لجريدة عمان:
2025-04-27@00:54:49 GMT

نظرية كل شيء (الجزء الثاني)

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

نظرية كل شيء (الجزء الثاني)

في مقالتنا السابقة تحدثنا عن المقصود من نظرية كل شيء، والتحدي الكبير الذي يواجه علماء الطبيعة، في محاولتهم الوصول إلى نظرية كل شيء، ولكن وعلى الرغم من كل تلك التحديات فإن العلماء حاولوا الوصول إلى نموذج أولي قائم على نظرية الكم بشكل أساسي ويظن عدد من العلماء أنه ومن خلاله يمكن الوصول إلى «نظرية كل شيء»، ويعد هذا النموذج الذي يطلق عليه النموذج القياسي لفيزياء الجسيمات هو النموذج المتوفر اليوم لنظرية كل شيء، وهذا ما سنتعرض له أولا، ومن ثم نطرح بعض التحديات التي تواجه هذا المعيار القياسي وبعدها نتناول نظريتين مرشحتين لتكونا نظرية كل شيء، وسنختم حديثنا في مقالة قادمة حول بعض الملاحظات حول هذه النظرية الهامة.

النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات

على الرغم من أن فكرة تكون المادة من ذرات تعود الى الحضارة اليونانية، إلا أن المفهوم الذري لم يأخذ مكانه في الوسط العلمي إلا في القرن السادس عشر عندما طرحه العالم دالتون، ولم يتم التحقق من صحته إلا قبل حوالي قرن من الزمن، وتبين لنا في تلك الفترة أيضا بأن الذرة ليست كما كنا نظنها مصمتة، بل هي عالم من جسيمات صغيرة، إذ تتألف من نواة تحتوي على بروتونات ونيترونات في داخلها، بينما تدور الإلكترونات حول النواة، واعتقد الكثيرون بأن هذه الجسيمات هي جسيمات أساسية، ونقصد بأنها جسيمات أساسية بأنها أصغر أشكال المادة ولا يمكن تفتيتها إلى ما دون ذلك، ولكن ومع مرور الوقت ومع تطور أدوات البحث العلمي، تبين لنا بأن البروتونات والنيترونات ليست جسيمات أساسية بل هي جسيمات تتكون من جسيمات أخرى أساسية، فلقد اتضح لنا أنهما يتكونان من جسيمات أبسط تدعى الكوارك، وأن هناك ستة أنواع من الكوارك، لكن الغريب في الأمر أن المادة المرئية التي نتعامل معها في حياتنا اليومية إنما تتكون من صنفين من الكوارك فقط، أما الأربعة الأخرى فلا نجدها تتواجد في أي جزء من أجزاء المادة المرئية.

وبالمقابل اتضح لنا أن الإلكترون جسيم أساسي لا يمكن تفتيته، ولكن الغريب في الأمر أن هناك خمسة جسيمات أخرى شبية به، جعلناها جميعا في مجموعة واحدة وأطلقنا عليها الليبتون، ومرة أخرى فإن المادة المرئية التي نتعامل معها يوميا تتكون من الإلكترون فقط.

كما أوضح البحث العلمي أن جميع الجسيمات الأساسية تتفاعل مع بعضها البعض عبر أربع قوى نظن بأنها تتحكم في المادة المرئية كلها، ولا توجد قوى أخرى غيرها، ويتم التفاعل بين الجسيمات الأساسية التي أشرنا لها عبر جسيمات أساسية أخرى وهي الجسيمات المسؤولة عن القوى الأربع، واتضح لنا أن مجموع الجسيمات المسؤولة عن القوى الأربع يصل إلى ستة، فجسيم مسؤول عن القوى النووية القوية وآخر مسؤول عن القوى الكهرومغناطيسية وهو الأكثر شهرة حيث يتكون منه الضوء ويسمى بالفوتون، أما القوى النووية الضعيفة فهناك ثلاثة جسيمات مسؤولة عنها تعرف بالبوسون.

كل هذه الجسيمات أمكننا اكتشافها والتحقق من وجودها، لكن التحدي ظل مع جسيم الجاذبية الذي يطلق عليه جرافيتون، وذلك لأننا لم نستطع الكشف عنه وإثبات وجوده بعد.

إن هذه القوى الأربع التي تم التعرف عليها تمثل إلى اليوم جميع القوى التي تؤثر في المادة المرئية، وبذلك لا توجد قوى خفية أخرى تؤثر في المادة، فهذه القوى الفيزيائية هي نفس القوى التي تؤثر في الكواكب والمجرات وتؤثر في كرتنا الأرضية بل وتؤثر بالكائنات الحية أيضا بدءا من وحيدة الخلية وانتهاء بالإنسان، لكن تأثير هذه القوى يعتمد على المسافة التي تفصل بين الجسيمات الأولية، فالقوى النووية الضعيفة منها والقوية مثلا يبرز أثرها عندما تكون المسافة صغيرة جدا بحيث يجب ألا تزيد عن قطر بروتون واحد، بينما قوة الجاذبية والقوة الكهرومغناطيسية فمداهما أكبر من ذلك بكثير، ولكن وبالمقابل تعد القوة النووية القوية أقوى القوى الأربع إذ إنها أقوى من الكهرومغناطيسية بحوالي مائة مرة.

وبذلك فإننا توصلنا إلى الجسيمات الأولية التي تكون كل شيء والقوى المؤثرة عليها، فهل اقتربنا من نظرية كل شيء وكم نبعد عن تحقيق الحلم؟

الواقع أن من يراجع النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات، يجد أننا بعيدون كل البعد حاليا من نظرية كل شيء، فعدد الأسئلة التي طرحها النموذج كثيرة وتحتاج إلى إجابات واضحة، ويبدو أننا لا نملك إجابات على أكثرها.

فإذا كانت المادة المرئية تتكون من صنفين من الكوارك وتتكون من الإلكترونات، فماذا عن بقية الجسيمات وما هو دورها؟ ولماذا تتواجد؟

إن الطموح في نظرية كل شيء لا يقتصر على توحيد القوى الأربع بل وتوحيد الجسيمات التي نعدها أولية إلى جسيم واحد!

تنبثق منه جميع الجسيمات، ولذا فان النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات بعيد كل البعد عن نظرية كل شيء، ومن هنا عمل العلماء على نظريات أخرى، وأبرز تلك النظريات هي نظرية الأوتار الفائقة، وهذا ما سنسلط عليه الضوء أولا.

نظرية الأوتار الفائقة

تعد نظرية الأوتار الفائقة من أهم النظريات التي طرحت كنظرية كل شيء، وهي قائمة على مفاهيم نظرية الكم ولكنها تفترض أن أصل المادة ليست هذه الجسيمات الأساسية التي اكتشفناها بل أصلها هو وتر رفيع جدا وغاية في الصغر لا يمكن مشاهدته حتى بأفضل المجاهر المعروفة لأن طوله ربما يكون طول بلانك والذي يقدر بـ ١٠ مرفوعا لسالب٣٣ سم، وهذا الوتر هو أصل كل أشكال المواد التي نعرفها، ويتحول إلى الجسيمات الأساسية من خلال الذبذبات المختلفة، فكل ذبذبة لها طاقة معينة تمثل جسيما أساسيا، ولذا فعند الذبذبة المعينة يتحول الوتر إلى ذلك الجسيم الأساسي الذي يحمل تلك الطاقة، فكما أن وتر الكمان عندما يطرق بذبذبة معينة يصدر صوتا معينا فكذلك هذا الوتر ينتج جسيما معينا عند ذبذبة معينة، فهناك علاقة طردية بين الذبذبة والطاقة الناتجة، وباستخدام معادلة آينشتاين الشهيرة التي تربط الطاقة بالكتلة، يمكننا تحويل الطاقة إلى كتلة الجسيم الأساسي.

حققت نظرية الأوتار الفائقة نجاحا نظريا، إذ استطاعت من خلال المعادلات الرياضية توحيد القوى الأربع كما أنها تصف الطبيعة على أبسط وأعمق مستوى لها، فلقد جمعت الجسيمات الأساسية في صورة واحدة، ولكن هذه النظرية قائمة على فرضية وتشكل أساس هذه النظرية، ويتمثل الفرض في أن هناك ١١ بعدا في الكون ولا تقتصر الأبعاد على أربعة كما نعرف (الطول، العرض، الارتفاع والزمن) وهو أمر صعب تصوره، وقد حاول الفيزيائيون طرح أمثلة تقريبية لسنا في صدد التعرض لها، لكن السؤال المهم الذي يطرح هو كيف يمكننا أن نتحقق من وجودها تجريبيا وكيف يمكننا تحويل هذه الأبعاد الأحد عشر إلى أربعة؟

تمكن العلماء من القيام بذلك نظريا باستخدام طرق رياضية معينة، وتبين أن التحول من أحد عشر بعدا إلى أربعة أبعاد ممكن، لكن هناك ما يقارب ١٠ مرفوعا لـ أس ٦٠٠ طريقة لذلك وكلها ممكنة!.

فلو قمنا وطبقنا ذلك على أصل الذرة الكونية حسب نظرية الانفجار العظيم، فإن هناك ما يقارب ١٠ مرفوعا لأس ٦٠٠ طريقة لتكون الكون وكل طريقة ستولد لنا كونا مختلفا، وهذا يعني أن هناك ملايين الملايين من الأكوان وليس كونا واحدا كما نتصور، وبهذا فإن فكرة الضبط الدقيق لكوننا لا معنى لها لأنه كون من ملايين الأكوان ولذا فإن ذلك يعزز الصدفة في الضبط الذي نشاهده، فكل كون من تلك الأكوان له قوانينه ونظمه.

لكن هذه النظرية تواجه تحديات جمة، فمن أهم شروط النظرية العلمية أن تكون قابلة للتحقق من صحتها، وكما نعلم أن التحقق من أي نظرية علمية في علوم الطبيعة إنما يتم عبر أحد أمرين أساسيين الأول الملاحظة، وهذا يعني أننا نلاحظ وجود هذه الأوتار، وهذا أمر لا يمكن التحقق منه بالوسائل المتاحة حاليا، ومن الصعب الجزم بتوفره في المستقبل وذلك لأننا نتحدث عن أبعاد غاية في الصغر.

حسنا، ماذا عن الأكوان الأخرى؟ ألا يمكننا الوصول إليها؟

والجواب، نعم لا يمكننا التواصل معها بأي صورة ممكنة، والسبب في ذلك أنها تبعد عنا مسافات خيالية لا يمكن بأي حال من الأحوال التواصل معها، بل لنا أن نتساءل، هل يمكننا بالفعل التواصل معها، وهي تملك قوانين ونظما مختلفة عن تلك التي تتحكم في كوننا؟! أما إذا تم التواصل معها مستقبلا -على سبيل الفرض-، فهذا يعني أنها ليست أكوان منفصلة بل هي جزء من كوننا، فلو كانت أكوانا منفصلة فكيف لنا أن نتواصل معها!

وهناك طريقة أخرى يمكننا استخدامها كمؤشر مهم للتحقق من صدق نظرية ما، وهو أن تتنبأ النظرية بعدد من الظواهر الطبيعية التي لم تكتشف بعد، أو تطرح تجربة عملية يمكن القيام بها في المختبر للتحقق من صدق نتائجها، لكن ذلك أيضا غير متحقق، فالنظرية تعمل في مجالين وهما الطاقات الفائقة والمسافات فائقة الصغر، وكلاهما غير متاح للتجربة العملية اليوم ولذا فلا وسيلة للتحقق من صدق ادعاءات هذه النظرية، ولذا فهذه النظرية تبقى في أفضل الحالات، فرضية علمية لأننا لا نملك وسيلة -على الأقل في الوقت الحالي- للتحقق من صحتها،

نظرية كم الجاذبية

النظرية الأخرى التي تطرح كنظرية كل شيء هي النظرية التي تعرف بـ كم الجاذبية، وفي هذه النظرية فإن الكون يتكون من وحدات غاية في الصغر (وحدة بلانك) وهذه الوحدات هي على شكل حلقات، والمكان والمادة بأكملهما هما نسيج لحلقات متراصة من هذه الوحدات الصغيرة، فأصل المادة في هذه النظرية هي هذه الوحدات الحلقية. وباستخدام هذه النظرية يمكننا توحيد قوى الجاذبية مع بقية القوى الثلاث، لكنها تبتلى بنفس التحديات التي واجهت نظرية الأوتار الفائقة، فلا توجد وسيلة تمكننا من التحقق من صحة هذه النظرية.

وهكذا نجد أن النظريتين الحاليتين المرشحتين لنظرية كل شيء ما زالت أقرب إلى كونها فرضيات علمية، لأنها تفتقر إلى أساس علمي مهم وهو إمكانية التحقق العملي من صحة الفروض التي تطرحها هذه الفرضيات، ومن التحقق مما تتنبأ به هاتان النظريتان.

لكن نظرية كل شيء كما قمنا بطرحها وشرحها، قائمة على أسس أولية هامة، لا يتم التعرض لها عادة، وهذا ما سنقوم به في الجزء الأخير من هذه السلسلة حول نظرية كل شيء.

أ. د. حيدر أحمد اللواتي/ كلية العلوم، جامعة السلطان قابوس

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: التواصل معها هذه النظریة التحقق من للتحقق من عن القوى تتکون من لا یمکن أن هناک لنا أن

إقرأ أيضاً:

الجزء الثالث : بالاسرار – حظر(جماعة الاخوان ) في الأردن أربكت العراق ودول اخرى !

بقلم : د. سمير عبيد ..

عاشرا :-رغم اتضاح المخطط الدولي لاجتثاث تنظيمات الاخوان المسلمين والحركات السنية الأخرى في منطقة الشرق الاوسط استعدادا للشرق الأوسط الجديد واستعدادا لولادة العالم الجديد .. وعلى التوازي مع مخطط اجتثاث تنظيمات الإسلام السياسي الشيعي في منطقة الشرق الأوسط ولنفس الاستعدادات . والمشروع الاول يستهدف نفوذ دولتي قطر وتركيا لأنهما الدولتان الراعيتان لتنظيمات الاخوان المسلمين والحركات السنية الأخرى في المنطقة والعالم . والمشروع الثاني يستهدف نفوذ ايران لانها الدولة الراعية لتنظيمات الاسلام السياسي الشيعي في الشرق الأوسط والعالم و بجميع فروعها .من هذا المنطلق انطلقت دولة قطر وتركيا بسرعة لقطع الطريق على هذا المخطط خصوصا عندما عززا نفوذهما في سوريا اخيرا. ولكن جاءت لهما الضربة القاصمة من الأردن من خلال حظر جماعة الاخوان المسلمين في الاردن فأربكت الاردن مخططات قطر وتركيا وتنظيم الاخوان الدولي ،وكذلك اربكت ايران التي تنسق من تحت الطاولة مع تنظيمات الاخوان المسلمين وفتح منافذ سرية وتنظيمية لها في العراق اخيرا !
حادي عشر : وربما يسأل سائل :هل لهذه الدرجة تُشكّل جماعات وتنظيمات الاخوان المسلمين خطرا على الدول والشعوب والمنطقة ؟ الجواب : نعم .وهنا نعطي مثالا (
فلو عدنا لحكم الاخوان المسلمين الذي دام عاما واحدا في مصر بعد سقوط نظام حسني مبارك برئاسة محمد مرسي الذي هو عبارة عن(ماشة نار)ليس إلا .حيث وضعته دولة قطر وحيتان وديناصورات الاخوان المسلمين في مصر بالواجهة امثال الماكر خيرت الشاطر ومحمد البلتاجي وعصام العريان وجماعتهم ليمارسوا بإسمه وتوقيعه صفقات خطيرة) .ومنها على سبيل المثال(الاعتراف بدولة الخلافة الإسلامية في سيناء مقابل ٧ مليار دولار تعطى لنظام مرسي والاخوان)وهذا ما ذكرته وزيرة الخارجية الاميركية السابقة هيلاري كلينتون في كتابها ، والتي قالت ايضا فيه “كنّا نسعى ونتحرك على دول العالم وحصلنا على 102 دولة كانت جاهزة للاعتراف بدولة الخلافة في سيناء ولكننا تفاجئنا بتحرك الجيش المصري الذي اسقط نظام محمد مرسي”).لذا فتنظيم جماعة الاخوان المسلمين سرطان يفتك بالدول والمجتمعات الإسلامية والعربية واينما حلّوا لان غايتهم السلطة والمال والهيمنة وتبرير المحظورات وجعلها حلال زلالا !. وبالمناسبه لم تسلم حتى الدول الاوربية من جماعات الاخوان المسلمين وتنظيماتهم لانها أصرت وتصر على السلوك الانعزالي لتنظيم جماعات الاخوان المسلمين في داخل اوربا . فمثلا تشكل جماعة “الإخوان المسلمين” في أوروبا والعواصم الغربية المختلفة حالة انعزالية تهدد المجتمع الأوروبي الذي يعطي الأولوية للحقوق المدنية للأفراد ضمن الأعراف والقيم المواطنية الحديثة. لكن الجماعات الإسلاموية تواصل فرض الأولوية للانتماء الديني المتشدد على حساب الجوامع المشتركة والإنسانية والتي تجعل كافة البشر أمام الدولة من دون تمييز، بل لهم الحقوق والواجبات نفسها على قاعدة مساواة تامة قانونية يؤطرها الدستور وتحميها المؤسسات المختلفة. ومن هنا، يسعى قادة التنظيمات إلى العمل بتكتيكات مختلفة لتشكيل مصائد لتعبئة وتجنيد الأفراد وربما تسفيرهم إلى مناطق التوتر والصراع الإقليمي كما حدث في سوريا والعراق، فضلاً عن تنفيذ هجمات في أوروبا.وبالتالي هم ضرر وخطر اينما تواجدوا !
ثاني عشر :-وبالعودة لصلب الموضوع فالأردن دولة فاصلة بين دول المشرق العربي ودول المغرب العربي ان صح التعبير .وهي الدول التي تحرك فيها مخطط اجتثاث جماعات وتنظيمات الاخوان المسلمين . والتحرك بنفس الاتجاه لإجتثاث التنظيمات السلامية الشيعية..والأردن داخلها تنظيمات إسلامية قوية وبمقدمتها جماعة الإخوان المسلمين الذين لديهم احلام الهيمنة على الحكم في الأردن. ولأجل تحقيق ذلك نسجوا علاقات قوية جدا مع دولة قطر وتركيا وهما الدولتان الراعيتان لتنظيمات الاخوان المسلمين في المنطقة والعالم. ولهذا جاء الدور على المنطقة الفاصلة او الرمادية بين المشرقين المغربي والمشرقي وهي الأردن لتتم المباشرة باجتثاث الإسلام السياسي وبمقدمته جماعة الأخوان المسلمين . وبهذا جاءت الخطوة الأردنية الشجاعة بعد خطوة أمير الكويت لايقاف اخوان الكويت من الهيمنة السلطة في الكويت. لذا فالقيادة الكويتية وبعدها القيادة الاردنية كانتا لهما بالمرصاد اي لمخططات دولة قطر وتركيا حيث سارعت القيادة في الأردن للقبض على الخلايا التي كانت تُحضّر للفوضى في الأردن والمنطقة وبنفس الوقت قامت بحظر تنظيم جماعة الاخوان المسلمين ومصادرة مقراتها وأرشيفها وكل شيء تابع لها .فكانت ضربة موجعة للمشروع القطري التركي المتضامن سرا مع ايران والذي تمدد ليشمل سوريا التي اصبحت في جيبي اردوغان وتميم واللذان نجحا وللأسف الشديد من الهيمنة على قرارات رئيس الحكومة العراقية (محمد شياع السوداني) وهذا بحد ذاته عجل بالكويت والأردن لأخذ زمام المبادرة بتوجيه الضربتين القاصمتين لمشروع الاخوان المسلمين في الكويت والأردن وبذلك كانت ضربة مزدوجة لأحلام دولة قطر وتركيا في المنطقة بشكل عام وفي الأردن والكويت بشكل خاص!
ثالث عشر:-
أ:-لذا فمخطط دولة قطر وتركيا كان معقد ومتشابك للغاية خصوصا عندما نجح النظامين في أنقرة والدوحة من الهيمنة على قرار الحكومة العراقية بفترة محمد السوداني ومباشرة بعد ضعف الهيمنة الإيرانية التي استمرت لأكثر من عشرين عاما على النظام السياسي في العراق .فقررت كل من قطر وتركيا ملأ الفراغ الإيراني في العراق وطبعا برضا إيراني .فشرعت كل من دولة قطر وتركيا بتنفيذ مخططهما في الأردن والكويت ويكون العراق منطلقا لوجستيا غير متوقع في دعم ذلك و( بعلم او بدون علم الحكومة العراقية ورئيسها السوداني .. الله أعلم )
ب:-وكان الهدف الاستراتيجي لتركيا وقطر تطويق السعودية من جهة الأردن والكويت وقطر والعراق ومن ثم عزلها عن مصر ودول الخليج الأخرى وخصوصا الإمارات والبحرين . وبنفس الوقت تطويق مصر من جهة الأردن والبحر الأحمر والصومال التي وضعها اردوغان في جيبه اخيرا.وهنا سيضمحل الدور الإيراني وستؤخذ القضية الفلسطينية من ايران بعد نجاحها بالاستحواذ عليها بعد احداث السابع من اكتوبر في غزة من جهة ،وسوف يُعوّم الدور المصري في القضية الفلسطينية والقضايا العربية وعزل مصر عن منطقة الخليج من جهة اخرى وبذلك تصبح القضية الفلسطينية بحوزة تركيا وقطر وتنظيم الاخوان الدولي .
ج:-وطبعا هنا العراق” النظام في العراق” مثل الأطرش بالزفة وسط ما يتحرك عليه النظامين القطري والتركي. وكل هذا بسبب انعدام الانسجام بين الخطوط الحاكمة في العراق ، وبسبب السباق على الاستقواء بالخارج من قبل البعض على البعض الاخر في العراق . بحيث ذهب اخيرا كل من اردوغان والشيخ تميم بإجبار رئيس الحكومة العراقية محمد السوداني على الجلوس والمصالحة والتحالف مع الرئيس السوري الجديد احمد الشرع حاليا والجولاني المصنف ارهابيا من قبل و( الذي فرضته قطر وتركيا رئيسا في سوريا ) ودون ان ينسق السوداني مع حلفائه. وهي دلاله ان السوداني بات قراره بيد اردوغان وتميم وهذه كارثة جديدة تضاف لكوارث العراق بظل احزاب الإسلام السياسي وهيمنة حلفاء ايران على السلطة !

إلى اللقاء في الجزء الرابع !
سمير عبيد
٢٦ نيسان ٢٠٢٥

سمير عبيد

مقالات مشابهة

  • تدشين الاختبارات النظرية في أقسام المعهد التقني بالحوبان
  • أفاتار: النار والرماد.. كيف غيّر جيمس كاميرون مستقبل صناعة السينما؟
  • الجزء الثالث : بالاسرار – حظر(جماعة الاخوان ) في الأردن أربكت العراق ودول اخرى !
  • حالة الطقس المتوقعة اليوم
  • بوعياش تنتقد تدبير الحراسة النظرية وتدعو لضمان حقوق الدفاع
  • عودة أكثر غموضًا.. "Wednesday" يكشف عن أول صور للموسم الثاني قبل عرضه في أغسطس
  • الجزء الثاني : بالاسرار – حظر(جماعة الاخوان ) في الأردن أربكت العراق ودول اخرى !
  • بالأسرار :ضربة (الإخوان)في الأردن اربكت 6 دول منها العراق- الجزء الاول-
  • محاضرات نظرية وتطبيقات عملية في ختام ورشة وقت الريشة
  • “النظرية بين النص والتأويل” أمسية ثقافية بتبوك