أوقفوا العدوان على غزة.. أو بانتظاركم الأسوأ!
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
لم تمض سوى أيام قليلة منذ توعد قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي سفن العدو الصهيوني بالتنكيل حتى نفذت القوات المسلحة عملية مباركة باحتجاز سفينة إسرائيلية واقتيادها من وسط البحر الأحمر إلى السواحل اليمنية، العملية التي أعلن عنها المتحدث باسم القوات المسلحة العميد يحيى سريع ببيان رسمي، نفذت بعد أيام من إعلان قائد الثورة المباركة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي حفظه الله أن العيون اليمنية تترصد السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مؤكدا «سنظفر بها، وسننكل بها أيضا»، وهو أمر يضع التهديد موضع التنفيذ والفعل الناجز والمتقدم والفاعل، وسيستمر ولن يتوقف حتى يتوقف العدوان على غزة.
لا حاجة اليوم إلى الاستعانة بخبراء التقديرات الاستراتيجية والعسكرية أو الدراسات الصادرة عن معاهد أبحاث، لتحليل ما يمثله التهديد الذي أعلنه اليمن ضد العدو الصهيوني في البحر الأحمر، ولا إلى تقدير مخاطر معادلة البحر الأحمر التي أعلنها قائد الثورة حفظه الله، على الكيان الصهيوني وتوعده باستهداف السفن الإسرائيلية التي تمرّ في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، فالأكيد أن الأمر هو أكثر مما يحتمله العدو الصهيوني وداعميه بعدما نفذ أبطالنا مهمتهم يوم أمس باحتجاز السفينة الصهيونية واقتيادها، وما لم يحسب حسابه العدو الصهيوني وداعميه هو أن استمرار العدوان الإجرامي على غزة يضعهم أمام نذر حرب واسعة وخطيرة جدا على مصالحهم.
فمن المؤكد أن قرار قائد الثورة حفظه الله والذي نفذته القوات المسلحة بخطوة الاحتجاز والاستيلاء على سفينة صهيونية من البحر الأحمر، هو تنفيذ عملياتي يترجم الموقف المسؤول والمشرف لليمن وقيادته في نصرة غزة وردع للمعتدين عليها، وهو كذلك ترجمة عملية للموقف المبدئي للشعب اليمني وقيادته الحرة تجاه القضية الفلسطينية كأهم قضية في وعي وإيمان وثقافة اليمنيين جميعا، ولا يخفى على العدو والصديق أن الشعب اليمني يتبنى القضية فلسطين ومواجهة العدو الصهيوني في صلب هويته الإيمانية، ويؤمن بكل تفاصيلها في عقيدته وإيمانه وروح انتمائه للإسلام المحمدي، وما نشهده اليوم من فعل وعمل هو الترجمة العملية لذلك.
بيان القوات المسلحة كان واضحا لناحية أن العمليات ستستمر حتى يتوقف العدوان على غزة، وكان واضحا وصريحا لناحية ما على المجتمع الدولي إذا كان يخشى من نذر حرب تزعزع المنطقة أن يفعل، وأن يذهب إلى وقف العدوان على غزة، وكان من المتوجب أن يستوعب العدو الصهيوني والداعمون له هذه المسألة منذ أعلن قائد الثورة هذه المعادلة وقبل أن تنفذ القوات المسلحة عمليتها، وكان يجب أن يعلموا جيّداً من اللحظة الاولى لإعلان قائد الثورة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي وتهديده باستهداف السفن بأنها بداية للعد العكسي للتنفيذ، لكن الغطرسة والغي جعلهم يدفعون ثمن ذلك، وسيدفعون ثمن الاستمرار في العدوان على غزة بأضعاف مضاعفة.. وعلى جهات التقدير والقرار السياسي والأمني في تل أبيب وواشنطن على السواء، أن تتعامل مع هذا التهديد بكامل الجديّة والخطورة.
إن العملية المباركة التي نفذتها القوات المسلحة في البحر الأحمر تشكل مستجدّاً استراتيجيا في مجرى الحرب الصهيوأمريكية على غزة، وتعد ارتقاء إضافياً في مسار النيران المصوبة على الكيان الصهيوني الذي يرتكب مذابح مروعة في غزة، فمن المؤكد أن هذه العمليات ستمضي في مسار تصاعدي متواصل، وستفرض وقف العدوان على غزة، والأيام القادمة ستجعل العدو الصهيوني وداعميه في البيت الأبيض ودول الغرب يدركون بأن استمرار عدوانهم الإجرامي على غزة، يضع الأمور مفتوحة على كثير من المتغيّرات الخطيرة جدا عليهم، ويضعهم امام معادلة مقتضاها أن استمرار الحرب على غزة، يعني اشتعال الحرب في المنطقة بأكملها وبأثمان مكلفة عليهم.
وإذا كان رهان قادة الكيان الصهيوني على أن قرار قائد الثورة حفظه الله باستهداف السفن الصهيونية في البحر الأحمر، سيبقى في حيز التهديد المحتمل، فإن العملية التاريخية التي نفذتها القوات المسلحة في البحر الأحمر يوم أمس كانت بمثابة التنفيذ العملياتي الذي يفصح عن الأسوأ لما بعدها، ومع اول عملية لا بد أن يدرك قادة الكيان الصهيوني وداعموه في البيت الأبيض والغرب، أنهم أمام تحدٍّ استراتيجي كبير جدّاً يتعاظم باستمرار العدوان الإجرامي على غزة، ويؤدي إلى ارتفاع مستوى الخطورة على حركة الملاحة البحرية للعدو، وستكون له تداعيات اقتصادية وأمنية واستراتيجية كبرى وعلى العدو الصهيوني وداعميه ورعاته.
وإذا كان موقف اليمن منذ البداية واضحا وحاسما لناحية نصرة غزة بادئا بتنفيذ ضربات صاروخية وجوية، بل ولم يقف في مساندة الشعب الفلسطيني عند مستوى الضربات الصاروخية وبالمسيرات التي طالت عمق الكيان الصهيوني، و لم تقف تهديداته عند مستوى تتبع وتعقب سفن العدو الصهيوني التي تتخفى في البحر الأحمر، بل استطاع كشفها وتمكنت القوات المسلحة من احتجازها واقتيادها إلى سواحل اليمن ومن عمق البحر الأحمر، فإن هذا الموقف لن يتوقف عند هذا المستوى بكل تأكيد، ولربما ستطال الضربات اليمنية بالصواريخ والطائرات المسيرة عمقا أبعد في الكيان الصهيوني، وستشهد تطورات مهمة وخطيرة على الكيان، وفي الوقت نفسه فإن العمليات البحرية ستتسع وستتواصل، ولا خيار أمام العدو الصهيوني وداعميه ورعاته إلا وقف العدوان على غزة وفوراً..ذلك أن ثمن الاستمرار سيكون مكلفاً.
المصدر: الثورة نت
إقرأ أيضاً:
اليمن 2025 .. مرحلة سادسة من إسناد غزة ومفاجآت جديدة للقوات المسلحة اليمنية
يمانيون../
دخل العام 2024 مثقلًا بحمل طوفان الأقصى، وبشاعة العدوان “الإسرائيلي” على غزة، والتوحش الصهيوني ضد الإنسانية والإجرام بحق النساء والأطفال، بالغارات والمجازر والحصار، ما دفع اليمن للاستمرار في حملة إسناد غزة، على مدار العام، وتوسيع مراحل الإسناد والتنقل بينها وصولاً إلى المرحلة الخامسة، والتي أغلقت الطريق البحري وحظرت البحر الأحمر أمام الملاحة “الإسرائيلية”، وضاعفت من عملياتها وضرباتها، وطورت من القدرات العسكرية ورفعت من الجهوزية، والاستعداد للضغط والمواجهة بغرض وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، ولم تدخر جهدًا على كل المستويات، العسكرية والشعبية والسياسية والاجتماعية والأمنية والثقافية.
مبادئ لا تعيقها المصالح:
كان الإسناد التاريخي مميزًا للعام 2024 بكل ما تعنيه الكلمة، حيث خاض اليمن هذه المعركة، متسلحاً بأحقية القضية الفلسطينية، ومظلومية الشعب الفلسطيني، ووجوب الإسناد على الأمة، وإرضاء لله سبحانه وتعالى، وثقة بنصره، وتوكلاً عليه.
لم يبحث اليمن عن المبررات للتخاذل والتفرج، بل تغلب على كل الصعوبات وتعالى على الجراح، وانطلق في الإسناد، رغم المعاناة الإنسانية التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها الأسوأ في العالم من صنع البشر، بسبب تحالف العدوان السعودي الإماراتي، ولعل حال اليمن وشعبه، كان دافعًا أكثر منه مانعًا، لهذا النوع من الإسناد، لناحية الشعور بالخذلان من الأمة والعالم وحالة التفرج على هول ما ارتكبه العدوان السعودي الإماراتي ضد البلد وشعبه والحصار الظالم ومحاولات التقسيم، ربما كان ذلك دافعًا، للشعور بالمسؤولية، والتحرك الجاد والفاعل، بكل الإمكانيات المتاحة لنصرة شعب مظلوم، في وجه آلة قتل وحشية هي الأكثر وحشية في العالم والعصر الحديث.
مراحل الإسناد الخمس:
في معركة الإسناد لغزة، كانت المعطيات الميدانية هي التي تحدد حجم ونوع الإسناد، فجاءت المراحل اليمنية الخمس، بشكل متدرج، لتتلاءم مع تصاعد العدوان “الإسرائيلي” على القطاع، ومع التحرك الصهيوني نحو العمل البري، كانت أولى عمليات اليمن بالقصف الصاروخي على إيلات، ثم عندما تزايدت المجازر، انتقل إلى المرحلة الثانية بمنع الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر وباب المندب، وانتقل اليمن إلى المرحلة الثالثة مع تشكيل التحالف الأمريكي البريطاني للعدوان على اليمن، وما لبثت المرحلة الرابعة أن انطلقت ردًا على عمليات العدو الصهيوني في رفح، وجاءت المرحلة الخامسة مع أول عملية لطائرة “يافا” المسيرة على “تل أبيب” (يافا المحتلة)، تبعها صاروخ “فرط صوتي” اخترق دفاعات العدو “الإسرائيلي” وشكل منعطفًا مهمًا في دور جبهة الإسناد اليمنية، لغزة وفلسطين .
حتى كتابة هذه السطور، لا تزال عمليات الإسناد اليمنية تحت عنوان المرحلة الخامسة، حيث كانت الأولى نهاية العام 2023، فيما الأربع مراحل الأخيرة انطلقت في العام 2024، لينتظر العام القادم مرحلة سادسة، تنتقل بها القوات المسلحة اليمنية، إلى مستوى أعلى، ربما يكون له علاقة بالأهداف وتوسيعها ليشمل أهدافًا أكثر خطورة وحساسية للعدو “الإسرائيلي”، وربما أيضاً ضد البحرية الأمريكية وحاملات الطائرات، بتكتيكات جديدة تفوق تلك التي رأيناها طوال العام 2024.
استهداف سفن الشحن التابعة لثلاثي الشر:
هدف العمليات البحرية المعلن هو منع الملاحة “الإسرائيلية”، وبعد العدوان الأمريكي البريطاني، أضيفت السفن الأمريكية والبريطانية إلى قائمة الحظر اليمني، وضمن العدد المستهدف من السفن، والذي وصل إلى أكثر من 215 سفينة، كانت أبرز السفن المستهدفة خلال العام 2024، السفينة البريطانية مارلين لواندا التي تم استهدافها بعدد من الصواريخ في خليج عدن 26 كانون الثاني/يناير، أسفرت عن احتراق السفينة، تلاها غرق السفينة البريطانية “روبيمار” بعد استهدافها بعدد من الصواريخ البحرية المناسبة في خليج عدن أيضاً في 19 شباط/فبراير. كما أصيبت السفينة البريطانية “آيسلاندر” بعدد من الصواريخ البحرية في خليج عدن 22 شباط/فبراير أدت إلى نشوب الحريق على متنها.
ومن أبرز العمليات أيضًا ضد سفن الشحن اقتحام سفينة النفط اليونانية (سونيون) وتفجيرها في 22 آب/أغسطس بعد مخالفتها لقرار اليمن بمنع مرور السفن إلى موانئ الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة.
نتيجة العمليات البحرية:
نجحت البحرية اليمنية في فرض الحظر على كيان العدو والسفن المرتبطة به وكذلك السفن التي تتعامل مع موانئ العدو، ومنها تلك التي تذهب إلى موانئ البحر المتوسط على شواطئ فلسطين المحتلة، وكان النجاح بنسبة تصل إلى مئة بالمئة، رغم محاولات أمريكية بريطانية كسر الحظر فإنها فشلت طوال هذا العام.
من النتائج الواضحة للحظر هو إغلاق ميناء إيلات وعدم تمكن العدو من تشغيله، واضطراره لنقل موظفي الميناء وأعماله أيضًا إلى موانئ حيفا وأسدود.
كما أن السفن البريطانية والأميركية وحركة النقل التابعة لها حولت مسارات الملاحة عبر الرجاء الصالح، وهو الأمر الذي يضيف التكاليف الباهظة إلى أسعار الشحن، والتأمين أيضًا، علاوة على الوقت المستغرق بالرحلة وتأخير البضائع ومواعيد التسليم، وما ينعكس عنها من ارتفاع في أسعار السلع لدى المستهلك أو حتى أسعار المواد الأولية القادمة من شرق آسيا إلى أمريكا وبريطانيا، وقد طفحت التقارير الاقتصادية بالأرقام والإحصائيات حول تلك الخسائر والتكاليف نتيجة الحظر المفروض من اليمن.
استهداف عمق الكيان الصهيوني:
بأكثر من ألف ومئة وخمسين صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيرة، جاءت العمليات اليمنية طوال العام، ومنذ بداية طوفان الأقصى، لتسجل رقماً قياسياً في استخدام الصواريخ والمسيرات ضد أهداف العدو الصهيوني، في البحر كما في العمق “الإسرائيلي”.
استمرت العمليات اليمنية في تصاعد في العام 2024، وأدخلت أسلحة جديدة، وصورايخ جديدة، بتقنيات عالية، وتكتيكات قتالية فريدة. اكتسبت القوات المسلحة اليمنية خبرة متنامية منذ مواجهة العدوان السعودي الإماراتي، طوال تسع سنوات مضت، ساهمت في تطوير القدرات اليمنية، وأضاف طوفان الأقصى والإسناد اليمني لغزة دوافع إضافية لهذا التطوير الذي تحقق بفضل الله، حتى وصلت إلى مستوى طائرة “يافا”، وصواريخ “فلسطين 2” الفرط صوتية.
حفرت الصواريخ “الفرط صوتية” قبرًا عميقًا للدفاعات الجوية الصهيونية، ومنذ أن ابتدأت القوات الصاروخية ضرباتها، في الخامس عشر من أيلول/سبتمبر بقصفها المطرد على أهداف حساسة وحيوية لكيان العدو، بينها قاعدة “نيفاتيم” التي استُهدفت ثلاث مرات بصواريخ “فلسطين2″، ومطار “بن غوريون” الذي قصف مع عودة المجرم نتنياهو من واشنطن، وكذلك قصف مقر وزارة حرب العدو ضمن أهداف أخرى وسط الكيان، كان جيش العدو يلوك العبارات ويتلاعب بالألفاظ والمصطلحات هروباً من الاعتراف بالفشل.
في الضربتين الأخيرتين، أخذت طبقات الدفاع الصهيونية إجازة، وتركت المهمة لمنظومة “ثاد” الأمريكية التي تكفلت بالمهمة مرتين على الأقل، وادعى جيش العدو أنها نجحت في الاعتراض، ولم يقدم أي أدلة على ذلك النجاح المزعوم، إلا أن تشغيل “ثاد”، يمثل اعترافًا صريحًا وغير مباشر، بنجاح الصاروخ اليمني “فلسطين 2″ في تجاوز طبقات الدفاع الصهيونية، لعدد أكثر من 13 مرة على الأقل.
أمريكا وبريطانيا.. تحالفات لا تمنع الإسناد:
لم تتأخر واشنطن ولندن في البحث عن طرق ووسائل لكبح الإسناد اليمني لغزة، وسرعان ما أعلنت تشكيل تحالف ما سمي” حارس الازدهار” لحماية السفن “الإسرائيلية”، وتمكينها من كسر الحظر البحري المفروض من القوات المسلحة اليمنية، وهي المهمة التي لم تحقق هدفها حتى الآن، رغم القصف بأكثر من 800 غارة جوية على صنعاء والحديدة وحجة وتعز وذمار والبيضاء وصعدة وعمران.. كلها فشلت في حماية ملاحة العدو “الإسرائيلي”، بل وسعت من الحظر اليمني ليشمل السفن الأمريكية والبريطانية أيضًا، وهي نتيجة عكسية للتدخل العدواني.
ترافق مع الفشل العسكري لهذا “التحالف”، فشل سياسي أيضًا، برفض عدة دول على رأسها عربية وأوروبية، الانضمام إلى هذا التحالف، وحيث فضلت الدول العربية مثل السعودية والإمارات ومصر، البقاء في موقع المتفرج، ذهبت دول أوروبية لتشكيل تحالف خاص بها رغبة في عدم التورط بأي عدوان على اليمن.
وعلى الرغم من أن تحالف “اسبيدس”، يأخذ مسافة مبتعدًا عن واشنطن فإن بعضًا من سفنه قد اشتبكت مع البحرية اليمنية، وأدت تلك الاشتباكات إلى هروب الفرقاطة الهولندية والبارجة الألمانية وكذلك الفرنسية، والبلجيكية، ولكل حالة منها قصة، تحكي تطور القدرات المسحلة اليمنية، وتكتيكاتها الجديدة على هذا النوع من الحروب البحرية، بشكل دفع إلى دراسة هذه التكتيكات والتعلم منها، كما صرح بذلك عدد من المسؤولين العسكرييين من قادة البحرية والسفن والفرقاطات وحاملات الطائرات.
على سبيل المثال كانت تصريحات قائد الفرقاطة الفرنسية “فريم” التي غادرت البحر الأحمر لأسباب تتعلق بنفاد الصواريخ والذخائر المستخدمة في صد الهجمات اليمنية وفقًا لقائدها جيروم هنري الذي أكد على دقة الصواريخ اليمنية، وأن حجم التهديد كان مرتفعًا، ومفاجئًا ومهمًا للغاية، وغير مسبوق، مقارنة بالتحالف ضد ليبيا.
استهداف حاملات الطائرات الأمريكية:
في العام 2024 نفذت القوات المسلحة بتشكيلاتها المختلفة، الصاروخية والبحرية والمسيرة، عشرات العمليات التي استهدفت السفن التابعة لثلاثي الشر أمريكا وبريطانيا و”إسرائيل”، وكل السفن التي حاولت كسر الحصار المفروض على العدو “الإسرائيلي”، وصلت طوال عمليات الإسناد اليمني، إلى مئتين وخمس عشرة سفينة.
دخلت حاملات الطائرات الأمريكية مهداف القوات المسلحة اليمنية، والبداية كانت مع “آيزنهاور” التي اشتبكت معها القوات البحرية والصاروخية أربع مرات، اضطرتها للهروب، والخروج من ميدان المعركة.
وأقر القائد السابق لمجموعة (آيزنهاور) مارك ميجيز بأنه اضطر إلى تحريك الحاملة عدة مرات لحماية القوة من هجمات القوات المسلحة اليمنية، وقال ميجيز وقتها إنه ” في البداية، كانت (آيزنهاور) تتمتع بحرية الحركة داخل منطقة العمليات، ولكن مع مرور الوقت وتطور هجمات الحوثيين، كان من الضروري إعادة التمركز من أجل جعل حاملة الطائرات هدفاً أصعب”.
وبعد انسحاب “آيزنهاور”، بدأت تظهر التقارير التي تشير إلى حاجتها لصيانة طويلة الأمد ومكلفة للغاية، تصل إلى مليارات الدولارات، وتزيد الصيانة من تآكلها، في مؤشرات ربما على أن الولايات المتحدة لن تذهب لإنفاق كل تلك الأموال على سفينة أصبحت متهالكة كحالة “آيزنهاور”.
استبدلت الولايات المتحدة “آيزنهاور” بـ”روزفيلت”، والتي لم تكن بأفضل حال، إلا أنها أخذت الدروس والعبر من سابقتها، وفضلت البقاء خارج دائرة النيران اليمنية، بعيدًا عن مسرح العمليات، بالقرب من خليج عمان، ولذلك لم تخض أي اشتباك مع القوات المسلحة اليمنية حتى خرجت من المنطقة في أيلول/سبتمبر .
بعدها جاء دور الحاملة “أبراهام لنكولن”، مع وصولها إلى خليج عمان أيضًا، والبقاء هناك لفترة، حاولت بعدها المرور باتجاه خليج عدن، وما إن وصلت اشتبكت معها القوات المسلحة اليمنية بعدد من الصواريخ المجنحة والمسيرات، أجبرتها على المغادرة إلى غير رجعة، وكانت عملية القوات المسلحة اليمنية لمنع عدوان واسع انطلاقًا من “لنكولن”، في علمية استباقية حققت هدفها بنجاح بفضل الله تعالى، حينها اعترف البنتاغون باستهداف المدمرتين (سبراونس) و(ستوكديل) لكنه تهرب من الحديث عن استهداف حاملة الطائرات (لينكولن).
وخلال هذا العام برزت تناولات غير مسبوقة في العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والخبراء ومراكز الدراسات العسكرية والدفاعية حول “انتهاء زمن حاملات الطائرات” وتحولها إلى “عبء” على الجيش الأمريكي، وذلك بسبب التكتيكات الجديدة التي ظهرت على الساحة من خلال معركة البحر الأحمر، والتي ستكون ملهمة لقوى أخرى وعلى رأسها قوى عظمى مثل الصين وروسيا لنقل هذه التكتيكات للتعامل مع البحرية الأمريكية.
هذه التكتيكات أظهرت نجاعتها بشكل أكثر بروزًا، مع آخر اشتباك مع حاملة الطائرات الأمريكية الرابعة التي تصل إلى منطقة عمليات القوات المسلحة اليمنية، وهي الحاملة “هاري أس ترومان”، باشتباك بحري استمر لمدة تسع ساعات تقريبًا حسب ما كشف السيد عبد الملك الحوثي حفظه الله، وكان ذلك الاشتباك استباقيًا أيضًا، حيث أفشل خطة واسعة لضرب عدة أهداف في عدة محافظات يمنية، وأدى إلى حالة ارتباك خطيرة مدمرة ومميتة عقب إسقاط طائرة أمريكية متطورة ومتقدمة من نوع “أف 18″، ولا تزال ملابسات سقوطها محل شكوك في الولايات المتحدة، حول الرواية الرسمية التي ألقت باللائمة على النيران الصديقة.
حرب الاستخبارات والمعلومات:
يخوض اليمن معركة إسناد غزة، على عدة مستويات، ويبرز المستوى الأمني كواحد من أهم التحديات التي واجهت العدو الأمريكي و”الإسرائيلي”، ولا يخفي المسؤولون الأمريكيون و”الإسرائيليون” عجزهم الاستخباري والمعلوماتي، ويحملون ذلك العجز مسؤولية الفشل على مدى عام في كبح الموقف اليمني لمساندة غزة.
وكانت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، في آذار/ مارس، نقلت عن مسؤولين أميركيين أن الولايات المتحدة تسير عمياء عرجاء بعد 2015، وذلك في محاولة لتفسير فشل العدوان الثلاثي الأميركي البريطاني “الإسرائيلي” على اليمن، ومحاولة الجيش الأميركي وقف الهجمات على الملاحة الصهيونية في البحر الأحمر. وعزا المسؤول ذلك إلى عدم كفاية المعلومات الاستخبارية حول ترسانة القوات المسلحة اليمنية وقدراتها الكاملة.
في السياق، عملت واشنطن من خلال أدواتها في اليمن، على تشكيل خلايا من العملاء وضعاف النفوس، لجمع المعلومات عن تحركات القوات المسلحة، ومواقعها، عبر تشكيل القوة 400 التابعة لعمار عفاش، وقد أجهضت الأجهزة الأمنية تلك الجهود، وأعلنت عن تفكيك الخلية المرتبطة بها في أيار/مايو الماضي.
وقبل أسبوع كان هناك إنجاز أمني بتفكيك خلية جديدة أوكلت مهمة تشكيلها إلى حميد مجلي المستشار في سفارة حكومة المرتزقة في الرياض، وكانت هذه الخلية تعمل على جمع معلومات عن القدرات العسكرية والشخصيات القيادية.
إن اليقظة التي تتحلى بها الأجهزة الأمنية والنجاحات التي تحققها، تحبط آمال وطموح العدوان، لتجاوز العمى في مواجهة القوات المسلحة اليمنية، في حرب لا تقل خطورة عن الحرب العسكرية.
مقابل ذلك الفشل المعلوماتي، نجح اليمن في هذا الأمر بعدة جوانب، وقد رصدت تلك النجاحات في الكشف عن السفن التابعة للعدو “الإسرائيلي” رغم محاولات رفع أعلام بلدان أخرى، أو تغيير ملكيات السفن، وأحياناً استبدال الوجهة المفترضة بوجهات مزيفة، تجنبًا للضربات اليمنية، لكن كل تلك الوسائل لم تنفع، حيث كان للقوات المسلحة وسائلها الخاصة للحصول على معلومات تلك السفن.
ومن مظاهر النجاح المسجلة في عمليات الإسناد، هو خوض الاشتباك الاستباقي مع حاملة الطائرات الأمريكية لنكولن، بعد تحضيرها لعدوان واسع على اليمن، تم افشاله وإجبار تلك الحاملة على الهروب من المنطقة.
يضاف إلى ذلك الهجوم الاستباقي على وزارة حرب العدو، بصاروخ بالستي “فلسطين2″، عشية العدوان على اليمن، 19 كانون أول/ديسمبر، وهو الهجوم الذي أربك حركة الطيران الحربي للعدو وأفشل بعض أهداف العملية العدوانية.
وكان من أبرز العمليات المبنية على المعلومات، هو اشتباك الأحد 22 كانون الأول/ديسمبر، مع حاملة الطائرات الأمريكية “ترومان”، والذي أسفر عن سقوط طائرة “أف 18″، وإفشال مخطط عدواني واسع على اليمن.
خارطة الطريق مع الرياض:
قبل طوفان الأقصى كانت صنعاء والرياض قد توصلتا إلى خارطة طريق لإنهاء العدوان ابتدأ بإجراءات إنسانية لصرف الرواتب وإعادة تصدير النفط وتمويل فاتورة الرواتب وتخصيص الأموال للخدمات، وكذلك فتح الطرقات والإفراج عن الأسرى، إلا أن التنفيذ توقف مع طوفان الأقصى، بضغوط أمريكية على الرياض.
رغم تلك الضغوط فإن حالة وقف التصعيد لا تزال تراوح مكانها دون أي تقدم يذكر، وإن كان قد تم تبادل الرسائل بين صنعاء والرياض تأكيدًا على تمسك بخارطة الطريق، فإن المفاوضات المباشرة قد توقفت، وجهود المبعوث الأممي لا تكاد تذكر، وفي آخر إحاطة له في مجلس الأمن، حث غرودنبرغ، على الإسراع في تنفيذ خارطة الطريق التي لا تحتمل التأخير، وعبر أكثر من مرة في إحاطاته الشهرية، عن أن إسناد اليمن لغزة، هو الذي يؤخر تنفيذ خارطة الطريق، في دلالة واضحة على ضغوط واشنطن على الرياض للتريث واستخدام تنفيذ الخارطة كورقة ضغط على صنعاء، والتي بدورها ترفض المساومة بين الحقوق المتضمنة في خارطة الطريق، وبين الواجبات الإنسانية والدينية والأخلاقية تجاه المستضعفين في غزة.
حتى اللحظة، تحاول واشنطن توريط دول تحالف العدوان السعودية والإمارات في التصعيد في اليمن، لإشغال القوات المسلحة اليمنية عن إسناد غزة، والالتهاء بالداخل، إلا أن هذه المحاولات لا تواجه إلا بالرفض، وهو رفض لا يفهم منه إلا إدراك سعودي إماراتي لمخاطر عودة التصعيد، لا سيما بعد تصاعد القدرات اليمنية، والتي كشفها طوفان الأقصى، والخشية من تحويل كل الموارد العسكرية التي تستخدم في إسناد غزة، لقصف المنشآت الاقتصادية والنفطية السعودية والإماراتية.
يبقى ضرورة الإشارة إلى أن السعي السعودي للحصول ضمانات بالتزام واشنطن حماية الرياض من أي ضربات صاروخية، يمكن أن يكون شرطًا سعوديًا للانخراط مجددًا في التصعيد في اليمن، وهذا الأمر مربوط أيضًا بالتطبيع مع كيان العدو.
محددات للعام 2025:
المعطيات السابقة على كل المستويات، تشير إلى أن العام القادم سيحمل معه مفاجآت جديدة للقوات المسلحة اليمنية، وتصاعداً في العمليات كمًا ونوعًا، إذا استمر العدوان على غزة، ويمكن أن تدخل القوات المسلحة إلى المرحلة السادسة، بملامح جديدة وعمليات جديدة، وأسلحة جديدة، مع توسيع بنك الأهداف في عمق الكيان، أو في البحر والمصالح الأمريكية، وكله بناء على شكل التصعيد الذي قد يتخذه العدو “الإسرائيلي”، بعد أن سرت رغبة صهيونية بالعمل بوسائل غير القصف الجوي، والتي قد تشمل حسب بعض التصريحات محاولات فرض حظر بحري على اليمن باستخدام القوات البحرية “الإسرائيلية”.
كما يبدو في الصورة أن العدوان الأمريكي “الإسرائيلي” سيأخذ منحنى تصاعديًا، أيضًا، مع سعي أمريكي “إسرائيلي” للبحث عن تحالفات جديدة، والإصرار على توريط السعودية ومرتزقتها بفتح جبهات داخلية ضد القوات المسلحة اليمنية.
يحضر هنا تعليق السيد القائد عبدالملك الحوثي في خطابه الأخير، عندما عبر عن ذلك بالمثل اليمني، “مورم على منتفخ”، في إشارة إلى حالة المراكنة بين واشنطن و”إسرائيل” من جهة، والسعودية ومرتزقتها من جهة أخرى، وحالة الترقب من كل طرف أن يقوم الطرف الآخر بتحقيق أحلامه وأوهامه في اليمن.
والأكيد أن اليمن سيبقى في موقفه المعلن والمبدئي والإنساني في دعم غزة، من منطلقاته الدينية والأخلاقية، ملتزماً بتصعيد العمليات ورفع الاستعدادات والجهوزية في كل المجالات، بالاتكال على الله تعالى، والتكامل بين القيادة والشعب والقوات المسلحة.
وسيبقى الشعب اليمني حاضرًا بقوة في كل الساحات التي لم يتركها طوال أكثر من عام، خروجًا مليونيًا مشهودًا كل جمعة، كل أسبوع، تأكيدًا على الموقف، وتحديًا للعنتريات الصهيونية والأمريكية، وإفشالاً لكل رهانات الأعداء، على الكلل أو الملل أو التراجع التي ليس أي منها في قاموس اليمنيين.
* المادة نقلت من موقع العهد الاخباري ـ علي الدرواني