واشنطن بوست: التصعيد المتنامي على الحدود اللبنانية الإسرائيلية يهدد بحرب أكبر
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أثار تصاعد وتيرة المواجهة بين حزب الله وإسرائيل، خلال اليومين الماضيين، المخاوف من اتساع حرب غزة إلى لبنان، خاصة بعد حادثة استهداف حزب الله طائرة مسيّرة إسرائيلية بصاروخ "أرض جو" على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، ثم ما تبع ذلك بإعلان الجيش الإسرائيلي اعتراض قواته لصاروخ أطلق من الأراضي اللبنانية على مسيّرة إسرائيلية.
وأعلنت شركة "ألفا" للاتصالات الخلوية في لبنان، الأحد، أن إحدى محطاتها في جنوب لبنان تعرضت لتدمير جزئي نتيجة قصف إسرائيلي، ما أدى إلى تعطل المحطات الست وانقطاع الخدمة عن كامل المناطق التي تتغذى من هذه المحطات"، بحسب وكالة "فرانس برس".
يأتي ذلك في وقت يستمر فيه القصف بشكل عنيف لعدة بلدات في جنوب لبنان، حسبما أفادت الوكالة الوطنية للإعلام، الأحد.
من جهته، أعلن حزب الله، الأحد، أنه هاجم نحو عشرة مواقع إسرائيلية حدودية.
والسبت، استهدفت غارة إسرائيلية مصنعًا للألمنيوم في منطقة النبطية يقع على بعد حوالي 15 كيلومترًا من الحدود بين البلدين في ضربة نادرة في عمق الأراضي اللبنانية منذ بدء التصعيد على وقع الحرب في غزة.
وقال نائب الأمين العام لحزب الله، نعيم قاسم، الأحد، إن التنظيم "سيبقى على أعلى جهوزية وفي استعداد دائم وهو يقوم بإشغال العدو وإرباك العدو وإيقاع الخسائر فيه ومنعه من استخدام كل قوته في مكان آخر".
ومنذ 8 أكتوبر الماضي، تشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية قصفا يوميا متبادلا بين الجيش الإسرائيلي من جهة وحزب الله وفصائل فلسطينية في لبنان من جهة أخرى، ما خلّف قتلى وجرحى على طرفي الحدود.
وترى صحيفة "واشنطن بوست" أن الصراع الثانوي الذي اندلع على طول الحدود اللبنانية الإسرائيلية بالتزامن مع حرب غزة يتزايد نطاقه وشدته تدريجيا، بعدما شهد، السبت، قيام طائرات إسرائيلية بضرب مصنع للألمنيوم في بلدة النبطية اللبنانية، على بعد 12 ميلاً شمال الحدود، وهو ما يتجاوز المنطقة التقليدية التي يعتبر فيها الجانبان إطلاق النار الانتقامي مقبولاً.
ووفقا للصحيفة، بدأ الجانبان باستخدام أسلحة أكثر فتكا. وتقوم إسرائيل الآن بإرسال طائرات مقاتلة بشكل منتظم لضرب أهداف حزب الله، وينشر حزب الله طائرات بدون طيار وصواريخ من العيار الثقيل. وأعلنت الجماعة اللبنانية، السبت، أنها أسقطت طائرة إسرائيلية بدون طيار، وهو ما نفته إسرائيل التي ردت، في وقت لاحق من السبت، باستهداف ما وصفته بنظام صاروخي أرض-جو متطور.
وذكرت الصحيفة أنه في شكل أشبه بالروتين وفي كل يوم على مدى الأسابيع الستة الماضية، هاجمت إسرائيل لبنان وهاجم حزب الله إسرائيل، وهو النمط الذي بدأ كأسلوب ثأري ثم تحول الآن إلى تبادل مستمر لإطلاق النار.
وأوضحت الصحيفة أنه في أغلب الأحيان تقريبًا، تكون الضربات على مسافة تتراوح بين 4 إلى 5 أميال من الحدود على كلا الجانبين، وهي معايرة متعمدة تهدف إلى احتواء العنف وتجنب حرب أكثر تدميراً بكثير.
لكن الصحيفة ترى أن المسؤولين الإسرائيليين يصعدون حاليا من لهجتهم، إذ قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، الأسبوع الماضي: "سيتحمل المواطنون اللبنانيون تكلفة هذا التهور وقرار حزب الله أن يكون المدافع عن حماس وداعش". لدى الجيش الإسرائيلي خطط عملياتية لتغيير الوضع الأمني في الشمال"، بحسب الصحيفة.
ونقلت الصحيفة عن أديبا فناش، 65 عاماً، وهي واحدة من بين 12 شخصاً فقط بقوا في قرية دهيرة الحدودية، على الحدود الإسرائيلية، إنه في الأسابيع الأولى من القتال، كانت إسرائيل تقصف فقط في المساء. وقالت لـ"واشنطن بوست" أثناء زيارتها لصور لشراء الإمدادات: “الآن القصف يمتد من الصباح حتى الليل. ويتصاعد يوما بعد يوم".
وذكرت الصحيفة أن هذه التصعيدات المتفرقة لم تشعل بعد الحريق الذي يخشاه كثيرون، لكن كل انتهاك للاتفاق غير المعلن بين حزب الله وإسرائيل يجعلهم أقرب إلى حافة الهاوية.
وأسفرت الحرب الأخيرة، في عام 2006، عن مقتل أكثر من 1200 شخص في لبنان و165 في إسرائيل، وتركت مساحات واسعة من هذا البلد المحاصر في حالة خراب. وقد حذر الجانبان من أن أي صراع واسع النطاق الآن سيكون أكثر تدميراً بكثير، وأشار كلاهما إلى أنهما لا يرغبان في خوض مثل هذه الحرب.
ونقلت الصحيفة عن أندريا تينينتي، المتحدث باسم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان، وهي قوة حفظ السلام التي تراقب النشاط على الجانب اللبناني من الحدود، إنه مع مرور الأسابيع وتطاير الصواريخ، يتزايد خطر أن يخطئ أي من الجانبين في الحسابات أو يتجاوز الحدود.
وقال: "أي شيء يمكن أن يفعله أحد الطرفين، يمكن للآخر أن يقرر أنه تم تجاوزه" ويسمح بمعركة أكبر.
وفي مدينة صور القديمة، وهي مدينة ساحلية جذابة مليئة بالصيادين وشوارعها وأسواقها المرصوفة بالحصى، ترتفع المخاوف من انتشار العنف قريباً إلى بقية أنحاء لبنان. ومنحت السنوات السبعة عشر الماضية للجنوب أطول فترة سلام له منذ خمسة عقود، وقد ازدهرت هذه المدينة، ما جذب السياح إلى شواطئها وباراتها وفنادقها الفاخرة، وفقا للصحيفة.
لكن "واشنطن بوست" أشارت إلى أن الحانات والفنادق فارغة الآن وهناك عدد قليل من العملاء في المطاعم .
ويقول دبلوماسيون عرب وغربيون للصحيفة إن محادثات مكثفة تجري خلف الكواليس لمنع تكرار ما حدث عام 2006. وقد تركز اهتمامهم على حسابات حزب الله، الحزب الشيعي والجماعة المسلحة التي تمثل القوة السياسية والعسكرية الأكثر هيمنة في لبنان، وعلى كلمات حسن نصر الله، زعيم الجماعة القوي الذي يتمتع بعلاقات وثيقة وطويلة الأمد مع إيران.
وذكرت مجلة "ناشيونال إنترست" أن الولايات المتحدة تحاول التوسط بين الجانبين للخروج من هذا السيناريو الكابوسي، إذ تريد واشنطن تقليل احتمالية اندلاع حرب إقليمية وتستخدم كل نفوذها لتحقيق ذلك.
وأوضحت المجلة أن الناس في لبنان يحاولون ممارسة حياتهم اليومية في ظل حالة الخوف الدائمة مع تفاقم الوضع في المنطقة الحدودية الجنوبية، لكن القتال الدائر بين حزب الله وإسرائيل يبقي الجميع على أهبة الاستعداد لحرب واسعة النطاق.
وترى أن احتمال قصف الطائرات الإسرائيلية لبيروت وضرب صواريخ حزب الله الموجهة بدقة لتل أبيب لن يكون من الممكن تجنبه على الإطلاق.
وقد اقترح البعض في لبنان سبلاً لتجنب المواجهة الكاملة مع إسرائيل. وتحدث اللواء عباس إبراهيم، الذي شغل منصب رئيس مديرية الأمن العام في لبنان، مع "ناشيونال إنترست" حول الوضع الحالي، قائلا "الولايات المتحدة تجري اتصالات بشكل رسمي وغير رسمي بأشخاص يعتقدون أن بإمكانهم إحداث فرق مع حزب الله، لأن الأميركيين يحاولون تقليل التصعيد على الحدود".
ووفقا للمجلة، لعب اللواء إبراهيم في الماضي دور الوسيط لحزب الله والولايات المتحدة كلما احتاجا إلى التواصل. ومع ذلك، نفى بشكل قاطع وجود أي نقاش مباشر بينهما بشأن الصراع الحالي.
وقال للمجلة: "أستطيع أن أقول إن حزب الله لا يشارك في محادثات مباشرة مع الولايات المتحدة. إنهم يركزون كل جهودهم على فلسطين. هناك محاولات عديدة لبناء هذه القناة بين حزب الله والولايات المتحدة، لكنها أثبتت عدم نجاحها حتى الآن".
وأضاف أن أفضل ضمان لعدم اجتياح الحرب لبنان هو أن يوقف المجتمع الدولي الهجوم الإسرائيلي على غزة الآن.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الحدود اللبنانیة الإسرائیلیة الجیش الإسرائیلی واشنطن بوست على الحدود فی لبنان حزب الله
إقرأ أيضاً:
بوشكيان: إسرائيل تستهدف المصانع اللبنانية لتدمير الاقتصاد
أعلن وزير الصناعة جورج بوشكيان، أن "استهداف إسرائيل عدداً من المصانع اللبنانية وتدميرها يتم عن سابق قصد وتصميم". وأكد أن هذه المصانع ليست أهدافاً عسكرية، بل مؤسسات إنتاجية يُستهدف بها الاقتصاد اللبناني في محاولة للحد من منافسته مع المنتجات الإسرائيلية في الأسواق الخارجية. وذكر بوشكيان أن إسرائيل قامت بذلك أيضاً خلال عدوان تموز 2006، حيث ألحق الهجوم أضرارًا كبيرة بالمصانع التي كانت تزوّد قوات الطوارئ الدولية (اليونيفيل) ومنظمات دولية غير حكومية بمنتجات تتمتع بمعايير ومواصفات عالية الجودة.
جاء ذلك خلال مشاركة بوشكيان في القمّة العربية للمشاريع الصغيرة والمتوسطة في قطر، حيث تم مناقشة آفاق تطوير قطاع الأعمال في العالم العربي. وشكر الوزير دولة قطر على الدعم السياسي والإنساني للبنان في محنته المستمرة، خاصة في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على الأراضي اللبنانية، الذي يستهدف المدنيين والمنشآت الصناعية.
وتطرق بوشكيان إلى الوضع الاقتصادي في لبنان، مشيراً إلى الأعباء الكبيرة التي يتحملها البلد نتيجة النزوح السوري والحروب المتعاقبة. كما ذكر أن القطاع الصناعي اللبناني، رغم التحديات، يبقى ديناميكيًا ومبادرًا، ويشرف عليه القطاع الخاص الذي يمثل نحو 80-90% من المؤسسات الصناعية في لبنان. واعتبر أن لبنان، رغم الصعوبات، يمتلك إمكانيات للنهوض من جديد بفضل عزيمة اللبنانيين، حيث يستمر الصناعيون في العمل والابتكار لتطوير مؤسساتهم.
وشدد على أن وزارة الصناعة اللبنانية تواصل دعمها للصناعيين اللبنانيين، وتسعى لحماية الإنتاج المحلي من المنافسة غير الشرعية وتعزيز قدراته التنافسية في الأسواق العالمية.