لجريدة عمان:
2024-10-03@12:55:57 GMT

الزراعة العضوية رفاهية أم حاجة ؟

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الزراعة العضوية رفاهية أم حاجة ؟

تذهب إلى السوق فتجد منتجا عضويا وآخر غير عضوي أو عادي، فأيهما تشتري؟ مع الأخذ في الاعتبار أن سعر المنتج العضوي يفوق سعر المنتج العادي. فما هي الزراعة العضوية ومنتجاتها؟ وماهي أساسيتها؟ وهل هناك فرق بين الزراعة التقليدية والزراعة العضوية؟ نحاول من خلال هذا المقال الإجابة على هذه الأسئلة المهمة.

ماهي الزراعة العضوية؟

الزراعة العضوية هي نظام إنتاج متوازن يحافظ على خصوبة التربة والنظم البيئية والصحة العامة للإنسان، فهو نظام يعتمد على العمليات الحيوية الاختلاف البيولوجي والمصادر المتاحة والتي تختلف طبقا للتنوع الجغرافي بدلًا من استخدام المدخلات ذات الآثار الضارة على المجتمع، حيث تجمع الزراعة العضوية بين التقاليد والابتكار والعلم والذي يضمن الإفادة المشتركة وتعزيز العلاقات العادلة ونوعية الحياة الجيدة للجميع.

حيث تعمل الزراعة العضوية في انسجام مع الطبيعة وليس ضدها، ويتضمن ذلك استخدام تقنيات متعددة لتحقيق إنتاجية عالية للمحاصيل دون الإضرار بالبيئة أو الأشخاص الذين يعيشون ويعملون فيها.

وبصفة عامة الزراعة العضوية هي شكل من أشكال الزراعة التي تعتمد على طرق متعددة مثل تناوب زراعة المحاصيل في تناسق واضح، واستخدام السماد الأخضر، واتباع المكافحة البيولوجية للآفات. هذا وتستبعد الزراعة العضوية أو تقيد بشكل صارم استخدام مبيدات الآفات المصنعة (والتي تشمل مبيدات الحشائش والمبيدات الحشرية ومبيدات الفطريات وغيرها)، والأسمدة الكيميائية ومنظمات النمو والهرمونات والمضادات الحيوية للماشية والإضافات الغذائية الضارة وأيضا الكائنات المعدلة وراثيًا. لذا تعدّ الزراعة العضوية نظاما مستداما للتحكم في إنتاجية المحاصيل مع تشجيع التنمية البيولوجية للتربة وحماية صحة الإنسان، هذا وينظم هذا النظام الزراعي حليفًا دوليًا واسعا ويُطبق من الناحية القانونية من عدة هيئات ودول. وهناك العديد من التفسيرات والتعاريف للزراعة العضوية ولكنها تجتمع جميعها على أنها ممارسات متنوعة تعتمد على إدارة النظام البيئي بدلًا من المدخلات الزراعية الخارجية، أي من الطبيعة وإلى الطبيعة لكونها تنظر في الآثار البيئية والاجتماعية المحتملة من خلال القضاء على استخدام المدخلات المصنعة، مثل الأسمدة الكيميائية والمبيدات الحشرية والأدوية البيطرية والمواد الحافظة والمواد المضافة والإشعاع، بالإضافة إلى البذور والسلالات المعدلة وراثيا، وتُستبدل بممارسات إدارة خاصة بالموقع تحافظ على خصوبة التربة وتزيدها على المدى الطويل كما تمنع أو تقلل من الإصابة بالآفات والأمراض.

مبادئ الزراعة العضوية

هناك أربعة مبادئ للزراعة العضوية حسب لوائح الاتحاد الدولي لممارسات الزراعة العضوية IFOAM: أولا «مبدأ الصحة: حيث يجب أن تحافظ الزراعة العضوية على صحة التربة والنبات والحيوان والإنسان والكوكب وتعززها باعتبارها كيانًا واحدًا لا يتجزأ». ثانيا« مبدأ البيئة: يجب أن تقوم الزراعة العضوية على النظم والدورات البيئية الحية والعمل بها ومحاكاتها والمساعدة على استدامتها». ثالثا مبدأ العدالة: «يجب أن تقوم الزراعة العضوية على علاقات تضمن العدالة فيما يتعلق بالبيئة المشتركة وفرص الحياة. رابعا «مبدأ الرعاية: ينبغي إدارة الزراعة العضوية بطريقة احترازية ومسؤولة لحماية صحة ورفاهية الأجيال الحالية والمستقبلية والبيئة».

ويعدّ الكمبوست، والسماد الأخضر وبقايا المحاصيل منخفضة النيتروجين مثال على الأسمدة العضوية المستخدمة على نطاق واسع. بصفة عامة استخدام هذه النوعية من الأسمدة تؤدي إلى تمعدن بطيء للنيترجين والذي يزداد تأثرا بسبب التغير في درجات الحرارة مما يقلل من إنتاجية المحاصيل في الزراعة العضوية كما هو شائع. أما الأسمدة الكيميائية من جهة أخرى تستغرق وقتا أقل للتحلل ويمكن تطبيقها على الفور، مما يؤدي إلى انطلاق سريع للمغذيات والذي يؤدي إلى تعزيز نمو النبات. وفي الوقت نفسه، تُنتقد الثقافة الزراعية العضوية كونها سببًا لإجهاد المغذيات بسبب التمعدن البطيء للعناصر الغذائية مقارنة بالزراعة التقليدية. وفي غضون ذلك، أظهرت الكثير من الدراسات والأبحاث أن الزراعة العضوية ستكون أكثر قدرة على تحقيقها أقصى إمكاناتها كبديل عالي الإنتاجية للزراعة التقليدية إذا تم تربية التراكيب الوراثية وزراعتها وأقلمتها على نظم الزراعة العضوية. ومع ذلك وإلى الآن تم تربية عدد قليل فقط من الأصناف خصيصًا لتلك الأنظمة العضوية منخفضة المدخلات. وتشير التقديرات إلى أن أكثر من 95% من الزراعة العضوية يعتمد على أصناف المحاصيل التي تم تربيتها للزراعة بالطريقة التقليدية ذات المدخلات العالية. وقد أظهرت بعض الدراسات عدم وجود مثل هذه الأصناف ذات الخصائص المهمة المطلوبة في ظل ظروف الإنتاج العضوي منخفض المدخلات، فقد لوحظت الاختلافات المورفولوجية في كثير من محاصيل الخضر على سبيل المثال في الثوم، بما في ذلك القدرة على الإزهار، وصفات الأوراق، ونضج النبات، واستجابة البصلة للتغذية العضوية. كما أن التناقضات بين أنظمة الزراعة العضوية والتقليدية أظهرت انخفاض إنتاجية المحاصيل المنزرعة تحت النظم العضوية في بعض الدراسات، حيث مثلا ينخفض المحصول بنسبة 60% في أرز كاليفورنيا بينما حققت الزراعة العضوية إنتاجية أعلى بنسبة 50% في الشوفان. وفي دراسات أخرى عن الزراعة العضوية وُجد أنها تنتج محصول مماثل من الذرة الشامية، والتفاح والطماطم وفول الصويا. ولذلك، فمن المهم جدا دراسة الطرز الوراثية المتاحة لتحملها للإجهاد الغذائي والقدرة على التكيف من أجل التوصية بالأصناف التي يمكنها ذلك يمكن زراعتها في الأراضي الصحراوية أو لاستخدام هذه الأصناف للتكيف مع النظام العضوي.

هل كل المنتجات العضوية يجب أن تكون معتمدة؟

لا تكون أنظمة ومنتجات الزراعة العضوية معتمدة دائمًا ويشار إليها باسم «الزراعة أو المنتجات العضوية غير المعتمدة». وهذا يستثني الأنظمة الزراعية التي لا تستخدم المدخلات المصنعة بشكل افتراضي (مثل الأنظمة التي تفتقر إلى ممارسات بناء التربة وتدهور الأراضي). يمكن تحديد ثلاث قوى دافعة مختلفة للزراعة العضوية:

أولا، الزراعة العضوية التي يحركها المستهلك أو السوق. تُحدد المنتجات بوضوح من خلال إصدار الشهادات ووضع العلامات الخاصة بالمنتجات العضوية، ويتخذ المستهلكون قرارًا واعيًا بشأن كيفية إنتاج أغذيتهم ومعالجتها وتداولها وتسويقها. وبالتالي فإن المستهلك له تأثير قوي على الإنتاج العضوي. ثانيًا، الزراعة العضوية القائمة على الخدمات. وفي بلدان مثل الاتحاد الأوروبي، يتوفر الدعم للزراعة العضوية لتوليد السلع والخدمات البيئية، مثل الحد من تلوث المياه الجوفية أو خلق مناظر طبيعية أكثر تنوعا بيولوجيا. أما ثالثًا فالزراعة العضوية التي يقودها المزارعون، ويعتقد بعض المزارعين أن الزراعة التقليدية غير مستدامة، وقد طوروا أساليب إنتاج بديلة لتحسين صحة أسرهم والاقتصادات الزراعية بالإضافة إلى الاعتماد على الذات. في العديد من البلدان النامية، تُعتمد الزراعة العضوية كوسيلة لتحسين الأمن الغذائي الأسري أو لتحقيق خفض تكاليف المدخلات، ولا تُباع المنتجات بالضرورة في السوق أو تُباع دون تمييز في الأسعار لأنها غير معتمدة. وفي البلدان المتقدمة، يعمل صغار المزارعين بشكل متزايد على تطوير قنوات مباشرة لتوصيل المنتجات العضوية غير المعتمدة إلى المستهلكين. في الولايات المتحدة الأمريكية على سبيل المثال، يُعفى المزارعون الذين يقومون بتسويق كميات صغيرة من المنتجات العضوية رسميًا من إصدار الشهادات العضوية.

المنتجات العضوية والصحة العامة

تقلل المنتجات العضوية من مخاطر الصحة العامة التي يتعرض لها عمال المزارع وأسرهم وكذلك المستهلكين عن طريق تقليل تعرضهم للمواد الكيميائية المختلفة والتي قد تكون سامة في أغلب الأحيان ويمكن أن تتراكم في المنتجات الزراعية. وبالتالي، فإن طرح منتجات الأغذية العضوية في السوق يمنح المستهلك خيار اختيار المنتجات المنتجة دون استخدام هذه الكيماويات. لا يساعد الإنتاج العضوي في تقليل المخاطر على الصحة العامة فحسب، بل تظهر الأدلة المتزايدة أن الأغذية المزروعة عضويًا غنية بالمواد المغذية، مثل فيتامين C والحديد والماغنيسيوم والفوسفور، مع تعرض أقل للنترات وبقايا المبيدات الحشرية في الفواكه والخضروات والحبوب المزروعة عضويًا بالمقارنة مع المنتجات المزروعة تقليديا. في حين أن إثبات الفوائد الصحية لتناول طعام معين هو سؤال معقد للإجابة عليه، إلا أن الأدلة تتزايد على أن هناك بعض الملامح الغذائية الصحية المرتبطة باستهلاك المنتجات العضوية المختلفة. على سبيل المثال، وجدت مقالة بحثية نشرت في ديسمبر 2013 في مجلة PLOS ONE أن الحليب العضوي كامل الدسم يحتوي على تركيزات أعلى بكثير من أحماض أوميجا 3 الدهنية المفيدة للقلب مقارنة بحليب الأبقار التي يتم تربيتها في مزارع الألبان المُدارة تقليديًا. وفي الوقت نفسه، وجدت مقالة بحثية نُشرت في مجلة كيمياء الأطعمة أن فول الصويا العضوي يتمتع بمظهر غذائي أكثر صحة من فول الصويا المزروع تقليديًا أو المعدل وراثيًا.

أخيرا وليس آخرا، الزراعة العضوية هي نظام زراعي مستدام يضمن التوازن بين المدخلات والمخرجات وينظمه مجموعة من القوانين، وسيكون التحدي الذي يواجه الزراعة العضوية في المستقبل هو الحفاظ على فوائدها البيئية، وزيادة الإنتاجية، وخفض الأسعار مع مواجهة تحديات تغير المناخ وزيادة عدد سكان العالم.

أ.د. هيثم زكي - أستاذ مشارك بقسم التقنية الحيوية التطبيقية ورئيس قسم البحوث والاستشارات-جامعة التقنية والعلوم التطبيقية بصور- سلطنة عمان

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المنتجات العضویة الزراعة العضویة العضویة فی العضویة ا یجب أن

إقرأ أيضاً:

حزب العدل يجرى انتخابات تكميلية لاستيعاب زيادة العضوية

يجري حزب العدل انتخابات تكميلية للهيئة العليا للحزب، في عدد من المحافظات خلال الأيام المقبلة، لاستيعاب زيادة عدد أعضاء الحزب، وضمانة لتمثيل أصوات كل الأعضاء في الهيئة العليا، بحسب تصريحات صحفية لـ معتز الشناوي، المتحدث الرسمي للحزب. 

اقتراع سري

وينطلق الاقتراع السري اعتبارا من الجمعة 4 أكتوبر، لمدة ثلاثة أيام غير متتالية، إذ يتنافس 83 من المرشحين على 28 مقعدا، بعدد 10 محافظات «القاهرة والجيزة والإسكندرية والدقهلية والغربية وكفر الشيخ والأقصر وأسيوط وسوهاج وأسوان».

تقدم العشرات لخوض الانتخابات 

وأكد المتحدث الرسمي لحزب العدل، تقدم العشرات لخوض الانتخابات الداخلية، مشيرا إلى أنه بعد تلقي الطعون وفحصها وقبول بعضها ورفض البعض الآخر أصبح عدد المتنافسين 83 مرشحا، بمختلف الأمانات الجغرافية.

ومن المقرر إتمام الاقتراع السري لانتخابات الحزب يومي الجمعة والسبت 4 و5 أكتوبر ببعض المحافظات، ثم تستكمل عملية الاقتراع يوم الجمعة 11 أكتوبر في البعض الآخر، ليكتمل بذلك نصاب الهيئة العليا للحزب.

مقالات مشابهة

  • ”البيئة“ تؤكد أهمية التوسع في الزراعة العضوية بدون تربة لمواجهة التحديات
  • لرفع كفاءة الإنتاج الزراعي.. “البيئة” تؤكّد أهمية التوسّع في الزراعة العضوية بدون تربة
  • “البيئة” تؤكّد أهمية التوسّع في الزراعة العضوية بدون تربة للتغلب على التحديات البيئية ورفع كفاءة الإنتاج الزراعي
  • ”حمراء جبة“ ينطلق في حائل بدعمٍ للمزارعين وتعزيزٍ للزراعة المستدامة
  • «البيئة»: المخلفات الزراعية لها أهمية كبيرة وتساهم في صناعة الأعلاف والسماد العضوي
  • رئيس الوزراء: لم تعد لدينا رفاهية وضع تصور لـ4 سنوات مقبلة بسبب الصراعات الإقليمية
  • مدبولي: لم تعد لدينا رفاهية وضع تصور لـ4 سنوات مقبلة بسبب الصراعات الإقليمية
  • إغلاق كافتيريا "هيت برجر" بجزيرة الريم في أبوظبي
  • روسيا: انكماش قطاع التصنيع خلال سبتمبر الماضى للمرة الأولى منذ 28 شهرًا
  • حزب العدل يجرى انتخابات تكميلية لاستيعاب زيادة العضوية