للابتعاد عن الفتن والشهوات.. علي جمعة يحدد ثلاث خطوات اتبعها
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف أن كثير من المسلمين يقولون ، أن الشهوات تغلب عليهم، ثم يبصرون فيستغفرون ويرجعون ويتركون، ثم فورًا ينسون ويعودون إلى الشهوات كما كان الحال، ردعها المسلم فلم ترتدع، وكرر عليها فلم تفعل، وكلما ذهب بها فرارًا إلى الله والى طريق الله خالفته وعصته، ورجعت به إلى طريق الشهوات حتى يكاد ييأس من نفسه ، فكيف المخرج من ذلك؟.
وهنا استشهد علي جمعة بقوله تعالى: (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا * هُوَ الَّذِى يُصَلِّى عَلَيْكُمْ وَمَلائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا * تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا).
وقال جمعة في بيان له عبر صفحته الرسمية بالفيسبوك هذه آياتٌ نتلوها وكثير منا يحفظها، وقفت عندها ورأيت فيها دستورًا في خطوات إذا ما فعلتها أعانتك على طريق الله، فقد أرسل الله لك رسولا ولم يجعله أبًا لأحد من الرجال، ليكون خالصًا في أبوته لأمته، يقول سيدنا ﷺ: (إنما أنا لَكُمْ مِثْلُ الوالِدِ للوَلَدِ؛ أُعَلّمُكُمْ)، وقال تعالى: (وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ) فأي شرف أعظم من هذا..!
كيف تبتعد عن الشهوات والفتنفالخطوة الأولى: أن تجعل نفسك ابنًا للنبي ﷺ حيث إن الله سبحانه وتعالى قد خلاه من الولد، وماتوا جميعًا في حياته ، اعتز بنبيك اعتزازك بأبيك، بل أكثر من ذلك بكثير، بحيث لا تكون هناك مقارنة بين أبيك وبين النبي ﷺ، وقد تصاب العلاقة بينك وبين أبيك بشيء من الكدر أو الفتور، لكنها لا تصاب بينك وبين حبيب الله ﷺ؛ عش معه ؛ وبعد ما أنزلتَ رسول الله ﷺ منزلة المصاحب لك في كل وقت وحين، فإذ بك تستحي أن تفعل الذنب، وتستحي أن لا تكون عندك همة، وتستحي من أن لا تذكر الله أو أن تنقطع عن ذكره سبحانه وتعالى.
أما الخطوة الثانية: أن تذكر الله ذكراً كثيرا (لا يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا بِذِكْرِ الله).
الخطوة الثالثة: أن ترى دائرة النور ودائرة الظلام، النور فيه طاقة وفيه بيان وفيه حلاوة يكشف عن الحقائق، والظلام فيه برودة ورائحته كريهة وأحواله ردية، والله جل جلاله يثني عليك لإتباعك لنبيك، ولإدراكك النور والظلمة، ولذكرك له كثيرا، فينقلك من الظلام إلى النور، ومن الضيق إلى السعة، ومن الاضطراب إلى الأمن والأمان والسلام في الدنيا أولاً، يعنى ستأخذ نصيبك هنا في الدنيا -لأن كثيرًا من الناس قد تعلقت قلوبهم بالدنيا، ولا يمكن أن نجذبهم إلى الله إلا منها- ، وله ملكوت السموات والأرض، ثم بعد ذلك يعطيك في الآخرة.
ثم انظر في هذه الكلمات التي لا يمكن لبشر أن يكتبها، إنما هي من عند الله (وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا) فسيكون فيه إعداد؛ عندما تعد لضيفك الطعام فإنك تتجهز له، بخلاف الطارق الذي يأتي من غير إعداد فإنك تقدم له ما وجد كثر أو قل، لكن هنا فيه إعداد ، والكرم حب والحب عطاء ، فالله يعطيك من غير مقابل من غير حساب، والكرم مستمر، و(كريم) أي نفيس جيد غالٍ في مادته؛ فالأجر في مادته سيكون نفيسًا وفى شكله وفى مضمونه وفى أثره وفى تلذذك به.
أيها المسلم، إذا أردت أن تُنقل من دوامة الشهوات إلى طريق الله فعليك باتخاذ النبي ﷺ والدًا لك ومصاحبًا في طريقك إلى الله؛ فإنه هو المبشر والنذير والشاهد والآخذ بيدك إليه سبحانه ، واذكر الله ذكرًا كثيرا، وانتقل من دائرة الظلمة إلى دائرة النور بصلاة الله وملائكته عليك.
ثم بعد ذلك استحضر نفاسة أجر الآخرة في مقابلة تفاهة الدنيا بما فيها ومن فيها، فإذا فهمت ذلك واستوعبته وغيرت مفهومك عن الحياة الدنيا وعن الآخرة، واستصحبت رسول الله ﷺ معك كل يوم، فسيعينك ذلك على نفسك في طريق ربك.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: الدكتور علي جمعة دار الإفتاء
إقرأ أيضاً:
حكم من سها في الصلاة ونسي سجود السهو .. علي جمعة يوضح
قال الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق، إن سجود السهو يُعد سُنة، وإذا تركه المصلي فصلاته تظل صحيحة ولا تبطل بتركه.
وأضاف في إجابته عن سؤال: «ما حكم من نسي سجود السهو؟» أن هذا السجود يُؤدى كجزء مكمّل للصلاة، وبالتالي إذا نسيه المصلي أو نسي إحدى سجدتي السهو، فلا شيء عليه، وتبقى صلاته صحيحة.
من جانبه، أوضح مجمع البحوث الإسلامية أن سجود السهو سنة وليس فرضًا، وقد شُرع لتعويض الخلل الذي قد يقع في الصلاة سواء بالزيادة أو النقص.
وبيّن المجمع، ردًا على سؤال «ما هي أحكام السهو في الصلاة؟»، أن سجود السهو يتكوّن من سجدتين يؤديهما المصلي قبل السلام أو بعده، واستدل بحديث النبي -صلى الله عليه وسلم-: «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ فَلَمْ يَدْرِ كَمْ صَلَّى ثَلاَثًا أَمْ أَرْبَعًا فَلْيَطْرَحِ الشَّكَّ وَلْيَبْنِ عَلَى مَا اسْتَيْقَنَ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْنِ قَبْلَ أَنْ يُسَلِّمَ...» رواه مسلم.
وذكر المجمع أن هناك حالات يُشرع فيها سجود السهو، منها: أولًا إذا سلّم المصلي قبل إتمام صلاته، ثانيًا عند الزيادة في الصلاة، ثالثًا عند نسيان التشهد الأول أو أي من سنن الصلاة، ورابعًا عند الشك في عدد الركعات، كمن شك إن كان صلى ركعة أو اثنتين فيعتبرها واحدة ويسجد للسهو.
علاج السهو في الصلاة
أما عن علاج السهو في الصلاة، فبيّن المجمع أنه يمكن للمصلي التغلب على هذه المشكلة من خلال أربعة أمور: أولًا استحضار عظمة الله أثناء الصلاة، ثانيًا محاولة التركيز، ثالثًا عدم الانشغال بأمور الدنيا بعد الدخول في الصلاة، ورابعًا الإقبال على الله تعالى بقلبه.
وأكدت لجنة الفتوى بمجمع البحوث الإسلامية أيضًا أن سجود السهو مشروع، وسُنته سجدتان يسجدهما المصلي قبل السلام أو بعده، مشيرة إلى حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- «إِذَا شَكَّ أَحَدُكُمْ فِى صَلاَتِهِ...» وفي الصحيحين قصة ذي اليدين، حيث سجد النبي بعد أن سلّم.
هل الأفضل سجود السهو قبل التسليم أم بعده
وفيما يخص موضع سجود السهو، بيّن المجمع أنه لا خلاف بين الفقهاء في جواز السجود قبل السلام أو بعده، إلا أنهم اختلفوا في الأفضل، حيث يرى الإمام أبو حنيفة أن الأولى أن يكون بعد السلام في حالتي الزيادة والنقص، بينما يرى الإمام مالك أن الأفضل أن يكون قبل السلام إذا كان السهو لنقص، وبعده إذا كان لزيادة، أما الإمام الشافعي فرأى أن السجود قبل السلام هو الأولى في الحالتين، في حين أن الحنابلة يُخيّرون المصلي بين الأمرين.
أما الإمام أحمد بن حنبل، فذهب إلى أن السجود يكون قبل السلام إلا في حالتين يُسجد فيهما بعد السلام، كما نقل الإمام ابن قدامة، وهما: إذا سلّم المصلي قبل تمام صلاته، أو إذا اجتهد الإمام في تحرّي الصواب وبنى على غالب ظنه.
ويُختصر بحث سجود السهو في الآتي: هو سجدتان كصفة سجدتي الصلاة، يُشرعان لجبر الخلل، سواء كان بسبب الزيادة أو النقص أو الشك. وليس السهو دليلًا على الغفلة، بل هو أمر بشري، حتى النبي -صلى الله عليه وسلم- سها في صلاته. وإذا شك المصلي وتحرّى، سجد بعد السلام، أما إذا شك ولم يترجح له شيء، فيسجد قبل السلام.