مع أن عملية الإبادة والتطهير العرقي التي تستهدف الفلسطينيين في قطاع غزة قد استحوذت على اهتمام العالم لأسابيع، فإن أحد أبعادها لم ينل سوى قليل من الاهتمام، إذ يمر من دون أن يلاحظه أحد، ألا وهو تعويدنا -بل وتعويد الإنسانية جمعاء- على واقع دولي جديد خالٍ من القانون الإنساني الذي يحكم النزاعات المسلحة منذ عام 1949، ومن ثم التعود على عالم أشبه بالغابة لا يسود فيه إلا حق الأقوى و"يُسمح" فيه بارتكاب أسوأ الفظائع ضد الضعاف.

بهذه المقدمة افتتح الصحفي والمدوّن اليوناني يورغوس ميترالياس تدوينته على موقع ميديا بارت الفرنسي، التي قال فيها إن هذا "التعود" على اللاإنسانية يحدث بطريقتين، أولاهما إبقاء الناس يوميا لأسابيع وشهور أمام أخبار وصور لإبادة جماعية حقيقية وتطهير عرقي يروح ضحيته الآلاف من المدنيين الفلسطينيين، من دون أن يفعل "الكبار" في هذا العالم أدنى شيء لوقف الهمجية، إن لم يشجعوها ويصفقوا لها.

أما ثانيهما، فهو تجريم أي مظهر من التعاطف مع الضحايا وأي انتقاد للجلادين الذين يعترفون علنا بانتهاك القانون الإنساني وقواعده الأساسية، كما يفعل الجيش الإسرائيلي بقصف المستشفيات والمدارس والكنائس والمساجد ومنشآت الأمم المتحدة والمنظمات الدولية، وباستهداف المدنيين وقتل الأطباء والصحفيين وسائقي سيارات الإسعاف، وبإجبار السكان على ترك منازلهم وحرمانهم من وسائل العيش، من ماء وغذاء ودواء، وتدمير بنيتهم التحتية.


مناعة فائقة

ولا بد أن تكون نتيجة هذا التعود الخطير -حسب الكاتب- هي مناعة فائقة ضد سم البربرية اللامحدودة التي تقسم البشر إلى "أسياد" وآخرين يطيعونهم مجردين من إنسانيتهم من دون احتجاج، وإلا فهم "إرهابيون".

كل هذا بمساعدة "مكارثية" عالمية لا تكتفي بتجريم الاحتجاج، بل ترافقها حملة إعلامية "منحرفة"، كما يتجلى في فرنسا "الماكرونية" الحالية، في إشارة للرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون، إذ تأسست "حالة طبيعية" جديدة يتم فيها تجريم بعض الحقوق والحريات الديمقراطية، مثل الحق في حرية التعبير، بذريعة مكافحة معاداة السامية، التي يعتقل على أساسها من تجرؤوا على إدانة القصف المتواصل للمدنيين في غزة.

وخلص الكاتب إلى أن الأخطر هو التعود على اختفاء القانون الإنساني وانهيار القيم الأخلاقية مع التفرج على "السحق النهائي" للشعب الفلسطيني الذي تسعى له إسرائيل، وتمتعها بالإفلات التام من العقاب، بل وتفاخرها أمام الجميع بتجاهل تام للوازع الأخلاقي، واعترافها علنا بنية الإبادة الجماعية وجرائم الحرب التي ترتكبها، خلافا لأمثالها في التاريخ الذين يخفون أفعالهم ويحاولون محو أدنى أثر لها.

غير أن ما يثير القلق أكثر -حسب الكاتب- هو أن اتخاذ إسرائيل لهجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي (طوفان الأقصى) ذريعة لتنفيذ "المشروع العظيم" من الإبادة والتطهير العرقي النهائي للشعب الفلسطيني، سيصبح ذريعة للرجعية الرأسمالية والظلامية في جميع أنحاء العالم ضد ما تبقى من الحريات والحقوق الديمقراطية.

المصدر: الجزيرة

إقرأ أيضاً:

"صحية الشورى" تواصل دراسة مشروع قانون حقوق ذوي الإعاقة

 

مسقط- الرؤية

التقت اللجنة الصحية والاجتماعية بمجلس الشورى خلال اجتماعها، الاثنين، بعددٍ من أعضاء جمعية الأطفال ذوي الإعاقة في سلطنة عُمان والجمعية العُمانية للتوحد، وذلك ضمن سلسلة اللقاءات التي تعقدها اللجنة في إطار دراستها لمشروع قانون الأشخاص ذوي الإعاقة المحال من قبل الحكومة.

اللقاء الذي جمع أصحاب السعادة أعضاء اللجنة مع ممثلي جمعية الأطفال ذوي الإعاقة، جرى استعراض عددٍ من أحكام ومواد مشروع القانون، وأبدت الجمعية مرئياتها وملاحظاتها في عدة جوانب أبرزها ما يتعلق بالتقييم الشامل والتشخيص لذوي الإعاقة، ومراكز التأهيل التابعة للجمعية، وموضوع الدمج ومراكز الإرشاد ومسألة التمييز والتدخل المبكر.

وفي ذات السياق، استضافت اللجنة عددًا من المختصين بالجمعية العُمانية للتوحد لمناقشتهم والاستئناس بآرائهم وملاحظاتهم حول مشروع القانون، وتم خلال اللقاء استعراض سمات مرض التوحد وتشخيصه، ودور الجمعية في التعامل معه. هذا إضافة إلى استعراض المواد المتعلقة بالشق المتعلق بالجانب النفسي من مشروع القانون.

ويأتي مشروع القانون بديلًا عن القانون الساري في الوقت الحالي؛ وذلك انطلاقًا من دور سلطنة عُمان في دعم حقوق الإنسان، وترسيخ مبادئها الساعية نحو التنمية الشاملة في كافة الجوانب الاجتماعية لتشمل كافة فئات المجتمع بما فيها فئة الأشخاص ذوي الإعاقة. وتأتي مناقشة مشروع القانون عملًا بأحكام المادة (49) من قانون مجلس عُمان والتي تنص على أن تحال مشروعات القوانين من مجلس الوزراء إلى مجلس الشورى الذي يجب عليه البت في المشروع بإقراره أو تعديله خلال ثلاثة أشهر على الأكثر من تاريخ الإحالة إليه، ثم إحالته إلى مجلس الدولة الذي يجب عليه البت فيه بإقراره أو تعديله خلال خمسة وأربعين يومًا على الأكثر من تاريخ الإحالة إليه.

وعقد اللقاء ضمن الاجتماع الثالث من دور الانعقاد العادي الثاني (2024- 2025)، من الفترة العاشرة (2024- 2027) من عمر المجلس، وبرئاسة سعادة منصور بن زاهر الحجري رئيس اللجنة الصحية والاجتماعية وبحضور أصحاب السعادة أعضاء اللجنة.

مقالات مشابهة

  • زاهي حواس: المتحف المصري الكبير حديث العالم وأتمنى أن يكون أسطوريا يليق بمصر
  • "صحية الشورى" تواصل دراسة مشروع قانون حقوق ذوي الإعاقة
  • "صحية الشورى" تتدارس مع المختصين مشروع قانون حقوق "ذوي الإعاقة"
  • ما الحالات التي تنتفى فيها المسئولية الطبية بالقانون الجديد؟
  • الائتلاف الحكومي الإسرائيلي يُقرّر معاقبة بن غفير
  •  “قوانين الثورات” العدالة التي لا تُهزم
  • «زايد لأصحاب الهمم» توجّه بنشر رسالة الأخوّة الإنسانيّة
  • المسئولية العامة والمسئولية الطبية
  • زايد العليا لأصحاب الهمم تدعو في رسالة عالمية لتعزيز قيم الأخوّة الإنسانيّة
  • “زايد العليا لأصحاب الهمم” تدعو في رسالة عالمية لتعزيز قيم الأخوّة الإنسانيّة