الإمارات.. مساعٍ سياسية وإنسانية دؤوبة لإحلال السلام في غزة
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
أحمد مراد، عبدالله أبوضيف (غزة، القاهرة)
مساعٍ سياسية دؤوبة، وتحركات دبلوماسية مكثفة، ومشاورات واتصالات ومباحثات مستمرة تجريها دولة الإمارات العربية المتحدة لوقف إطلاق النار في غزة، وحماية المدنيين، وضمان وصول المساعدات عبر ممرات إنسانية آمنة.
وتشهد أروقة المنظمات الإقليمية والدولية، وفي مقدمتها الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حراكاً إماراتياً نشطاً وفاعلاً من أجل فرض الحلول السياسية والدبلوماسية للصراع الدائر في غزة، والتوصل إلى سلام مستدام، وتفادي انزلاق الصراع إلى حرب إقليمية متعددة الأطراف، ما يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
حراك إماراتي
ومع تفجر الأوضاع في قطاع غزة في أعقاب أحداث السابع من أكتوبر، بدأ على الفور الحراك الإماراتي من أجل تهدئة التوتر المتصاعد، حيث عقد مجلس الأمن في اليوم التالي 8 أكتوبر جلسة مغلقة دعت الإمارات خلالها إلى وقف التصعيد، والعودة إلى مسار سلام يفضي إلى حل الدولتين.
وطالبت معالي السفيرة لانا نسيبة، المندوبة الدائمة للبعثة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة أعضاء، مجلس الأمن باستخدام القنوات الدولية وكذلك الثنائية للدعوة إلى الهدوء، وتهدئة التصعيد بالتركيز على حماية المدنيين.
وفي الثامن والعشرين من الشهر نفسه، دعت الإمارات إلى عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي، بعدما أعلنت إسرائيل عن توسيع نطاق عملياتها العسكرية في غزة، وشهدت الجلسة حراكاً إماراتياً مهماً بهدف وقف إطلاق النار، وعدم استهداف المدنيين والمؤسسات المدنية.
وأكدت الإمارات أن الأولوية هي لإنهاء عمليات التصعيد العسكري، وتأمين فتح ممرات إنسانية، والسماح بإيصال المساعدات إلى قطاع غزة بشكل آمن وعاجل ومستدام، وشددت على ضرورة أن ينعم المدنيون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، والمعاهدات الدولية التي تضمن حمايتهم وحقوق الإنسان، وضرورة ألا يكونوا هدفاً للصراع.
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قد شارك في قمة القاهرة للسلام التي عُقدت في 21 أكتوبر، وأعرب خلالها عن حرص الإمارات على العمل إلى جانب الأشقاء لإيجاد حل عاجل للأزمة، والوقف الفوري لإطلاق النار، وتفادي توسع الصراع، ما يهدد الاستقرار والأمن الإقليميين، وإيجاد أفق للسلام الشامل، وتوفير الحماية للمدنيين، وضمان ممرات إنسانية آمنة لدعم قطاع غزة.
وقبلها بيوم واحد فقط، وتحديداً في 20 أكتوبر، شارك صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، في قمة مجلس التعاون الخليجي ورابطة دول «آسيان» التي عُقدت في الرياض، وشارك فيها قادة ورؤساء 16 دولة.
حلول سياسية
اعتبر الأكاديمي الفلسطيني وأستاذ العلوم السياسية، تيسير جمعة، أن الحلول السياسية مسألة ضرورية ومهمة لوقف الصراع الدائر في غزة، مشيداً بالأدوار الإنسانية والسياسية والدبلوماسية التي تقوم بها دولة الإمارات من أجل إنهاء الأزمة بالطرق السلمية بعيداً عن التصعيد العسكري.
وقال جمعة، في تصريح لـ«الاتحاد»، إن الدور الإماراتي على المستوى السياسي والدبلوماسي والإنساني واضح ومقدر من قبل المجتمع الدولي.
وقد نجحت الدولة في توظيف مقعدها بمجلس الأمن لخدمة القضايا العربية وفي المقدمة منها القضية الفلسطينية، وشهدت الأيام الماضية تحركات إماراتية مهمة داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة لفرض الحلول السياسية والدبلوماسية للصراع في غزة.
وسجلت الإمارات خلال جلسات مجلس الأمن الدولي مواقف رائدة ومهمة لدعم السلام والحلول الدبلوماسية، وهو ما ظهر جلياً في الجلسة التي عقدها المجلس الدولي في 25 أكتوبر للتصويت على مشروعي قرارين بشأن الحرب في غزة، الأول يتمثل في القرار الذي قدمته الولايات المتحدة، والثاني يتمثل في القرار الذي قدمته روسيا، وقد صوتت الإمارات ضد القرار الأميركي لعدم دعوته إلى وقف إطلاق النار في غزة، وفي نفس الوقت صوتت لمصلحة القرار الروسي الذي يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار، وهو ما يجسد سياسة الموقف الإماراتي المبني على مبادئ السلام والأمن.
وكانت الإمارات قد شاركت بفاعلية في المناقشة المفتوحة ربع السنوية لمجلس الأمن بشأن البند المعنون بالحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك القضية الفلسطينية التي عُقدت في 24 أكتوبر الماضي، وخلالها ألقت معالي ريم بنت إبراهيم الهاشمي وزيرة دولة لشؤون التعاون الدولي، كلمة دعت فيها إلى تحقيق سلام مستدام، وإنهاء الحرب في غزة، وحماية جميع المدنيين، وحملت كل طرف مسؤوليته عما وصلت إليه الأوضاع الآن بما فيها مجلس الأمن نفسه، مؤكدة أن كل تأخير في إخماد هذه الحرب يعني وقوع المزيد من الضحايا والدمار، ويهدد بتوسع رقعة الصراع في المنطقة.
وذكر الأكاديمي الفلسطيني تيسير جمعة أن الحلول العسكرية ستؤول حتماً إلى الفشل، وسوف يخسر فيها الجميع، ومن ثم يجب العمل على وضع حلول سياسية للأزمة التي تؤرق العالم منذ السابع من أكتوبر، ويجب أن يكون ذلك أولوية لدى الجميع، وهو ما تعمل عليه دولة الإمارات العربية المتحدة من خلال أنشطة دبلوماسية وجهود سياسية لوقف الحرب وإحلال السلام في المنطقة بشكل عاجل.
وحذر جمعة من خطورة تحول الحرب في غزة إلى صراع إقليمي وعالمي، وهو ما يُنذر بكارثة كبرى حال عدم اللجوء إلى الحلول السياسية والدبلوماسية، مشيراً إلى تنامي التوقعات بنجاح جهود الإمارات في مجلس الأمن خلال الفترة المقبلة لإقرار هدنة إنسانية.
وسيط للسلام
أما وزير الخارجية المصري الأسبق، رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد العرابي، فشدد على أهمية الدور الذي تلعبه الإمارات باعتبارها وسيطاً للسلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتحظى بعلاقات استراتيجية مهمة مع مختلف الأطراف، وهو ما توظفه بشكل إيجابي جداً لوقف الحرب في غزة وحماية المدنيين.
وتجسدت المساعي الإماراتية إلى وقف الحرب والاتجاه إلى عملية سلمية شاملة في العديد من اللقاءات التي عقدها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، ومنها اللقاء مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي زار الإمارات قبل فترة، وأكدا على ضرورة إيجاد أفق سياسي واضح للسلام العادل والشامل والمستدام على أساس حل الدولتين الذي يضمن الاستقرار والأمن للجميع، وطالبا بالتحرك الدولي العاجل لوقف التصعيد العسكري الخطير، وتوفير الحماية الكاملة للمدنيين وفق القانون الدولي الإنساني، وضمان إيصال المساعدات الإغاثية لأهالي غزة من خلال تمكين المنظمات الإنسانية الدولية من القيام بواجبها.
وذكر وزير الخارجية المصري السابق، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن البعض يروج للحرب لكن لا يريد أن يدفع ثمنها، بينما تعمل الأصوات العاقلة على حقن الدماء وحماية أرواح الأبرياء من المدنيين، وهو ما تقوم به الإمارات مستغلة مقعدها في مجلس الأمن الدولي، إضافة إلى اللقاءات والاتصالات التي تجريها على المستويين الإقليمي والدولي.
وأشار العرابي إلى أنه رغم التصعيد العسكري المتواصل في قطاع غزة فإن الحل الدبلوماسي يفرض نفسه في النهاية من خلال عمل المؤسسات الأممية والدولية، ومن هنا تظهر أهمية التوجه الإماراتي نحو تعزيز أفق الحلول السياسية والدبلوماسية لتحقيق سلام عادل وشامل في المنطقة.
الرعاية الصحية
وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باستضافة ألف طفل فلسطيني برفقة عائلاتهم من قطاع غزة لتقديم جميع أنواع الرعاية الطبية والصحية التي يحتاجون إليها في مستشفيات الدولة إلى حين تماثلهم للشفاء وعودتهم.
كما وجه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، باستضافة ألف فلسطيني من المصابين بأمراض السرطان من قطاع غزة من مختلف الفئات العمرية، لتلقي العلاجات وجميع أنواع الرعاية الصحية التي يحتاجونها في مستشفيات الدولة، وذلك تجسيداً لنهج دولة الإمارات الإنساني الراسخ في الوقوف إلى جانب الأشقاء ومد يد العون لهم في مختلف الظروف.
«الفارس الشهم 3»
تنفيذاً لأوامر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، قررت الإمارات إقامة مستشفى ميداني متكامل داخل قطاع غزة لتقديم الدعم الطبي اللازم للأشقاء الفلسطينيين في القطاع، وذلك ضمن عملية «الفارس الشهم 3» الإنسانية.
ويضم المستشفى الميداني الإماراتي، الذي تبلغ سعته 150 سريراً وسيجري تنفيذه على مراحل عدة، أقسام الجراحة العامة وجراحة العظام والأطفال والنساء، والتخدير وعناية حثيثة للأطفال والبالغين، بجانب عيادات في تخصصات الباطنية، والأسنان، وعيادة نفسية، وطب العائلة، إضافة إلى خدمات الأشعة المقطعية، ومختبر وصيدلية، والخدمات الطبية المساندة.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الإمارات فلسطين إسرائيل غزة مجلس الأمن الدولی التصعید العسکری دولة الإمارات الحرب فی غزة رئیس الدولة حفظه الله قطاع غزة من خلال إلى وقف وهو ما
إقرأ أيضاً:
الإمارات: الشعب السوداني يستحق مستقبلاً يرتكز على السلام
أحمد عاطف وشعبان بلال (أبوظبي)
أكد معالي الدكتور أنور بن محمد قرقاش، المستشار الدبلوماسي لصاحب السمو رئيس الدولة أن الشعب السوداني يستحق مستقبلاً يرتكز على السلام والكرامة. وشدد معاليه، عبر منصة «إكس»، على ضرورة عدم غض الطرف، مشيراً إلى أن التزام دولة الإمارات راسخ تجاه الشعب السوداني وليس الأطراف المتحاربة. وقال إن «شعب السودان يستحق أكثر من مجرد البقاء - إنهم يستحقون مستقبلاً قائماً على السلام والكرامة. يجب ألا نغض الطرف. والتزامنا هو تجاه هؤلاء الناس وليس تجاه الأطراف المتحاربة». ومنذ بداية الأزمة، عملت الإمارات مع الشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل سلمي للصراع الدائر سعياً لوقف التصعيد وإطلاق النار، وبدء حوار دبلوماسي يحقق للشعب السوداني تطلعاته في التنمية والأمن والازدهار والتقدم. موقف الإمارات واضح وراسخ تجاه الأزمة، إذ إنّ تركيزها الأساسي انصبّ ولا يزال على الوصول إلى وقف فوري لإطلاق النار، ووقف الاقتتال الداخلي الذي يجري في السودان بين قوات الدعم السريع والقوات المسلحة السودانية في أسرع وقت، وعلى معالجة الأزمة الإنسانية الكارثية، من خلال تقديم الدعم الإنساني والإغاثي العاجل للشعب السوداني الشقيق.
من جهتهم، حذر خبراء ومحللون سياسيون من خطورة استمرار الحرب في السودان، ما يعمق الأزمة الإنسانية هناك، مؤكدين أن الشعب السوداني يستحق مستقبلاً يليق بتضحياته وآماله، مستقبلاً يسوده السلام، والاستقرار، والتنمية. وشدد الخبراء والمحللون الذين تحدثوا لـ «الاتحاد» على ضرورة وقف آلة الحرب فوراً، والتحرك نحو صياغة حل سياسي شامل يُخرج البلاد من دوامة العنف، ويعيدها إلى طريق الاستقرار والتنمية.
وأوضحوا أن الشعب السوداني لا يستحق فقط النجاة من الموت والجوع والتهجير، بل يستحق حياة قائمة على الكرامة الإنسانية، والخروج من دوامة الصراعات نحو آفاق البناء والتنمية.
مأساة إنسانية
وقال الدكتور عامر السبايلة، الباحث المتخصص في الدراسات الأمنية والاستراتيجية، إن استمرار الصراع في السودان بهذه الطريقة العبثية، واستمرار سقوط الضحايا، وتفاقم المأساة الإنسانية يتطلب تحركات عاجلة لإيجاد صيغة تفاهم توقف آلة القتل، وتفتح أفقاً لحلول مستقبلية قابلة للتطبيق.
وذكر السبايلة، في تصريح لـ«الاتحاد»، أن ما يجري في السودان يُعد أمراً بالغ الخطورة، ومن المؤسف أنه لم يتم التطرق الكافي إلى حجم المعاناة الحقيقية التي يعيشها الشعب السوداني، سواء من حيث أعداد المهجرين والقتلى، أو من حيث ما تعرض له النسيج المجتمعي من تآكل ودمار.
وأوضح أن كل فرصة متاحة اليوم للحل، مهما كانت ضئيلة، يمكن أن تشكل بارقة أمل حقيقية لمنع استمرار سفك الدماء، وفتح المجال أمام تسوية سياسية تُنهي الصراع، وتُعيد الأمل للشعب السوداني الذي يستحق أن يحيا بسلام.
وكانت الحرب كارثية بالنسبة للمدنيين في السودان، فنحو 30.4 مليون شخص، أي أكثر من ثلثي إجمالي السكان، في حاجة إلى المساعدة، من الصحة إلى الغذاء، وغير ذلك من أشكال الدعم الإنساني. وأدى القتال إلى انهيار اقتصادي، وهو ما أسفر عن ارتفاع أسعار الغذاء والوقود والسلع الأساسية الأخرى، الأمر الذي جعلها بعيدة عن متناول العديد من الأسر.
واضطرت أعداد هائلة من الناس إلى الفرار من ديارهم إلى مناطق آمنة نسبياً، سواء داخل السودان أو في البلدان المجاورة، مما فاقم عدم الاستقرار الإقليمي. ويُصنَف أكثر من ثلاثة ملايين شخص كلاجئين، ونحو تسعة ملايين كنازحين داخلياً.. ويفوق إجمالي عدد النازحين تعداد سكان سويسرا.
مستقبل المنطقة
من جانبه، يرى الدكتور محمد مصالحة، أستاذ العلوم السياسية في الجامعة الأردنية، أن السودان يُعد إحدى الركائز الأساسية في العالم العربي، بحكم إمكانياته الكبيرة، ومساحته الشاسعة، وعدد سكانه، مشيراً إلى أن ما يشهده حالياً يؤلم كل الشعوب العربية، لما له من انعكاسات كارثية على مستقبل المنطقة ككل.
وحذر مصالحة، في تصريح لـ«الاتحاد»، من خطورة استمرار حالة التشرذم والصراع الأهلي في السودان، ما يهدد بتقسيم وتفتيت البلاد وإضعافها، ونهب مواردها، مشدداً على ضرورة انتقال السودان إلى حكم مدني مستقر، يستجيب لحاجات وتطلعات الشعب السوداني الذي هجّر من مدنه وقراه، وتوقفت عجلة الإنتاج في معظم مناطق البلاد.
وأشار إلى أن السودان لن يستقر إلا عبر إقامة حكومة مدنية تقوم على الكفاءة والمساءلة، وتُعيد الاعتبار للمؤسسات الوطنية، وتمكّن الشعب من إدارة شؤونه بنفسه، بعيداً عن عسكرة السياسة وسيطرة الميليشيات المسلحة.
وأضاف مصالحة أن الشعب السوداني يستحق السلام والاستقرار، والعيش في وطن آمن يوفر له فرص العمل والتعليم والصحة والكرامة، بعيداً عن الحروب والانقسامات.
ورغم ذلك، فإن غياب القوات المسلحة السودانية عن محادثات السلام الأخيرة التي شاركت فيها دولة الإمارات إلى جانب عدد من الدول والمنظمات الإقليمية والدولية عبر منصة ALPS في جنيف مثّل تجاهلاً صارخاً لمعاناة الشعب السوداني الشقيق، وعدم الرغبة في التعاون والانخراط في محادثات السلام لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام الدائم. ولطالما أكدت الإمارات على أهمية الحوار والتفاوض كسبيل وحيد لإنهاء الصراع وتأمين عملية سياسية وإجماع وطني نحو حكومة بقيادة مدنية، داعية الأطراف المعنية كافة للعودة إلى طاولة الحوار والمشاركة الفعالة في جهود إحلال السلام في السودان.
الحرب تحرك عاجل
شدد الدكتور إسماعيل محمد الطاهر، الأستاذ بجامعة هيك في تشاد، على أن الشعب السوداني يستحق السلام وإنهاء الحرب الممتدة لسنوات عدة، مشيراً إلى أن تحقيق السلام في السودان يتطلب تحركات عاجلة من المجتمع الدولي لإجبار جميع الأطراف لوقف التصعيد والحرب. وأوضح الطاهر، في تصريح لـ «الاتحاد»، أن الأزمة السودانية وصلت إلى مرحلة خطيرة تهدد ما تبقى من كيان الدولة، وأن تجاهل معاناة الشعب لن يؤدي إلا إلى مزيد من الانهيار والضياع. وشدد على أن الأولوية القصوى حالياً يجب أن تكون لوقف إطلاق النار، وتوفير ممرات آمنة للمدنيين، وتقديم الدعم الإنساني العاجل للاجئين والنازحين، وإطلاق عملية سياسية شاملة تحت إشراف دولي تضمن تمثيل جميع الأطراف، وتؤسس لمرحلة انتقالية جديدة نحو دولة مدنية ديمقراطية، داعياً المجتمع الدولي والمنظمات الإقليمية إلى القيام بدور أكثر فاعلية لدعم الشعب السوداني.
مبادرات سلام
لطالما دعمت دولة الإمارات الجهود كافة الهادفة إلى دفع مبادرات السلام الخاصة بالسودان، وتجنّب حدوث المجاعة الوشيكة، وقدّمت دعماً إغاثياً بقيمة 600.4 مليون دولار منذ بدء أزمتها الإنسانية.
وتعمل الإمارات مع كافة الأطراف المعنية والشركاء الإقليميين والمجتمع الدولي من أجل إيجاد حل سلمي للصراع سعياً لوقف التصعيد وإطلاق النار، وبدء الحوار السوداني - السوداني الذي يضم جميع المكونات السياسية وأطراف النزاع ليحقق للشعب السوداني تطلعاته في التنمية والأمن والازدهار، مع تأكيد أهمية احترام أطراف النزاع التزاماتهم وفق إعلان جدة ووفق آليات منصة «متحالفون لتعزيز إنقاذ الحياة والسلام في السودان - ALPS».
وبدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة جورج واشنطن، الدكتور نبيل ميخائيل، ضرورة التوصل إلى السلام من أجل الشعب السوداني، مشيراً إلى أن الشعب السوداني عانى كثيراً انقسامات خطيرة بسبب الصراعات المتكررة بين الفرق المتناحرة داخل البلاد.
وأضاف ميخائيل أن إعادة توحيد الصفوف تُعد أولوية لا غنى عنها في هذه المرحلة الحساسة، وجميع خطوات ومبادرات السلام يجب أن تتم برعاية جامعة الدول العربية، إلى جانب الاتحاد الأفريقي، لضمان شموليتها ومصداقيتها.
وأشار إلى أن الخطوة التالية يجب أن تتمثل في عقد مؤتمر دولي حول السودان، بمشاركة الدول الكبرى، سواء الأعضاء الدائمين في مجلس الأمن، أو الدول ذات العضوية الدورية، من أجل تقرير آلية واضحة لدعم السودان مالياً، وتخصيص مبالغ لإعادة الإعمار، بما يضمن إدخاله في مرحلة تاريخية جديدة.
حجر الزاوية
قال الدكتور عماد الدين حسين بحرالدين، الباحث في الدراسات الاستراتيجية، إن تحقيق السلام في السودان يُعد أمراً بالغ الأهمية، كونه حجر الزاوية في بناء دولة قوية ومستقرة، قادرة على النهوض من تحت ركام الصراعات الممتدة لعقود. وأكد أن الدور الذي تقوم به دولة الإمارات في دعم عملية السلام في السودان يُعد من أهم وأبرز الأدوار في المرحلة الحالية.
وأشار الباحث الاستراتيجي، في تصريح لـ«الاتحاد» إلى أن الإمارات لعبت دوراً محورياً في دعم مسار السلام، وقدمت مساعدات سخية، تجاوزت 3.5 مليار دولار لدعم الشعب السوداني، ومساندته في محنته.
وأضاف أن الإمارات تُعد من أكثر الدول حرصاً على تحقيق الاستقرار ومساندة الشعب السوداني، سواء من خلال الدعم السياسي أو التنموي، مشيراً إلى أن جهود الإمارات محل تقدير كبير من قبل الشعب السوداني.
ولفت بحرالدين إلى أن مواقف الإمارات صادقة تجاه الشعب السوداني في هذا الظرف الدقيق، وأن شعب السودان لن ينسى أيادي الإمارات البيضاء.