لماذا لا يُمكن لـحزب الله التقيّد بالقرار 1701؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
ساهم القرار1701 في إنهاء الحرب بين "حزب الله" وإسرائيل عام 2006، وفي استقرار المنطقة الجنوبيّة حتّى 7 تشرين الأوّل 2023. وبعد 17 عاماً على إقرار الأمم المتّحدة للقرار، عادت المعارك بين "المقاومة الإسلاميّة" والعدوّ الإسرائيليّ، بعد عمليّة "طوفان الأقصى". وقد سارع الموفد الأميركي آموس هوكشتاين، بالإضافة إلى سفراء الدول الغربيّة، وممثلة الأمين العام للأمم المتّحدة في لبنان يوانا فرونتسكا، للتشديد على المسؤولين اللبنانيين، على ضرورة إحترام القرارات الدوليّة، وفي مقدمتها الـ1701، لتحييد البلاد عن الصراع الدائر بين الفلسطينيين والإسرائيليين في غزة، وعدم إتّساع رقعة الحرب إلى لبنان.
وبعد امتداد المعارك في قطاع غزة إلى جنوب لبنان، واشتداد القصف المتبادل بين "حزب الله" وإسرائيل، تُطرح العديد من الأسئلة عن فاعلية القرار 1701، ومدى تأثيره على طرفيّ النزاع: "المقاومة" في لبنان والعدوّ الإسرائيليّ. والثابت الوحيد وفق مراقبين، أنّ لبنان الرسميّ يدعو إلى تطبيق القرار الأمميّ، والتمسّك ببنوده، لكن "الحزب" دخل في المعارك الدائرة في غزة، لأنّه ينتمي إلى محور "ممانع" يمتدّ من إيران، وصولاً إلى اليمن والعراق وسوريا ولبنان وفلسطين.
وفي هذا السياق، فإنّ "حزب الله" لا يلتزم بهذا القرار الدوليّ، لأنّ ما يحصل في المنطقة من محاولة لإنهاء حركة "حماس"، يُشكّل خطراً عليه، وعلى مشروع ونفوذ إيران في الشرق الأوسط. وتجدر الإشارة في هذا الإطار، إلى أنّ حارة حريك أيّدت إتّفاق بعبدا الشهير، في ولاية الرئيس السابق ميشال سليمان، بشأن تحييد لبنان عن الصراعات والحروب في دول الجوار، وخرجت لاحقاً عنه، ودخلت بكلّ قوّتها في الحرب في سوريا، لأنّ الرئيس بشار الأسد جزء من محور "المقاومة"، وسقوطه كان سيعني إضعاف القوى "الممانعة" على حساب أميركا وإسرائيل.
ويُشير المراقبون إلى أنّ "حزب الله" وافق على القرار 1701 عام 2006، لإنهاء الحرب مع إسرائيل، بعدما تكبّد لبنان خسائر كبيرة في بنيته التحتيّة، واستشهد العديد من المواطنين، وفقد آخرون منازلهم وأرزاقهم. ويوضح المراقبون أنّ "الحزب" حافظ على الإستقرار لمدّة 17 عاماً، لأنّه كان يزيد من قوّته العسكريّة، ويتجهّز بالأسلحة والصواريخ والتقنيات المتطوّرة طوال هذه السنوات، للإستعداد لأيّ طارىء مع العدوّ. وما شهدته الحدود الجنوبيّة بعد 7 تشرين الأوّل، يدلّ على أنّ "المقاومة" زادت من خبرتها بشكل لافت، فأدخلت أسلحة جديدة على المعارك، منها صاروخ "بركان" والمسيّرات الإنتحاريّة المُحمّلة بالمتفجرات، إضافة إلى الصواريخ المضادة للسفن، والتي هدّد فيها السيّد حسن نصرالله سفن وحاملات طائرات الولايات المتّحدة الأميركيّة.
ويلفت المراقبون إلى أنّ "حزب الله" لا يُمكن أنّ يتقيّد بالقرارات الداخليّة والدوليّة، طالما أنّها تحدّ من قدرته في التحرّك عسكريّاً في لبنان والمنطقة. وهذا الأمر ينسحب على العدوّ الإسرائيليّ أيضاً، الذي كلما دعت مصالحه لضرب أهداف داخل العمق السوريّ، يخرق الأجواء اللبنانيّة، علماً أنّ الطائرات الحربيّة والإستطلاعيّة المعاديّة، وحتّى الزوارق الإسرائيليّة، تقوم بخرق الحدود اللبنانيّة.
والجدير بالذكر أنّ لبنان الرسميّ يتقدّم بشكاوى لدى مجلس الأمن الدوليّ، ويُوثّق كلّ خرقٍ إسرائيليّ للسيادة اللبنانيّة، ولكن الدول الأعضاء في الأمم المتّحدة، لا يُدينون أو يضعون حدّاً للإنتهاكات الإسرائيليّة، لأنّ بحسب المراقبين، إسرائيل تستهدف مواقع أساسيّة في سوريا، عندما تُغير طائراتها من سماء لبنان، وهذه الأهداف إيرانيّة أو لـ"حزب الله"، وتُشكّل خطراً على أميركا وحلفائها في المنطقة، لذا، لا تمتعض الدول الغربيّة من الخروقات الإسرائيليّة، إذ إنّها بغالبيتها وضعت عقوبات على سوريا، للتضييق على الرئيس الأسد.
ويقول المراقبون في هذا الإطار، إنّ الغرب يُريد فقط من لبنان و"حزب الله" الإلتزام بالـ1701، فيما الدولة اللبنانيّة والمعارضون لـ"الحزب" هم الذين يُنادون بتطبيق القرار، لتحييد البلاد عن الصراعات في المنطقة. ويختم المراقبون أنّ قيادة "الحزب" لا تستطيع إحترام أيّ قرار، طالما أنّ مصيرها مرتبط بإيران، وبالصراعات الدائرة في العراق واليمن وسوريا وفلسطين. المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: اللبنانی ة حزب الله المت حدة
إقرأ أيضاً:
لماذا لن يحكم الجيش من جديد؟
هذا ليس نقاشاُ حول نشأة قوات دفاع السودان و ليس تتبعاً لعلاقة الجيش بااسلطة في السنوات منذ 1948م إلي يومنا هذا. منذ تلك الفنترة تكونت ثلاث حكومات إنقلابية قادها قادة الجيش السوداني: الفريق ابراهيم عبود من 1958م – 1964م و المشير جعفر نميري 1969-1985م و المشير عمر البشير 1989م-2019م هذا غير الشراكة في الفترات الإنتقالية 1985م -1986م و الفترة الحالية للفريق البرهان و الفريق غير الخريج من الكلية الحربية محمد حمدان دقلو قأئد مليشيا عرب دارفور و كردفان تحت مسميات الجنجويد و الدعم السريع و غيرهم، لا تنسوا أن في قيادة الدعم السريع ضباط منتدبون من الجيش و الأجهزة الأمنية.
الجديد في حرب 15 أبريل 2023م هو شموليتها لتقريبا جميع أقاليم السودان بدرجات متفاوتة من الفظاعة و التهديد لحياة المواطنين العزّل. حرب 15 أبريل يمكن أن نصفها بالحرب الشاملة و لقد تسبب في هذه الحرب مجموعة العسكريين التابعين للأخوان المسلمون تحت قيادة الترابي و علي عثمان و غيرهم إلي علي كرتي ممن هم في الجيش الآن. لم يعد خافيا علي أحد عمليات التجنيد الإنتقائي لضباط الجيش حيث غلب علي معظم جريجي الكلية الحربية منذ عام 1989م عناصر الأخوان المسلمين و لم يكتف الأخوان المسلمين بذلك، بل نتيجة لخوفهم من الجيش أسسوا عددا من المليشيات كان من ضمنها مليشيا بقيادة حميدتي و موسي هلال و علي كوشيب و غيرهم أطلق عليها عليها أخيرا قوات الدعم السريع و صدر قانون ينظم تبعيتها لجهاز الأمن أو لقيادة الجيش . بدأت إجراءات تنظيم و شرعنة وجود قوات السريع منذ عام 2013م إلي أن صدر قانون بشأنها من برلمان الأخوان المسلمين في 2017م.
حرب 15 أبريل تميّزت بالإنتهاكات الجسيمة التي ترقي لجرأئم الحرب و الجرائم ضد الإنسانية و جرائم الإبادة الجماعية، و معلوم لدينا جميعا بالأدلة الدامغة تورط طرفا الحرب في هذه الإنتهاكات فكما أرتكبت الدعم أنتهاكات بدوية و بربرية متوحشة فعل الجيش مثلها و كأمثلة فقط علينا أن نتذكر التقارير الإخبارية عن مذابح ضد المدنين يركتهبا الطرف الذي يسيطر علي المدينة أو القرية التي ينسحب أو ينهزم فيها الطرف الآخر كما تم في الجنينة و في الجزيرة و أم روابة و الخرطوم.
شمولية الحرب تعني إتساع قاعدة الضحايا من المدنيين حيث تميزت الحرب بالكوارث الإنسانية القياسية في عدد القتلي و النازحين و اللاجئين و أعداد الجرحي و أعداد المغتصبات و ضحايا الإسترقاق الجنسي. أوصل الجيش السوداني و المليشيات التي صنعها رسالة قمع و وحشية و انتهاك إلي أي مواطن سوداني في أي قرية أو مدينة في عموم البلاد. لقد تجرع السودانيون سموم سيطرة الجيش علي السلطة فردا فردا.
لفهم هذا الأثر سأسرد حكاية كنت طرفا فيها. في السنوات من 1990م- إلي 1995م كنت في قيادة الجبهة الديمقراطية للطلاب السودانيين و كنت أيضا في قيادة الجبهة الديمقراطية بجامعة الخرطوم. في بداية التسعينات كنت أوصل رسالة القيادة لبعض كوادر الخطابة للكلام في أركان النقاش و كنت أنتظر في ركن النقاش لأتابع إيصال الزملاء المحددين للرسالة السياسية و التنظيمية. كان طلاب جامعة الخرطوم يضحكون مع الأخوان المسلمين ساخرين من أكاذيب الجبهة الديمقراطية حول بيوت الأشباح و التعذيب و القتل الذي طال القيادات الحزبية و النقابية من التنظيمات في معارضة لنظام حكم الأخوان. كان الطلّاب يسخرون. كان أن نظمت أدارة جامعة حفل تخريج للطلاب أستضافت فيه الربير محمد صالح لتشريف الإحتفال . هتف الطلاب ضد عساكر الجبهة الإسلامية حينها بالقول يا خرطوم إشتعلي إشتعلي خلي عساكر الجبهة تولي. يا خرطوم ثوري ثوري ضد الحكم الديكتاتوري و غيرها من الهتافات التي كنا نصوغها في نوعٍ من ورش الإبداع الخطابي و الدعائي. المهم أضطر جهاز أمن النظام لإعتقال أعداد مهولة من الطلاب تم أخذهم لمواقع التعذيب بالبصات السياحية. بعده إنتشرت أخبار التعذيب و التنكيل بالخصوم السياسيين في عموم الوطن ناهيك عن الجامعات السودانية. كنت كثيرا ما أقول تلك الأيام "اللهم لا تدخلنا في التجربة" لكن فيما يبدو أننا كسودانيين نحتاج للتجارب في لحمنا و دمنا و كل عزيز لدينا و في ممتلكاتنا لنفهم الكارثة التي تحيق بأخوتنا في الوطن. لأنه فيما يبدو لم تكن التقايرير الواردة بكثافة عن إنتهاكات الجيش و جرائمه في مناطق النزاعات المسلحة في الجنوب، في جنوب كردفان، في دارفورو جنوب النيل الأزرق كافية لتكوين درجة من الوعي ترفض وجود الجيش في السلطة أو مشاركته فيها و الدليل شراكة قحت لعساكر الأخوان المسلمون المجرمين كما تم في الفترة الإنتقالية الأخيرة.
بعد هذه الرسالة الفاجعة من الجيش لا أظن أن عاقلا سيقبل بوجود الجيش في حياتنا السياسة و لا سيقبل بسيطرة الجيش الأمنية و المليشيات علي إقتصاد الوطن. من هنا أعبّر عن تضامني غير المحدود مع كل من تمت شفشفة بيته و بيع سيارته المدمرة خردة عن طريق وزير المالية في بوتسودان ، و مع كل من أٌغتٌصٍبت قريبته و مع كل تم هدم بيته و مع كل فقد ممتلكاته. كامل التضامن مع مع ضحايا حرب الجيش المختطف عن طريق الإسلاميين و المليشات التي صعنها و ما زال يفعل.
طه جعفر الخليفة
اونتاريو- كندا
5 أبريل 2025م
taha.e.taha@gmail.com