أسرار وضع مناوي وجبريل لكل رهاناتهما على البرهان
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
بعد ثمانية أشهر، رتعا فيا حول حمى الحرب، سقط زعيم حركة العدل والمساواة جبريل إبراهيم، ورئيس حركة تحرير السودان، مني أركو مناوي، في شراك الحرب المدمرة.
الخرطوم _ التغيير
بينما كانت مجالس المدينة تضج بتصريحات عن اقتراب حركات بارزة موقعة على اتفاق جوبا للسلام (أكتوبر 2020) من مبارحة خانة الحياد، والانحياز إلى قوات الدعم السريع في المواجهة العسكرية الجارية منذ (أبريل) الماضي؛ خرج جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي ليؤكدا الجزئية الأولى الخاصة بالانخراط في معسكر الحرب، ويخالفا الثانية بإعلانهما الوقوف في خندق الجيش مقابل الدعم السريع.
وأسس جبريل ومناوي اللذان آثرا في وقت سابق مناصرة انقلاب قائد الجيش على الحكومة الانتقالية بقيادة المدنيين، أسسا مناصرتهما للجيش، بهدف وضع حد للانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ضد المدنيين في دارفور، ولقطع الطريق أمام السيناريو الهادف إلى تفتيت وتمزيق السودان.
وخلال فترة الحرب، لُطخت صحيفة الدعم السريع بكثير من الفظائع التي أثارت حفيظة منظمات أممية رفيعة، كما نال الجيش كفله من الاتهامات وإن كان ذلك بشكل أقل حدة.
وأدت الحرب الجارية في السودان، إلى مقتل ما يزيد عن 9 آلاف، وتشريد 7.5 مليون شخصاً عن منازلهم، بينما يمنح تدمير جسرين رئيسين في الخرطوم مؤخراً ملمحاً صغيراً لحالة الخراب التي طالت البنية التحتية.
لكن المخيف في استمرار الحرب، هو ارتفاع الأصوات المطالبة بانفصال إقليم دارفور، تارة يكون أصحاب الصوت هم أهل الإقليم الشاكين من ظلامات الحكم المركز أو كما يقول الدعم السريع (دولة 56)، بينما ينبعث الصوت تارة أخرى من بقية أهالي الأقاليم القائل بعضهم إن ذهاب دارفور مساوي لعودة الاستقرار وانتهاء عهد الجيوش والمليشيات وجنرالات الحرب.
خيار الحربدفع موقف جبريل ومناوي بكثير من التساؤلات المتعلقة عن سر التوقيت وخافي الأسباب أو بعبارة أخرى ما لم يقولاه للناس والإعلام.
ويرى المحلل السياسي مبارك السر لـ(التغيير)، إن موقف الرجلين متأسس على شخصيتهما البراغماتية النزاعة إلى حب السلطة.
وقال لـ(التغيير) إن مناوي وجبريل طوال تاريخهما استهدفا السلطة والثروة، حتى إبان حروبهما ضد المخلوع البشير لم يمانعا الالتحاق بنظامه في حال وجدا الوضع الملائم، أسوة بما فعله مناوي الحاصل على منصب مساعد البشير في القصر الرئاسي لعدة سنوات.
وإذ أن الرجلين ساندا انقلاب البرهان، وتزعما الفصيل المناهض للاتفاق الإطاري الذي يعيد العسكر إلى ثكناتهم؛ فإن السر يقول إن مناوي وجبريل باتا يخشيان من أن يتحول سخط قائد الانقلاب، الجنرال عبد الفتاح البرهان من موقفهما المحايد في حرب ضد سلطته التي يشغلان فيها مناصب رفيعة (حاكم دارفور ووزير المالية)؛ قد يتحول إلى فعل عملي يطيح بهما من المنصب.
بالتالي يذهب السر إلى أن دخول العدل والمساواة وتحرير السودان إلى معترك الحرب، مرده تعرضهما لضغوطات شديدة من العسكر، ملخوطاً بطمعهما في وضع قدم في السلطة المقبلة.
لكن هذا التفسير يختلف معه الباحث السياسي، إدريس سعد الدين، إذ يرى أن دخول الرجلين للحرب، نابع من خشيتهما من الإزاحة من كامل المشهد لصالح قوات الدعم السريع.
يقول سعد الدين لـ(التغيير) إن الدعم السريع يتحول بشكل تدريجي ليكون القوة الأبرز في المشهد الدارفوري بعد سيطرة قواته على معظم الإقليم، بما في ذلك مناطق نفوذ مناوي وجبريل، وسيمثل سقوط الفاشر المحاصرة، سقوط أخر المعاقل الرئيسة للحركتين.
ويضيف: تحركات الدعم السريع، وسيطرته على الوضع الميداني والممرات الإنسانية، يجعل من اتفاق جوبا للسلام غير فعال على الأرض، ما يعني تقليل فرص موقعيه في أي معادلات سلطوية مقبلة.
قيمة الإعلانعن قيمة إعلان مناوي وجبريل في سوق الحرب الرائجة، يقول مبارك السر، إنه موقف يسعر القتال ويزيد من تطاول الأزمة ليس إلا.
ويؤكد بأن الجيش الذي أبدى قادته مرونة في آخر جولات التفاوض في جدة السعودية، قد يتعرضوا إلى ضغوط مع الإسلاميين والصقور بدعوى حدوث تغيير يرجح خيار الحسم العسكري على بقية الحلول.
أما إدريس سعد الدين، فيعتقد أن الأمور ذاهبة إلى الانحدار المخيف، فمع قرب استيلاء الدعم السريع على دارفور، لم يخفْ أسفه مما وصفه دنو سيناريو حقبة الجنجويد، والحروب الأهلية الشاملة بين العرب الذين يحمل لوائهم آل دقلو، والأفارقة بزعامة الحركات المسلحة.
وتابع: على عكس ما يقوله مناوي وجبريل، ستنزلق الأوضاع إلى حرب أهلية تزيد من معدل الانتهاكات، وترقى بفرص تفتيت السودان إلى مراحل مخيفة.
الموقف العسكريما الذي تملكه حركتا جبريل ومناوي من مقومات عسكرية تؤهلهما للانخراط في الحرب.
تتكئ الحركتان بشكل رئيس على قواتهما المشاركة في القوة المشتركة لحماية المدنيين في دارفور بمعية حركات أخرى، إلى جانب أشتات قوة لمناوي ما تزال رابضة في ليبيا، علاوة على ما جرى من عمليات ترميم داخلهما بعد اتفاق السلام إثر عمليات التجنيد الكثيفة عوضاً عن التسريح وإعادة الدمج.
ويعتقد إدريس سعد الدين، يعتقد أن الرجلين لم يوفقا في قرارهما الأخير، بإغفالهما لنقاط جوهرية، أبرزها استمرار حركات ذات ثقل عسكري موقعة على اتفاق جوبا في موقف الحياد، زد على ذلك معاناة هذه الحركات من انشقاقات وتصدعات داخلية مقلقة، وليس نهاية بحالة الضعف التي تعتري قواتها من جراء القتال لفترات طويلة دون فسحة للتوقف.
وختم بضرورة إجالة النظر في مواقف جوار الإقليم، حيث فقدت هذه الحركات لظهيرها الخارجي، على قوات الدعم السريع التي باتت أكثر قرباً من بلاط السلطة التشادية، ومن فصيل الجنرال خليفة حفتر في ليبيا.
ويلزمنا قبل مغادرة تلك الخانة، الإشارة إلى أن مناوي وجبريل يعولان بلا أدنى شك في موقفهما الأخير، على نصرة المكونات الأهلية التي تعرضت لحملات استهداف من قبل عناصر الدعم السريع، وهو خيار وإن عنى كثرة الحشد والأنصار، فإنه يستتبع بالضرورة إمكانية حدوث الحرب الأهلية الشاملة، أو حرب الكل ضد الكل.
المصيربعدما وضعا كل بيضهما في سلة الجيش، فما هو مصير مناوي وجبريل؟
على ذات السؤال، ستتأسس الإجابة بأن مصيرهما رهين بنتائج المعركة الجارية، فإن انتصر الجيش فهو الربح والسلطة، وإن خسر فسيكون ذلك بمثابة نسف لأحلامهما بصورة غير قابلة للاستدعاء مجدداً، وإن انتهى كل شي على طاولات التفاوض، فلن ينسى السودانيون مواقف الرجلين التي لطالما وقفت حائط صد لأحلامهم في الحرية والديموقراطية.
الوسومالبرهان مسار دارفور مناوي وجبريلالمصدر: صحيفة التغيير السودانية
كلمات دلالية: البرهان مسار دارفور مناوي وجبريل
إقرأ أيضاً:
عقار: لن نسمح بالإستعمار الجديد والاحزاب حرضت الدعم السريع على الحرب
أكد نائب رئيس مجلس السيادة الإنتقالي مالك عقار اننا لن نسمح بالاستعمار الجديد والسودان سيظل للسودانيين دون اقصاء او تهميش. وقال خلال الجلسة الختامية لتنسيقية القوى الوطنية يوم الاثنين بحاضرة ولاية البحر الأحمر مدينة بورتسودان، ان الفترة الإنتقالية سخرت شعار ثورة ديسمبر لاهداف شخصية مصحوبة بالعمالة للخارج والمكايدات الاثنية دون أي إهتمام بخدمة قضايا المواطنين مشيرا الى أن الأحزاب السياسية تعد شريك اصيل في الفشل وانها عملت على تحريض مليشيا الدعم السريع وصولا بالبلاد لمربع الحرب. ودعا عقار لانتهاج منهج علمي لتأسيس الدولة السودانية ومحاربة الخلل الهيكلي وتأسيس دستور يعنى بقضايا المواطنة وقسمة الثروة والسلطة . وطالب نائب رئيس مجلس السيادة تنسيقية القوى الوطنية بمحاربة التشاكس وفق رؤية متفق عليها ، مبينا ان السودان يمر بكارثة يصعب تجاوزها حال رفض الاخر من جانبه ثمن والي البحر الاحمر الفريق الركن مصطفى محمد نور دور تنسيقية القوى الوطنية في دعم القوات المسلحة وجمع الصف الوطني مؤكدا مساندته للتنسيقية وصولا بالبلاد لبر الامان. سونا إنضم لقناة النيلين على واتساب