أليس بينكم رجل رشيد؟.. بقلم: أ. د. بثينة شعبان
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
مأساة إنسانية غير مسبوقة تسبّب بها عدوان صهيوني مصمّم على حرب إبادة ضد شعب بأكمله كي يستعيد احتلاله الآثم للأرض والبحر.
أُجيل النظر فيمن نسميهم خطأً «قادة» من الولايات المتحدة إلى أوروبا إلى اجتماع الـ G7 في اليابان مؤخراً، باحثة عن أدنى شعور إنساني طبيعي يجب أن يعتريهم، ومتجاهلة حتى الصفات القيادية والسياسية ولكن فقط لأعود بخفيّ حنين، هل يعني تبوّؤ هذه المناصب السياسية العليا الانفصال عن الطبيعة البشرية السليمة؟ هل يعني ذلك انعدام الإحساس بنساء وأطفال ورجال يموتون بسبب نقص الأوكسجين والماء والدواء والغذاء أمام أعينهم ويسمعون صرخاتهم؟ كيف يمكن للتظاهرات أن تعمّ كل أرجاء الدنيا من دون أن تُسمِع هؤلاء القابعين في مكاتبهم مدّعين أنهم يمثلون شعوبهم والإنسانية منهم براء؟ أم أن لهم آذاناً لا يسمعون بها؟
هل يمكن لأعضاء برلمان في بريطانيا أن يصوّتوا ضد وقف إطلاق النار في غزة، حيثما كانت هذه النار؟ أوليس من واجبهم كعاملين مفترضين في السياسة أن يصوّتوا لوقف إطلاق النار وإيجاد الحلول؟ وهل يمكن لرئيس دولة أن ينسحب من جملة بسيطة أقل ما يمكن أن يقال: «اليوم المدنيون يُقصفون، هؤلاء الأطفال، هؤلاء النساء وكبار السن يتمّ قصفهم ويموتون»، حيث اضطرّ في اليوم التالي أن يتصل بقادة الاحتلال ويعتذر عمّا قاله ويعبّر عن دعمه للكيان الغاصب بالدفاع عن النفس؟ وهل يمكن أن دول الـ G7تخصص وقتاً للمفاضلة بين هدنة إنسانية وتوقف إنساني، وتنتهي إلى «توقف إنساني» لأنه أقصر من الهدنة؟! وهم أمام واقع تطهير عرقي واستباحة غير مسبوقة لحياة البشر والشجر والحجر والجرحى والأطفال الخدج وحديثي الولادة والأمهات؟
لقد برهنت حرب الإبادة التي يقوم بها الكيان الغاصب بدعم مطلق من الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا، أن كل ما يدّعيه الغرب من ديمقراطية وحرية وحقوق إنسان، كذبة كبيرة، وأن الهوّة كبيرة في بلدانهم بين الحكام والمحكومين، وأن لا صوت ولا رأي لشعوبهم في القرارات التي تتخذها الطغم الحاكمة، وأن حق التظاهر موجود ولكن لا قيمة عندهم للمتظاهرين ولا لأصواتهم مهما بلغ عددهم؛ فالمتظاهرون يصرخون والمسؤولون داخل قاعات اجتماعاتهم صمٌّ بكمٌ عميٌ يتخذون القرارات التي تحلو لمن يدفع لحملاتهم الانتخابية.
كما برهنت هذه الفترة المؤلمة أن الحركة الصهيونية لا تعبّر عن اليهود كلهم، وأن مئات الآلاف من اليهود قد برّؤوا أنفسهم ممّا يقوم به كيان الأبارتيد الصهيوني من جرائم حرب وإبادة، ولذلك فإن التعاون والتعاضد بين اليهود والمسلمين والمسيحيين لحماية إنسانية الإنسان يجب أن يكونا الطريق الواضح والسليم من الآن فصاعداً، بعيداً عن ابتزازات الكيان الصهيوني وادّعاءاته وخلطه المتعمّد والدائم بين اليهود والصهيونية وخاصة أن أصواتاً يهودية محترمة قد وقفت وقفة جريئة وعظيمة ضد إبادة الفلسطينيين في غزة والضفة وفي عموم فلسطين، وأيضاً توضحت حقيقة أخرى بالأهمية نفسها وهي أن ليس كل الصهاينة يهوداً بل منهم مسيحيون صهاينة ومسلمون صهاينة وهندوس صهاينة متخفون، وبعضهم يعلن صهيونيته ويبارك إبادة عشرات الآلاف من عرب غزة بالقصف الجوي الأهوج.
لقد برهن الضمير العالمي أنه يفهم حقيقة الأمور كما هي، على الرغم من كل محاولات التشويه في الإعلام الغربي الذي تتحكم فيه الأموال الصهيونية، حيث انتفض هذا الضمير في كل قارات الأرض دعماً للشعب الفلسطيني وحقه المشروع في العيش على أرضه بسلام وحرية وسيادة، وعبّر عن رفضه القاطع للاحتلال الصهيوني لفلسطين ودعمه لحرية فلسطين والشعب الفلسطيني، وهذا الأمر قد وضع القضية الفلسطينية، حيث تستحق، في صدارة الاهتمام العالمي وفي أولوية القضايا السياسية والتحرّرية في العالم، ولم تعد قضية عربية أو إسلامية فقط وإنما هي قضية عالمية تماماً، كما كانت حركة التحرّر في جنوب إفريقيا قضية عالمية تبناها العالم برمّته قبل القضاء على الحكم العنصري في جنوب إفريقيا.
لقد فنّد هذا الضمير العالمي وبسهولة ويُسر، كل الدعايات المزيّفة للصهيونية وحلفائها، ورفض أكاذيبهم واتهاماتهم المقاومة بالإرهاب، ووقف بكل جرأة وقناعة إلى جانب المقاومة وانتصر لها لأنه رأى بأمّ عينه أن ما تمارسه قوات الاحتلال الغاشم من قتل وجرائم حرب وانتهاك لكل الحرمات، هو الإرهاب بعينه، وأن حركات المقاومة في كل مكان هي ردّة فعل طبيعية على الاحتلال والقهر والظلم والإرهاب، فقبل العدوان الإسرائيلي الغاشم على لبنان في العام 1982 لم يكن في لبنان حزب اسمه حزب الله، لكنّ هذا الحزب تكوّن وتشكّل لتحرير أرضه وإرادته وشعبه ولإطلاق الأسرى اللبنانيين من المعتقلات الصهيونية الغاشمة التي أقامها العدو الصهيوني على أرض لبنان، ومنطق التاريخ يَعِد كل المحتلّين بمقاومة تعيدهم من حيث أتوا عاجلاً أم آجلاً كما حدث في الجزائر وفيتنام وجنوب إفريقيا وغيرها، وهذا حق مشروع للشعوب تصونه كل المواثيق والأعراف الدولية، فإذا كان الغرب يرفض إلى حدّ اليوم تعريف الإرهاب، فإن العدوان الإسرائيلي السافر والمستمر على فلسطين هو تجسيد حيّ للإرهاب والقتل والظلم واستباحة حياة البشر، فقط لأنهم يحاولون العيش على أرضهم بسلام وحرية وكرامة.
إنّ حرب الإبادة التي ترتكبها الصهيونية، نجم عنها دروس ودروس سنستغرق سنوات في تدوينها وتفنيدها وتصنيفها في التاريخ العالمي، فقد برهنت أن حكومات الغرب برمّته لا تقيم وزناً لقوانين إنسانية ومنظمات أممية، وأن مهزلة مقولة «حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها» ستكون وصمة عار حقيقية في تاريخهم، وحرب الإبادة هذه تبيد بالإضافة إلى البشر الثقافة والمكتبات والتاريخ والأعراف والعادات والتقاليد، تماماً كما فعل الأميركيون بسكان أميركا الأصليين، والأستراليون بالأبورجينز، ومن النزر اليسير الذي تبقى من هاتين الحضارتين أدركنا أنهما حضارتا ثقافة وفنون وروحانيات وانسجام مطلق مع الطبيعة والحكمة والفطرة السليمة.
علّ هذه الدروس مجتمعة أعطت السكينة والكِبَر للرئيس الصيني شي جين بينغ في لقائه الرئيس الأميركي جو بايدن حين قال لمضيفه: «إن الصين لن تتبع المسار القديم للاستعمار والنهب، ولن تتبع المسار الخاطئ للهيمنة عندما يصبح بلد ما قوياً»، ودعا مضيفه أن يكفّ عن تسليح تايوان لأن الصين ستحقق التوحيد: «هذا أمر حتمي».
لا شك أن الرئيس شي الذي تابع الوحشية الأميركية الصهيونية في فلسطين، والذي عبّرت بلاده عن دعمها للفلسطينيين، يعلم علم اليقين أن هذا التوحش الصهيوني الغربي مصيره الإفلاس والخسارة، وأن المسار الذي تتبعه الصين؛ المسار التشاركي الإنساني والبعيد عن الهيمنة والمؤمن باحترام الآخرين وعدم التدخل في شؤونهم، هو الذي سوف ينتصر حكماً في نهاية المطاف.
الصين تبني وتعمل وتنتظر، أما نحن الذين يتكالب الطامعون على أرضنا وتاريخنا ومقدّراتنا فعلينا أن نمحّص ما يجري لأهلنا في فلسطين ونستخلص العِبَر ونُسرعَ الخُطا في بناء الذات وتحصين الأوطان آخذين في الحسبان كل الدروس المستفادة الإقليمية والدولية منها.
جريدة الوطن السورية
أ. د. بثينة شعبان 2023-11-20Zeinaسابق تركيب تجهيزات كهربائية لمحطة ضخ مياه الثعلة بالسويداء انظر ايضاً عتبات غير مسبوقة.. بقلم: أ. د. بثينة شعبانمنذ بدء العدوان الإسرائيلي على غزة أوائل الشهر الماضي ونحن نسجّل كل يوم عتبة غير …
آخر الأخبار 2023-11-20المقاومة الفلسطينية: دماء أطفال غزة ستبقى شاهدة على إجرام الاحتلال النازي 2023-11-20المقاومة اللبنانية تستهدف بالأسلحة المناسبة قوة مشاة للعدو الإسرائيلي في تلة الكرنتينا قرب موقع “حدب يارون” 2023-11-20في يومهم العالمي… (5) آلاف طفل فلسطيني شهيد منذ بدء العدوان على غزة 2023-11-20عشرات الشهداء وقصف مستشفى الأندونيسي في اليوم الـ 45 للعدوان على غزة 2023-11-20المقاومة اللبنانية: مقاتلونا استهدفوا صباح اليوم ثكنة زبدين للعدو الإسرائيلي في مزارع شبعا اللبنانية المحتلة بالأسلحة المناسبة وحققوا فيها إصابات مباشرة 2023-11-20توزيع مساعدات مقدمة من روسيا الاتحادية بريف اللاذقية 2023-11-20وسائل إعلام فلسطينية: شهداء وجرحى جراء قصف طيران الاحتلال الإسرائيلي منزلاً في رفح جنوب قطاع غزة 2023-11-20ارتفاع طفيف بأسعار الذهب 2023-11-20منصور: إرهاب الاحتلال الإسرائيلي في غزة إهانة للإنسانية وعلى المجتمع الدولي وقفه 2023-11-20فلاحو درعا: الأمطار الحالية مبشرة ومفيدة للبدء بزراعة القمح ومساحات إضافية بالشعير
مراسيم وقوانين الرئيس الأسد يصدر مرسوماً بمنح عفو عام عن الجرائم المرتكبة قبل تاريخ 16/ 11/ 2023 2023-11-16 الرئيس الأسد يصدر قانوناً يقضي بتعديل بعض مواد قانون شركات الحماية والحراسة الخاصة 2023-11-08 قانون بإلزامية اعتماد الحسابات المصرفية لاستيفاء المطالبات المالية لأصحاب المهن والنشاطات 2023-11-08الأحداث على حقيقتها وحدات من قواتنا المسلحة تسقط طائرات مسيرة للإرهابيين في أرياف حماة وإدلب وحلب 2023-11-13 قواتنا المسلحة توجه ضربات مركزة على مقرات الإرهابيين في ريف إدلب والبادية وتقضي على العشرات منهم وتدمر مقراتهم 2023-11-09صور من سورية منوعات روسيا تطلق قمراً صناعياً صغيراً لدراسة الأمن السيبراني للأجهزة الفضائية 2023-11-19 اكتشافات أثرية جديدة تعود للعصر الحجري جنوب غرب الصين 2023-11-19فرص عمل السورية للاتصالات تعلن حاجتها للتعاقد مع مواطنين لملء شواغر وظيفية لديها 2023-11-19 قوائم جديدة لتوظيف 56 شخصاً من ذوي الشهداء 2023-10-17الصحافة أليس بينكم رجل رشيد؟.. بقلم: أ. د. بثينة شعبان 2023-11-20 مجمع الشفاء الطبي والبحث الصهيوني عن نصر مفقود.. بقلم: جمال ظريفة 2023-11-18حدث في مثل هذا اليوم 2023-11-2020 تشرين الثاني 1935- استشهاد المجاهد السوري عز الدين القسام بعد أن قامت القوات البريطانية بتطويق بلدة يعبد في فلسطين 2023-11-1919 تشرين الثاني 2013- تفجير انتحاري إرهابي يستهدف السفارة الإيرانية في بيروت 2023-11-1818 تشرين الثاني 1866 – تأسيس الكلية السورية البروتستانتية في بيروت 2023-11-1717 تشرين الثاني 1970 – دوغلاس إنجلبرت يحصل على براءة اختراع فأرة الكومبيوتر 2023-11-1616 تشرين الثاني 1970- قيام الحركة التصحيحية بقيادة القائد المؤسس حافظ الأسد 2023-11-1515 تشرين الثاني 1920-عقد أول اجتماع لعصبة الأمم في جنيف
مواقع صديقة | أسعار العملات | رسائل سانا | هيئة التحرير | اتصل بنا | للإعلان على موقعنا |
المصدر: الوكالة العربية السورية للأنباء
كلمات دلالية: تشرین الثانی
إقرأ أيضاً:
فلسطين: إصابة شاب برصاص الاحتلال واعتقال طفلين في نابلس والقدس
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
أصيب شاب فلسطيني، اليوم الثلاثاء، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي، كما اعتقلت قوات الاحتلال طفلين في نابلس والقدس.
وأفادت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني - وفقا لما نقلته وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) - بأن طواقمها تعاملت مع إصابة لشاب بالرصاص الحي في الفخذ خلال مواجهات مع قوات الاحتلال في بلدة بيت فوريك شرق نابلس.
ونقلت (وفا) عن مصادر محلية قولها إن قوات الاحتلال اقتحمت بلدة تل بجنوب غرب نابلس وسط إطلاق للنار، ما أدى إلى اندلاع مواجهات في المنطقة، واعتقال طفل عقب الاعتداء عليه بالضرب.
وفي القدس، اقتحمت قوات الاحتلال بلدة حزما شمال شرق القدس المحتلة، واعتقلت الطفل عبد الله أيمن سالم موسى بعد اقتحام منزله، وسط إطلاق قنابل الغاز السام تجاه المواطنين وممتلكاتهم. كما اندلعت مواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والمواطنين في بلدة أبو ديس شرق القدس المحتلة.
وذكرت (وفا) أن 3 دوريات تابعة لجيش الاحتلال اقتحمت البلدة وسط إطلاق كثيف لقنابل الغاز والصوت تجاه المحلات التجارية في البلدة، واندلعت مواجهات مع الشبان الذين ردوا بإلقاء الحجارة.
وأضافت أن قوات الاحتلال انسحبت من وسط البلدة وتمركزت عند مدخل جامعة أبو ديس قرب جدار الفصل العنصري الذي يفصل البلدة عن مدينة القدس المحتلة.