دعا قادة أحزاب سياسية معارضة وقوى وطنية مغربية العرب والمسلمين إلى إسناد المقاومة الفلسطينية في مواجهة الاحتلال بكل السبل، بما في ذلك إنهاء التطبيع.

جاء ذلك في مهرجان خطابي نظمه حزب العدالة والتنمية المغربي اليوم الأحد بمسرح محمد الخامس بالرباط تحت شعار: "كلنا غزة.. أوقفوا العدوان.. ارفعوا الحصار"، وشارك فيه كل من الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، والأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بنعبد الله والقيادي السابق في حزب الاستقلال محمد الخليفة، والسفير الفلسطيني في المغرب جمال الشوبكي، وأدار المهرجان عزيز هناوي الناشط في المرصد المغربي لمناهضة التطبيع.





وأجمع المتحدثون في المهرجان الخطابي الذي شهد حضورا مكثفا، على أن ما يقوم به الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، فاق كل التوقعات، وأنه استحال إلى جرائم حرب مكتملة الأركان.

وقال السفير الفلسطيني في المغرب جمال الشوبكي في كلمته أمام الحضور: "إن هتاف المغرب وفلسطين شعب واحد لا شعبين، استمعت في مظاهرات مليونية في مدينة الرباط وفي البرلمان المغربي بغرفتيه، عندما اتخذ ترامب قراره بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل".

وأضاف: "كان هذا الشعب المغربي العظيم بكل قواه الحية وبكل أبنائه وبكل ألوانه وقف مع فلسطين، ودائما من الرباط كانت القرارات التاريخية التي صدرت لصالح فلسطين، صدرت من المغرب.. الاعتراف بمنظمة التحرير الوطني الفلسطيني الممثل الشرعي الوحيد للشعب الفلسطيني، تشكيل منظمة التعاون الإسلامي بعد حريق الأقصى، وكل القرارات المهمة كانت تنبع من المغرب.. المغرب بعيد جغرافيا من فلسطين لكنه قريب بالمشاعر الصادقة.. المغرب شريك لفلسطين في القدس من خلال حارة المغاربة، التي دمرها الاحتلال عشية احتلاله القدس سنة 67".

وأكد الشوبكي أن الشعب الفلسطيني ينظر إلى الموقف المغربي المؤيد لفلسطين نظرة احترام، وأنه يتطلع إلى الصوت المغربي أن يكون عاليا ليصل إلى كل العالم المطالب بوقف العدوان على الشعب الفلسطيني.

وقال: "هناك عدوان بشع، هناك تطهير عرقي ومجازر ترتكب ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة بالدرجة الأولى وفي كل الوطن المحتل".



وأضاف: "أرض غزة كما قلنا سابقا باللون الأسود من بارود القذائف، قذائف الدمار التي تطلق على الأبرياء من الفلسطينيين، وباللون الأحمر بدماء الشعب الفلسطيني.. هذا الاحتلال لم يقف عند محرم واحد من المحرمات، قصف المدارس والمساجد والمستشفيات والكنائس والبيوت الآمنة.. هذا الاحتلال يؤمن أن ما لا يمكن حله بالقوة، يمكن حله بمزيد من القوة.. وهو يؤمن أنه إذا ارتكب مجزرة حتى يغطي عليها فإنه يرتكب المزيد من المجازر".

وأكد الشوبكي أن "من يحارب الشعب الفلسطيني في غزة اليوم هي الولايات المتحدة الأمريكية التي تحتل فلسطين، وأنها أعطت الضوء الأخضر لهذا العدوان المجرم"..

وقال: "دائما أمريكا منحازة لإسرائيل، ولكن في هذا العدوان أمريكا شريكة فيه.. شاهدنا الرئيس الأمريكي جاء مسرعا إلى إسرائيل وأرسل قبله حاملات الطائرات والغواصات وكل أنواع الأسلحة المحرمة دوليا.. جاء وزير دفاعه ليكون في إدارة العمليات ضد شعب أعزل".

وأضاف الشوبكي: "نحن الشعب الفلسطيني شعب صغير لم نختر العداء مع أمريكا.. لا نريد إعلان الحرب عليها، ولكن أمريكا هي من أعلنت الحرب على الشعب الفلسطيني".

وأكد السفير الفلسطيني في الرباط، أن الشعب الفلسطيني لا يملك الطائرات ولا الأسلحة المتطورة، ولكنه يملك إرادة الحرية..

وقال: "ما يجري منذ 7 من تشرين أول / أكتوبر الماضي ضد الشعب الفلسطيني في غزة معركة إبادة ضد الشعب الفلسطيني تستهدف إخراج الفلسطينيين من التاريخ والجغرافيا.. الحكومة الإسرائيلية الحالية هي الأسوأ في تاريخ الكيان.. هي حكومة الصهيونية الدينية، وأن إسرائيل من النهر إلى البحر هي لإسرائيل".

وأشار الشوبكي إلى أن الشعب الفلسطيني لم يطلب من أحد أن يتدخل بالسلاح لنصرته وإنما يريد أن يتدخل العالم بالسياسة وبالضغط على مصالح الولايات المتحدة في الأمتين العربية والإسلامية.. هذا ما نريده..

وقال: "من هذا المكان أتوجه بنداء إلى الملك محمد السادس بالتدخل واستخدام ثقل المغرب من أجل وقف العدوان".



من جهته قال القيادي السابق في حزب الاستقلال محمد الخليفة: "ما قامت به غزة على مدى مواجهتها للحرب الصهيونية أحيانا وأحيى فينا الأمل والروح الوطنية الصادقة".

وأضاف: "لا أريد أن أتحدث عن الحزن الذي سربل الدنيا من أقصاها وأقصاها، إن ما نشهده اليوم لم نقرأه في التاريخ، لم نقرأه عندما هاجم المغول غزة وأصبحت أرضا يبابا لا شيء فيها.. لا يمكن أبدا إلا أن نستحضر ما قام به الرومان عندما دك غزة.. قدر غزة الصامدة أن تبقى دوما صامدة في وجه كل احتلال".

وأكد الخليفة أن الأجيال الجديدة في الوطن العربي اليوم تعرف فلسطين من خلال ما يقوم به الشعب الفلسطيني في غزة في مواجهة الاحتلال.

وقال: "أقول ما قاله محمود درويش ذات يوم: إن أمريكا هي إسرائيل وإسرائيل هي أمريكا ولا نحتاج إلى واو بينهما".

وتابع: "قال محمود درويش: أتسألوني عن غزة؟ في غزة هناك شهيد يواسيه شهيد، يصوره شهيد، يودعه شهيد يصلي عليه شهيد".. هذه هي غزة اليوم..



ودعا الخليفة الدول المطبعة مع إسرائيل ضمن ما يعرف باتفاق إبراهام، بالخروج من هذا الاتفاق، وقاطعه الحضور برفع الشعار: "الشعب يريد إسقاط التطبيع".

أما نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، فقال: "في هذه اللحظات العصيبة علينا وعلى الشعب الفلسطيني بداية، وما نشعر به من آلام إزاء ما يتعرض له هذا الشعب المقاوم لحظيا من قتل جماعي يفوق طاقتنا على التحول، فلم يعد أحد منا قادر على تتبع المشاهد التي نراها على مختلف القنوات التلفزيونية".



وأضاف: "إننا اليوم أمام هجوم وحشي وتطهير عرقي وتهجير قسري وعدوان همجي للكيان الصهيوني المتغطرس.. ممارسة هذا الكيان مماثلة تماما، وهذا الخطاب موجه للغرب أساسا وللأصوات التي تتعالى دفاعا عن إسرائيل، مماثلة تماما في طبيعتها لجرائم الفاشية والنازية".

وتابع: "إننا اليوم أمام مأساة إنسانية مرعبة بكل المقاييس، أصبحت كل الكلمات عاجزة عن وصفها وصارت العيون عاجزة عن متابعة فظاعاتها.. نحن أمام مشاهد مفجعة على مرأى ومسمع الجميع، عنوانها القتل والدمار والظلام.. والمستشفيات التي تحولت إلى مقابر جماعية".

ووصف بنعبد الله الحكومة الإسرائيلية بأنها متطرفة ومتغطرسة، تسعى لتهجير شعب بأكمله من دياره، وقال: "اليوم غزة وغدا القدس وبعد غد مدن الضفة ولا ندري أن سيقف هذا العدوان.. نحن اليوم أمام خطاب وإعلان صريح عن الرغبة في محو شيء اسمه غزة من الوجود.. بكلمة واضحة نحن أمام حرب إبادة جماعية وجرائم ضد الإنيانية في خرق لأبسط مقتضيات القانون الدولي والإنساني".

وقبل الكلمة الختامية التي ألقاها الأمين العام لحزب العدالة والتنمية عبد الإله بنكيران، قدم الفنان السوري يحيى حوى قصيدتين، الأولى: "أناديكم" للشاعر الفلسطيني توفيق عياد، ثم أطلق أغنيته الأولى بعنوان: "غزة الجبارة"..



أما عبد الإله بنكيران، الذي عاد وجدد ثقته في المقاومة الفلسطينية وفي حركة "حماس" على وجه الدقة والتحديد، فقد قال: "أريد أن أحيي بصفة خاصة السفير الفلسطيني في المغرب.. وقد يتساء البعض لماذا دعوناه؟ أنا لا أميز بين فلسطيني وفلسطيني آخر هو منا ونحن منه، وقد دعوناه نيابة عن منظمة فتح وحماس والفصائل الفلسطينية لينوب عنها كلها، لأننا نريد أن نرى الشعب الفلسطيني موحدا اليوم.. نريده أن يكون موحدا على ما كشفته لنا حماس أن الطريق الحقيقي الوحيد الذي يمكن أن يؤدي إلى نتيجة هو المقاومة والمقاومة والمقاومة.. وأظن أن السيد السفير في كلمته كان معبرا عن هذه المعاني الكبيرة".

وأشار بنكيران إلى عراقة العلاقة التي تربط المغاربة بفلسطين، وأورد قصة له تعود إلى عام 1968 وكان شابا، عندما تابع مسرحية عن فلسطين في مسرح محمد الخامس، وعن علاقفة المغرب الرسمي مع القضية الفلسطينية..

وقال: "هناك من يسعى اليوم لتغيير عقائد المغاربة ويتحدث عن أننا كلنا إسرائيليون، وهو أمر صادم.. وهناك من تحدث عن أن حماس فعلت ما لم تستطع الحيوانات أن تفعله.. لكن لماذا لم نسمع منك كلمة واحدة عما فعلته إسرائيل؟".



وأضاف: "الشعب المغربي لا يتبدل وعلى المغاربة أن يشعروا بخصوصية فقد عشنا دولة مستقلة وكنا نحمي ظهر الإسلام في الغرب الإسلامي، وهذه مسؤولية تاريخية.. إذا تخلينا عن هذه الصفات وهذه الخصوصية وهذه المبادئ والقيم فإننا سنصبح شعبا لا يساوي شيئا".

وعدد بنكيران جرائم الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني وما جرته تلك الجرائم من ويلات على الشعب الفلسطيني في الداخل والشتات حتى الوصول إلى أوسلو وما فعلوه بالرئيس الراحل ياسر عرفات.

وقال: "الإسرائيليون لا عهد لهم.. ولم يشبعوا بكل جرائمهم إلى أن جاؤونا بحكومة متطرفة وضعوا على رأسها شخصا مكروها من شعبه ومن العالم، وأتوا بوزراء متطرفين مارسوا مناظر الحقرة والقتل المباشر والاعتداء على الرجال والنساء في المسجد الأقصى".

وتحدث بنكيران عن زيارته إلى قطاع غزة، وقال بأن ما تقوم به المقاومة الفلسطينية أعاد إحياء القضية الفلسطينية، وأعادها إلى الواجهة.. وأحيى السياسة في العالم العربي.. مشيرا إلى أن "الإسرائيليين لا يكتفون بغزة وبفلسطين، بل تمتد طروحاتهم إلى المغرب العربي ,غلى الجزيرة العربية..

وأضاف: "أعرف أن الأنظمة العربية لا تريد حماس، وربما لا تريد مدرستها، وأنا لست من أنصار المصادمة بين الأنظمة والشعوب بل بالعكس أنا من توحيد الوحدة، ولكنني أقول الحقيقة، إن تبريرهم بأنه إذا استطاعت إسرائيل هزيمة حماس فإنها ستريحهم منها، وأنا أقول لهم بالعكس إنها عندما تقضي على حماس ستمر إليهم".

وتابع: "هل ستتخيلون أن إسرائيل إذا هزمت حماس ستتعامل بإيجابية مع لبنان وهي تتذكر هزيمة 2006؟ هل ستتخيلون أنها ستتعامل بإيجابية مع الأردن؟ ما الذي سيمنعها بعد أن هزمت رأس حربة الأمة حماس".

وأكد بنكيران أن التهديد بدفن "حماس" في غزة لن ينهيها، وقال: "القوة تستدعي القوة، وفي النهاية القوة لن تدوم لأمريكا لأن القوة لم تدم لأي امبراطورية.. الأمريكيون يتعاطفون مع إسرائيل بدون حدود، ولكنهم يتعاطفون كذلك مع مصالحهم، ويوم سيرون أن ثمن مساندتهم لإسرائيل مكلف سيتخلون عنها".

وحول الموقف مما يجري في غزة، قال بنكيران، الذي أجهش بالبكاء وهو يقص قصص الأطفال ضحايا القصف اليومي في غزة: "هؤلاء الذين ينصرون الله لا أظن أن الله سيخذلهم، سينصرهم ولو بعد حين.. وأقول لأبناء العدالة والتنمية لا تربوا أبناءكم على ماكدونالد وعلى الرفاه الشكلي، إذا أردتم لأبنائكم أن ينفعوكم في الدنيا والآخرة وإذا احتجناهم أن يدافعوا عنا ويموتوا من أجل أن يعيش المغرب والدول الإسلامية".

وأكد بنكيران في ختام كلمته أن حزبه لم يكن يوما مع التطبيع مع الاحتلال، وأن "حدث التطبيع حدث معزول سيحسم فيه التاريخ.. أما طبيعة العدالة والتنمية فهي ضد التطبيع".

وتعيش المغرب منذ بداية العدوان على قطاع غزة على وقع فعاليات شعبية وسياسية في غالبية المدن الكبرى مناصرة للقضية الفلسطينية ورافضة للحرب التي تشنها إسرائيل ضد قطاع غزة، ومطالبة بوقف التطبيع.



ولليوم 44 يشن الجيش الإسرائيلي حربا مدمرة على غزة، خلّف آلاف القتلى والجرحى وسط دعوات لفتح تحقيق دولي في الهجمات الإسرائيلية، ووقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية الفلسطينية المغربي حرب المغرب فلسطين تضامن حرب سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة السفیر الفلسطینی فی على الشعب الفلسطینی الشعب الفلسطینی فی العدالة والتنمیة العام لحزب قطاع غزة فی غزة

إقرأ أيضاً:

اليوم التالي الفلسطيني في غزة

لقد وصل الوضع في غزة إلى منعطف حرج، حيث تشير التقارير إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل وتبادل الأسرى قد يكون أقرب من أي وقت مضى. ومع ذلك، فإن تعقيد المشهد السياسي والاجتماعي والاستراتيجي المحيط بالصراع يتطلب استكشافا أعمق لتداعياته ودوافعه الأساسية ونتائجه المحتملة. يوفر مسار هذه التطورات عدسة للديناميكيات الجيوسياسية الأوسع والتحديات الدائمة التي تواجه القضية الفلسطينية.

سياق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى

إن المؤشرات التي تشير إلى أن وقف إطلاق النار قد يتحقق، بشرط غياب الشروط الجديدة من جانب إسرائيل، تؤكد على الطبيعة الهشة للمفاوضات. اقترحت حركة حماس أن هذا الاتفاق قد يتحقق بحلول نهاية العام، شريطة ألا يتدخل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لعرقلته. وهذا يشير إلى تفاؤل حذر، معتدل بالاعتراف بالعقبات الكامنة في أي مفاوضات تنطوي على خصوم مستعمرين لهم سوابق مهمة في تقويض الاتفاقات والمفاوضات السابقة.

وفي حين أن مثل هذا الاتفاق قد يجلب الإغاثة الفورية للمدنيين في غزة، الذين تحملوا معاناة هائلة بسبب الجرائم الإسرائيلية المستمرة، فإنه يثير أيضا المخاوف بشأن احتمال أن تكون هذه الهدنة المؤقتة بمثابة مقدمة لمزيد من العنف. تاريخيا، كانت وقف إطلاق النار في هذا السياق يستخدم في كثير من الأحيان كهدنة استراتيجية، مما يمكّن الأطراف -وخاصة إسرائيل- من إعادة التجمع عسكريا وسياسيا. هذا الاحتمال ذو الحدين يتطلب اليقظة بين القادة الفلسطينيين، الذين يجب عليهم إيجاد التوازن الدقيق بين اغتنام الفرص للإغاثة قصيرة الأجل وحماية التطلعات الطويلة الأجل لشعبهم.

صمود غزة الدائم، على الرغم من العدوان المستمر، يعكس التزام شعبها الثابت بحقوقه وهويته، هذا الصمود يفرض مسؤولية عميقة على القادة الفلسطينيين لرسم مسار يكرم التضحيات المقدمة. لا يمكن المبالغة في ضرورة تبني موقف مبدئي ضد التسوية، وخاصة في مواجهة الضغوط الخارجية
صمود غزة والحتمية الاستراتيجية

إن صمود غزة الدائم، على الرغم من العدوان المستمر، يعكس التزام شعبها الثابت بحقوقه وهويته، هذا الصمود يفرض مسؤولية عميقة على القادة الفلسطينيين لرسم مسار يكرم التضحيات المقدمة. لا يمكن المبالغة في ضرورة تبني موقف مبدئي ضد التسوية، وخاصة في مواجهة الضغوط الخارجية.

في الوقت نفسه، يتعين على قيادة غزة أن تتعامل مع انتشار الأجندات الخارجية، والتي صُممت العديد منها لتخفيف أو إخماد القضية الفلسطينية. إن مشاركة الجهات الفاعلة الإقليمية والدولية، تحت ستار إعادة الإعمار وبناء السلام، غالبا ما تخفي دوافع خفية. إن دعوة السيناتور ليندسي غراهام للمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة لقيادة الجهود الرامية إلى إنشاء "كيان فلسطيني" يتعايش بسلام مع إسرائيل توضح هذه الديناميكية. وفي حين يتم التستر عليها بلغة التنمية والمصالحة، فإن مثل هذه المقترحات تتوافق في كثير من الأحيان مع استراتيجيات أوسع تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي بطرق تقوض السيادة الفلسطينية وتقرير المصير.

إعادة الإعمار وأبعادها الخفية

أصبح السرد المحيط بإعادة إعمار غزة نقطة محورية في الخطاب الدولي، وفي حين أن جهود إعادة الإعمار ضرورية لمعالجة الأزمة الإنسانية المباشرة، إلا أنها لا ينبغي أن تكون بمثابة ذريعة لفرض أطر سياسية خارجية تتجاهل تطلعات سكان غزة. إن مفهوم "النظام السياسي الهجين" المصمم ليتماشى مع الرؤى الأجنبية للاستقرار والسيطرة يرمز إلى محاولات إضعاف القضية الفلسطينية. يجب على أي نهج لإعادة الإعمار أن يعطي الأولوية لأصوات واحتياجات شعب غزة على المصالح الاستراتيجية للقوى الخارجية.

دور الجهات الفاعلة الإقليمية والتطبيع

لقد أدى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والعديد من الدول العربية، بما في ذلك الإمارات العربية المتحدة، إلى تعقيد الديناميكيات الإقليمية بشكل أكبر. تسلط الاجتماعات الأخيرة بين المسؤولين الإسرائيليين والقادة الإماراتيين الضوء على تقاطع التطبيع مع الأجندات الجيوسياسية الأوسع، وغالبا ما تنطوي هذه التفاعلات على مناقشات حول التخطيط لما بعد الحرب والاستراتيجية الإقليمية، والتي تهدف ظاهريا إلى تعزيز الاستقرار ولكنها غالبا ما تتماشى مع أهداف إسرائيل طويلة الأجل.

بالنسبة للفلسطينيين، تؤكد مثل هذه التطورات على ضرورة الحفاظ على الوحدة والانسجام بينهم في تشكيل مستقبلهم، وتثير الطبيعة السرية لهذه المشاركات مخاوف بشأن تآكل التضامن داخل العالم العربي وإمكانية التطبيع لتشجيع الجهود الرامية إلى تهميش القضية الفلسطينية.

الوضع المتكشف في غزة يقدم فرصا وتحديات في الوقت نفسه، وفي حين أن احتمال وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يقدم بصيصا من الأمل، فمن الضروري التعامل مع هذه التطورات بعين ناقدة. إن التفاعل بين المرونة المحلية والديناميكيات الإقليمية والأجندات الدولية يتطلب استجابة استراتيجية ومبدئية من جانب القادة الفلسطينيين
إن ضرورة الوحدة الفلسطينية تكمن في قلب هذه التطورات، حيث يكمن المبدأ الذي لا يقبل الجدل في أن مستقبل غزة وفلسطين يجب أن يحدده شعبها. إن المرونة والصمود اللذين أظهرهما الفلسطينيون في مواجهة الشدائد يشكلان شهادة على التزامهم الثابت بأرضهم وهويتهم وحقوقهم. إن أي محاولات خارجية لإملاء شروط مستقبلهم لا تهدد فقط بتقويض سيادتهم، بل وتؤدي أيضا إلى إدامة دورة الصراع والمقاومة.

إن العبء يقع على عاتق القادة الفلسطينيين لاستغلال هذه اللحظة لتعزيز الوحدة والتعبير عن رؤية متماسكة لفترة ما بعد الحرب، وهذا يتطلب معالجة الاحتياجات الإنسانية الفورية مع مقاومة الضغوط للرضوخ لأجندات خارجية تعرض النضال الأوسع من أجل العدالة وتقرير المصير للخطر.

إذا، الوضع المتكشف في غزة يقدم فرصا وتحديات في الوقت نفسه، وفي حين أن احتمال وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى يقدم بصيصا من الأمل، فمن الضروري التعامل مع هذه التطورات بعين ناقدة. إن التفاعل بين المرونة المحلية والديناميكيات الإقليمية والأجندات الدولية يتطلب استجابة استراتيجية ومبدئية من جانب القادة الفلسطينيين.

وفي حين تجتاز غزة هذه اللحظة الحرجة، فإن الأولوية الشاملة يجب أن تظل الحفاظ على الوحدة الفلسطينية وحماية قضيتهم من الاستنزاف أو الاستيعاب. إن التضحيات التي تحملها شعبها تتطلب مستقبلا يتشكل وفقا لتطلعاتهم، خاليا من فرض الأطر الخارجية. وفي هذا السياق، يتطلب المسار إلى الأمام ليس فقط المقاومة الثابتة للظلم، ولكن أيضا جهدا استباقيا لتحديد ومتابعة رؤية التحرير المتجذرة في مبادئ تقرير المصير والكرامة والعدالة.

مقالات مشابهة

  • وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني في الصومعة بالبيضاء
  • الحوثيون: قصفنا هدفا عسكريا وسط إسرائيل بصاروخ فرط صوتي
  • موظفو مكتب هيئة الزكاة بالأمانة ينظمون وقفة تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • رئاسة كوردستان تؤكد دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني
  • فتح: الظروف مهيأة لنتنياهو لممارسة عدوانه تجاه الشعب الفلسطيني
  • محلل سياسي: نتنياهو يدفع الشعب الفلسطيني إلى النزوح الكامل للجنوب والوسط
  • المفتي: ما يحدث من الشعب الفلسطيني تجربة حية على عظمة الأوطان
  • المتحدث باسم «فتح»: الظروف مهيأة لنتنياهو لممارسة عدوانه على الشعب الفلسطيني
  • اليوم التالي الفلسطيني في غزة
  • مفتي القدس يشيد بدعم المغرب بقيادة جلالة الملك لصمود الشعب الفلسطيني