صحيفة: غضب وإحباط في البنتاغون بشأن الاستجابة لهجمات وكلاء إيران بالعراق وسوريا
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
قال تقرير لصحيفة "واشنطن بوست" الأميركية، إنه "يوجد إحباط داخل وزارة الدفاع الأميركية"، بشأن "طريق استجابة" البنتاغون للهجمات التي يشنها وكلاء إيران في العراق وسوريا.
وبحسب الصحيفة، فإن تصاعد الهجمات على القوات الأميركية المنتشرة في العراق وسوريا، أثار "غضب وإحباط بعض المسؤولين"، الذين يعتبرون أن الضربات الانتقامية الأميركية الثلاث "فشلت في وقف العنف".
وقال أحد مسؤولي الدفاع، الذي تحدث مثل الآخرين بشرط عدم الكشف عن هويته: "لا يوجد تعريف واضح لما نحاول ردعه".
وتساءل: "هل نحاول ردع الهجمات الإيرانية المستقبلية؟"، معتبرا أن تلك الاستجابة "غير فعالة".
ورد البنتاغون حتى الآن بتنفيذ 3 مجموعات من الضربات، التي استهدفت منشآت تستخدمها إيران والميليشيات التي تدعمها، لكن تلك الضربات الانتقامية – حتى الآن - اقتصرت على سوريا ولم تحدث في العراق.
وفي هذا الصدد، قالت الصحيفة إن "من شأن شن ضربات في العراق على سبيل المثال، أن يؤدي إلى تفاقم المشاعر المعادية للولايات المتحدة هناك، حيث تنتشر القوات الأميركية بناء على دعوة من الحكومة في بغداد. أما الضربات المباشرة على إيران نفسها، فستكون بمثابة تصعيد هائل".
والجمعة، قال مسؤول في وزارة الدفاع الأميركية لـ "الحرة"، إن "القوات الأميركية وقوات التحالف تعرضت لـ 61 هجوما على الأقل، خلال شهر".
وأشار المسؤول إلى أن القوات تعرضت لتلك الهجمات "بالمسيرات والصواريخ منذ 17 أكتوبر"، مضيفا أن "29 منها كانت في العراق، و32 في سوريا".
وأصيب ما لا يقل عن 60 جنديا بإصابات طفيفة، معظمها إصابات دماغية، منذ 17 أكتوبر. ويقول المسؤولون إن جميع الأميركيين الذين أصيبوا "عادوا إلى الخدمة".
وجاءت الهجمات الـ 61 على القوات الأميركية بوتيرة غير طبيعية، بعد تسجيل حوالي 80 حادثا مشابها بين يناير 2021 ومارس 2023، حسبما قال البنتاغون.
ويتمركز نحو 2500 جندي أميركي بالعراق ونحو 900 جندي في سوريا، ضمن إطار الجهود المبذولة لمنع عودة تنظيم داعش.
ويرتبط ارتفاع وتيرة الهجمات ضد القوات الأميركية في الشرق الأوسط بالحرب الدائرة بين إسرائيل وحماس، التي اندلعت عقب تنفيذ الحركة الفلسطينية هجوما مباغتا عبر الحدود انطلاقا من غزة في السابع من أكتوبر.
واندلعت شرارة الحرب في 7 أكتوبر، عندما شنت حركة حماس هجوما غير مسبوق على إسرائيل، أسفر عن مقتل نحو 1200 شخص، أغلبهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال. كما اختطفت الحركة حوالي 240 رهينة، بينهم أجانب، ونقلتهم إلى القطاع.
في المقابل، ترد إسرائيل منذ ذلك التاريخ بقصف متواصل وتوغل بري، أسفر عن مقتل نحو 13 ألف شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الصحية في القطاع الفلسطيني الذي تسيطر عليه حماس منذ عام 2007.
وبالتزامن مع الضربات الجوية الانتقامية في سوريا، حث مسؤولو الإدارة الأميركية طهران مرارا خلال الشهر الماضي، على كبح جماح الميليشيات التي تدعمها، محذرين من أن الولايات المتحدة لديها "الحق" في الرد، "في الوقت والمكان الذي نختاره".
وقال مسؤول رفيع في وزارة الدفاع، إن "البنتاغون قدم خيارات إضافية للرئيس الأميركي، جو بايدن، تتجاوز الإجراءات التي تم اتخاذها حتى الآن". وأكد المسؤول أن هناك "شكّا متزايدا داخل وزارة الدفاع حول النهج الحالي"، وفق واشنطن بوست.
في المقابل، قالت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي، أدريان واتسون، إن بايدن أظهر أنه "لن يتردد أبدا في اتخاذ إجراءات لحماية القوات الأميركية"، مضيفة أن الرئيس "مستعد تماما لاتخاذ المزيد من الإجراءات حسب الحاجة في أي لحظة لحماية قواتنا"، حسب الصحيفة.
وقال مسؤول الدفاع الأميركي الرفيع في حديثه لصحيفة "واشنطن بوست" إن "البنتاغون لا يرى سوى القليل من البدائل الجيدة للإجراءات المتخذة حتى الآن".
وفي هذا الصدد، قال مسؤول أميركي للصحيفة ذاتها، إن "البنتاغون يواصل تحسين خيارات الرد".
وبالإضافة إلى الضربات الجوية الانتقامية المحدودة وتعزيز أسلحة الدفاع الجوي، تشمل الإجراءات المتخذة - حتى الآن - نشر حاملتي طائرات في المنطقة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: القوات الأمیرکیة فی العراق وسوریا وزارة الدفاع قال مسؤول حتى الآن فی سوریا
إقرأ أيضاً:
العراق وسوريا.. فرقت بينهما السياسة وجمع بينهما الفن والثقافة
آخر تحديث: 30 أبريل 2025 - 10:04 صبقلم:علي قاسم- كاتب سوري الانفتاح العراقي على سوريا شكّل مفاجأة للأوساط السياسية في المنطقة، ويجب أن نعترف أن ما حدث لم يكن متوقعا، حتى من أكثر المحللين تفاؤلا.الاعتقاد السائد في الأوساط السياسية أن رحيل بشار الأسد، حليف إيران، وصعود نظام جديد لا يخفي انتقاده للحكومة الإيرانية، التي يعتبرها شريكا لنظام الأسد في قمع الشعب السوري، سيعمّق الهوة بين سوريا والعراق، الحليف القوي لإيران. لكن، هذا ما يبدو على السطح، فالعلاقة بين العراق وسوريا أعمق من ذلك بكثير. وسقوط الأسد وحزب الله وضعف الموقف الإيراني من الأمور التي أزالت الحواجز وخلقت الظرف المناسب لعودة العلاقات بين البلدين إلى طبيعتها. للمراقب عن بعد، تبدو العلاقة بين سوريا والعراق مليئة بالخلافات. هذه هي الصورة من الخارج. أما من الداخل، فإن التقارب بينهما لم تستطع سنوات حكم البعث في البلدين أن تخفيه، ولم تستطع عبارة “كل دول العالم ما عدا إسرائيل والعراق،” التي كانت تُختم على جواز السفر السوري، أن تفرّق بين مواطني الدولتين. تسلّلت إيران إلى العراق وسوريا من خلال حزب البعث مرتين؛ مرة عن طريق معاداته والدخول في حرب مدمرة معه في العراق، ومرة من خلال تأمين الحماية له وتثبيت نفوذه في سوريا. في سبعينات القرن الماضي، كنت طالبا أدرس الرسم في كلية الفنون الجميلة بدمشق. كانت جلساتنا الطلابية، حتى داخل مراسم الكلية، لا تخلو من الاستماع إلى الأغاني العراقية، مثل: “لا خبر” لفاضل عواد، وأيقونة الغناء العراقي “يا طيور الطايرة” لسعدون الجابر، وياس خضر الذي كان يسحرنا بأغانيه، “الهدلة” و”المحطة”. بالطبع، لن أنسى حسين نعمة وأغانيه الريفية العراقية، وأنوار عبدالوهاب، ورياض أحمد، وسيد المقامات العراقية دون منازع ناظم الغزالي. كطلاب، ندرس الفنون الجميلة، كنا نحرص على متابعة أخبار الفنانين العراقيين الذين تسيّدوا تلك المرحلة، والتعلم من تجاربهم، مثل: جواد سليم، صاحب جدارية نصب الحرية في بغداد، التي بقيت شاهدة على تاريخ العراق الحديث، وشاكر حسن آل سعيد، المفكر الفنان الذي ساهم في تطوير الفن الحديث في العراق والعالم العربي، ورائد الفن التعبيري في العراق إسماعيل الشيخلي، والنحات محمد غني حكمت، وعلاء بشير، الفنان الطبيب، وخالد الجادر، التشكيلي والأكاديمي الذي كان له دور كبير في نشر الفن العراقي على مستوى العالم. استطاع حافظ الأسد أن يختم جواز السفر السوري بعبارة تمنع زيارة السوريين للعراق، لكن العراق بقي في عقولنا وقلوبنا يحتل الصدارة، ولم تستطع أيّ قوة على الأرض أن تزحزحه. في قمة الخلافات بين النظامين عام 1979، عملت في شمال شرق سوريا، قريبا من الحدود العراقية. أتاحت لي تلك التجربة القصيرة فرصة التلمّس عن قرب لعمق العلاقات التي تربط سوريا بالعراق، التي تجاوزت الجغرافيا، لتشمل الجوانب الاجتماعية والثقافية. عامل التفرقة الوحيد كان حزب البعث الذي حكم البلدين. بدأت القصة عام 1963، عندما وصل الحزب إلى السلطة في سوريا والعراق عبر انقلابين عسكريين، لكن سرعان ما بدأت الخلافات بين القيادات في البلدين، وانتهت بانقلاب شهدته سوريا عام 1966، أدى إلى انقسام البعث إلى جناحين، أحدهما في دمشق والآخر في بغداد. في عام 1978، جرت محاولة للصلح برعاية الرئيس العراقي أحمد حسن البكر والرئيس السوري حافظ الأسد عبر ميثاق العمل القومي المشترك، سرعان ما أُجهضت بوصول صدام حسين إلى السلطة في العراق عام 1979، وإعدام عدد من القيادات البعثية العراقية التي دعّمت الوحدة، فيما عُرف بـ”مجزرة الرفاق”. بعد عام، اندلعت الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988)، حيث دعّم خلالها نظام الأسد إيران ضد العراق، وهو ما أدى إلى قطيعة تامة بين البلدين. وذهبت حكومة الأسد أبعد من ذلك خلال حرب الخليج الأولى عام 1991، ووقفت إلى جانب التحالف الدولي ضد العراق، مما زاد من حدة الخلافات. سقوط نظام صدام حسين عام 2003، وفقدان حزب البعث العراقي للسلطة، لم ينهِ الخلافات، بل بقيت العلاقات بين سوريا والعراق متوترة حتى السنوات الأخيرة، حيث لعبت الأوضاع الأمنية والتدخلات الإقليمية دورا في تحديد طبيعة العلاقة بين البلدين. رغم الخلافات السياسية والأمنية بين البلدين، فإنها لم تلغِ حقيقة التقارب بين الشعبين، والأهم من ذلك الفرصة التي قد يمنحها التقارب لكلا البلدين. بزوال البعث، وضعف الموقف الإيراني، والتحولات الحاصلة على المستوى الدولي، باتت كل الظروف ممهدة لهذا التقارب. لم يكن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني يغامر بمنصبه لرعاية هذا التقارب، أو يخشى غضب حكام طهران بعد أن نزعت أنيابهم ومخالبهم، وهو الذي يعلم بحكم التجربة والخبرة أن ما يجمع بين سوريا والعراق أقوى وأمتن بكثير مما يفرق بينهما. تريدون دليلا أكبر على العلاقة القوية التي تربط الشعب السوري بالشعب العراقي؟ إليكم واحدة: إنها قصة حب جمعت شاعر الغزل “الأموي” نزار قباني و”العباسية” بلقيس الراوي، عندما التقاها الشاعر عام 1962 لأول مرة في بغداد خلال مهرجان شعري، ليقع في الحب من النظرة الأولى. حاول التقدم لخطبتها، لكن والدها رفض بسبب سمعته كشاعر يتغزل بالنساء. رغم ذلك، استمر نزار في مراسلتها سرا لسنوات، حتى تدخل الرئيس العراقي أحمد حسن البكر عام 1969 لإقناع والدها بالموافقة على الزواج. عاشا معا 13 عاما إلى عام 1981، ليخطفها الموت في تفجير السفارة العراقية ببيروت، وهو الحدث الذي ترك أثرا عميقا في نفس نزار، ودفعه لكتابة واحدة من أجمل قصائده بعنوان “بلقيس”، قال فيها: “بلقيسُ.. كانتْ أجملَ الملكاتِ في تاريخِ بابلْ. بلقيسُ.. كانت أطولَ النَخْلاتِ في أرضِ العراقْ. كانتْ إذا تمشي.. ترافقُها طواويسٌ.. وتتبعُها السحابْ..” وإذا نسي العالم كل ما كُتب من شعر في الغزل، فلن ينسى شطرا من الشعر يقول فيه نزار مخاطبا بلقيس: “أشهد أن لا امرأة إلا أنتِ.” ستون عاما من الخلافات السياسية بين العراق وسوريا لم تنجح يوما في زرع الفرقة والخلاف بين شعبين ارتبطا برباط الثقافة والحب.