سيكولوجية الابادة الجماعية في غزة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
20 نوفمبر، 2023
بغداد/المسلة الحدث:
ابراهيم العبادي
يصنف الصراع بين المسلمين واليهودالصهاينة على ارض فلسطين بانه من نوع الصراعات المتصلبة ،والصراعات المتصلبة بحسب عالم النفس ديفيد بارتال هي تلك التي تمتد لاكثر من جيل وتنطوي على مواجهات عديدة عبر الزمن تنتج الكثير من الكراهية والبغضاء وتتسم بعنفها الشديد وتتجاوز قتل الجنود والمعارضين المسلحين الى قتل المدنيين بما في ذلك النساء والاطفال وتدمير الممتلكات واقتراف الفضائع وتخلق مشكلة لاجئين ،تتصف هذه الصراعات ايضا بانها من النوع الذي يصعب معالجته لانها تكون شاملة للوجود المادي ،الارض ،الموارد ،المياه ،والوجود غير المادي ،كالهوية والقيم والمقدسات والدين ،تصعب تسوية هذه الصراعات لانها ذات طبيعة صفرية ،Zero sum ,فهي تنطوي على نفي الاخر وكل مكسب يحصل عليه طرف يمثل خسارة للطرف الاخر ،وتحتل قضايا هذا الصراع المركزية في التفكير والاهتمامات لانها تتعلق بالامن والوجود والحاضر والمستقبل والفرص والتهديدات ،ولذا تنتقل من جيل الى اخر ،فالشعب الفلسطيني الذي عانى من الاحتلال صار يعرف اجياله على النحو التالي ،جيل النكبة 1948،وجيل النكسة 1967،وجيل الانتفاضة 2000 ،وكل جيل يحمل في ذاكرته قضايا مأساته التاريخية مستذكرا قسوة الطرف المعادي وظلم المجتمع الدولي وتغطيته لجرائم الاحتلال ،الذي اقتلع شعبا من ارضه بالتهديد والتشريد والقتل الجماعي ليصل الى مرحلة الابادة الجماعية .
عام 1994 بانها ابادة جماعية لعرقية التوتسي للتنصل من الالتزام الاخلاقي الذي يفرض التدخل الفعال لمنع الابادة الجماعية .
لاتحصل الابادة الجماعية الا بعد ان يصبح الصراع شاملا وصفريا ،اما نحن او هم ،وعلاقة النفي بين الانا والاخر تستلزم تعبئة نفسية تقوم على الكراهية الشديدة وتمتد على متصل نفسي طرفه الاول رفع قيمة الذات وتمجيدها وطرفه الثاني تبخيس الاخر والحط من قيمته وتجريده من صفاته الانسانية لنبذه وتصوير عملية ابادته بانه عمل مشروع واخلاقي لانه (همجي ، وحشي ،ارهابي ،قاتل ،بربري ) ويمكن اسباغ صفات سياسية معاصرة عليه كونه نازي،فاشي، مخرب ،ان هذا التبخيس يقوم بوظيفة نفسية هي نزع الشرعية كما يسميها بارتال ، اذ يساعد نزع الشرعية على التخفيف من التوتر والقلق وعذاب الضمير المرتبط عادة بالافعال العنيفة التي يمارسها الانسان ،فيحتاج الى اقناع نفسه واقناع الاخرين بان مايقوم به عمل مشروع للدفاع عن النفس والقضاء على التهديد ،ويتعزز ذلك بلوم الضحية وتحميله المسؤولية عما يحصل له ،
ان الابادة الجماعية التي تحصل في غزة منذ يوم 7 اكتوبر ،لم تكن رد فعل ضد تهديد امني فحسب ،بل كانت عمل ينم عن ايديولوجيا التفوق المتسم بشحنة عدوانية كبيرة مصحوبة بجنون الانتقام والثأر لما قامت به حماس يوم 7 اكتوبر /تشرين الاول ،وماكانت عملية الابادة لتتم بهذه الفضاعات دون تفويض سياسي من القوى الدولية الحامية للدولة العبرية ،فقد سمح لهذه الابادة ان تستمر بدعوى القضاء النهائي على تهديد حماس واقتلاع مؤسساتها وسلطاتها وبناها التحتية ،واصبح شعب غزة ومؤسساته الخدمية مستحقا للقتل والموت والتشريد والتحطيم لانه (حيوانات بشرية )بوصف وزير الحرب يوآف غالانت ،فيما لم يتردد وزير التراث وشؤون القدس عمحاي شلومي في الترويج لخيار القنبلة الذرية لتدمير غزة وانهاء التهديد على طريقة قنبلتي هيروشيما وناكازاكي التي القتهما الولايات المتحدة عام 1945 لحمل اليابان على الاستسلام ،وكان الجدل الاخلاقي يومها وبعدها يدور بين القبول بمشروعية قتل 140 الف انسان ياياني لوقف الحرب ، او الاستمرار في الحرب ومقتل عشرات الالاف او اكثر ، ولم يكن الجدل يتركز على المشروعية الاخلاقية لاستخدام وسائل التدمير الجماعي واسلحة الدمار الشامل من عدمها ،المثير في حرب غزة ان الكثير من الساسة الغربيين عاد يبرر الابادة الجماعية التي مارستها حكومة الحرب الاسرائيلية وواصلوا سياسة رفض وقف الحرب مكتفين بالدعوة الى هدنة مؤقتة وادخال المساعدات لانهم يريدون لجيش الاحتلال ان يقضي نهائيا على تهديد الحركات الاسلامية حتى لوكانت الكلفة البشرية القضاء على عشرات الالاف من المدنيين وتحطيم وجودهم ،وهذا تكريس لنظرية ومنطق الاستبعاد الاخلاقي والانساني (للاخر )كما تقول عالمة النفس الامريكية سوزان اوبوتو ،بل هو تبرئة للمجرم ومكافئته على فعله, بذريعة قيامه باداء (واجب اخلاقي)!!!!؟ ،لكن ماذا عن وجهة النظر المنطقية التي عبر عنها الامين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيرش (احداث غزة لم تأت من فراغ ) ؟ لاشيء غير الصمت من زعماء الغرب ،اما وزير الخارجية الاسرائيلي فقد اعتبرها كفرا سياسيا لايجوز النطق به ،فواجب العالم اجمع حسبما يقول هو الوقوف مع دولته في الصدمة النفسية والامنية التي تعرضت لها ،ولان عقدة التفوق وحيونة الاخر Dehumanization هي المهيمنة على العقل السياسي والديني الصهيوني فقد استمرت حرب الابادة (حتى على اطفال غزة الخدج ) كاشفة عن عقيدة عسكرية تحتقر الحياة البشرية لمن تصنفهم خصوما لها دونما وازع اخلاقي او خشية من مسائلة بل ان غالبية المجتمع صار معبئا بايديولوجية الابادة ، ينطق عنهم وزير الحرب موجها جنوده للقتال والقضاء على حماس : (انتم تعرفون كيف تفعلون ذلك بطريقة فتاكة ).!
المسلة – متابعة – وكالات
النص الذي يتضمن اسم الكاتب او الجهة او الوكالة، لايعبّر بالضرورة عن وجهة نظر المسلة، والمصدر هو المسؤول عن المحتوى. ومسؤولية المسلة هو في نقل الأخبار بحيادية، والدفاع عن حرية الرأي بأعلى مستوياتها.
المصدر: المسلة
كلمات دلالية: الابادة الجماعیة
إقرأ أيضاً:
احتفالات وحذر وترقب في قطاع غزة بعد 15 شهرا من حرب الإبادة الجماعية
بعد 15 شهراً من حرب الإبادة، دخل اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، أمس، حيز التنفيذ، فى الساعة الـ11:15 صباحاً، بعد أن أتت الحرب على أكثر من 157 ألف شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وخلَّفت ما يزيد على 11 ألف مفقود، ودمارا هائلا ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين، فى إحدى أسوأ الكوارث الإنسانية بالعالم.
الدكتور خليل الدكران، المتحدث باسم وزارة الصحة الفلسطينية، رصد احتفال أبناء الشعب الفلسطيني باتفاق وقف إطلاق النار فى غزة وإنهاء حرب الإبادة الجماعية التي تواصلت لأكثر من 15 شهراً، عمد خلالها جيش الاحتلال إلى تدمير الأخضر واليابس.
قال «الدكران»، فى مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، إن هناك تعليمات للمواطنين الفلسطينيين بأخذ الحيطة والحذر من الأماكن التى يوجد فيها الجيش الإسرائيلى ولم يجرِ الانسحاب منها، خصوصاً أن الاحتلال استهدف مناطق المواطنين فى المناطق الشمالية، كما أن الطائرات الإسرائيلية كانت تحلّق فى سماء المحافظة الوسطى حتى قُبيل تنفيذ وقف إطلاق النار.
وتابع: «الشعب الفلسطينى لم يستسلم أو يرفع الراية البيضاء خلال الأشهر الماضية، رغم أنه ضحَّى بأكثر من 160 ألف شهيد ومصاب خلال فترة العدوان الإسرائيلى»، لافتاً إلى أنّه منذ الساعة الـ8:30 صباح أمس، وحتى إعلان بدء تنفيذ الهدنة بلغ أعداد الضحايا 10 شهداء، بخلاف عشرات الإصابات التى وصلت إلى مستشفيات قطاع غزة التى ما زالت تعمل بشكل جزئى مثل المستشفى الأوروبى وناصر وشهداء الأقصى فى المحافظة الوسطى وخان يونس، وفى غزة يتمّ استقبالهم فى مستشفى المعمدانى، كما أن مستشفى الشفاء يعمل به قسم الاستقبال فقط.
تنسيق عمل الفرق الحكومية الميدانية فى «القطاع» مع المؤسسات الأهلية والدوليةوقال أمجد الشوا، مدير شبكة المنظمات الأهلية الفلسطينية، إنّ الاحتلال واصل، أمس، استهداف المواطنين الفلسطينيين الذين بدأوا فى العودة إلى مناطق سكنهم، فى رفح وخان يونس وجباليا وبيت لاهيا، قُبيل بدء سريان تنفيذ وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، موضحاً أن هناك استهدافات متتالية أسفرت عن سقوط 10 شهداء وعشرات المصابين.
وأضاف «الشوا»، فى مداخلة هاتفية عبر قناة «القاهرة الإخبارية»، أنّ هذه الانتهاكات المستمرة تعكس تعمّد الاحتلال الإسرائيلى قتل المدنيين الفلسطينيين وتنغيص فرحتهم فى الوصول إلى اتفاق وقف إطلاق النار فى قطاع غزة، مشيراً إلى أنه منذ ساعات الصباح، أمس، حاول الاحتلال ارتكاب المزيد من الجرائم قبل دخول الاتفاق حيز التنفيذ.
وتابع: «الدولة المصرية لعبت دوراً مهماً فى تحقيق الاتفاق، كما أن هناك اصطفافاً لشاحنات المساعدات الإنسانية والإغاثية فى معبر رفح أرسلتها مصر»، لافتاً إلى أن قطاع غزة يحتاج الآن إلى كل شىء فى ظل ما شهده من كوارث وحصار إسرائيلى على شتى الطرق، وبالتالى يريد المزيد من المساعدات، من مواد غذائية وطبية ومستلزمات الإيواء من خيام وغيرها.
من جانبها، عقدت الحكومة الفلسطينية اجتماعاً خاصاً لرفع مستوى التنسيق بين مختلف الوزارات والهيئات الرسمية العاملة فى قطاع غزة، وعلى رأسها وزارة التنمية الاجتماعية والإغاثة، والأشغال العامة، والحكم المحلى، والصحة، وسلطتا المياه والطاقة، وجمعية الهلال الأحمر، لتنسيق عمل الفرق الحكومية الميدانية فى القطاع، ومختلف المؤسسات الأهلية والدولية العاملة على الأرض.
«أبو الرب»: رفع قدرة المؤسسات الصحية لعلاج الجرحىوقال مدير مكتب الاتصال الحكومى الفلسطينى، محمد أبوالرب، هناك تنسيق عالٍ بين الحكومة والمؤسسات الدولية الإغاثية المعنية بالتحرك الإغاثى والاستجابة الطارئة فى القطاع، وعلى رأسها التنسيق بين وزارة الأشغال العامة وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائى «UNDP»، للبدء فى المرحلة الأولى من تنفيذ خطة إزالة الركام فى المناطق الحيوية فى القطاع، بالتنسيق مع هيئات الحكم المحلى، إلى جانب التنسيق بين وزارة الصحة والمؤسسات الدولية العاملة فى القطاع الصحى، لرفع قدرة المؤسسات الصحية على الاستجابة الطارئة لتقديم العلاج لعشرات آلاف الجرحى، بحسب وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا».
«أبومازن» يتسلم خطة الحكومة الفلسطينية لإغاثة غزةمن جهة أخرى، تسلم الرئيس الفلسطينى محمود عباس أبومازن، أمس، خطة الإغاثة والإنعاش المبكر والاستجابة الطارئة لقطاع غزة التى أعدتها الحكومة الفلسطينية لمواجهة الوضع الطارئ فى القطاع.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية «وفا» أن «أبومازن» استقبل، أمس، رئيس الوزراء الفلسطينى وزير الخارجية محمد مصطفى، فى مقر الرئاسة بمدينة رام الله، والذى سلمه خطة إغاثة القطاع.
وقال «مصطفى» إن المرحلة الأولى من الخطة تركز على الاستجابة الطارئة فى غزة خلال الـ6 أشهر الأولى لوقف العدوان الإسرائيلى، موضحاً أن الخطة تمت بالتنسيق مع الجهات الأممية والدولية ذات العلاقة لضمان أكبر دعم دولى لتنفيذ هذه الخطة فى ظل الدمار الكبير الذى خلَّفه العدوان الإسرائيلى والتدمير الممنهج الذى انتهجته قوات الاحتلال فى قطاع غزة.
وأشار رئيس الوزراء الفلسطينى إلى أنه تم التركيز على رفع مستوى التنسيق مع المؤسسات الإغاثية الدولية من أجل الإسراع فى إدخال المساعدات الإغاثية، ووصولها بالشكل الكافى لأبناء الشعب الفلسطينى، وإزالة الركام عن الطرق الرئيسية والمؤسسات الرئيسية كالمستشفيات وغيرها، وتقديم ما أمكن من الخدمات الأساسية للتجمعات السكانية، والإيواء المؤقت للمواطنين الذين دُمرت منازلهم، وتمكين الأطفال من إكمال تعليمهم.
وفى السياق، أكد وزير الاقتصاد الفلسطينى محمد العامور جاهزية الوزارة لممارسة مهامها وتحمل مسئولياتها فى قطاع غزة بالتنسيق والشراكة الكاملة مع مؤسسات القطاع الخاص، لافتاً إلى تعليماته لموظفى الوزارة فى قطاع غزة للقيام بواجباتهم فى متابعة سير العمل وضمان تقديم الخدمات اللوجيستية الضرورية.
جاء ذلك خلال لقائه، أمس، عبر تقنية الفيديو كونفرانس، مع مؤسسات القطاع الخاص فى غزة، لبحث ترتيبات وإجراءات متابعة الوضع الاقتصادى بالقطاع فى ظل وقف إطلاق النار، والوقف الكامل للحرب الإسرائيلية، وذلك ضمن الخطة الحكومية لرفع مستوى التنسيق والمتابعة لتنفيذ الخطة الحكومية لإغاثة الأهالى فى غزة. ونظراً لتدمير مقر الوزارة فى غزة، أشار المجتمعون إلى توفير مقرات مؤقتة لضمان استمرارية العمل وتقديم الخدمات الأساسية بشكل فورى.
الاحتلال واصل استهداف المواطنين العائدين إلى «خان يونس وجباليا وبيت لاهيا»وكانت «الوطن» قد حصلت على قائمة بأسماء الأسرى الفلسطينيين فى سجون الاحتلال الذين أفرج عنهم أمس الأحد فى صفقة التبادل مع الاحتلال الإسرائيلى. فى الوقت الذى أعلن فيه جيش الاحتلال الإسرائيلى عن تسلّم المحتجزات الإسرائيليات الثلاث من الصليب الأحمر الدولى، وأفاد مراسل قناة القاهرة الإخبارية بأنه جرى تسليم المحتجزات الإسرائيليات الثلاث للصليب الأحمر الدولى فى غزة، وإسرائيل تلقت مؤشرات من الصليب الأحمر بأن المحتجزات بصحة جيدة.