علي جمعة: في هذه الفترة قامت عدة مستوطنات صليبية على التراب العربي في فلسطين
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
قال الأستاذ الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف إنه خلال الفترة من عام 1096م إلى عام 1291م قامت عدة مستوطنات صليبية على التراب العربي في فلسطين وأعالي بلاد الشام والجزيرة، وتعين على سكان هذه المنطقة العربية أن يدفعوا ثمنا فادحا لكي يقضوا على الكيان الصليبي من جهة، ويتصدوا للمشروعات والغارات الصليبية المتأخرة من جهة أخرى.
وأضاف جمعة عبر الفيسبوك : لم يدم الأمر لهؤلاء كثيرا; فقد دارت بينهم وبين المسلمين المعارك العنيفة; حتى قاد صلاح الدين الأيوبي ضدهم معركة حطين في 4 يوليو1187 م قرب قرية المجاودة، بين الناصرة وطبرية; حيث كان النصر حليف المسلمين فيها، وأبلى القائد صلاح الدين الأيوبي فيها بلاء حسنا، ووضع فيها الفرنجة أنفسهم في وضع غير مريح استراتيجيا في داخل طوق من قوات صلاح الدين أسفرت عن سقوط مملكة القدس وتحرير معظم الأراضي التي احتلها الصليبيون [النوادر السلطانية لابن شداد 1/131].
وتابعت: لما فتح صلاح الدين البيت المقدس أقام بظاهره إلى الخامس والعشرين من شعبان يرتب أمور البلد وأحواله، وتقدم بعمل الربط والمدارس، وأمر بإعادة الأبنية إلى حالها القديم، فإن من كان فيها من الفرنجة قد بنوا غربي الأقصى أبنية ليسكنوها، وعملوا فيها ما يحتاجون إليه من بناء ومستراح وغير ذلك، وأدخلوا بعض الأقصى في أبنيتهم فأعيد إلى الأول، وأمر بتطهير المسجد والصخرة من الأقذار والأنجاس، ففعل ذلك أجمع.
واكملت: عمر صلاح الدين المسجد الأقصى واستنفد الوسع في تحسينه وترصيفه وتدقيق نقوشه، وأحضر له من الرخام الذي لا يوجد مثله، ومن الفص المذهب القسطنطيني وغير ذلك مما يحتاج إليه، ومحا ما كان في تلك الأبنية من الصور، وكان الفرنجة قد فرشوا الرخام فوق الصخرة وغيبوها; فأمر بكشفها، ونقل إليها صلاح الدين المصاحف الحسنة، والربعات الجيدة، ورتب القراءة، وأدر عليهم الوظائف الكثيرة; فعاد الإسلام هناك غضا طريا، وهذه المكرمة من فتح البيت المقدس لم يفعلها بعد عمر بن الخطاب رضي الله عنه غير صلاح الدين رحمه الله وكفاه ذلك فخرا وشرفا [انظر: الكامل لابن الأثير 5/178].
لقد كانت ما يسمى بالحروب الصليبية من أهم الأسباب التي عطلت قوى الإبداع والنمو في الحضارة الإسلامية، وبعد نهاية النضال ضد الفرنجة دخلت المنطقة العربية في منحنى التدهور والأفول.
كانت الحملات الصليبية ضد الشرق العربي أول المشروعات الاستعمارية الأوروبية، وأيضا كانت المرحلة التي سبقت مرحلة الاستعمار الحديث، وكانت من ناحية ثالثة إلهاما للتجربة الصهيونية ذات الأهداف الاستيطانية.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: علي جمعة هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف صلاح الدين الايوبي صلاح الدین
إقرأ أيضاً:
صلاح الدين الأيوبي يلغي زيارة يوسف زيدان إلى أربيل
ألغيت مشاركة الكاتب والروائي المصري المثير للجدل يوسف زيدان إلى معرض أربيل الدولي للكتاب، المقرر إقامته في التاسع من أبريل/نيسان الجاري، وسيستمر عشرة أيام، وذلك بعد أن أعلن المعرض مسبقا مشاركة زيدان في قائمة ضيوف المعرض بعد موجة من الجدل والرفض الشعبي على خلفية تصريحات قديمة للكاتب اعتُبرت مسيئة لشخصية صلاح الدين الأيوبي.
فور إعلان اللجنة المنظمة استضافة زيدان عبر صفحتها الرسمية، اجتاحت مواقع التواصل الاجتماعي حملة انتقادات واسعة، استندت إلى مقابلة تلفزيونية سابقة له، وصف فيها صلاح الدين الأيوبي بـ"أحقر شخصية في تاريخ البشرية".
وقد أطلق ناشطون وسمًا باللغة الكردية "#نا_بۆ_بانگهێشتکردنی_یوسف_زێدان" (لا لاستضافة يوسف زيدان)، الذي سرعان ما لاقى تفاعلا كبيرا وأثار موجة استنكار واسعة، وصلت إلى حد المطالبة بمقاطعة المعرض الذي سيقام في التاسع من أبريل/نيسان الجاري إذا حضر زيدان.
انقسامأثار هذا الجدل انقساما لدى المثقفين الكرد؛ حيث رأى فريق، أن استضافة زيدان تمثل إهانة لشخصية تاريخية بارزة يعتبرها كثيرون رمزا قوميا كرديا وحّد وحكم العالم الإسلامي بقومياته المختلفة.
ومن الجهة المقابلة، أدان بعض المثقفين أصحاب التوجه اليساري هذه الحملة، ورأوا فيها استغلالا أيديولوجيا وسياسيا، متهمين جهات حزبية إسلامية كردية بتأجيجها.
إعلانوذكروا أن ليوسف زيدان مواقف إيجابية في القضية الكردية وكان مساندا دائما لحقوق الشعب الكردي في المنصات المختلفة منذ سنوات، وأن انتقاده لصلاح الدين لا يستدعي هذا القدر من التصعيد، وأنها تأتي من منطلق الاختلاف في الرأي.
وفي تطور لافت، رفع المدعي العام في أربيل، د. محمد ريكاني، شكوى قانونية ضد استضافة زيدان، معتبرا تصريحاته إساءة علنية لشخصية تحظى بتقدير خاص لدى الأكراد والمسلمين، ولا تندرج ضمن النقد التاريخي والأكاديمي.
وجاء في فحوى الشكوى إلى المدعي العام في إقليم كردستان، أن "يوسف زيدان أساء وأهان الشخصية التاريخية للكُرد والمسلمين علنا وعلى القنوات الإعلامية".
وردا على هذه الدعوى قال الكاتب والباحث السياسي سَرو قادر في تصريحات للجزيرة نت، إن "هذه الدعوى القضائية على يوسف زيدان ستضر بسمعة إقليم كردستان وقضيته. لا ينبغي للكُرد أن يهاجموا الآراء المخالفة لهم، صلاح الدين ليس رمزا وطنيا كرديا، بل هو زعيم مسلم في الحروب الصليبية، لذلك من الواضح أن هذه الدعوى القضائية تقف وراءها أيديولوجية معينة".
وعلى الجانب الآخر قال الباحث في الفكر الإسلامي، الدكتور فاتح سنكاوي في تصريحاته للجزيرة "يمكن قراءة جوانب مختلفة من حياة صلاح الدين والتعبير عن وجهات نظر مختلفة، ولكن في سياقها التاريخي. أما شخص مثل يوسف زيدان، الذي يطلق مثل هذا الكلام غير اللائق تحت ستار أيديولوجية بحتة، لا ينبغي أن نكون سعداء جدا بقدومه. لأن صلاح الدين يعد من أعظم القادة في التاريخ، وأصبح رمزا وطنيا كرديا بامتياز".
وأضاف سنكاوي "عندما تريد أن تدافع عن قضية ذات جذور دينية، يأتي بعض من لديهم أحكام مسبقة ليطرحوا فورا قضية الإخوان المسلمين! وهذه في حد ذاتها خطة إقليمية جديدة تم رعايتها والعمل عليها بشكل مكثف منذ ما يقارب عشر سنوات".
إعلانوقال الكاتب والسياسي أبو بكر كارواني للجزيرة نت، "الهوية القومية لصلاح الدين الأيوبي تم ترسيخها في الوعي الكردي خلال السنوات الـ15 الماضية. ولذلك، سواء أحببنا ذلك أم لا، فمن وجهة نظر غالبية الشعب الكردي، وصف صلاح الدين بالـ"حقير" هو إهانة وجرح غير مقبول لهم وكلمة مثل هذه عن هذا الرمز، يُحقر قائلها أيضا".
وعلى إثر التصعيد واستمرار الحملة والضغوط لعدة أيام، قامت إدارة معرض أربيل الدولي للكتاب بإلغاء دعوة زيدان للمعرض الدولي دون إصدار بيان توضيحي.
في حين أعلن زيدان عبر صفحته على "فيسبوك" اعتذاره عن عدم الحضور في المعرض وإلغاء زيارته الى أربيل بسبب هذه الحملة، واتهم زيدان الجماعات المقربة من الإخوان المسلمين وسماهم "شرذمة من بقايا (الإخوان المسلمين)" وراء ذلك.
وقال زيدان أيضا في منشوره إن "هؤلاء خجلوا لأنني أهاجم الرمز الكردي الموهوم "صلاح الدين الأيوبي" الذي هو في حقيقة الأمر ليس كرديا، وليس رمزا إلا عند المتاجرين بقضية "تحرير القدس".
الجدير بالذكر، أن يوسف زيدان سبق أن زار أربيل وشارك في فعاليات المعرض دون إثارة مماثلة، أما ما حدث هذه المرة من الضجة الإعلامية والحملة الشعبية يرجع إلى إعادة نشر مقابلته القديمة بشكل واسع النطاق في صفحات التواصل الاجتماعي وترجمتها إلى اللغة الكردية.
وكانت شخصية صلاح الدين الأيوبي على الدوام مثار جدل لدى النخب والمثقفين الكرد، وأساس هذا الجدل يرجع إلى الموقف من الانتماء الكردي لصلاح الدين الأيوبي وعلى أساس التوجه الفكري والأيديولوجي والسياسي لهؤلاء النخب.
فمن جانب تفتخر الأكثرية بانتماء صلاح الدين الكردي بينما تذهب الأقلية من أصحاب الفكر اليساري إلى أن صلاح الدين لم يقدم شيئا للكرد، وأنه تصرف مسلما وليس كرديا.
إعلانويُعقد معرض أربيل الدولي للكتاب، هذا العام، تحت شعار "العالم يتكلم كرديا"، بمشاركة 250 دار نشر من 22 دولة عربية وأجنبية. وتركز فعاليات المعرض على ترجمة الكتب إلى اللغة الكردية، احتفاءً بازدهار حركة الترجمة واعتماد الكردية ضمن اللغات الأساسية في محرك البحث العالمي "غوغل".