أحمد مراد، عبدالله أبوضيف (غزة، القاهرة)
مساعٍ سياسية دؤوبة، وتحركات دبلوماسية مكثفة، ومشاورات واتصالات ومباحثات مستمرة تجريها دولة الإمارات العربية المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات عبر ممرات إنسانية آمنة.
وتشهد أروقة المنظمات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حراكاً إماراتياً نشطاً وفاعلاً من أجل فرض الحلول السياسية والدبلوماسية للصراع الدائر في غزة، والتوصل إلى سلام مستدام، وتفادي انزلاق الصراع إلى حرب إقليمية متعددة الأطراف، ما يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.

حراك إماراتي
ومع تفجر الأوضاع في قطاع غزة في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، بدأ على الفور الحراك الإماراتي من أجل تهدئة التوتر المتصاعد، حيث عقد مجلس الأمن في اليوم التالي 8 أكتوبر جلسة مغلقة دعت الإمارات خلالها إلى وقف التصعيد، والعودة إلى مسار سلام يفضي إلى حل الدولتين.
وطالبت معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة للبعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة أعضاء، مجلس الأمن باستخدام القنوات الدولية وكذلك الثنائية للدعوة إلى الهدوء، وتهدئة التصعيد بالتركيز على حماية المدنيين.
وفي الثامن والعشرين من الشهر نفسه، دعت الإمارات إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، بعدما أعلنت إسرائيل عن توسيع نطاق عملياتها العسكرية في غزة، وشهدت الجلسة حراكاً إماراتياً مهماً بهدف وقف إطلاق النار، وعدم استهداف المدنيين والمؤسسات المدنية.
وأكدت الإمارات أن الأولوية هي لإنهاء عمليات التصعيد العسكري، وتأمين فتح ممرات إنسانية، والسماح بإيصال المساعدات إلى قطاع غزة بشكل آمن وعاجل ومستدام، وشددت على ضرورة أن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، والمعاهدات الدولية التي تضمن حمايتهم وحقوق الإنسان، وضرورة ألا يكونوا هدفاً للصراع.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قد شارك في قمة القاهرة للسلام التي عُقدت في 21 أكتوبر، وأعرب خلالها عن حرص الإمارات على العمل إلى جانب الأشقاء لإيجاد حل عاجل للأزمة، والوقف الفوري لإطلاق النار، وتفادي توسع الصراع، ما يهدد الاستقرار والأمن الإقليميين، وإيجاد أفق للسلام الشامل، وتوفير الحماية للمدنيين، وضمان ممرات إنسانية آمنة لدعم قطاع غزة.
وقبلها بيوم واحد فقط، وتحديداً في 20 أكتوبر، شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في قمة مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول «آسيان» التي عُقدت في الرياض، وشارك فيها قادة ورؤساء 16 دولة.

حلول سياسية
اعتبر الأكاديمي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية، تيسير جمعة، أن الحلول السياسية مسألة ضرورية ومهمة لوقف الصراع الدائر في غزة، مشيداً بالأدوار الإنسانية والسياسية والدبلوماسية التي تقوم بها دولة الإمارات من أجل إنهاء الأزمة بالطرق السلمية بعيداً عن التصعيد العسكري.
وقال جمعة، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الدور الإماراتي على المستوى السياسي والدبلوماسي والإنساني واضح ومقدر من قبل المجتمع الدولي. 
وقد نجحت الدولة في توظيف مقعدها بمجلس الأمن لخدمة القضايا العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، وشهدت الأيام الماضية تحركات إماراتية مهمة داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة لفرض الحلول السياسية والدبلوماسية للصراع في غزة.
وسجلت الإمارات خلال جلسات مجلس الأمن الدولي مواقف رائدة ومهمة لدعم السلام والحلول الدبلوماسية، وهو ما ظهر جلياً في الجلسة التي عقدها المجلس الدولي في 25 أكتوبر للتصويت على مشروعي قرارين بشأن الحرب في غزة، الأول يتمثل في القرار الذي قدمته الولايات المتحدة، والثاني يتمثل في القرار الذي قدمته روسيا، وقد صوتت الإمارات ضد القرار الأميركي لعدم دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة، وفي نفس الوقت صوتت لمصلحة القرار الروسي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو ما يجسد سياسة الموقف الإماراتي المبني على مبادئ السلام والأمن.
وكانت الإمارات قد شاركت بفاعلية في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن بشأن البند المعنون بالحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية التي عُقدت في 24 أكتوبر الماضي، وخلالها ألقت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، كلمة دعت فيها إلى تحقيق سلام مستدام، وإنهاء الحرب في غزة، وحماية جميع المدنيين، وحملت كل طرف مسؤوليته عما وصلت إليه الأوضاع الآن بما فيها مجلس الأمن نفسه، مؤكدة أن كل تأخير في إخماد هذه الحرب يعني وقوع المزيد من الضحايا والدمار، ويهدد بتوسع رقعة الصراع في المنطقة.
وذكر الأكاديمي الفلسطيني تيسير جمعة أن الحلول العسكرية ستؤول حتماً إلى الفشل، وسوف يخسر فيها الجميع، ومن ثم يجب العمل على وضع حلول سياسية للأزمة التي تؤرق العالم منذ السابع من أكتوبر، ويجب أن يكون ذلك أولوية لدى الجميع، وهو ما تعمل عليه دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال أنشطة دبلوماسية وجهود سياسية لوقف الحرب وإحلال السلام في المنطقة بشكل عاجل.
وحذر جمعة من خطورة تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي وعالمي، وهو ما يُنذر بكارثة كبرى حال عدم اللجوء إلى الحلول السياسية والدبلوماسية، مشيراً إلى تنامي التوقعات بنجاح جهود الإمارات في مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة لإقرار هدنة إنسانية.

أخبار ذات صلة «رئاسة كوب 28».. إنجازات عابرة للحدود أهمية احتواء وتمكين النساء في العمل المناخي

وسيط للسلام
أما وزير الخارجية المصري الأسبق، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، فشدد على أهمية الدور الذي تلعبه الإمارات باعتبارها وسيطاً للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتحظى بعلاقات استراتيجية مهمة مع مختلف الأطراف، وهو ما توظفه بشكل إيجابي جداً لوقف الحرب في غزة وحماية المدنيين.
وتجسدت المساعي الإماراتية إلى وقف الحرب والاتجاه إلى عملية سلمية شاملة في العديد من اللقاءات التي عقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومنها اللقاء مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي زار الإمارات قبل فترة، وأكدا على ضرورة إيجاد أفق سياسي واضح للسلام العادل والشامل والمستدام على أساس حل الدولتين الذي يضمن الاستقرار والأمن للجميع، وطالبا بالتحرك الدولي العاجل لوقف التصعيد العسكري الخطير، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق القانون الدولي الإنساني، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية لأهالي غزة من خلال تمكين المنظمات الإنسانية الدولية من القيام بواجبها.
وذكر وزير الخارجية المصري السابق، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البعض يروج للحرب لكن لا يريد أن يدفع ثمنها، بينما تعمل الأصوات العاقلة على حقن الدماء وحماية أرواح الأبرياء من المدنيين، وهو ما تقوم به الإمارات مستغلة مقعدها في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى اللقاءات والاتصالات التي تجريها على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار العرابي إلى أنه رغم التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة فإن الحل الدبلوماسي يفرض نفسه في النهاية من خلال عمل المؤسسات الأممية والدولية، ومن هنا تظهر أهمية التوجه الإماراتي نحو تعزيز أفق الحلول السياسية والدبلوماسية لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.

الرعاية الصحية
وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باستضافة ألف طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم.
كما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الدولة، وذلك تجسيداً لنهج دولة الإمارات الإنساني الراسخ في الوقوف إلى جانب الأشقاء ومد يد العون لهم في مختلف الظروف.
«الفارس الشهم 3»
تنفيذاً لأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قررت الإمارات إقامة مستشفى ميداني متكامل داخل قطاع غزة لتقديم الدعم الطبي اللازم للأشقاء الفلسطينيين في القطاع، وذلك ضمن عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية.
ويضم المستشفى الميداني الإماراتي، الذي تبلغ سعته 150 سريراً وسيجري تنفيذه على مراحل عدة، أقسام الجراحة العامة وجراحة العظام والأطفال والنساء، والتخدير وعناية حثيثة للأطفال والبالغين، بجانب عيادات في تخصصات الباطنية، والأسنان، وعيادة نفسية، وطب العائلة، إضافة إلى خدمات الأشعة المقطعية، ومختبر وصيدلية، والخدمات الطبية المساندة.

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: الإمارات فلسطين إسرائيل غزة مجلس الأمن الدولی التصعید العسکری دولة الإمارات الحرب فی غزة رئیس الدولة حفظه الله قطاع غزة من خلال إلى وقف وهو ما

إقرأ أيضاً:

فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية

أمر مجلس الدولة في فرنسا بأن تحمل الخضر والفواكه المنتجة في الأراضي الصحراوية المحتلة وسم “مستورد من الصحراء الغربية”.

ووفقا لبيان مجلس الدولة في فرنسا، أمر بنزع وسم “مستورد من المغرب” من المنتجات الفلاحية المستوردة التي مصدرها الأراضي الصحراوية المحتلة.

وجاء قرار مجلس الدولة في فرنسا امتثالا لقرار أصدرته محكمة العدل في الاتحاد الأوروبي.

من جهتها، طلبت الكونفدرالية الفلاحية من الحكومة حظر استيراد الطماطم الكرزية والبطيخ الأحمر إلى فرنسا التي يتم حصادها في الصحراء الغربية والتي تحمل علامة أنها قادمة من المغرب.

واعتبر مجلس الدولة في فرنسا أن هذا يتعارض مع قانون الاتحاد الأوروبي بشأن معلومات المستهلكين.

وأشارت محكمة العدل الأوروبية إلى أن وضع العلامات على المنتجات القادمة من الصحراء الغربية المخصصة للاستيراد والبيع في أوروبا يجب أن يذكر الصحراء الغربية وحدها كبلد المنشأ، وليس المغرب، حتى لا يتم تضليل المستهلك.

مقالات مشابهة

  • حمزة: جهود فرنسا لإحلال السلام في ليبيا محل تقدير
  • العبيدي: زيارة مجلس إدارة المركزي إلى درنة تحمل رمزية سياسية كبيرة
  • الرئيس الكيني: أفريقيا أصبحت مسرحا للإرهاب ويجب العمل لإحلال السلام
  • مجلس الأمن الدولي يناقش قرار منع عمل الأونروا بإسرائيل
  • مجلس الأمن يعتمد بالإجماع بياناً حول مراجعة نظام الأمم المتحدة لبناء السلام
  • مجلس الأمن يعتمد بيانا حول المراجعة الخماسية الرابعة لنظام بناء السلام
  • فرنسا.. نزع وسم “صنع بالمغرب” من منتجات الخضر والفواكه التي مصدرها الصحراء الغربية
  • لجنة الأمن والدفاع: مساعٍ لحسم ثلاثة قوانين مهمة خلال الفصل التشريعي الحالي - عاجل
  • مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا لبحث عمليات الأونروا بالأراضي المحتلة
  • ماذا تعرف عن شركات الأمن التي تفتش مركبات العائدين لشمال غزة؟