موقع 24:
2025-03-10@12:28:35 GMT

الديمقراطية المشوّهة

تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT

الديمقراطية المشوّهة

الحملات الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب تقدم لنا نموذجاً حول تدني الخطاب السياسي


لم يسبق لأي انتخابات رئاسية أمريكية، وهي ال60 في تاريخ الولايات المتحدة، التي تُجرى في الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، أن شهدت حملات أشبه بالمسرح الهزلي، ما يدل على أن الديمقراطية الأمريكية دخلت منعرجاً جديداً بات يشكل خطراً على الانتقال السلمي للسلطة، عدا أن هذه الديمقراطية تعاني في الأساس من تشوه في التمثيل الشعبي لناحية الآلية التي تحكم النتائج، إذ إن المرشح الذي يحصل على 270 صوتاً على الأقل من مجموع أصوات أعضاء الهيئة الانتخابية (أو المجمع الانتخابي) يعتبر فائزاً حتى لو حصل خصمه على عدد أكبر من أصوات الناخبين، بمعنى أن صندوق الانتخاب ليس هو الذي يحدد الفائز.







إضافة إلى أن بلداً محكوماً بحزبين (الجمهوري والديمقراطي) يتناوبان على السلطة مع تهميش الأحزاب الأخرى، ودور المال السياسي الذي يتحكم بالعملية الانتخابية ونتائجها بالنسبة للرئاسة أو الكونغرس، مع سطوة اللوبيات النافذة، كل ذلك يضع «الديمقراطية الأمريكية» أمام حقيقة تمثيلها للديمقراطية بمعناها الأصيل ومصدرها اليوناني، أي «حكم الشعب» من خلال ممثلين عنه منتخبين بإرادة شعبية حرة، وليس من خلال هيئة انتخابية محدودة العدد، لأن من يصلون إلى السلطة يصبحون رهائن للقوى التي مولت حملاتهم الانتخابية، وأجنداتها السياسية التي تكون في الغالب متعارضة مع مصلحة الشعب الأمريكي.



ولعل الحملات الانتخابية للمرشح الجمهوري دونالد ترامب تقدم لنا نموذجاً حول تدني الخطاب السياسي، وتحوله إلى مسرح هزلي، لا يمت بصلة إلى الديمقراطية الحقيقية، وذلك من خلال تهكمه المستمر على الرئيس الحالي مرشح الحزب الديمقراطي جو بايدن الذي كان قد وصفه ب«الرئيس النعسان» أو «جو الملتوي»، ثم يقوم بتقليده في مشيته، وفي زلات لسانه.

وفي حملته يوم الأحد الماضي في ولاية إيوا وصف ترامب الرئيس بايدن بأنه «غير كفء» و«فاسد»، وأعاد ذكر أخطائه بشكل ساخر، مثل الظهور وهو تائه على خشبة المسرح بعد الخطاب، والتعثر على الدرج. واصفاً بايدن بأنه «لا يستطيع النزول من على المسرح ولا يمكنه الجمع بين كلمتين.. لكنه مسؤول عن الحقيبة النووية». وقام ترامب بتقليد حركات بايدن وهو يبتعد عن الميكروفون، رافعاً يديه في حيرة وسط الجمهور، متسائلاً «أين أنا؟» بينما كان الجمهور يضحك.
لعل ترامب يستخدم هذا الأسلوب في حملته الانتخابية من باب التشفي بخصمه الذي لا يكبره إلا بثلاث سنوات، ثم في محاولة منه للظهور أمام مؤيديه بأنه الأقدر على قيادة البلاد، خصوصاً أن استطلاعات الرأي وفقاً لصحيفة نيويورك تايمز تعطي أرجحية لترامب على بايدن، إذ إنه يتقدم في خمس ولايات من أصل ستٍ رئيسية.
محللون وخبراء أمريكيون بدأوا التحذير من النتائج المحتملة للانتخابات الرئاسية، كما يحذرون من انحدار الديمقراطية وتحولها إلى الدكتاتورية، ويحذرون من تصاعد موجة العنصرية والتمييز.

المصدر: موقع 24

كلمات دلالية: التغير المناخي محاكمة ترامب أحداث السودان سلطان النيادي مانشستر سيتي غزة وإسرائيل الحرب الأوكرانية عام الاستدامة أمريكا

إقرأ أيضاً:

الرد على الوليد آدم مادبو- بين أزمة الخطاب وامتحان العقل

في لحظات المفصل التاريخي، حين تتبدل المصائر ويُعاد تشكيل الوعي الجماعي، يكون للعقلاء والتاريخ كلمتهم، وهي كلمة قد تأتي متأخرة، لكنها تحمل قسوتها التي لا ترحم. غير أن هذه الكلمة ليست بالضرورة صرخةً في الميادين أو خطبةً على منابر الجدل، فقد تكون صمتًا مدويًا في وجه الخطاب الشعبوي، أو تأملًا باردًا في مسرح العواطف الملتهبة. والعقل، في صورته الأصيلة، ليس نزاعًا بين الذوات، بل سيرورةٌ لفهمٍ أعمق، حيث لا يكون العقل مجرد سلطةٍ إجرائية تحكم المواقف، بل معيارًا يزن المقولات في ميزان الحقيقة.

كتب الدكتور الوليد مادبو مقاله الأخير في نقد الأستاذ شوقي بدري، مستخدمًا لغةً مشحونةً بالتقريع، تتداخل فيها الذاتية مع الموضوعية، والنقد مع الاستعداء. غير أن الأزمة هنا ليست في حدّة اللغة فحسب، بل في الطبيعة الاستدلالية التي أسس عليها مقاله، والتي تستدعي وقفةً نقدية تتجاوز الشخصي إلى الكلي، من حيث طبيعة التفكير ومنهجية التحليل.

المغالطة المنهجية الخطاب بين الشخصي والتاريخي
ليس من الحكمة أن يُقرأ الواقع بمسطرة الذات، فتُختزل التناقضات المركّبة في ازدواجية "المهرّج والعالم"، أو "المؤدلج والمستقل". فالفكر في جوهره ليس مجرد تراكم أسماء أو انتماء أكاديمي، بل هو ميدانٌ مفتوحٌ للجدل الحر والتفاعل المعرفي. حين يجعل الكاتب من ذاته معيارًا للفرز بين "المتطفلين" و"الجادين"، فإنه يقع في مأزق فلسفي عميق: كيف يمكن للعقل أن يكون حكمًا وهو طرفٌ في الخصومة؟

يتخذ مادبو في طرحه موقفًا يتأرجح بين المدافع عن القيم والمحلل البارد، لكنه في جوهر خطابه يستخدم لغةً معياريةً أخلاقية تحاكم الآخر من منطلق ذاتي. وهنا يظهر التناقض: كيف يمكن استدعاء معايير الفكر النقدي، بينما يُمارس الإقصاء والتهكم في ذات اللحظة؟ إن النقد الفلسفي، كما صاغه فلاسفة مثل هابرماس أو ألتوسير، ليس خطابًا يعتمد على الشخصنة، بل هو تفكيكٌ لبنى التفكير وإعادة بناء المفاهيم وفق منطقٍ متماسك، لا وفق انفعالات اللحظة.

إشكالية السلطة المعرفية والاستعراض الخطابي
حين يلجأ الكاتب إلى تعداد الشخصيات التي تتلمذ على أيديها – من طه عبد الرحمن إلى الجابري – فإنه يسعى إلى تأسيس سلطةٍ معرفية قائمة على الانتماء أكثر من البرهان. لكن العلم، كما أشار إليه غاستون باشلار، لا يُكتسب بالانتساب إلى الأسماء، بل بالقدرة على مساءلة الأفكار دون تحصينها بهالةٍ من القداسة. فالسؤال الفلسفي الحقيقي ليس "مع من درست؟"، بل "كيف تفكر؟"، وهذا ما لم يقدمه المقال.

إن استدعاء المرجعيات الفكرية لا يصنع معرفة، بل قد يكون مجرد تمرينٍ خطابي لإضفاء الشرعية على موقفٍ مسبق. ولذلك، فإن الوعي الفلسفي يقتضي تفكيك المسلّمات بدلًا من إعادة إنتاجها في قوالبَ جديدةٍ لا تخرج عن النسق نفسه.

قراءة التاريخ: بين السردية الخطية والتعقيد البنيوي
يتحدث مادبو عن التهميش كمسارٍ امتد لقرنين من الزمان، مصورًا التاريخ بوصفه خطًّا مستقيمًا من القهر والاستعلاء العرقي. غير أن قراءة التاريخ من هذا المنظور تعكس اختزالًا شديدًا لجدلية السلطة والمجتمع، حيث تُختصر الصراعات السياسية والاقتصادية في ثنائية "مضطهِد ومضطهَد".

إن تحليل التاريخ لا يمكن أن يكون فعلًا انتقائيًا يستدعي فقط ما يخدم موقفًا آنيًا، بل هو عملٌ بنيوي يُعيد تشكيل الوعي وفق تعقيد العلاقات الاجتماعية والسياسية. وكما أشار ميشيل فوكو، فإن السلطة لا تعمل ككيانٍ أحادي، بل تتجلى في أنماطٍ متغيرةٍ من الهيمنة والتفاوض والمقاومة، مما يجعل من أي تفسيرٍ أحادي للتاريخ نوعًا من التبسيط الأيديولوجي الذي يفقده قيمته التحليلية.

ازدواجية الخطاب ومشكلة المعيارية الانتقائية
إن وصف الجيش السوداني بأنه "غير قومي وغير مهني" مع الدعوة لمقاومته، في الوقت الذي يُنتقد فيه الدعم السريع باعتباره فاقدًا للمشروعية، يكشف عن مشكلةٍ معيارية في الخطاب. فإذا كان الجيش يعاني من أزمةٍ بنيوية، فإن الدعم السريع لا يخرج عن كونه تجلّيًا أكثر فجاجةً لنفس الإشكاليات، مما يجعل من غير المنطقي انتقاد أحدهما باعتباره "إرثًا يجب مقاومته"، بينما يُعامل الآخر بوصفه "خطأً تكتيكيًا يجب تصحيحه".

هنا تبرز إشكاليةٌ فلسفية تتعلق بازدواجية المعايير في الخطاب السياسي: كيف يمكن رفض منظومةٍ كاملة، ثم التعامل مع أحد منتجاتها على أنه "حالة استثنائية" تستحق المراجعة بدلًا من الإدانة المطلقة؟ إن النقد المتماسك لا يكون بالانتقاء، بل بالقدرة على الاحتفاظ بثبات المعايير بغض النظر عن الظرف السياسي.

في البدء كان العقل حاجة السودان إلى خطابٍ متزن
إن الأزمة السودانية اليوم ليست أزمة أشخاص، بل أزمة وعي، حيث يُستبدل النقد العقلاني بالهجوم الشخصي، ويُستبدل التحليل العميق بالسرديات التبسيطية. فحين يتنادى البعض بالألقاب، متناسين جوهر القيم التي يدّعون الدفاع عنها، يكون التاريخ في موقف الحكم، حتى وإن تأخر في النطق بكلمته.

لكن السؤال الذي يظل معلقًا في الهواء- هل ننتظر أن يحكم التاريخ أم نحاول أن نحكم عقولنا قبل أن تصدر الأحكام؟ إن وعي اللحظة يقتضي الخروج من دائرة الشخصنة إلى فضاء النقد الفلسفي، حيث تُختبر الأفكار لا الأشخاص، وتُناقش الخطابات لا الذوات. فالتاريخ قد يكون قاسيًا، لكن العقل أحيانًا يكون أشد قسوة، حين يُطالبنا بأن نكون على مستوى ما ندّعيه من قيمٍ ومبادئ

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • الرد على الوليد آدم مادبو- بين أزمة الخطاب وامتحان العقل
  • بالفيديو .. ترمب يسخر من مراسل واشنطن بوست الذي سأله عن احترام بوتين من عدمه
  • هجمات بطائرات مسيرة استهدفت منشآت في منطقة سامارا الروسية
  • مجلة أمريكية: تصنيف ” الحوثيين” مجرد استعراض لإدارة ترامب لمحاولة تمييز نفسها عن بايدن
  • عودة الكاظمي: الأمل الكاذب الذي لا يحتاجه العراق
  • ما تفاصيل “الاجتماع المتفجر” الذي شهد صداما بين مسؤولي ترامب وماسك؟
  • عاجل | واللا عن مصدر أميركي: إدارة بايدن أجرت محادثات غير مباشرة مع حماس عبر جهة أميركية غير رسمية لكن مقربة منها
  • ما تفاصيل الاجتماع المتفجر الذي شهد صداما بين مسؤولي ترامب وماسك؟
  • وول ستريت جورنال: ترامب يقلب النظام العالمي الذي بنته أميركا رأسا على عقب
  • ترامب..بين الشعارات الانتخابية ومحك السلطة