أجابت دار الإفتاء المصرية عن سؤال ورد بشأن “حكم التبرع وإخراج زكاة المال لدعم الشعب الفلسطيني؟”.

وقالت الدار في منشور عبر منصاتها عبر موقاع التواصل الاحتماعي: “الجهاد في سبيل الله تعالى شعيرةٌ ماضيةٌ إلى يوم القيامة، وهو حق كَفَلته القوانين الأرضية أيضًا؛ دفعًا للصائل وردعًا للمعتدي، وحفاظًا على العِرض والنفس والمال”.

وأضافت الدار: “والجهاد -في اللغة- هو: استفراغ ما في الوُسع والطاقة مِن قول أو فعل، ووالشرع الشريف لم يجعله قاصرًا على الجهاد بالنفس فقط، فهناك جهاد الكلمة وجهاد المال".

والنصوص الشرعية العامة في الجهاد تنطلق على كل ما يكون في طَوق المكلف وقدرته، وليس مقصورًا على الجهاد بالسِّنان فقط، وبعضها يُصَرِّح بذلك فعلا؛ فيقول الله تعالى عن القرآن الكريم: ﴿وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا﴾ [الفرقان: 52]، وعن الجهاد بالمال يقول سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ۝ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الصف: 10-11].

وعليه وفي واقعة السؤال: فإنَّ كلَّ مَن وجد نفسَه عاجزًا بنفسه عن دفع المعتدي الصائل على الأرض والعِرض مِن المسلمين فإنه مُطالَب شرعًا ببذل ما يستطيع بماله عينًا أو نَقدًا لصَدِّ العدوان وتسلية المُعتَدَى عليهم مِن المستضعفين مِن الرجال والنساء والولدان.

وزكاة المال لها مصارف ثمانية مذكورة في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ [التوبة: 60].

وزكاة المال يُشرَع دَفعُها لأبناء الشعب الفلسطيني في غَزَّة من سَهم: "في سبيل الله"؛ لأنَّ دَفع العدو في حقهم مُتَعَيِّنٌ عليهم من باب جهاد الدَّفع. وكلُّ ما يُعِينُهم على البقاء ومقاتلة العدو وصَدِّ العُدوان هو مِن جُملة آلات الجهاد، سواء أكان مالًا أم طعامًا أم دواءً، وليست آلة الجهاد مُنحَصرة في السِّلاح فقط، بل هي شاملة لما ذُكِر أيضًا.

وقد قَرَّر الفقهاء أنه يُشرع دفعُ الزكاة للمجاهد في سبيل الله وإن كان غنيًّا؛ قال العلامة الخِرَقي الحنبلي عند كلامه على مصارف الزكاة: [وسَهم في سبيل الله، وهم الغُزاة، يُعطَون ما يشترون به الدواب والسلاح وما يتقوَّون به على العدو، وإن كانوا أغنياء] اهـ، قال شارحه الإمام ابن قدامة: [وبهذا قال مالك والشافعي وإسحاق وأبو ثَور وأبو عبيد وابن المنذر] اهـ. "المغني" (6/ 333، ط. دار إحياء التراث العربي).

ومُستَنَد ذلك قولُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم -فيما رواه الإمام مالك في "المُوَطَّأ"-: «لا تَحِلُّ الصدَقةُ لغَنِيٍّ إلا لخَمسة» اهـ، وعَدَّ منهم: الغازي في سبيل الله.

وأما فقراؤهم ومساكينهم -وما أكثرهم- فإنهم يأخذون من هذا المَصرَف ومِن مَصرَف الفقراء والمساكين؛ لأنهم قد جمعوا وصفَ الفقر والمسكنة مع وصف الجهاد.

وعليه: فأبناء الأرض المحتلة الآن لهم أولوية في الجملة في استحقاق أموال الزكاة؛ نظرًا لشدة ظروفهم وحاجتهم المتعينة إلى الغوث -لا سِيَّما في قِطاع غَزَّة- ممَّا يعلمه القاصي والداني.

والله سبحانه وتعالى أعلم.

 

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: وإخراج زكاة المال لدعم الشعب الفلسطيني الإفتاء تجيب فی سبیل الله

إقرأ أيضاً:

حكم استخدام الصابون المعطر أثناء الإحرام.. دار الإفتاء تجيب

قالت دار الإفتاء المصرية، إنه يحرم استخدام العطر في البدن أو الثياب أو الطعام لمَن تَلبَّس بالإحرام، فهو من محظوراته، وذلك ردا على سؤال: ما حكم استخدام الصابون المعطَّر أثناء الإحرام؟

وأضافت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن هناك تساؤل: هل الصابون المعطَّر من العطر؟ منوهة أن هناك خلاف بين العلماء: فمنهم من يرى أنه من العطر، ومنهم من يرى أنه ليس من العطر، والاحتياط أحسن.

استخدام الصابون المعطر في الإحرام

وأشارت دار الإفتاء إلى أنه لا يجوز شرعًا أن يستخدم المحرم أيَّ نوعٍ من أنواع الطِّيب أو العطور سواء كان للتطيب والتعطر أو لتنظيف بدنه أو ثوبه.

أما إذا استخدم المحرم أنواع الصابون المعقم؛ لتنظيف جسده أو ثيابه من العرق والأوساخ، أو كان بنية التطهير والتعقيم، فهذا أمر جائز شرعًا ولا حرج فيه، لأنه وإن احتوى هذا الصابون المعقم على بعض الروائح، فإنه ليس المقصود منه التطيب بحالٍ.

وضع العطر للمرأة في الإحرام

وذكرت دار الإفتاء أنه لا حرج شرعًا على من تعطرت قبل الإحرام ثم وجدت أن رائحة العطر لا تزال باقية بعد الإحرام، وهذا لا يؤثر في إحرامها، ولا تُؤْمَر بإزالة تلك الرائحة الباقية؛ لأنه يستحب للمرأة ما يُسْتَحَبُّ للرجل عند الإحرام؛ من الغسل، والتطيُّبِ.

وقد ورد أنَّ أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم كُنَّ يَفْعَلْنَ ذلك عند إحرامهنَّ، ويستوي في ذلك الشابة والكبيرة، ومَنْ قَصَدَت بذلك إقامة شعائر الدين كانت مأجورةً على قصدها.

مقالات مشابهة

  • أقوال العلماء في بيان المراد بمصرف "في سبيل الله" من مصارف الزكاة
  • حكم صلاة تارك الزكاة.. الإفتاء توضح
  • حجة.. قبائل المحابشة تحتشد في نكف قبلي تأكيداً على تضامنها مع الشعب الفلسطيني والجهوزية لمواجهة أي عدوان
  • وقفة للسلطة المحلية والمكتب التنفيذي بالبيضاء تضامنًا مع الشعب الفلسطيني
  • حكم الصوم في شهر رجب .. دار الإفتاء تجيب
  • حكم صيام شهر رجب.. الإفتاء تجيب
  • مفتي ليبيا يشيد بوقوف اليمن مع الشعب الفلسطيني وتحديه للأمريكان والصهاينة
  • حكم استخدام الصابون المعطر أثناء الإحرام.. دار الإفتاء تجيب
  • حكم طهارة المريض المحجوز بالعناية المركزة.. الإفتاء تجيب
  • ما حكم تأجيل الحمل بسبب عدم القدرة على رعاية الأولاد؟.. دار الإفتاء تجيب