رئيس الأرجنتين المنتخب خافيير ميلاي.. يميني يفضل أمريكا وإسرائيل ويرفض بريكس
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
فاز مرشح حزب "تنمية الحرية" التحرري المنتمي لأقصى اليمين خافيير ميلاي، الموالي للولايات المتحدة وإسرائيل، بانتخابات الرئاسة في الأرجنتين، بعد حصوله على تأييد 56% من أصوات الناخبين، وإقرار منافسه سيرجيو ماسا بالهزيمة، في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية التي أجريت الأحد.
وحسب النتائج الأولية التي صدرت الإثنين، حصل ميلاي على نحو 56% من الأصوات مقابل 44% لماساً.
وأقرّ ماسا بهزيمته في المعركة الانتخابية، وقال إنه قام بتهنئة منافسه ميلاي عبر اتصال هاتفي.
وصوت الأرجنتينيون الأحد في جولة ثانية من الانتخابات الرئاسية، تنافس فيها ميلاي وماسا، وسط توترات نادرا ما عرفت البلاد لها مثيلا، منذ عودة الحكم الديموقراطي قبل 40 عاما.
جاءت هذه النتائج رغم أن ماسا الذي كان مرشّح الائتلاف الحاكم، قد حصل في انتخابات الجولة الأولى على المركز الأوّل، بـ36.68%، وجاء ميلاي في المركز الثاني بـ29.99%.
وحسب الجهات الرسمية، فقد بلغت نسبة المشاركة في التصويت نحو 76%.
اقرأ أيضاً
الأرجنتين.. لعنة الديون والدرس القاسي
وخاطب ميلاي آلافا من أنصاره في مقر حملته في بوينس آيرس، مشددا على أن "هذه ليلة تاريخية للأرجنتين".
وتابع: "انتهى النموذج الطبقي الفقير، واليوم نتبنى نموذج الحرية كي نصبح مجددا قوة عالمية.. اليوم تنتهي طريقة مورِسَت بها السياسة، وتبدأ طريقة أخرى".
وقال الرئيس المنتخب: "نحن نواجه مشاكل هائلة: التضخم والركود ونقص الوظائف الحقيقية وانعدام الأمن والفقر والبؤس. هذه مشاكل لن تحل إلا إذا تبنينا أفكار الحرية مرة أخرى".
وحذر ميلاي الذي يدعو منذ عامين إلى العلاج بالصدمة لاقتصاد أنهكه تضخم مزمن يبلغ حاليا 143% على مدى عام واحد، قائلا: "لا يوجد مجال للتدرج ولا مجال للفتور أو لأنصاف الحلول".
وقال إنه يمد يده إلى "جميع الأرجنتينيين والقادة السياسيين وجميع من يريدون الانضمام إلى الأرجنتين الجديدة"، لكنه حذر أيضا من حركات مقاومة اجتماعية محتملة لإصلاحاته.
وتابع: "نعلم أن هناك أشخاصا سيقاومون ويريدون الحفاظ على نظام الامتيازات (الذي يستفيد منه) البعض ولكنه يفقر الغالبية.. أقول لهم: كل ما هو في القانون جائز، ولكن ليس ما هو خارج القانون".
دخل ميلاي مجال السياسة منذ فترة غير بعيدة، عندما انضم إلى الحزب الليبرالي في عام 2019، ونال عضوية البرلمان في عام 2021، وكان يظهر بشكل دوري على شاشة التلفزيون وفي مناسبات مختلفة كخبير اقتصادي.
اقرأ أيضاً
الأرجنتين تقرر التعامل مع الصين باليوان بدلا من الدولار الأمريكي
وبفضل موهبته الخطابية وقدراته الاستعراضية وعمله النشط على الشبكات الاجتماعية، تمكن ميلاي من كسب ثقة العديد من الشباب الذين أصبحوا، وفقا لاستطلاعات الرأي، ناخبيه الرئيسيين.
ومن المقرر أن يتولى ميلاي رئاسة الأرجنتين في 10 ديسمبر/كانون الأول المقبل، من الرئيس المنتهية ولايته ألبرتو فرنانديز، ليستمر في حكم البلاد حتى عام 2027.
وعندما فازَ ميلاي بالمركز الأوّل في الانتخابات التمهيدية الرئاسية منذ 3 أشهر في الأرجنتين، تضاعفت حظوظُ شبيه الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والبرازيلي جايير بولسونارو، بالفوز بالرئاسة، لأسبابٍ تتعلّق بأسلوبه فائقِ الشعبويّة، في وقتٍ بلغ فيه مستوى الغضب الشعبيّ على الحكومة الحالية وسابقتها، أعلى معدّلاته.
وحدد التضخم وهو من أعلى المعدلات في العالم (143% خلال عام) والفقر الذي طال 40% من السكان رغم برامج الرعاية الاجتماعية، والديون المستعصية وتراجع قيمة العملة، معالم دورة الاقتراع التي يأمل الأرجنتينيون بأن تخرجهم من الأزمة الاقتصادية.
وبدت خطط إنعاش ثالث أكبر اقتصاد في أمريكا اللاتينية متضاربة جدا.
يعرّف ميلاي نفسه بأنّه اقتصادي ليبرالي متحرر ورأسمالي فوضوي، قادر على إخراج الأرجنتين من أزمتها المالية الحادّة، من خلال أفكاره الفذّة والشجاعة، وأنه مُعجب جدًا بالديانة اليهودية، ويدعم إسرائيل قلبًا وقالبًا، ويعتبرها الشريك الأبرز لحكومته، في حال فوزِه.
في المقابل، يعِد بإلغاء كل دور للدولة في الشراكة مع الصين وروسيا، وكل الأنظمة الاشتراكيّة، وتلك المعادية لإسرائيل، بما في ذلك البرازيل، التي تعتبر أقوى شريك اقتصادي إقليمي للأرجنتين.
ووفق ديانا موندينو، المرشحة لمنصب وزير الخارجية في إدارة ميلاي، فإن بلادها لن تنضم إلى مجموعة "بريكس"، التي دعت الأرجنتين للانضمام إليها خلال قمتها في أغسطس/آب الماضي.
اقرأ أيضاً
إيران والأرجنتين نحو عضوية "بريكس".. والجزائر أول عضو عربي؟
كما تضم قائمة البلدان التي لا تروق له، الفاتيكان، ووعدَ بقطع علاقات بلاده معها.
ولم ينجُ البابا ذو الأصول الأرجنتينية من بذاءته ولعناته المشهورة، واصفًا إياه بأنه مرتزِق.
ويمثّل ميلاي ظاهرةً شغلت الناس والإعلام وأسالت حبرًا كثيرًا، بسبب ملامح شخصيته سواء فيما يتعلق بالجانب الخاص من حياته أو بالجانب السياسي، ويكفي القول إنَّ اسم شهرته – الذي أطلقه عليه أصدقاء طفولته وصاحبه إلى اليوم – هو "المجنون"، ومثّل عنوانَ كتاب عن سيرته، تمّ تأليفه مؤخرًا، من أحد المهتمّين بدراسة شخصيته.
إضافة إلى أنّ اسمه سجّل أرقامًا قياسية في مجالات عديدة، من بينها تصنيف لقائه التلفزيوني مع المذيع الأمريكي تاكر كارلسون، بالحوار الأعلى مشاهدة في التّاريخ، متغلبًا بذلك على حوار ترامب مع نفس المذيع خلال حملته الانتخابية.
وكان اقتحام ميلاي السباقَ الرئاسي في الأرجنتين، صدمةً لأنصار القُطبية التي حكمت البلاد عدّة عقود، والمتمثلة في تيّار "البيرونيزمو"، رائد سياسات اليسار الاجتماعيّ وخصومه اليمينيين، وأثبت صعود شعبيته الصاروخي، ارتفاعَ حظوظه في الفوز، وكسر تلك القُطبية، باعتبار أنّ الأفكار التي يروّج لها تسعى لنسف كل أفكار ما سبق من تيارات حكمت البلاد، بل يتوعّدها بأقسى العقوبات منذ أول يوم يتولّى فيه السلطة، ودون الحاجة حتى للمرور بالبرلمان.
وأكّد حصول ميلاي على المركز الأوّل في الانتخابات التمهيدية في أول مشاركة له، أنّ خطابه الشعبوي الفائق، نجح في إقناع الناخبين بأنّ "الشّر" والإفلاس وانهيار الأرجنتين كان بسبب فكرة الدولة، التي أدارتها الحكومات السابقة، وبالتالي فإن الدولة هي المشكل وليست الحلّ حَسَب رأيه، وأنه وفريقه، القادرون وحدَهم على إنقاذ البلاد، تأكيدًا لشعار حملته "الحلّ الوحيد".
اقرأ أيضاً
معدلات تضخم دول العشرين.. الأرجنتين تتصدر وإيطاليا الأخيرة
ويراهن ميلاي على أنَّ اختزال دور الدولة، من خلال إلغاء جميع الخدمات التي تدعم دور "الدولة الراعية" للمواطنين، سوف يساهمُ في توفير 14% من الناتج المحلي الإجمالي.
إضافةً إلى أنه يعتبر أنَّ مؤسسات مثل البنك المركزي، هي مجرد خديعة من قِبل الحكومات للتغطية على الاستحواذ على المال العام لفائدة أشخاصِها.
كما يرى أنَّ الدولة تحتاج 8 وزارات فقط، والباقي يمكن اختصاره في فروع إدارية لهذه الوزارات، من بينها وزارة المرأة أو البيئة، التي يعتبرها "نكتة" لمغازلة الثقافة النسويّة والبيئيّة الرائجة.
أمّا الوعد الذي مثّل استثناءً في برنامج ميلاي الانتخابي- مقارنة بغيره- فهو الاستغناء عن عملة الأرجنتين، "البيسو" واستبدالها بالدولار الأمريكي، خلال السنة الأولى من حكمه، علمًا أن قيمة "البيسو" انهارت خلال الخمس والعشرين سنة الأخيرة من مستوى كان فيه 1 "بيسو" = 1 دولار إلى 1.000 "بيسو" يمكن أن يساوي 1 دولار، في بعض الأوضاع، نظرًا لأنّ أسعار الصرف تختلف باختلاف الهدف، كما حدّدتها الحكومة.
ومن مواقفه الغريبة، تأييد ميلاي للمتاجرة بالأعضاء البشرية، حيث قال ذات مرة: "جسدي ملكي، لماذا لا أستطيع التحكم في جسدي؟. هناك الكثير من الأشخاص في الأرجنتين ينتظرون أعضاء المتبرعين، لذلك يجب البحث عن آليات السوق لحل هذه المشكلة".
وهو في ذات الوقت يعارض الإجهاض ويدعو للسماح بحمل السلاح بحرية في بلد ارتفع فيه عدد الجرائم بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
اقرأ أيضاً
الماضي المظلم للبابا فرانسيس في دعم الديكتاتورية العسكرية بالأرجنتين
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: انتخابات الأرجنتين أمريكا إسرائيل بريكس فی الأرجنتین اقرأ أیضا
إقرأ أيضاً:
روسيا في سوريا... انتكاسة ومرونة استراتيجية أيضاً
اعتبر البعض في الغرب انهيار نظام بشار الأسد في سوريا، وقرار روسيا بالوقوف جانباً والسماح بحدوث ذلك، مؤشراً على التمدد الإمبراطوري المفرط لموسكو وتراجع نفوذها الإقليمي.
سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، ولكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين
وحسب هذا التفكير من الواضح أن "العملية العسكرية الخاصة" الجارية التي يشنها الكرملين في أوكرانيا تضغط على الجيش الروسي إلى درجة جعلته عاجزاً عن وقف المد المتدحرج للمتمردين، فكان عاجزاً وغير راغب بدعم النظام أكثر من ذلك.
ورغم جاذبية هذه الرواية، دعا الباحث البارز في معهد الأمن القومي بجامعة ميسون جوشوا هيومينسكي المحللين الغربيين إلى الحذر من التركيز الكبير على فكرة أن روسيا كانت عاجزة عن المساعدة ومن عدم التركيز بشكل كاف على واقع بسيط مفاده أنها كانت غير راغبة بذلك.
وبحسب الكاتب فإن من المرجح أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رأى في دعم روسيا للأسد ترتيباً منخفض الكلفة نسبياً وعالي التأثير، لكن مع تقدم المتمردين، خسر فائدته.
استخفاف بالدب الروسيوكتب هيومينسكي في موقع "بريكينغ ديفنس" أن الاستراتيجية تتلخص أساساً في المقايضات، وهنا يبدو أن موسكو اتخذت قراراً واضحاً بأن الفائدة المترتبة على مواصلة دعم نظام الأسد لم تكن تستحق الكلفة.
وشكل سقوط بشار الأسد انتكاسة لموسكو، فمنذ التدخل في سوريا سنة 2015، قدم الكرملين دعماً مالياً وسياسياً كبيراً للأسد، وهذا الاستثمار يعد صغيراً نسبياً عند تقييمه بالمقارنة مع الموارد التي ضختها أمريكا في المنطقة مثلاً، وبالمقابل اكتسب الكرملين موطئ قدم في الشرق الأوسط وشرق البحر الأبيض المتوسط. وكانت قواعده البحرية في البلاد بمثابة محطة لإعادة التزود بالوقود في البحر المتوسط ونقطة انطلاق للعمليات في أفريقيا.
احتمالان متساويانوسارع البعض للإشارة إلى تأثير أوكرانيا على العمليات الروسية في سوريا، لكن بحسب الكاتب، يشكل هذا سوء فهم لدور موسكو في البلاد، الذي اقتصر إلى حد ما على توفير القوة الجوية والمستشارين، مع بعض المقاولين العسكريين من القطاع الخاص.
والسؤال هو هل كانت روسيا لتكون أكثر استعداداً لمواجهة تقدم المتمردين دون الحرب الأوكرانية؟ هذا محتمل بحسب الكاتب، لكن من المحتمل أيضاً أن النظام قد أصبح قضية خاسرة، فالسرعة التي انهار بها، تعكس ضعفاً عسكرياً وتنظيمياً وتكتيكياً كبيراً، وأي هجوم مضاد بالنيابة عن النظام سيكون باهظ الثمن مادياً وعسكرياً.
كما أثبت نظام الأسد لموسكو أنه شريك متقلب وصعب، إذ رفض التعامل مع المعارضة، جعل البلاد جزءاً من نفوذ إيران.
مصير القوات الروسيةويضيف الكاتب أنت الموقف الروسي الجديد في سوريا ما زال غير معروف، وتشير التقارير الأولية إلى أن القوات الروسية تعيد تموضعها داخل قاعدة حميميم الجوية وميناء طرطوس، وربما تخلي البلاد بالكامل.
ومن المرجح وفق الكاتب أن تلعب الكراهية المؤكدة تجاه روسيا بسبب قسوتها بالنيابة عن نظام الأسد، وتمكينه من البقاء في السلطة، دوراً في التطورات.
ومع ذلك، لا يوجد ما يضمن أن تسعى هيئة تحرير الشام إلى طرد القوات الروسية بشكل دائم من البلاد، بل قد تسعى إلى تحويل موسكو من خصم إلى مجرد طرف محايد.
انتكاسة ومرونة وبحسب الكاتب فإن تقاعس الكرملين عن دعم الأسد، يرسل رسالة إلى الأنظمة الأوتوقراطية في أفريقيا، بأن موسكو مستعدة لمواصلة دعم النظام طالما كان فائزاً وقادراً على الاحتفاظ بالسلطة ــ وراغباً بالاستماع إلى نصيحة الكرملين. وعندما يصبح النظام غير قادر على القيام بذلك، يتخذ الكرملين قراراً استراتيجياً ويغير مساره.ويختم الكاتب أن سقوط الأسد يمثل انتكاسة لروسيا، لكنه أيضاً انعكاس لمرونة الكرملين الاستراتيجية. والتركيز فقط على الانتكاسة وتفويت المرونة يخاطر بمفاجأة استراتيجية سواء في سوريا أو في أماكن أبعد.