عودة الحروب الدينية
تبدو المنابر الأوروبية أكثر حذرا من المنابر الأميركية والصهيونية التي لم يتردد قادتها على الاستعانة بنصوص توراتية لتبرير الإبادة في غزة.
التصريحات الإسرائيلية والأميركية عودة الحروب الدينية في حين اكتفت التصريحات الرسمية الأوروبية بمصطلحات عنصرية ذات خلفية استعمارية.
طبيعي أن يكون الخطاب الصهيوني توراتيا لأن احتلال فلسطين قام على أساس ديني وهو الأساس الذي تستند إليه الرواية الصهيونية في الإعلام والتاريخ والفكر والسياسة.
أعظم دروس الهجوم الوحشي اليوم من قبل قوى عالمية على قطعة أرض صغيرة هو انكشاف الوجه العنصري الاستعماري للغرب عامة وثكنته الصهيونية خاصة رغم قناعه الديني المزيف.
* * *
أخطر التصريحات التي عبرت عنها سلطة الاحتلال من جهة والتصريحات الرسمية الأميركية من جهة ثانية كانت عودة الحروب الدينية، في حين اكتفت التصريحات الرسمية الأوروبية بمصطلحات عنصرية ذات خلفية استعمارية للتمييز بين عالم الحضارة وعالم الهمجية.
رغم حرص المنابر الإعلامية والسياسية الغربية على عدم كشف هذا الجانب الخفي والمحرج من الصراع مع العالم العربي الإسلامي فإن حماسة بعض المسؤولين قد قادتهم إلى الاعتراف علنا بذلك.
تبدو المنابر الأوروبية أكثر حذرا من المنابر الأميركية والصهيونية التي لم يتردد قادتها على الاستعانة بنصوص توراتية لتبرير الإبادة في غزة.
طبيعي أن يكون الخطاب الصهيوني كذلك لأن احتلال فلسطين قام على أساس ديني وهو الأساس الذي تستند إليه الرواية الصهيونية في الإعلام والتاريخ والفكر والسياسة. إن الرابطة اليهودية هي التي تصل بين كل المهاجرين الذين جاؤوا بعد الحرب العالمية الثانية إلى أرض فلسطين هربا من جحيم النازية.
أما الخطاب الأميركي فيختلف قليلا من جهة ارتباط المسيحية الأنغليكانية باليهودية باعتبارهما حليفا عقائديا في الحرب على الإسلام خاصة بعد أن نجحت الصهيونية في تحقيق اختراقات كبيرة في هذا الاتجاه وتحديدا في الولايات المتحدة.
صحيح أن الموقف الأوروبي الرسمي يبدو حذرا بعض الشيء من الإفصاح أو التمادي في الخطاب الديني لأنه يختلف في بنيته السياسية التي تدعي العلمانية عن البنية السياسية الصهيونية أو الأميركية.
أوروبا التي عانت الويلات طوال عقود بسبب الحروب الدينية ثم بسبب سطوة الكنيسة وهيمنة كهنتها على السياسة والاقتصاد والفكر لن تغامر كثيرا في إحياء كوابيسها القديمة.
لكن من جهة ثانية تعمل الأبواق الصهيونية والغربية عامة على شيطنة المكوّن الإسلامي الذي تدعي محاربته بعد نجاحها في ربطه بالإرهاب وفشل المنطقة العربية والإسلامية في دفع هذه التهمة عنها.
هنا يظهر جليا سعي القوى الغربية إلى تثبيت تهمة الإرهاب التي وصموا بها حركة المقاومة الإسلامية في غزة حتى تصير حرب الإبادة في غزة استكمالا للحرب العالمية على الإرهاب التي دشنها بوش الإبن قبل غزو العراق في 2003.
لم تكن حرب العراق في الحقيقة أو الحرب على سوريا إلا حلقات في سلسلة واحدة يمكن تبيّن طرفها في مجازر غزة. إن أعظم دروس الهجوم الوحشي اليوم من قبل قوى عالمية على قطعة أرض صغيرة هو انكشاف الوجه العنصري الاستعماري للغرب عامة وثكنته الصهيونية بشكل خاص رغم قناعه الديني المزيف.
*د. محمد هنيد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة السوربون، باريس
المصدر | الوطنالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: الغرب أوروبا أمريكا إسرائيل فلسطين الصهيونية الإبادة في غزة الحروب الدينية فی غزة من جهة
إقرأ أيضاً:
صحيفة “هآرتس” الصهيونية: هاليفي يورث خَلَفه “جيشاً” غارقاً في أزمة عميقة
يمانيون../
كشفت صحيفة “هآرتس” الصهيونية، عن معاناة “جيش” الاحتلال من توترات حادة في القيادة ومن رحيل الكثير من الضباط دون بديل، وذلك بعد مرور 15 شهراً على الحرب.. مؤكدة أنّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي سيورث خَلَفه “جيشاً” غارقاً في أزمة عميقة.وأشارت إلى أنّ هاليفي وقائد المنطقة الجنوبية يارون فينكلمان، أعلنا أمس الثلاثاء، استقالتهما.. وقال هاليفي: “سأحمل الفشل معي لبقية حياتي”.
وقالت الصحيفة: إن وزير الحرب يسرائيل كاتس جعل رئيس الأركان بائساً حتى استقال.. مضيفة: إنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو سيحاول تكرار الخطوة مع رئيس “الشاباك” رونين بار، متوقعة استقالة المزيد من الضباط.
ورأت أن بداية الإصلاح تكمن في تشكيل لجنة تحقيق رسمية تقوم بشكل مستقل بالتحقيق في أسباب الإخفاق والحرب.. مضيفة: إنّ نتنياهو يعمل على منع مثل هذه الخطوة.
وبشأن العملية العسكرية التي أطلقتها “إسرائيل”، أمس، في جنين باسم “السور الحديدي”، رأت “هآرتس” أن “تشابه التسمية مع “السور الواقي” (عملية عسكرية شنتها إسرائيل في مارس 2002 كان هدفها القضاء على الانتفاضة الثانية) هدف نتنياهو من خلالها إلى خداع الجمهور.
وأشارت إلى أنّ نتنياهو يريد خلالها تقديم مكافأة لوزير المالية بتسلئيل سموتريش.
ولفتت الصحيفة إلى أنّ التهديد الحقيقي لاستمرار تنفيذ صفقة الأسرى قد يأتي من الضفة الغربية في ضوء هذه التحركات، وبسبب خطر هجمات استعراضية من جانب مستوطنين يهود ستؤدي إلى المزيد من الهجمات الانتقامية من الجانب الفلسطيني.
وفي وقت سابق أشار الإعلام الصهيوني إلى أنّ هناك ثلاثة مرشحين لخلافة هاليفي وهم: المدير العام لوزارة الأمن اللواء احتياط إيال زمير، الذي خسر المنصب أمام هاليفي في السباق السابق.
والشخصان الآخران هما نائب رئيس الأركان السابق أمير برعام، الذي كان شريكاً أيضاً في الفشل العسكري في السابع من أكتوبر 2023، وقائد المنطقة الشمالية أوري غوردين.