هل يمكن أن يكون الذكاء الاصطناعي مفيدا في تعلم الرياضيات وعلوم الكمبيوتر؟
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
طوال فترة عمل جيك برايس كمدرس، ظل "وولفرام ألفاWolfram Alpha "، وهو موقع إلكتروني يقوم بحل مسائل الجبر على الإنترنت، يهدد بجعل واجبات الجبر المنزلية أمرا عفا عليه الزمن.
ونقلت صحيفة "سياتل تايمز" الامريكية في تقرير لها عن برايس، وهو أستاذ مساعد لمادة الرياضيات وعلوم الكمبيوتر في جامعة "بيوجيت ساوند" بواشنطن، القول إن المعلمين اعتادوا أن يعملوا من خلال هذا الموقع الالكتروني الشيق، ولكنهم صاروا الآن يتعاملون مع مساعد جديد للواجبات المنزلية، وهو أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي، مثل "تشات جي بي تي".
إلا أن برايس لا يرى أن "تشات جي بي تي" يمثل تهديدا، وهو ليس الوحيد الذي يرى ذلك. حيث يعتقد بعض أساتذة الرياضيات أنه من الممكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تعزيز تعليم الرياضيات، عندما يتم استخدامه بشكل صحيح. وهو قادم إلى الساحة في وقت تسجل فيه الدرجات التي يحصل عليها الطلبة في الرياضيات، أدنى مستوياتها التاريخية، ويتساءل المعلمون عما إذا كان يجب تدريس تلك المادة بطريقة مختلفة.
ومن الممكن أن يعمل الذكاء الاصطناعي كمعلم للطلبة، حيث يقوم بالرد بصورة فورية على الطالب الذي يواجه مشكلة ما. كما يمكنه أن يساعد المعلم في التحضير لدروس الرياضيات، أو كتابة مجموعة متنوعة من مسائل الرياضيات الموجهة لمستويات مختلفة من التعليم. بالاضافة إلى إمكانية أن يقوم بعرض عينة من التعليمات البرمجية لمبرمجي الكمبيوتر الجدد، مما يسمح لهم بتخطي الواجبات المنزلية المملة المتمثلة في تعلم كيفية كتابة التعليمات البرمجية الأساسية.
وبينما تبحث المدارس في أنحاء البلاد مسألة حظر أدوات الذكاء الاصطناعي، يتبنى بعض معلمي الرياضيات وعلوم الكمبيوتر هذا التغيير، وذلك بسبب طبيعة تخصصهم.
ويقول برايس: "إن الرياضيات تتطور دائما مع تطور التكنولوجيا". فقد كان الافراد يستخدمون قبل أعوام مضت "المسطرة الحاسبة"، ويقومون بإجراء عمليات الضرب باستخدام الجداول اللوغاريتمية، إلى أن ظهرت الآلات الحاسبة.
ويقوم برايس بالتدريس، مع وضع التقنيات البشرية في الاعتبار، حيث يتأكد من أن الطلبة قد استوعبوا المهارات في الفصل بدون الاعتماد على الآلة. ثم يناقش معهم حدود التقنيات التي قد يميلون إلى استخدامها عندما يعودون إلى المنزل.
ويوضح برايس أن "أجهزة الكمبيوتر تعتبر جيدة جدا في القيام بالأمور المملة والمرهقة... فإننا غير مضطرين للقيام بكل الأمور المتعبة. يمكننا أن نترك الكمبيوتر يقوم بذلك، ثم يمكننا تفسير الإجابة والتفكير فيما تمليه علينا من قرارات يكون من الضروري أن نتخذها."
وتشير الصحيفة الامريكية إلى أن برايس يرغب في أن يستمتع طلابه بالبحث عن الأنماط، ورؤية كيف يمكن للطرق المختلفة أن تعطي إجابات مختلفة أو متماثلة، وكيفية ترجمة تلك الإجابات إلى قرارات بشأن العالم.
ويؤكد برايس أن "/تشات جي بي تي/ شأنه شأن الآلة الحاسبة، وشأن /المسطرة الحاسبة/، وكل التقنيات السابقة، فهو يساعدنا فقط في الوصول إلى هذا الجزء الأساسي والحقيقي من الرياضيات".
وعلى العكس من ذلك، فإن "تشات جي بي تي" له حدود. حيث أنه من الممكن أن يظهر الخطوات الصحيحة لحل مسألة رياضية، ثم يقوم بإعطاء إجابة خاطئة.
ويقول برايس إن هذا لأنه "لا يقوم في الواقع بحل المسائل الحسابية". إنه يقوم فقط بتجميع أجزاء من الجمل التي قام أشخاص آخرون بشرح كيفية حل مسائل مماثلة لها.
ومن جانبها، تعتقد مين صن، وهي أستاذة تربية في جامعة واشنطن، أنه يجب على الطلبة الاستعانة بـ "تشات جي بي تي" كمدرس شخصي. فعى سبيل المثال، إذا لم يستوعب الطلبة عملية رياضية في الفصل، فحينئذ يمكنهم أن يطلبوا من "تشات جي بي تي" أن يشرحها لهم وأن يعطيهم بعض الأمثلة عليها.
وترغب صن في أن يستخدم المعلمون "تشات جي بي تي" كمساعد خاص لهم، وذلك لتحضير دروس الرياضيات، وإعطاء ملاحظات جيدة للطلاب، وللتواصل مع أولياء الأمور.
فمن الممكن أن يستعين المدرسون بالذكاء الاصطناعي من أجل معرفة "أفضل طريقة لتدريس هذا المفهوم؟"، أو "ما هي أنواع الأخطاء التي قد يقع فيها الطلاب عند تعلم هذا المفهوم الرياضي؟"، أو "ما هي أنواع الأسئلة التي سيطرحها الطلاب بشأن هذا المفهوم؟".
وتقول إن المدرسين أيضا يمكنهم أن يطلبوا من "تشات جي بي تي" أن يقترح عليهم مستويات مختلفة من المسائل الرياضية بالنسبة للطلاب الذين لديهم إتقان مختلف للمفهوم، مشيرة إلى أن هذا يعد مفيدا بشكل خاص بالنسبة للمعلمين الجدد في المهنة، أو هؤلاء الذين لديهم طلاب من ذوي الاحتياجات المتنوعة، مثل التعليم الخاص أو متعلمي اللغة الإنجليزية.
المصدر: أخبارنا
إقرأ أيضاً:
رغم تفوقه في البرمجة.. نماذج الذكاء الاصطناعي تخفق في التاريخ
على الرغم من تميز الذكاء الاصطناعي في بعض المهام مثل البرمجة أو إنشاء البودكاست، إلا أنه يُظهر ضعفًا واضحًا في اجتياز اختبارات التاريخ المتقدمة، وفقًا لدراسة حديثة.
GPT-4 وLlama وGemini: نماذج لغوية فشلت في تقديم إجابات دقيقة
قام فريق من الباحثين بتطوير معيار جديد لاختبار ثلاث نماذج لغوية ضخمة رائدة: "GPT-4" من أوبن إي آي، و"Llama" من ميتا، و"Gemini" من جوجل، في الإجابة عن أسئلة تاريخية. يعتمد هذا المعيار، المعروف باسم "Hist-LLM"، على قاعدة بيانات التاريخ العالمي "Seshat"، وهي قاعدة بيانات شاملة للمعرفة التاريخية.
النتائج التي تم تقديمها الشهر الماضي في مؤتمر "NeurIPS" المرموق، كانت مخيبة للآمال. حيث حقق أفضل نموذج، وهو "GPT-4 Turbo"، دقة بلغت حوالي 46% فقط، وهي نسبة بالكاد تفوق التخمين العشوائي.
اقرأ أيضاً.. هل يتفوق "O3" على البشر؟ قفزة جديدة تُعيد تعريف الذكاء الاصطناعي
وأوضحت "ماريا ديل ريو-تشانونا"، إحدى المشاركات في الدراسة وأستاذة علوم الحاسوب في جامعة كوليدج لندن: "الاستنتاج الأساسي من هذه الدراسة هو أن النماذج اللغوية الكبيرة، رغم إمكانياتها المذهلة، لا تزال تفتقر إلى الفهم العميق المطلوب للتعامل مع استفسارات تاريخية متقدمة. يمكنها التعامل مع الحقائق الأساسية، ولكن عندما يتعلق الأمر بالتحليل العميق على مستوى الدكتوراه، فهي غير قادرة على الأداء المطلوب بعد".
القصور في الفهم العميق
من الأمثلة التي فشل فيها النموذج، سؤال عن استخدام الدروع القشرية في فترة معينة من مصر القديمة. أجاب "GPT-4 Turbo" بنعم، بينما الحقيقة أن هذه التقنية لم تظهر في مصر إلا بعد 1500 عام.
يرجع هذا القصور، وفقًا للباحثين، إلى اعتماد النماذج على بيانات تاريخية بارزة، مما يصعّب عليها استرجاع المعلومات النادرة أو الأقل شهرة.
كما أشار الباحثون إلى وجود أداء أضعف للنماذج في مناطق معينة، مثل إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، مما يبرز التحيزات المحتملة في بيانات التدريب.
اقرأ أيضاً.. الذكاء الاصطناعي يفك شيفرة أصوات الطيور المهاجرة
التحديات المستمرة
وأكد "بيتر تيرتشين"، قائد الدراسة وأستاذ بمعهد علوم التعقيد في النمسا، أن هذه النتائج تُظهر أن النماذج اللغوية لا تزال غير بديل عن البشر في مجالات معينة. ومع ذلك، يبقى الأمل في أن تسهم هذه النماذج في مساعدة المؤرخين مستقبلاً. يعمل الباحثون على تحسين المعيار بإضافة بيانات من مناطق غير ممثلة بشكل كافٍ وتضمين أسئلة أكثر تعقيدًا.
واختتمت الدراسة بالقول: "رغم أن نتائجنا تسلط الضوء على المجالات التي تحتاج إلى تحسين، إلا أنها تؤكد أيضًا الإمكانيات الواعدة لهذه النماذج في دعم البحث التاريخي".
المصدر: وكالات