الجزيرة:
2024-07-04@02:08:55 GMT

لماذا عجزت أميركا عن رعاية السلام في الشرق الأوسط؟

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

لماذا عجزت أميركا عن رعاية السلام في الشرق الأوسط؟

بلغ العدوان الإسرائيلي على غزة درجة لا درجةَ بعدها في إفادة معنى الهمجية والتوحش، هذا في وقت يحاول فيه الإعلام المُبارِك لهذا العدوان إلصاقَ صفة الهمجية والتوحش بالمعتدى عليهم، وهم في غالبيتهم أطفال ونساء يلوذون بالمدارس والمشافي. يقف الإنسان أمام هول ما يحدث من دمار وقتل وتشريد وتهجير وتجويع عاجزًا عن الفهم، يتساءل: هل يدخل هذا كله في خانة شرعية الدفاع عن النفس، أم أن ما يحدث لا ينضبط بضوابط أخلاقية على التحقيق.

إنّ مبتغانا في هذه السطور هو الخروج من دائرة التفاصيل اليومية الدامية للنظر فيما تؤشر عليه الأحداث من معانٍ كبرى تجلي لنا طبيعة النظام العالمي الذي تنتظم داخله الأمم قسرًا لا طواعيةً. ولا يعنينا هنا الخوض في مظاهر الضعف والهوان والعجز أمام حرب الإبادة التي تطال فلسطينيي غزة؛ وإنما يعنينا النظر في القوة التي تقف وراء هذه الإبادة. ومعلوم أن ما يقع يجري بالدرجة الأولى بمباركة الولايات المتحدة الأميركية في المقام الأول.

لقد دخلت أميركا مأزِقًا يصعب الخروج منه، وهي تصر على تقديم الدعم العسكري والمعنوي والمادي لإسناد إسرائيل في عدوانها الهمجي الذي لا هدف من ورائه سوى معاقبة شعب بأكمله؛ إشباعًا للرغبة في الانتقام ليس إلا

تتذرع أميركا بالاصطفاف وراء حليف إستراتيجي؛ كي تبرر انخراطها في العدوان الشنيع على أهل غزة؛ وهذا يقودنا إلى التساؤل: إن كان فيما يحصل- من تدمير ممنهج لمقومات البقاء لشعب بأكمله- تحقيقٌ لمصلحة جيو-إستراتيجية، أم على العكس من ذلك، إضرار بهذه المصلحة؟. ويُخيَّل إلينا أن مصلحة أميركا الجيو- إستراتيجية تقتضي احتواء الأوضاع العسكرية واستمالة أطراف النزاع، على اعتبار أن لهذا النزاع انعكاسات تمتد لتصل المنطقة العربية كلها، ما يخشى معه أن تتقوض صورة أميركا في العالم العربي والإسلامي، وفي ذلك إضرار ليس بمصالحها الجيو- إستراتيجية فحسب، بل الثقافية والأيديولوجية والاقتصادية كذلك.

الواقع أن أميركا- في حقيقة الأمر- تعمى عن مصالحها الإستراتيجية، وما يعميها هو سقوطها في منطق الإمبريالية، هذا المنطق الذي ظلّ يملي على الإمبراطوريات عبر التاريخ التوسّع بغرض إخضاع الآخرين بقوّة السلاح وإرغامهم على الاستسلام. لقد تأتّى لأميركا خلال القرن العشرين إخضاع ألمانيا واليابان بالقوة وإجبار جيوشهما المحاربة على الاستسلام. ولن يقنع العقل العسكري الأميركي بأقل من استسلام غزة استسلامًا تامًا يتأكد معه اجتثاث حس المقاومة من النفوس. هذا هو المقصود بالنصر، كما يتحدد معناه في القاموس الإمبريالي؛ وإلا فهي الهزيمة التي تخدش كبرياء الإمبراطورية التي يبلغ بها الإحساس بالعظمة درجة تبيح لنفسها الفصل في مَن يستحق البقاء على الحياة، وفي مَن تجوز في حقه الإبادة.

كل شيء يوحي بأن عصر الولايات المتحدة الأميركية في إدبار؛ ذلك أنها بلغت المرحلة التي يسميها المؤرخ الأميركي بول كينيدي  (Paul Kennedy) في كتابه عن صعود وسقوط القوى العظمى (The Rise and Fall of the Great Powers ) بمرحلة "الامتداد الإمبراطوري المفرط" (Imperial overstretch )، وهي المرحلة التي تفتقر عندها القوة العظمى للوسائل اللازمة لتحقيق ما تصبو إليه من أهداف تَوسعِية.

لقد دخلت أميركا مأزِقًا يصعب الخروج منه، وهي تصر على تقديم الدعم العسكري والمعنوي والمادي لإسناد إسرائيل في عدوانها الهمجي الذي لا هدف من ورائه سوى معاقبة شعب بأكمله؛ إشباعًا للرغبة في الانتقام ليس إلا. لقد ظلت أميركا تسعى- على امتداد العقدين السابقين على أقل تقدير- لاستمالة العالم العربي حتى يصبح شريكًا إستراتيجيًا لمواجهة التمدد الصيني. وقد كانت هناك مؤشرات كثيرة تحمل المراقبين على الاعتقاد بأن الأمور في طريقها إلى الاستتباب، خصوصًا المؤشر المتعلق بالصراع العربي- الصهيوني الذي تَوهّم صناع القرار في أميركا أن حدته في انخفاض.

عبثًا تحاول أميركا إخفاء حقيقة ما يقع على الأرض من مجازر في حق شعب غزة، وعبثًا تحاول الترويج لفكرة "احتواء الصراع"، وهي الفكرة التي تفيد في عمقها تطويق المكان للسماح لإسرائيل بإتمام عملها دون أن يشوش عليها أي طرف ثالث؛ فصور الإبادة الممنهجة لغزة تفتح جبهة صراع جديدة أمام أميركا. مهما كانت نتيجة الحرب ومخرجاتها، فستجد أميركا نفسها مجبرة على خوض معركة الرأي العام، ليس في العالم العربي والإسلامي فحسب، بل عبر العالم. ولئن استطاعت أن تحسم الصراع على الأرض، فإنه يصعب عليها حسم المعركة على مستوى جغرافيا العواطف والمشاعر.

من يتأمل في المظاهرات التي تجوب شوارع العالم العربي والإسلامي، يجد أن ما يعتمل فيها من مشاعر الغضب والاستياء والإحساس بالغبن والذل يصب في تغذية خطاب الكراهية للنموذج الأميركي في فرض القوة وتدبير الصراعات، ولا نحسب أنه باستطاعة أميركا تدارك الأمر بسهولة. إن الموقف الأميركي من العدوان على غزة ساهم ويساهم في تقويض فكرة التحالف الحضاري مع الإسلام. من يحسن الإصغاء للسان حال العالم العربي والإسلامي اليوم يجده ينزع المصداقية عن الخطاب الغربي عمومًا، والأميركي خصوصًا، المتعلق بقيم الديمقراطية وحقوق الإنسان. وكأننا بشعوب المنطقة العربية والإسلامية، أو بشعوب الجنوب كلها، تشعر بأن أميركا بلغت المنتهى في الاستعلاء الذي لا ينضبط بقوانين أو مبادئ أو قيم.

كتب كل من "جيمس بيتراس" و "موريس مورلي" كتابًا تحت عنوان: "الإمبراطورية أم الجمهورية؟ قوة أميركا العالمية وتفككها الداخلي" (Empire or Republic? American Global Power and Domestic Decay ). ترد في هذا الكتاب إشارة إلى أن نجاح الولايات المتحدة في المجال الأيديولوجي والثقافي كان يقاس بتراجع التأثير الماركسي والأيديولوجيات القومية، وتنامي رواج صيغ الهيمنة الأميركية، خصوصًا ما بين نخب أميركا اللاتينية التي صارت- تحت ذريعة الواقعية البراغماتية- لا تتحرج في اعتناق التجارة الحرة، ومشاريع الإدماج الجهوية، وتأدية الديون وغيرها من الأشياء التي كانت تنكرها سابقًا.

لقد وقع الأمر نفسه في العالم العربي، حيث أصبح خطاب الواقعية البراغماتية يغطي على جميع الخطابات الناقدة للنموذج الأميركي في الهيمنة الثقافية والاقتصادية؛ وقد ساهم تشظي الفضاء العمومي- بفعل وسائل التواصل الرقمية- في تضييق ساحة التضخم الأيديولوجي، والتمكين لخطاب المال والأعمال والمصالح تحت سقف ثقافة جديدة تكاد تمحى فيها الحدود بين الهويات الثقافية والدينية. إلا أن العدوان على غزة جاء ليحرض الوعي على طرح أسئلة جديدة متعلقة بمصير الشعوب أمام الإمبريالية الأميركية.

إن ما يحدث في غزة كفيلٌ بأن يضيق ساحة الخلاف الأيديولوجي بين مختلف مكونات العالم العربي الثقافية والفكرية، هذه المكونات التي يبدو وكأنها- وإن اختلفت مشاربها الأيديولوجية- تجتمع حول مساءلة النموذج الإمبريالي الأميركي. ليس هذا فحسب، بل إن ما يحدث في غزة يقسم الداخل الأميركي إلى قسمين: قسم ينساق وراء منطق أميركا الإمبراطورية، وقسم آخر يمارس الاحتجاج؛ انتصارًا لمنطق الجمهورية. وهذا الانقسام- الذي يذكرنا بانقسام المجتمع الأميركي حول حرب فيتنام- سينهك أميركا داخليًا ويزيد في قلة تركيزها خارجيًا، الأمر الذي، لا محالة، يخدم مصلحة القوى الصاعدة، ويعزز مكانتها في عالم الغد.

هل كان في إمكان أميركا القيام بشيء أفضل مما قامت به؟ هل كان بإمكانها اتخاذ موقف أفضل من الموقف الذي اتخذته؟ الجواب هو أنه- في جميع الأحوال- يصعب تصور موقف أسوأ من الموقف الذي اتخذته؛ ذلك أنه موقف فيه تمادٍ في منطق التوسع، وفرض القوة، وهو من شأنه أن يسد الطريق في وجه كل المبادرات المستقبلية، ويسقط عن أميركا- بطريقة لا رجعة فيها- صفة الراعي للسلام في المنطقة.

وهل هناك أفق للسلام؛ أفق لحل معضلة القضية الفلسطينية؟ قد يصعب تصور هذا الأفق في سياق الحرب الدائرة رحاها اليوم، لكن المسؤولية الأخلاقية تقتضي العمل على إيجاد حل يجنب المنطقة مزيدًا من الدمار والخراب والخسائر في الأرواح. وجزء من الحل يكمن في فك الارتباط بين فكرة إسرائيل الدينية وسياسات أميركا الإمبريالية. إن الدمج بين الأمرين يعِد بمستقبل مظلم لا مكان فيه إلا لحروب العقيدة. أليس من المفارقات الكبيرة أن نسمع المتطرفين الدينيين في حكومة إسرائيل يخاطبون الغرب قائلين، إن الحرب ضد غزة هي حرب لحماية المنظومة الغربية الليبرالية المتحضرة؟ إن المضي في هذا الضرب من التلفيق يقودنا بأعين معصوبة نحو الهاوية، نحو حروب دينية تقوم على التصلب العقدي، فضلًا عن أنها تنفخ الروح من جديد في خطابات القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين الاستعمارية.

لو كان الغرب- تحت إمرة الولايات المتحدة الأميركية- منسجمًا مع ذاته، لَسَعى إلى تلمس سبل الخروج من مأزق الصراع الوجودي الذي يجمع الإسرائيليين والفلسطينيين منذ ما يقرب من قرن من الزمن، ولَعَمِل على إقرار معاهدة أشبه بمعاهدة "فستفاليا"، تمنح المحاربين فرصة للاستراحة، وتنتزع منهم الإقرار باستحالة إبادة الآخر، ثم ترسم لهم أفقًا لاقتسام الفضاء قسمة تضمن للجميع العيش الكريم مع احترام الخصوصيات الدينية والأماكن المقدسة. إلا أن الواقع هو أن الغرب سقط في التناقض الصارخ، وهو يحاول الجمع بين التبشير بقيم المواطنة القائمة على الليبرالية الديمقراطية والمساواة في الحقوق من جهة، وبين الاصطفاف الأعمى وراء دولة تقوم على أسس التمييز الديني والعرقي. وبهذا يثبت أنه عاجز عن الارتقاء إلى مستوى القيم التي ظل على امتداد قرن من الزمن يبشر بها.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معناأعلن معنارابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinerssجميع الحقوق محفوظة © 2023 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: العالم العربی والإسلامی الولایات المتحدة الخروج من ما یحدث

إقرأ أيضاً:

سقوط لأميركا وليس لجو بايدن

آخر تحديث: 1 يوليوز 2024 - 9:31 صبقلم:خيرالله خيرالله بعد المناظرة بين الرئيس الأميركي جو بايدن ومنافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترامب دب الذعر في صفوف الديمقراطيين. لم يكن ذلك الذعر، إذا أخذنا مضمون المناظرة وما قاله المشاركان فيها في الاعتبار، تعبيرا عن سقوط لجو بايدن فقط. كان السقوط سقوطا أميركيّا بامتياز. لا ينقذ أميركا سوى بإحلال شخصية ديمقراطيّة مختلفة مكان بايدن. مثل هذه الشخصية ستستطيع مواجهة ترامب ووضعه في مكانه الصحيح. هناك فرصة أمام الديمقراطيين الذين يعقدون مؤتمرا لحزبهم منتصف آب – أغسطس المقبل. هل ينجحون في ذلك على الرغم من أنّ جو بايدن يبدو مصرّا على التمسك بكرسي الرئاسة مثله مثل أيّ زعيم متخلف من العالم الثالث؟ كان أداء بايدن في المناظرة كارثيا، خصوصا بعد تلعثمه في مطلعها وانتقاله من موضوع إلى آخر بطريقة توحي بأن الرئيس الأميركي لا يمتلك القدرة الكاملة على التركيز. في المقابل، كان ترامب كعادته شرسا ولم يفوّت مناسبة لاستغلال أيّ هفوة يرتكبها بايدن. كان ترامب، الذي غاب العمق السياسي عن كلامه، حاضر الذهن وأثبت أنّه يتفوق على منافسه في هذا المجال على الرغم من أنّ فارق العمر بينهما ليس سوى ثلاث سنوات. بايدن في الـ81 وترامب في الـ78. من الواضح أنّ السنوات أثّرت على الرئيس الأميركي وقدراته الذهنية في ما لم تؤثر على ترامب الذي يبدو مستعدا للعودة إلى البيت الأبيض من أجل تنفيذ سياسة يخشى أن تكون ذات عواقب وخيمة على الصعيد الدولي، خصوصا في ما يخصّ العلاقات الأميركية – الأوروبية في ضوء الحرب التي يشنّها فلاديمير بوتين على أوكرانيا. في غياب المضمون، انتصر دونالد ترامب على جو بايدن، أقلّه من ناحية الشكل. لم يحسن الرئيس الأميركي استغلال أيّ نقطة ضعف يعاني منها منافسه استغلالا جيدا. كان مثل هذا الاستغلال سيشير إلى وجود نوع من الحذاقة السياسية بات واضحا أنّ بايدن لا يمتلكها. على العكس من ذلك، اكتفى بالانتقادات ذات الطابع الشخصي بدل الذهاب بعيدا في فتح الملفات التي يمكن أن تسيء إلى ترامب بما في ذلك ملف الدعاوى التي رفعت عليه أمام القضاء والتي يمكن أن تودي به إلى السجن. بدا جو بايدن سياسيا تجاوزته الأحداث من جهة وضحية تقدّمه في السن من جهة أخرى. مثله مثل زعماء كثيرين عرفهم العالم، خصوصا العالم الثالث، لم يستوعب جو بايدن أنّ هناك وقتا للانسحاب من السياسة بدل التحول إلى عبء على حزبه وعلى قسم كبير من الأميركيين يرفض عودة دونالد ترامب وسياساته العشوائية إلى البيت الأبيض. الأكيد أن لدى ترامب حسنات كثيرة في مقدّمتها سياساته الإيرانيّة، لكنّ لديه سيئات لا تحصى. بل إنّه يشكل خطرا على الديمقراطية في أميركا وخارجها. ظهر ذلك بوضوح عندما حاول أنصاره اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن بعدما سقط في الانتخابات الرئاسية أمام جو بايدن. كان يشجع عملية الاقتحام هذه، وهي عملية كشفت أن قسما لا بأس به من مؤيديه ينتمون إلى مجموعات غوغائية لا أكثر. كيف يمكن لأيّ سياسي يمتلك عقلا راجحا قبول أن يكون مدعوما من الغوغاء، بل أن يشجع هؤلاء على خرق القانون. هل يمكن أن يكون دونالد ترامب مستقبل أميركا؟ هل مسموح بذلك في القرن الحادي والعشرين في ظلّ التحديات التي تواجه أميركا؟الأسوأ من ذلك كلّه أن جو بايدن لم يحسن شرح خطورة السياسة التي يتبعها دونالد ترامب في تعاطيه مع فلاديمير بوتين الرجل المريض الذي يعتقد أنّ في استطاعته، عبر غزوة أوكرانيا، استعادة أمجاد الاتحاد السوفياتي، وهي أمجاد لا وجود لها. لم يذهب الرئيس الأميركي بعيدا في شرح الخطورة التي يشكلها ترامب على مستقبل العلاقات الأميركيّة – الأوروبيّة. كان يكفي التشديد على أن ما على المحك في أوكرانيا مستقبل أوروبا كلّها وليس مستقبل أوكرانيا التي يشكو ترامب من المساعدات الأميركية التي تتلقاها. مخيف هذا الوضع الأميركي الذي باتت فيه الانتخابات الرئاسية منافسة بين عجوز مثل جو بايدن ومتهور مثل دونالد ترامب. بدا ترامب متحمسا للحرب على “حماس” أكثر من بنيامين نتنياهو. لا يعني هذا الكلام أن “حماس” تستأهل أيّ مستقبل سياسي، من أيّ نوع، بمقدار ما يعنى أن المطلوب من أيّ رئيس أميركي يمتلك حدّا أدنى من الإنسانيّة العمل قبل أيّ شيء على وقف المأساة التي تعاني منها غزّة. إنّها مأساة ناجمة عن المغامرة التي قامت بها “حماس” بشنّها “طوفان الأقصى” والتي أدت إلى ذلك الجنون الإسرائيلي الذي دمّر القطاع على رؤوس أهله. وفّرت المناظرة فرصة كي يزايد ترامب على بايدن فلسطينيا. كانت مناسبة للتأكّد من غياب الدور القيادي الأميركيّ في هذا العالم. يظلّ الدليل الأبرز على ذلك تجاهل بايدن للمشروع التوسعي الإيراني الذي يعاني منه الشرق الأوسط والخليج في الوقت ذاته ومعنى الحروب التي تشنها “الجمهوريّة الإسلاميّة” على هامش حرب غزّة. في الوقت ذاته، لا يزال دونالد ترامب يتصرّف من منطلق أن السنوات الأربع التي أمضاها في البيت الأبيض كانت سنوات مليئة بالنجاحات السياسيّة والاقتصادية. لا يدرك ترامب أن العالم يتغيّر بسرعة وأنّ ليس في الإمكان الفصل بين علاقته ببوتين من جهة والعلاقة بين الرئيس الروسي وكلّ من الصين وإيران وكوريا الشمالية من جهة أخرى. لا يزال دونالد ترامب يعيش في عالم خاص به في ما لا يزال جو بايدن في وضع لا يسمح له بمتابعة ما يدور في هذا العالم بدقة مع تركيز على التفاصيل الصغيرة.كانت المناظرة بين بايدن وترامب سقوطا للولايات المتحدة. لا يزال هناك بعض الأمل في تفادي مثل هذا السقوط. يتمثل هذا الأمل في العثور على مرشح ديمقراطي شاب، نسبيا، يحل مكان جو بايدن، مرشّح يعرف العالم ويستجيب لما يريده الأميركيون، مرشح يحيي الأمل بعودة الدور القيادي الأميركي إلى هذا العالم…

مقالات مشابهة

  • عطاف يستقبل مبعوث الحكومة الصينية الخاص بشؤون الشرق الأوسط
  • عبد الله التقى الحوت مطلعا على اوضاع شركة طيران الشرق الأوسط
  • الخارجية التركية ترد على اتهام الحكومة بالفشل في الشرق الأوسط
  • تركيا: اتخذنا موقفا مبدئيا منذ البداية ضد المأساة الإنسانية بسوريا
  • باتريك جوهانسون رئيسًا لإريكسون في الشرق الأوسط وأفريقيا
  • QNB تنال أربع جوائز للتميز المصرفي في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لعام 2024
  • حرب ضروس قد تلتهم الشرق الأوسط
  • البرازيل تواجه كولومبيا في صدام ناري ببطولة كوبا أميركا
  • سقوط لأميركا وليس لجو بايدن
  • تركيا تسعى للتوازن مع إيران في سوريا ولبنان؟