حامد بدر يكتب: انظر يا أبي.. كيف أعدتُ ترتيب العالم؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
باولو كويلو، كاتب برازيلي، له قصص مشهورة ومتداولة، يؤلف حول المجتمع والحياة العامة، كتب قصة قصيرة، حول التربية وثقافة الطفل، يقول:
"كان الأب يحاول أن يقرأ الجريدة، ولكن ابنه الصغير لم يكف عن مضايقته.. وحين تعب الأب من ابنه قام بقطع ورقة في الصحيفة كانت تحوي على خريطة العالم ومزقها إلى قطع صغيرة وقدمها لابنه، وطلب منه إعادة تجميع الخريطة ثم عاد لقراءة صحيفته، ظانا أن الطفل سيبقى مشغولا بقية اليوم، إلا أنه لم تمر خمسة عشر دقيقة حتى عاد الإبن إليه وقد أعاد ترتيب الخريطة، كاملة
فتساءل الأب مذهولًا: هل كانت أمك تعلمك الجغرافيا ؟!
رد الطفل - ببراءة - قائلا: لا.
هنا انتهت القصة
فلينتبهوا..
أعاد بناء الإنسان فأعاد بناء العالم، رُغم رمزية القصة، إلَّا أنَّ طفلًا ببراءة، تمكَّن أن يصلح ما يفسده الكبار، بما لديهم من قدرة وسلطات، تخولُّهم أن يطيحوا بالأحلام، وأن يعصفوا ببقية ما في قلوب الصغار من أمل، فلينتبهوا وليحسنوا تربيتهم بشكل يتلائم مع مرحلة مقبلة تحتاج إلى الكثير من المودة والإرشاد السليم.
ونحن صغارًا كُنَّا نستكشف العالم بأنامل تتحسس المخاطر والخواطر، لا تعدو كونها سلوكيات تستهدف المعرفة، والآن لدينا الطاقات الكامنة، ولا نعرف كيف استثمارها، في عالم تسيطر عليه الصراعات والمادة، وتسارع الخطوات نحو المستقبل المجهول.
أصبحنا اليوم في حاجة أكثر من مُلحَّة، لأن نفهم كيان الطفل، الذي هو أمل المستقبل، فإن تقديم الدعم والرعاية للأطفال يعزز من طموحاتهم ويسهم في بناء شخصياتهم وتشكيل مستقبلهم، وذلك بحماية حقوقهم وتوفير البيئة الصالحة لنموهم، بدنيًا، وعقليًا، وسلوكيًا، ونفسيًا، فلقد أصبحنا في عالم شديد التوترات لا يضمن لهم هذه المناحي المذكورة بأريحية وسهولة.
على ضفة أخرى.. أطفال في أحضان الموت
في غزة نودِّع في مشهد يومي الأطفال الذي ينتقلون إلى جوار ربهم، بعدما سحقتهم آليات العدو الطاغية، في مشهد يدمي قلوب العالمين من المشرق والمغرب، لم يرغبوا في ترتيب العالم، بل في أرض وسلام، في حضن بيت بعيد عن مرمى القذائف المتطايرة بعشوائية، والأشلاء المتفتتة دون معالم.
في ضفة أخرى ليست بعيدة عن أعيينا، ليس هناك احتفال باسم يوم الطفل العالمي، الطفل في غزة، إمَّا قتيلًا أو جريحًا إثر إصابات بالغة بين موت يناديه وحياة تلفظه، أو فاقددًا لطرف أو عضو من أعضائه، وفي جميع الاحوال فهو فاقدًا للحظة من التأمُّل كالتي أنت فيها عزيزي القارئ، فبالطبع لا تتنامى لديه أدنى لحظة من تفكير في غدٍ ينتظره، وربما يظلُّ يبحث عن أهل غير الذين فقدهم إثر هذا الدمار.
في برزخ لا ندريه، يقول طفلٌ: "أنظر يا أبي كيف هي جنَّة أرحم من ضمير العالم؟!"
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: غزة ثقافة الطفل خريطة العالم ابنه الصغير يوم الطفل العالمي الطفل العالمي بناء الإنسان الصراعات باولو كويلو قصة قصيرة حامد بدر يكتب حامد بدر
إقرأ أيضاً:
مجمع البحوث الإسلامية: الطفل أمانة عند والديه
قال مجمع البحوث الإسلامية أن الطفل يعد أمانةً عظيمةً في يد والديه، حيث يُولد قلبه طاهرًا، خاليًا من أي تأثيرات خارجية، وقابلًا للتشكيل والتوجيه، ويُشبه قلب الطفل بجوهرةٍ نفيسةٍ ساذجةٍ، خاليةٍ من كل نقشٍ وصورةٍ، وهو قابلٌ لكل ما يُنقش فيه، ومائلٌ إلى كل ما يُمال به إليه.
إذا عُوِّد الطفل على الخير، وعُلِّم القيم والمبادئ السليمة، نشأ عليها، وسعد في الدنيا والآخرة، وشارك في ثوابه والديه وكل معلم له ومؤدب. أما إذا عُوِّد على الشر، وأُهمل إهمال البهائم، شقي وهلك، وكان الوزر في رقبة القيم عليه والوالي له.
هذه الكلمات الحكيمة للإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله، تبرز أهمية التربية المبكرة في تشكيل شخصية الطفل وتوجيهه نحو الخير والصلاح. فالطفل في سنواته الأولى يكون في مرحلة تشكيلية، حيث يتأثر بما يُقدَّم له من قيم ومبادئ، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
لذا، يتحمل الوالدان والمعلمون مسؤولية كبيرة في تربية الطفل، من خلال غرس القيم الإسلامية وتعليمه المبادئ الصحيحة، وتوجيهه نحو الخير والفضيلة. فالتربية السليمة تُسهم في بناء مجتمع صالح، وتُعدّ من أهم أسباب نجاح الفرد في الدنيا والآخرة.
إن مسؤولية تربية الطفل لا تقتصر على توفير احتياجاته المادية فقط، بل تشمل أيضًا تزويده بالمعرفة، وتعليمه القيم والأخلاق، وتوجيهه نحو العبادة والطاعة. فالتربية المتكاملة تُسهم في بناء شخصية الطفل، وتجعله قادرًا على مواجهة تحديات الحياة بثقة وإيمان.
في الختام، يجب على المجتمع ككل أن يعي أهمية التربية المبكرة، ويعمل على توفير بيئة مناسبة لنمو الطفل وتطوره، من خلال مؤسسات تعليمية وتربوية تهدف إلى بناء جيلٍ صالحٍ، قادرٍ على الإسهام في بناء وطنه وأمته.