكرية الأرضية والجوية باستثناء الروح المعنوية التي هي في صالح أصحاب القضية من الثوار والأغلبية الشعبية التي تجابه المدافع والطائرات بالبنادق الفردية مثلما كان عليه الشعب الجزائري الأعزل ضد الجيوش الفرنسية والترسانة الأطلسية (البحرية والبرية والجوية) ولا وجه للمقارنة بين شعب مصمم على الجهاد والتضحية في سبيل تحطيم أغلال الاستبداد والاستعباد وحكم ظالم غاصب بالوراثة لإرادة شعب تواق إلى الحرية والانعتاق وبذل أغلى الأثمان في سبيل كرامته والدفاع عن عرضه على أرضه كإنسان في حضارة هذا الزمان..
وعندي كثير من أوجه الشبه للمقارنة والمطابقة بين الثورة الجزائرية والثورة السورية لا أدري إذا كانت المساحة التي خصصتها جريدة "الجزائر" لهذا الحوار تسمح بذلك!؟ (الصحفي: تفضلوا.... ).... إنّ أهم أوجه الشبه التي أحصيتها إلى حد الآن بين الثورتين تتلخص في النقاط التالية:
الرصاص هو الذي يحسم المعركة.. وأذكر أنّ هذه العبارة قالها وزير الداخلية الفرنسي "فرانسوا ميتيران" في مدينة خنشلة بالأوراس يوم 15 نوفمبر سنة 1954 وقالها أيضا بشارالأسد في بداية الثورة في درعا (أوراس الجزائر) بأن الحسم سيكون على الأرض، وقد أكد هذا الموقف رئيس وزرائه المنشق الدكتور رياض حجاب في تصريح له في الأردن أثناء مقابلة أجرتها معه جريدة "الحياة" اللندنية في حينه.
1 ـ مشاركة المرأة السورية في الثورة جنبًا إلى جنب مع أخيها الرجل في كل الميادينوهو ما تميزت به الثورة الجزائرية بجميلاتها الخالدات جنبا إلى جنب مع أخيها الرجل في جميع الميادين العسكرية والسياسية والفدائية والإعلامية ..
2 ـ العمق والشمولية لكل أنحاء البلاد وفئات العباد من كلّ الأعمار والمستويات، وهومايطبع الثورتين بطابع لا يخطئه نظر أيّ مُتتبع لتطور الأحداث في سوريا بجيشها الحرولجانها الشعبية، ومظاهراتها اليومية والأسبوعية في كل مكان.
3 ـ الاعتماد على النفس وهو الطابع الذي ميّز الثورة الجزائرية التي كانت تدبر أمر تسليحها بكل الوسائل وهو نفس الشيء بالنسبة للشعب السوري الذي حرمه كل الأعداء من السلاح النوعي...
4 ـ خذلان بعض القوى العظمى للثورة الجزائرية مثلما خذلت بعض الدول العربية ذاتها بتصويتها ضد إدانة نظام الإجرام البعثي مرتين في الجمعية العامة للأمم المتحدة! ولأول مرة تلتقي دول عربية مع "إسرائيل" في نفس الموقف ضد إدانة النظام البعثي على جرائمه التي أدانتها الجمعية العامة بأغلبية تجاوزت 90%.!
5 ـ استباحة كلّ شيء لا أخلاقي من اغتصاب وعقاب جماعي وقلع الأظافر للصغاروالكبار، من أجل قمع الثوار وإخماد ثورة الأحرار.
6 ـ انشقاق الوطنيين الأحرار من صفوف العدو في سوريا مثل هروب المجندين الجزائريين الوطنيين من الخدمة العسكرية في الجيش الفرنسي، بعتادهم وأجهزتهم وخبرتهم لخدمة الثورة المباركة!
7 ـ التفوق المطلق للعدو من ناحية الطيران والأسلحة الثقيلة التي كان يتزوّد بها الجيشالفرنسي من ترسانة الحلف الأطلسي، مثل ما يتزود النظام السوري اليوم (بلا حساب)من ترسانة النظام الإيراني والعراقي والروسي وحزبهم المعتمد في لبنان.
8 ـ التفوق المعنوي والروحي والنفسي والجسدي للثوار السوريين مثل تفوق المجاهدين الجزائريين على جيوش فرنسا والحلف الأطلسي على امتداد السنوات السبع العجاف التي لم يكن مع الشعب الجزائري فيها إلا الله، كما يقول الشعب السوري اليوم في شعاره الذي تردده الجماهير دائمًا وهو (مالنا غيرك يا الله).
9 ـ كل الثورة الجزائرية كانت مبنية على التطوع في التجنيد والتمويل والتضحية بكلّ شيء في سبيل الهدف المسطر، وهو الاستقلال الوطني، ونفس الظاهرة التطوعية نجدها واضحة في الثورة السورية، حيث يتوافد على الجهاد آلاف الشبان من الداخل ومن الخارج رجالا وأموالاً وتصميم الجميع في قسمهم الجماعي (عند الانشقاق) بأنهم لن يخونوا العهد ولن يتوقفوا عن الثورة حتى يتحقق الهدف النهائي المتمثل في إسقاط النظام "التوريثوقراطي" و"التزويروقراطي" الفريد من نوعه في تاريخ الاستحلال العربي المعاصر !!.
والخلاصة التي يمكن أن تخرج بها هي أنّ النهاية ستكون واحدة بين الثورتين مهما طال الزمن مع فارق كبير لصالح الشعب السوري وهو أنّ عدو الشعب الجزائري في الماضي كان الاحتلال أما عدو الشعب السوري الحالي فهو "الاستحلال" وشتان بين الاحتلال الخارجي والاستحلال الداخلي الذي يكون الخصم فيه هو الحكم والمفعول به لغيره، هوالفاعل، بل هو القاتل لشعبه !!(انتهى هنا نص الجواب من مقابلة طويلة شملت عدة مجالات تهم حاضر الأمة..).
وقد قلنا في مقال آخر سنة 2016، بأن هناك نقطة اختلاف واحدة بين الثورتين، وهي هامة وفارقة، شرحناها بقولنا: "إن الشعب الجزائري كان مؤمنًا بالقضية، وموحدًا في جهاده ضد الاحتلال الأجنبي العسكري المادي الملموس، أما الكفاح الأسطوري للشعب السوري اليوم، فهو جهاد ضد "الاستحلال" المحلي المدسوس والمغروس، وشتان بين الاحتلال الأجنبي المحسوس و"الاستحلال" المستوطن بالوراثة في بعض العقول والنفوس، وكان برهاني وحجتي في ذلك لإثبات الفرق بين سهولة الاحتلال وصعوبة أو خطورة الاستحلال، لكل ذي حس وإدراك وبصر وبصيرة، تتمثل في تمكن الشعب الجزائري المؤمن بقضيته، من القضاء بالجهاد والاستشهاد على الاحتلال العسكري الأجنبي المادي والمحسوس في بضع سنين، ولكنه ما يزال إلى الآن يخوض معركته المصيرية الكبرى المعقدة ذات الجبهات المتعددة على أرض "الاستحلال" العقيدي والثقافي والسياسي والاقتصادي والهوياتي والانعزالي والانفصالي والإرهابي والانقلابي، الذي دام حتى الآن على الأرض أكثر من خمسين سنة، بإمدادات وتخطيطات أجنبية، وأدوات تنفيذية محلية، في مختلف الجبهات المتشابكة الأطراف والمتقاطعة المصالح والأهداف، على اختلاف الانتماءت والأحلاف المتبارية على الساحة، للبحث عن وجوه الاختلاف لتعميق الخلاف على حساب وحدة الوطن لصالح الأعداء الحقيقيين، في الخارج والداخل، من الفاعلين الدائمين ونواب الفاعل الموسمين!؟
كل الثورة الجزائرية كانت مبنية على التطوع في التجنيد والتمويل والتضحية بكلّ شيء في سبيل الهدف المسطر، وهو الاستقلال الوطني، ونفس الظاهرة التطوعية نجدها واضحة في الثورة السورية، حيث يتوافد على الجهاد آلاف الشبان من الداخل ومن الخارج رجالا وأموالاً وتصميم الجميع في قسمهم الجماعي (عند الانشقاق) بأنهم لن يخونوا العهد ولن يتوقفوا عن الثورة حتى يتحقق الهدف النهائي المتمثل في إسقاط النظام "التوريثوقراطي" و"التزويروقراطي" الفريد من نوعه في تاريخ الاستحلال العربي المعاصر !!.وبالمقارنة اليوم، مع الفارق الزمني بين احتلال الجزائر السابق واستحلالها اللاحق الذي ما يزال في عنفوان شبابه واستفحاله إلى درجة أن أصبحت معه بعض فئات الشعب ربما تترحم على أيام الاحتلال الأصغر وتقول: "ألا ليت الاحتلال يعود إلينا لنخبره بما فعل الاستحلال فينا!" فالشعب السوري الشقيق بدأ جهاده الأكبر والأعسر مباشرة ضد الاستحلال دون احتلال عسكري همجي استيطاني مباشر، وهو عكس ما وقع لنا نحن الذين انتقلنا من جهاد الاحتلال المباشر الذي دام سبع سنين ونصف، ليحل محله الاستحلال المستمر، كما هو ملاحظ حتى الآن، وما يزال على أشده بعد نصف قرن من التوقيع على "أوراق" الاستقلال!؟
ولقد أحدثت المستجدات الطارئة على الساحة الجزائرية السياسية والثقافية والاجتماعية ما جعلني أجزم بقولي، عن تجربة واقتناع بأنه لو كان عندنا في الساحة الوطنية مشاكل مصطنعة حول وحدة ومقومات الهوية الوطنية أيام الاحتلال مثلما نحن عليه الآن، لما ثار الشعب الجزائري المٌوحَد ضد الاحتلال ولما تحقق أي استقلال (على ما هو عليه من عدم استكمال...)، وكفى بن بولعيد وبن مهيدي وعميروش والحواس ولطفي وشعباني وكل الشهداء الأبرار والرجال الآحرار شر القتال!
وأسجل هنا للتاريخ بأنه لم يوجد من الشعوب الشقيقة التي وقفت مع الثورة الجزائرية وقوفا نموذجيًا في الصدق والإخلاص والتضحية الفردية والجماعية ضد الاحتلال أيام الجهاد الأصغر، أكثر من الشعب السوري الشقيق، ومعه الشعب الليبي العريق، وهذا مقارنة بالشعوب العربية الأخرى (مع كل ما في ذلك من فوارق نسبية...) ولا أقول الأنظمة العربية التي كانت لكل واحد منها حساباته الخاصة، علما أن كل الشعوب العربية، بدون استثناء، كانت متعاطفة بكل صدق مع مفخرة القرون الجهادية للأمة المحمدية التي حققت، بجهاد الجزائر أكبر انتصار للموحدين من أبناء الأمة الشاهدة ضد الأحلاف الصليبية الحاقدة... بعد الانتصار الساحق والباهر للناصر صلاح الدين قبل مئات السنين في قدس فلسطين!!
واليوم تحت قبضة الاستحلال، الذي هان أمام أهواله الاحتلال، لم تستطع الأنظمة العميلة والدخيلة أن تنصر الشعوب المستحَلة في بلاد الأشقاء مثل الشعب السوري والمصري وما جاورهما، في غزة وغيرها، بل تكبل حتى الأحرار من أبناء الوطن، وتمنعهم من مجرد التظاهر لنصرة أشقائهم، ولو بالتعاطف، على الأقل، كأضعف الإيمان.
بعيدًا عن مباريات كأس العالم في بلد المجرم الحاكم! علما أن أبناء الشعب السوري الشقيق كانوا متطوعين في جبهاتنا القتالية بأجسادهم وأرواحهم قبل أموالهم في نفس الخنادق مع المجاهدين الجزائريين، وأذكر منهم على سبيل المثال، الدكتور إبراهيم ماخوس الذي كان طبيبا في الجبهة الجهادية على الحدود الجزائرية الشرقية، وقد مات منفيا في الجزائر، التي عاد إليها لاحقا كلاجئ سياسي بعد انقلاب حزب البعث (الذي لا يؤمن بيوم البعث) و قد توفي رحمه الله هنا في الجزائر منذ أربع سنوات، قبل أن تستقل بلاده من الاستحلال، مثلنا بالضبط الآن!
وفي السياق المعاكس ذاته أذكر الكاتب والشاعر الجزائري مالك حداد، الذي قال في محاضرة له أثناء مهرجانات الشعب السوري الشقيق التي كان ينظمها في كل مدنه طوال سنوات كفاحنا المسلح، لنصرة الثورة الجزائرية، حيث قال في قلب دمشق: "إن مجرد وقوفي اليوم بينكم لأتحدث إليكم بالفرنسية، وأنا العاجز عن التعبير عن أفكاري باللغة العربية، يكفي برهانا لتعلموا إلى أي مدى كنا نحن الجزائريين ضحايا أبشع وأرهب محاولة من محاولات إفقاد الشخصية والهوية القومية في تاريخ البشرية!؟
ومما لا شك فيه، أن من أهم أهداف ثورتنا أن نعيد الكرامة للغتنا العربية، لأن ذلك يمثل رمز السيادة الوطنية وأضاف قائلًا: إن ما يفصلني عن وطني الجزائر الآن، ليس الجبال و لا البحار، بل هي اللغة الفرنسية.." وكتب يومها المرحوم الشاعر السوري سليمان العيسي، الملقب (بشاعر الثورة الجزائرية) قبل مفدي زكرياء عن مالك حداد رحمه الله قائلًا : "سأكتب عنك يا مالك، سأعجن بالحروف الخضر، كل عِطاش آمالك، سأكتب عنك أنشودة ترن بأحرف القرآن، بالأوراس مشدودة، بَلا يا شاعري، سأخط عنك غناءك الصامت، بحرف من شواظ النار بالعربية الحرة، ليصدح لحنك الخافت، لتعرف أننا أسرة، لتعلم أن أرضك يا أخي ارضي، ونبضك لم يكن يوما سوى نبضي...".
وقال في قصيدة أخرى أيضا بالمناسبة: "..وتبارى للردى أبطالها يدفعون العار عنا والهوانا، بأبي أوراس كم من شاعر لم يجد من هول ما ضحت بيانًا... ومضت سبع، وما من ثائر مل للهيجاء ضربا طعانا، ورمى جيش فرنسا حقده يطلب النصر ولو نصرا جبانا، وصلاح الدين من قبره قدم التاج لها والصولجانا، يا بني العرب بلغتم مثلها ورفعتم أبد الدهر لوانا، لا تظنوا أنها قد خمدت فأوار الشمس من بعض لظانا".
وأكتفي في ختام هذه الكلمة التأبينية على موت، أو قتل الضمير الإنساني، فضلا عن الديني والوطني والقومي في جماهير الأمة المحمدية المجوعة والمروعة والمضللة والموجهة إلى الانشغال بمضوعات ثانوية مصطنعة اصطناعا كما ذكرنا لإلهاء شعوبنا الطيبة إلهاء!
هذا دون الحديث عن نواب الفاعل وهم أصل الداء وأسباب الاستحلال والبلاء على رأس بعض الأنظمة العربية، المغربية والمشرقية، على حد سواء، والقامعة لكل الأحرار من شعوبها بربيعها وشتائها وصيفها وخريفها، وجنتها ونارها، وملائكتها وشياطين إنسها، في الخارج والداخل، من الفاعلين الرئيسيين المعتمدين، ونوابهم المستأجرين الموسميين..!
وأؤكد في الأخير، محاولًا التذكير والعزاء بالتعبير من خلال بعض هذه المقولات المنشورة بمناسبات مختلفة في أيام العيد الذي لم يأت بأي جديد غير التفنن في القمع والتعذيب والترويع والتجويع والترحيل والتشريد والقتل بالحرق والخنق بالغازات السامة المريعة (والمريحة نسبيًا)، والتدمير بكل أنواع الأسلحة المحرمة على البعض دون الأخر، والتي لا تنفد في مخازن الحلفاء والوكلاء لقهر الشعوب، حتى في أيام العيد و يقولون هل من مزيد.!!
وأريد أن أنهي موقفي الثابت والصادق بالخلاصة التالية: سيتخلص الشعب الشقيق المجاهد الشهم الكريم بإذن الله وأحراره من طغيان الوريث الجملكي العميل الزنيم وحمالات الحطب من أنسال أبي لهب والشيطان الرجيم رغم الفيتو الظالم المتحكم في رقاب المستضعفين في العالم.. والفضل والشكر لله وحده واعد المؤمنين بالنصر المبين بعد الابتلاء الشديد والتمحيص الدقيق لإيمان المجاهدين الصادقين والله لا يخلف وعده للمؤمنين الصابرين المحتسبين..