الإمارات.. جهود شاملة لتعزيز استدامة قطاع طيران
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
تشهد دولة الإمارات العربية المتحدة طفرة ملحوظة في مجال الاستدامة في قطاع الطيران، إذ تسعى الأطراف الحكومية والخاصة كافة إلى تحقيق توازن فعّال بين تلبية احتياجات النقل الجوي المتزايدة وفي الوقت نفسه الحفاظ على البيئة وذلك في إطار استراتيجية شاملة.
الطفرة التي تشهدها صناعة الطيران في مجال الاستدامة لا تقتصر على مجال معين، بل تشمل الجهات والنواحي كافة، بدءا من المطارات مروراً بشركات الطيران على اختلافها، وجهود صناعة الوقود المستدام، وصولاً إلى قطاع صناعي أكثر استدامة في مجال الطيران، وفي هذا المجال تبذل دولة الإمارات جهودا كبيرة لإنشاء بنية تحتية مبتكرة، مع تطوير مطارات أكثر صداقة مع البيئة واعتماد تقنيات الطيران الذكي لتحسين كفاءة الرحلات وتقليل استهلاك الطاقة.
وتسعى مطارات الدولة إلى تخفيض انبعاثاتها من الكربون، فقد وضعت مطارات دبي أهدافاً طموحة لخفض انبعاثات الكربون الناتج عن تشغيل مطار دبي الدولي بشكلٍ كبير بحلول عام 2030، وتوجيه الانتباه للطاقة والماء والنفايات واستهلاك الوقود، فيما يلتزم مطار دبي بالعمل عن كثب مع شركات الطيران وأصحاب المصلحة الآخرين لتعزيز ممارسات الطيران المستدامة.
وتشمل مبادرات مطارات دبي تحسين كفاءة وفاعلية الكثير من العمليات والخدمات داخل المطار مثل الإضاءة المحسنة والتعهد بإعادة توجيه 60% من النفايات من مكبات مدافن النفايات، وتبني حلول الطاقة النظيفة واعتماد نماذج نقل صديقة للبيئة، واستخدام وقود الطيران المستدام ومصادر الطاقة المتجددة في الإضاءة والتدفئة والتهوية وتكييف الهواء.
وفي مطار أبوظبي تعد الاستدامة ركيزة أساسية في تصميم مبنى المسافرين A، إذ تم تركيب 7540 لوحا لتوليد الطاقة الشمسية في مواقف السيارات، بهدف تظليل السيارات وتقليل انبعاثات الكربون، وهو ما يسهم في تخفيض الانبعاثات بمقدار 5300 طن من ثاني أكسيد الكربون سنويًا، ما يعادل الانبعاثات الصادرة عن 1060 مركبة متوسطة للاستخدام العائلي لمدة 12 شهرًا.
جدير بالذكر أن مبنى المسافرين A حاصل على اعتماد “المباني الخضراء” بموجب نظام تقييم المباني “PBRS” مع تقييم 3 لآلئ للتصميم، في حين أن أكثر من 70% من النباتات المستخدمة في منطقة المبنى أنواع محلية قابلة للتكيف ومقاومة للجفاف والملوحة.
وخلال إنشاء المبنى تمت إعادة تدوير أكثر من 90% من الفولاذ المستخدم واعتماد 82% من الأخشاب المستخدمة التي تم الحصول عليها من مصادر قانونية ومستدامة، كما تم تركيب المواد والتجهيزات الخاصة بكفاءة استخدام المياه في جميع أنحاء المبنى ما أدى إلى تقليل استهلاك المياه بنسبة 45% مقارنة بأرقام معيار استدامة.
وتظهر جهود دولة الإمارات في مجال الاستدامة من خلال ما تقوم به شركات الطيران في الدولة كطيران الاتحاد وطيران الإمارات من تشجيع وتبني الابتكار والتطوير المستدام للإسهام في حماية البيئة وتحقيق تنمية مستدامة على المدى الطويل؛ حيث تقود “الاتحاد” عملية تطوير أنواع من الوقود المستدام الجديد للحد بشكل كبير من انبعاثات الكربون، عن طريق إنتاج أنواع الوقود الحيوي من النباتات التي تتحمل المياه المالحة، وتتعهد بتحقيق صافي انبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
وترتكز استراتيجية الاستدامة في “الاتحاد للطيران” على مبادئ تحقيق الانخفاض في الانبعاثات الكربونية من خلال تطبيق إجراءات خاصة بقطاع الطيران، بالتوافق مع خطط وأطر العمل الطوعية التي يطبّقها الشركاء في القطاع، وبالتعاون مع الهيئات المعنية، إضافة إلى اعتماد الشفافية والحلول الاستباقية لمعالجة قضايا الاستدامة، ومواصلة تطوير خريطة طريق استراتيجية لتحقيق هذه الأهداف.
ومن جهتها تتبنى طيران الإمارات، العديد من المبادرات الهادفة إلى دعم وترسيخ قطاع طيران أكثر استدامة وصداقة مع البيئة، من بينها تخصيص 200 مليون دولار أميركي لتمويل مشاريع البحث والتطوير التي تركز على الحد من تأثير الوقود الأحفوري في عمليات الطيران التجاري، وذلك في أكبر التزام منفرد من قبل ناقلة جوية بشأن الاستدامة.
وتركز سياسة واستراتيجية طيران الإمارات البيئية طويلة الأمد أنشطتها على 3 مجالات، تشمل الحد من الانبعاثات، والاستهلاك المسؤول، والحفاظ على الحياة البرية والموائل.
وأكملت طيران الإمارات بنجاح أول رحلة تجريبية عمل أحد محركي الطائرة فيها بوقود مستدام بنسبة 100%، وهي تواصل المشاركة بنشاط في سوق هذا النوع من الوقود والبحث عن فرص لاستخدامه ضمن شبكتها، وتشارك في عدد من مجموعات العمل في الصناعة والجهات ذات الصلة بمبادرات وقود الطيران المستدام.
ويحظى ملف الوقود في قطاع الطيران باهتمام بارز في الأجندة الوطنية لدولة الإمارات، حيث أثمر هذا الاهتمام عن تأسيس لجنة الوقود المستدام والوقود منخفض الكربون لقطاع الطيران في الدولة عام 2020، برئاسة معالي وزير الطاقة والبنية التحتية، وعضوية وزارة الخارجية، ووزارة التغير المناخي والبيئة، ووزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ووزارة الاقتصاد، والهيئة العامة للطيران المدني، وشركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك”.
وتسعى اللجنة إلى الإسهام في وضع استراتيجية سياسة عامة للدولة حول وقود الطائرات المستدام والوقود منخفض الكربون في قطاع الطيران، وتشجيع الشراكة مع القطاع الخاص ودعوة المستثمرين للاستثمار في الطاقة المستدامة في هذا القطاع، وتطوير الدراسات والبحوث العلمية في المجالات ذات الصلة بالوقود المستدام للطائرات والوقود منخفض الكربون، ودعم الهيئة العامة للطيران المدني في المفاوضات الدولية والإقليمية ذات الصلة بالتغير المناخي.
وتقود شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، العديد من الجهود لدعم تنمية قطاع وقود الطيران المستدام في دولة الإمارات والعالم، وقد وقعت في هذا المجال اتفاقيات مع شركة بوينغ وشركة إيرباص، الأمر الذي من شأنه دعم التوجهات نحو تحقيق الحياد المناخي لقطاع الطيران التجاري بحلول 2050.
ومن جهة أخرى أعلنت “أدنوك” في أكتوبر الماضي عن حصول مصفاة الرويس التابعة لها على الشهادة الدولية للاستدامة والكربون لإنتاج وقود الطيران المستدام، ما يجعلها الشركة الأولى على مستوى الشرق الأوسط التي تحصل على هذا التقدير الدولي المميز، الذي يؤكد التزامها الراسخ بالتعاون مع عملائها لتسريع جهودهم لخفض الانبعاثات.
وبحصولها على الشهادة الدولية لإنتاج وقود الطائرات المستدام من خلال المعالجة المشتركة باستخدام مصافي التكرير الحالية، وفقاً لخطة التعويض عن الكربون وخفضه في مجال الطيران الدولي، ستتمكن “أدنوك” من تزويد شركات الطيران الدولية في “مطار أبوظبي الدولي” بالوقود المستدام الذي يتم إنتاجه باستخدام زيوت الطهي المستعملة، كمادة أولية يتم مزجها بوقود الطائرات في مصفاة “الرويس”.وام
المصدر: جريدة الوطن
كلمات دلالية: وقود الطیران المستدام انبعاثات الکربون الوقود المستدام طیران الإمارات دولة الإمارات قطاع الطیران فی مجال
إقرأ أيضاً:
في قلب الضبعة| كيف بدأت مصر رحلة تخزين وقود المستقبل
أعلنت الهيئة المصرية للطاقة النووية تحقيق إنجاز كبير في إطار خطتها لتطوير البنية التحتية للطاقة النووية.
قال الدكتور أمجد الوكيل رئيس هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء، بأن الهيئة قد حققت بنهاية عام 2024 خطوة جديدة في مسار تحقيق الحلم المصري لإنشاء أول محطة نووية مصرية لتوليد الكهرباء، حيث نجحت الهيئة في الحصول على إذن إنشاء منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك لمحطة الضبعة النووية، وهو الأمر الذي يتماشى مع الجدول الزمني لتنفيذ المشروع.
حيث تقدمت هيئة المحطات النووية بطلب للحصول على إذن الإنشاء لمنشأة تخزين الوقود النووي المستهلك من هيئة الرقابة النووية والإشعاعية بتاريخ 12 يونيو 2024، وذلك بعد استيفاء الوثائق والمستندات اللازمة وفقًا للمادة رقم 13 من اللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الأنشطة النووية والإشعاعية قانون رقم 7 لسنة 2010 وتحقيق التوافق على الوثائق التصميمية والفنية من خلال المختصين من هيئة المحطات النووية.
وقد أصدرت هيئة الرقابة النووية والإشعاعية إذن إنشاء منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك في جلستها رقم 7 المنعقدة بتاريخ 31 ديسمبر 2024، تتويجًا لسلسلة من الاجتماعات الفنية الناجحة بين المختصين من هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء وهيئة الرقابة النووية والإشعاعية.
بالإضافة إلي الزيارة التفتيشية الناجحة بهدف التأكد من جاهزية هيئة المحطات النووية لبدء عملية إنشاء منشأة تخزين الوقود النووي المستهلك من قبل ممثلى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية في الفترة من 1-5 ديسمبر 2024 بموقع المحطة النووية بالضبعة.
ومن المخطط أن يتبع حصول هيئة المحطات النووية لتوليد الكهرباء على إذن الإنشاء، بدء تنفيذ الأعمال الإنشائية لمنشأة تخزين الوقود النووي المستهلك خلال العام الجاري.
من جانبه، قال الدكتور علي عبد النبي، خبير الطاقة ونائب رئيس الهيئة سابقًا، أن بناء المحطات النووية في مصر يمثل خطوة استراتيجية نحو تأمين وقود المستقبل، مشيراً إلى أن خلال مشروع الضبعة النووي، تأمل الهيئة في تطوير مصادر طاقة موثوقة ومستدامة تسهم في تلبية احتياجات الكهرباء المتزايدة في المستقبل، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتسهم المحطات النووية في توفير طاقة نظيفة وآمنة بعيدة عن الاعتماد على الوقود الأحفوري، مما يعزز قدرة مصر على تأمين احتياجاتها من الطاقة للأجيال القادمة.
وأشار عبد النبي لـ صدى البلد، أن المشروع تم تنفيذه مع روسيا عبر ثلاث مراحل رئيسية المرحلة الأولى بدأت في ديسمبر 2017، وركزت على تجهيز الموقع للبناء، ثم تلتها المرحلة الثانية التي شملت بناء المحطة، تدريب العاملين، والاستعداد لاختبارات التشغيل، أما المرحلة الأخيرة فشملت إجراء اختبارات التشغيل الفعلي وتكريس المحطة للعمل بشكل مستمر.
وأوضح عبد النبي أن محطة الضبعة تمثل بداية لمشروع نووي ضخم يستهدف إنشاء 20 إلى 30 محطة في المستقبل. وقد تم تحديد موقع الضبعة ليشمل ما بين 8 إلى 12 وحدة نووية، مع وجود خطط للتوسع في مناطق أخرى مثل “غرب الضبعة”، مما يساهم في تلبية احتياجات الطاقة المصرية.
أكد عبد النبي أن محطة الضبعة النووية تحقق العديد من المكاسب لمصر، بما في ذلك توطين التكنولوجيا النووية، تنوع مصادر الطاقة، توفير طاقة نظيفة ومستدامة، وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتساهم في تحسين الاقتصاد المصري من خلال فرص العمل، تدريب الكوادر المحلية، وتعزيز البنية التحتية في المنطقة
جدير بالذكر بأن تلك الخطوة تُعد أحد أهم المعالم الرئيسية في مسيرة تنفيذ مشروع المحطة النووية بالضبعة، والذي من خلاله سيتم ضمان تحقيق التخزين الآمن للوقود النووي المستهلك الذي انتهت صلاحيته واستُهلك كوقود في المفاعلات النووية تخزينًا جافًا وآمنًا بأعلى تقنيات علمية حديثة، لمدة تصل إلى 100 عام وفقًا لأعلى معايير الأمان النووي وحماية البيئة، وهي الخطوة التي تعكس الدور الريادي لمصر في تنفيذ البرنامج النووي المصري بما يتماشى مع المتطلبات الوطنية والمعايير الدولية.
تُعد محطة الضبعة النووية أحد المشروعات القومية العملاقة التي تسعى الدولة من خلالها إلى تحقيق نقلة نوعية في قطاع الطاقة بمصر، وتُساهم المحطة في تلبية الاحتياجات المتزايدة من الكهرباء، خاصة مع التوسع في المشروعات القومية والبنية التحتية، مما يدعم التنمية الاقتصادية والصناعية.
تعتبر محطة الضبعة رمزًا لتنوع مصادر الطاقة في مصر، حيث تعتمد على التكنولوجيا النووية النظيفة التي توفر كهرباء مستدامة مع تقليل الانبعاثات الكربونية، مما يجعلها خطوة هامة في مواجهة التغيرات المناخية. إضافة إلى ذلك، تعزز المحطة مكانة مصر كدولة رائدة في المنطقة تسعى للاستفادة من التكنولوجيا النووية لتحقيق التنمية الشاملة.
ولا تتوقف أهمية محطة الضبعة النووية عند توفير مصدر نظيف ومستدام للطاقة فقط، بل تتعدى ذلك لتصبح رمزًا لتطور مصر في مجال التكنولوجيا والطاقة الحديثة، وتعزز المحطة من مكانة مصر إقليميًا ودوليًا كمركز للطاقة النووية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مما يُتيح لها دورًا رياديًا في تطوير وتصدير الخبرات في هذا المجال.