TRTعربي

يشكّل العُمر الزمني عدد السنوات التي يقضيها أحدُنا على قيد الحياة، وهو بالطبع غير قابل للتغيير، فتاريخ ميلادنا ثابت ومحدد بالدقيقة والثانية. لكن في المقابل نجد أنّ العُمر البيولوجي يعبّر عن عُمر الخلايا والأنسجة داخل الجسم.

نمرّ جميعاً بمواقف نفاجأ فيها بأعمار أشخاص نقابلهم، فمنهم من نعتقد أنّه أصغر من عمره بكثير، ومنهم من يظهر عليه العكس تماماً، وهنا المفتاح الأساسي للتفريق بين العُمر الزمني والعُمر البيولوجي.

يشكّل العُمر الزمني عدد السنوات التي يقضيها أحدُنا على قيد الحياة، وهو بالطبع غير قابل للتغيير، فتاريخ ميلادنا ثابت ومحدد بالدقيقة والثانية.

لكن في المقابل نجد أنّ العُمر البيولوجي يعبّر عن عُمر الخلايا والأنسجة داخل الجسم، وبالتالي فإنّ العُمر الزمني لا يتطابق مع العُمر البيولوجي في كثير من الأحيان، فالشخص الذي يمتلك صحة جيدة قد يكون عمره البيولوجي أقلّ من عمره الزمني، وقد يفوق العُمر البيولوجي العُمر الزمني في حالة المرض. لكن بصورة عامة العُمر البيولوجي هو الأكثر دقة للتنبؤ بحصول المرض أو الوفاة مقارنةً بالعُمر الزمني.

كيف يُحسَب العُمر البيولوجي؟

لا توجد وسيلة مؤكَّدة ودقيقة لحساب العُمر البيولوجي حتى يومنا هذا، إذ تتوالى الأبحاث التي تحاول سبر أغوار هذا الموضوع البحثيّ، ومنها ما توصل إلى نتائج، كتلك التي نشرها باحثون في دراسة عام 2022 تشير إلى إمكانية حساب العُمر البيولوجي عن طريق العين، ولكن لا يوجد دليل قطعي على صحة المعطيات التي خلُصت إليها.

وأشار القائمون على الدراسة إلى أنّ النتائج مبنيّة على الملاحظة من دون أن يتمكَّنوا من تحديد العلاقة السببيّة للنتائج، لكنّهم في الوقت ذاته أكّدوا أنّه من الممكن الاستعانة بعُمر شبكيّة العين كمؤشر حيويّ سريريّ للشيخوخة.

وفي المقابل يرى كثير من الباحثين والعلماء أنّه لا بدّ من فهم عملية تقدُّم العُمر على مستوى الخلايا أولاً؛ للتوصل إلى فهم واسع وشامل وأكثر دقّة لكيفيّة حساب العُمر البيولوجي.

وبدأ العلم في التوصُّل إلى البصمات الخاصة بالعلامات الجزيئيّة والخلويّة المرتبطة بالعُمر البيولوجي، ويرتكز هذا التصوّر على أنّه مع تقدم الخلايا في العمر تدخل مرحلة الشيخوخة، وتبدأ في فقدان قدرتها على تجديد وترميم نفسها.

ومن أهم الفحوصات المعتمَدة على هذا المبدأ ما يطلق عليه اسم "التيلومير" (Telomeres)، و"مِثيلَة الحمض النووي" (DNA Methylation).

أدوار متشابكة

لفهم الرابط بين التيلوميرات والعمر البيولوجي لا بدّ من الإشارة إلى وجود هياكل في الحمض النووي (DNA) الخاص بالإنسان تسمّى كروموسومات (Chromosome)، ويشكّل النيوكليوتيد (Nucleotide) الوحدة الأساسية في بناء الحمض النووي.

ويطلق على مجموعة "النيوكليوتيدات" الموجودة في نهاية كل "كروموسوم" اسم "التيلوميرات"، وتعمل بدورها على توفير الحماية لـ"الكروموسومات" من التشابك في أثناء انقسام الخلايا.

ما يحصل في واقع الأمر، هو أنّه كلّما قامت هذه "التيلوميرات" بعملية الترميم والتجديد للخلايا في دورة حياتها الطبيعية، تميل لتصبح أقصَر، ما يعني أنّه مع التقدّم في العمر نجد أنّ "التيلوميرات" سيتقلص طولها حتى تصل إلى مستوى لا تتمكن الخلايا بعده من الانقسام وحينها تموت الخلية.

في هذا الصدد، هناك أشخاص مصابون بمتلازمة "التيلومير القصيرة" (STS)، ويعاني هؤلاء الإصابة بالشيخوخة بشكل سريع؛ بسبب وجود طفرات وراثية تنتج عنها "تيلوميرات" قصيرة الطول.

وبناءً عليه، يمكن القول إنّ القدرة على تحديد طول "التيلوميرات" بشكل دقيق تلعب دوراً مهماً في حساب العُمر البيولوجي.

ويشير كثير من الأبحاث إلى وجود رابط بين "التيلوميرات القصيرة" والإصابة بالكثير من الاضطرابات العصبيّة، مثل اضطرابات طيف التوحد، وانفصام الشخصية، وأمراض ألزهايمر، وباركنسون، والاكتئاب، حتى الوفاة المبكرة.

وعلى صعيد آخر، من الممكن فحص مِثيلَة الحمض النووي، وذلك لأنّها عملية بيولوجية تُضاف خلالها مجموعة المِثيل إلى جُزيء الحمض النووي، ما يسهم في تحديد العُمر البيولوجي.

ولفهم علاقة هذه العملية البيولوجية بحساب العُمر البيولوجي، من المهم التذكير أنّ الجينات تحددّ تعليمات صنع البروتينات داخل أجسامنا ليؤدي وظائفه الحيوية، ومن الممكن تشبيه عمليّة مِثيلَة الحمض النووي بأنّها مفاتيح الإضاءة لهذه الجينات، أي إنّها قادرة على إيقاف أو تشغيل الجينات المسؤولة عن صنع البروتينات.

وعلى سبيل المثال، لنفترض أنّ لدى شخصٍ ما جينةً تؤثر على جهازه المناعي وهذه الجينة تعمل منذ ولادته، وفي مرحلة ما من حياته تعرَّض إلى تلوث بيئي أو مرض سبَّبَ إيقاف تشغيل الجينة هذه، فهذا يعني تعرّضه للإصابة بالأمراض المختلفة بنسبة أعلى بسبب اختلاف جهازه المناعي على المستوى الجيني.

بهذا يسهم فحص مثيلة الحمض النووي في فهم كيفية التعبير عن الجينات استناداً إلى أنماط الحياة والظروف البيئية والصحية لكل شخص، وبالتالي القدرة على تحديد العُمر البيولوجي للجسم ككل وكذلك للأعضاء والأنسجة بشكل منفصل.

يُذكر أنّه يوجد الكثير من المواقع الإلكترونية التي تروّج لفحوصات الكشف عن العُمر البيولوجي، لكنّ معظمها غير موافَق عليها من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية (FDA).

إنقاص العُمر البيولوجي ليس مستحيلاً

إنّ إزالة الغموض حول عملية الشيخوخة على المستوى الخلوي دفع العلماء إلى التفكير بمحاولة إبطاء وتيرتها لإنقاص العُمر البيولوجي، وبالتالي إطالة العمر الزمني، وهنا يتداخل كثير من العوامل التي باستطاعتها فعلاً عكس عقارب الساعة إلى الوراء.

من هذه العوامل، نجد أنّ التغذية ونمط الحياة يتربعان على رأس القائمة، وفي دراسة نُشرت نتائجها قبل أشهر عدّة دليلٌ على ذلك؛ إذ طبّق باحثون أمريكيون حِمية ونمط حياة معيّناً يهدف إلى التأثير على عملية مِثيلَة الحمض النووي على ستّ نساء لمدة ثمانية أسابيع، وكانت النتيجة مبهرة عندما وجد العلماء تحسناً في العُمر البيولوجي بانخفاض تراوح بين ما يقارب 1 و11 سنة لدى خمس منهن.

من ناحية أخرى، نجد أنّ النشاط البدني وتجنب التدخين مهمَّان لتحسين العُمر البيولوجي للشخص، فيما يؤدي الإجهاد النفسي إلى التأثير السلبي على العُمر البيولوجي، إذ تشير الدراسات إلى أنّ العُمر البيولوجي يزداد بشكل سريع خلال مراحل الإجهاد النفسي، ومع ذلك، يلاحظ الباحثون أنّ حساباتهم للعُمر البيولوجي تعود إلى الخط الأساس في غضون بضعة أيام بعد إزالة الضغط النفسي.

ويضاف إلى كل ما سبق عادات النوم الصحية، إذ يسبّب النوم ذو الكفاءة المنخفضة تسارع العُمر البيولوجي بشكل قابل للانعكاس في حال جرى تحسين وتيرته وكفاءته ورفع ساعات النوم لتصبح ضمن المعدل الموصى به حسب الفئة العمرية والجنس.

ويشير العلماء أيضاً إلى أنّ النوم الصحي باستطاعته عكس التسارع في العُمر البيولوجي الناتج عن الظروف البيئية المحيطة بالشخص، مثل تلوث الهواء والتعرّض للمواد السامة والملوثات الأخرى في بيئة العمل أو البيت وغيرها، لا سيّما أنّ هذا العامل هو الذي يصعب التحكم فيه مقارنةً بجميع العوامل السابقة.

المصدر: عدن الغد

كلمات دلالية: البیولوجی ل کثیر من فی الع إلى أن نجد أن

إقرأ أيضاً:

مسعود بزشكيان يتصدر النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الإيرانية

دبي-رويترز

قالت وزارة الداخلية الإيرانية اليوم السبت إن المرشح المعتدل مسعود بزشكيان،الذي تعهد بانفتاح إيران على العالم وتوفير الحريات التي يتوق لها الشعب، فاز في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة التي أجريت أمس الجمعة.

وأضافت "بحصوله على غالبية أصوات (الناخبين) يوم الجمعة، يصبح بزشكيان الرئيس الإيراني المقبل".

وكانت نسبة المشاركة حوالي 50 بالمئة في سباق متقارب النسب بين بزشكيان، المرشح المعتدل الوحيد الذي خاض الانتخابات، وسعيد جليلي المفاوض النووي السابق المنتمي إلى غلاة المحافظين ويدافع بشدة عن تعزيز العلاقات مع روسيا والصين.

وأجريت الجولة الأولى في 28 يونيو حزيران وشهدت إقبالا منخفضا غير مسبوق، إذ أحجم أكثر من 60 بالمئة من الناخبين عن التصويت في الانتخابات المبكرة لاختيار رئيس خلفا لإبراهيم رئيسي بعد وفاته في تحطم طائرة هليكوبتر. 

وشهدت انتخابات أمس الجمعة سباقا متقاربا بين النائب مسعود بزشكيان، المعتدل الوحيد بين المرشحين الأربعة الذين خاضوا الجولة الأولى، والمفاوض النووي السابق سعيد جليلي وهو من غلاة المحافظين 

وأظهرت مقاطع مصورة على مواقع التواصل الاجتماعي أنصار بزشكيان وهم يرقصون في الشوارع في عدد من المدن وناس يطلقون نفير سياراتهم ابتهاجا بفوزه.

وقام السكان في مدينة أروميه في شمال غرب البلاد، مسقط رأس بزشكيان، بتوزيع الحلوى في الشوارع.

ورغم أن الانتخابات لن يكون لها تأثير يذكر على سياسات الجمهورية الإسلامية، إلا أن الرئيس سيشارك عن كثب في اختيار من سيخلف آية الله علي خامنئي الزعيم الإيراني الأعلى البالغ من العمر 85 عاما والذي يتخذ كل القرارات التي تخص شؤون الدولة العليا.

وقال خامنئي للتلفزيون الرسمي بعد أن أدلى بصوته "بلغني أن حماس الناس واهتمامهم أعلى من الجولة الأولى. أدعو الله أن يكون الأمر كذلك لأنها ستكون أنباء مُرضية". 

وأقر خامنئي يوم الأربعاء بأن "نسبة الإقبال جاءت أقل من المتوقع"، لكنه قال "من الخطأ تماما الاعتقاد بأن أولئك الذين لم يصوتوا في الجولة الأولى هم ضد نظام الحكم الإسلامي". 

وانخفضت نسبة إقبال الناخبين على مدى السنوات الأربع الماضية، ويقول معارضون إن هذا يظهر تآكل الدعم للنظام وسط تزايد الاستياء الشعبي من الصعوبات الاقتصادية والقيود المفروضة على الحريات السياسية والاجتماعية. 

وشارك 48 بالمئة فقط من الناخبين في انتخابات 2021 التي أوصلت رئيسي إلى السلطة، وسجلت الانتخابات البرلمانية في مارس آذار نسبة مشاركة بلغت 41 بالمئة.

لكن المتحدث باسم وزارة الداخلية قال للتلفزيون الرسمي إن التقارير الأولية تشير إلى "مشاركة أعلى مقارنة بالتوقيت نفسه في الجولة الأولى من الانتخابات". 

وتتزامن الانتخابات مع تصاعد التوتر الإقليمي بسبب الحرب بين إسرائيل وبين حليفتي إيران حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) في غزة وجماعة حزب الله في لبنان، فضلا عن زيادة الضغوط الغربية على طهران بسبب برنامجها النووي الذي يشهد تقدما سريعا.

وقال أمير علي حاجي زاده قائد القوات الجوية بالحرس الثوري الإيراني لوسائل إعلام رسمية "التصويت يمنح قوة... حتى لو كانت هناك انتقادات، يجب على الناس التصويت لأن كل صوت يشبه إطلاق صاروخ" على الأعداء.

ومن المستبعد أن يدخل الرئيس المقبل أي تحول كبير في السياسة بشأن برنامج إيران النووي أو تغيير في دعم الجماعات المسلحة بأنحاء الشرق الأوسط، إلا أنه هو من يدير المهام اليومية للحكومة ويمكن أن يكون له تأثير على نهج بلاده فيما يتعلق بالسياسة الخارجية والداخلية.

* متنافسان مواليان

المتنافسان في الجولة الثانية لانتخابات الرئاسة هما من الموالين لحكم رجال الدين في إيران، لكن محللين قالوا إن فوز جليلي المناهض للغرب ربما يفضي إلى تطبيق سياسات داخلية أكثر سلطوية وسياسات خارجية أكثر عدائية.

وقد يساعد انتصار بزشكيان في تعزيز سياسة خارجية عملية وتخفيف التوتر بشأن المفاوضات المتوقفة الآن مع القوى الكبرى لإحياء اتفاق عام 2015 النووي وتحسين آفاق التحرر الاجتماعي والتعددية السياسية.

ومع ذلك يشكك كثير من الناخبين في قدرة بزشكيان على الوفاء بوعوده الانتخابية كون وزير الصحة السابق صرح بأنه لا يعتزم مواجهة النخبة الحاكمة في إيران من رجال الدين والمتشددين. 

وقال عفارين (37 عاما) وهو صاحب مركز تجميل في مدينة أصفهان بوسط البلاد "لم أصوت الأسبوع الماضي لكني صوتت اليوم لصالح بزشكيان. أعرف أن بزشكيان سيكون رئيسا ضعيفا لكنه ما زال أفضل من مرشح متشدد".

ولا يزال لدى كثير من الإيرانيين ذكريات مؤلمة من طريقة التعامل مع الاضطرابات واسعة النطاق التي أثارتها وفاة الشابة الإيرانية الكردية مهسا أميني في 2022. وقمعت الدولة هذه الاضطرابات في حملة أمنية عنيفة شملت اعتقالات جماعية وحتى عمليات إعدام.

وقالت طالبة جامعية في طهران تدعى سبيده (19 عاما) "لن أصوت. وهذا رفض كبير للجمهورية الإسلامية بسبب مهسا (أميني). أريد بلدا حرا وأريد حياة حرة".

وانتشر وسم #سيرك_الانتخابات على نطاق واسع على منصة إكس منذ الأسبوع الماضي وسط دعوات نشطاء في الداخل والخارج إلى مقاطعة الانتخابات قائلين إن نسبة المشاركة العالية من شأنها أن تضفي الشرعية على الجمهورية الإسلامية.

وتعهد المرشحان بإحياء الاقتصاد المتعثر الذي يعاني من سوء الإدارة والفساد في المؤسسات الحكومية والعقوبات التي أعيد فرضها منذ عام 2018 بعد أن انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الذي أبرمته طهران عام 2015 مع ست قوى عالمية.

وقال موظف متقاعد يدعى محمود حميد زادغان (64 عاما) في مدينة ساري في شمال إيران "سأصوت لجليلي. إنه يؤمن بالقيم الإسلامية. ووعد بإنهاء أزماتنا الاقتصادية".

مقالات مشابهة

  • اكتشف سر حماية بشرتك من أشعة الشمس في الصيف بـ 7 أطعمة طبيعية
  • حصان طروادة يحاصر الخلايا السرطانية المقاوِمة للأدوية ويدمرها
  • لامين يامال.. «النجومية» من «العين» إلى «العالمية»
  • «الصحة» توجه نصائح مهمة للمواطنين للوقاية من مضاعفات التعرض لأشعة الشمس
  • يعالج الكسور الناتجة عن هشاشة العظام.. اكتشاف مكون سحري في معجون الأسنان
  • بيزشكيان رئيسا لإيران ويتعهد بمد يد الصداقة للجميع
  • مسعود بزشكيان يتصدر النتائج الأولية لانتخابات الرئاسة الإيرانية
  • نيمار رزق بمولودة ثالثة من صديقته أماندا
  • كيف نحافظ على صحة جيدة في سن السبعين؟
  • الإيرانيون يختارون رئيساً بين الإصلاحي بيزشكيان والمحافظ المتشدد جليلي