شيخة الجابري تكتب: الإعلاميون.. الجُدد المهنة والواقع
تاريخ النشر: 20th, November 2023 GMT
في حوار مر بي مصادفة مع الدكتورة هاله سرحان، لفت انتباهي ردها على محاورِها حين سألها: أين أنت من الإعلام؟ فقالت له: «أنا مذيعة مش إعلامية» ومهنتي مقدسة، لكن الإعلام ليس صفتي فأنا أستغرب اليوم من كثيرين يقولون بأنهم إعلاميون مثل فتاة تعرّف نفسها بأنها إعلامية وتساءلت: «هِيَّ بْتِعلم مين»؟!
وهو سؤال مهم ويصب في عمق الحالة الفوضوية التي تشهدها الساحة الإعلامية إن صح الوصف، فنحن حقيقة لا نرى إعلاميين أو إعلاميات حقيقيات، وإنما بعض وجوه تملؤها المساحيق وتجلس وراء مكتب من السوق الصيني، أو تستغل مكان عمل لا زحمة فيه، أو شارع، أو سيارة.
كانوا دوماً يقولون: إن الصحافة مهنة من لا مهنة له، ليت الذي قالها انتظر حتى وقتنا هذا ليعرف حقيقة هذا الحكم الجائر الذي ظلم الصحافة والصحافيين الذين يمتهنون أهم الوظائف، ويكفي أنهم يقفون في ساحات الحروب والمعارك لينقلوا الصورة والخبر بمهنية عالية يعرفون بأنها جاءت نتيجة لخبرة طويلة، ولم تأت من خلال التصوير في محلات البقالة، وبيع الملابس.
للإعلامي صفات مهمة، أولها أن يتحلى بالعمق الأخلاقي والثقافي والأمانة المهنية، والدقة، وعدم التعدي على الآخرين، ودراسة المجتمع بشكل دقيق وواقعي.
من هنا، فإنه ليس كل من وقف وراء شاشة أصبح يُشار إليه بأنه إعلامي، والحقيقة أستغرب أن تَستقبل محافل عالمية أشخاصاً لا ينتمون لهذه المهنة بأي وجه من الوجوه ليكونوا سفراءهم، أو متحدثين على منابرهم، وهم لا يملكون أدنى معايير المهنة.
ومن هنا، فإن من المهم وضع شروط دقيقة محكومة الرقابة على كل من يتجنى على التخصصات الإعلامية فهذه مهنٌ لها قيمتها وقداستها وقوتها، وهناك فرق كبير بين صانع محتوى أو ما يسمى بمؤثر، وكاتب ومحرر ومذيع، الأمر في حاجة إلى وقفة جادة ليعرف كل ّمن يجلس وراء كاميرا ليجني المال، ويرمي المجتمعات بما ليس فيها، أو يُنظّر على الناس وبيته من زجاج، بأنه متطفل وموهوم، وعليه أن يتوقف ليُراجع نفسه فربما يتراجع.
وقديماً قالوا: «لو كل من يا ونِيَر ما تمْ في الوادي شيَر»، وسلامتكم. أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: أحوال شيخة الجابري
إقرأ أيضاً:
نهى زكريا تكتب: حتى هتلر أجدع من ترامب !
غالبًا ما يستولي الغزاة على الأراضي بالحروب، وهو نظام معروف منذ أن عرف الإنسان الحروب والاستيلاء على أموال الغير. على سبيل المثال، هتلر النازي الذي قتل ما يقارب 6 ملايين يهودي وعدة ملايين أخرى من الأسرى. كانت حياته قاسية؛ فهو نباتي لا يأكل اللحوم بسبب مرض في معدته، وكان لا يثق بأحد ويشعر دائمًا أن كل من حوله يريدون قتله. حتى كل النساء في حياة هتلر حاولن الانتحار، ونجحت زوجته في الانتحار معه، ومات عن عمر 56 عامًا بعد زواج دام ساعات.
وتظهر حياة هتلر تعيسة وبائسة، عكس حياة ترامب الذي لم يُكلف نفسه عناء الحرب، بل يريد الحصول على المال والأرض بدون أي عناء أو خسارة. كل ما عليه أن يستيقظ صباحًا، سواء كان نائمًا في البيت الأبيض أو المنتجع الخاص به، ليصدر قرارات يُنغص بها على الجميع، ويقرر ملكية أمريكا لأماكن مثل جرينلاند، وتحويل غزة إلى ريفيرا، ورفع نسبة الجمارك لتشتعل الأسعار في العالم كله. وهو ينعم بكل شيء: زوجة جميلة، وأبناء مميزون، وثروة لم تخذله يومًا. حتى القضايا التي حاربه أعداؤه بها لكي يخسر الانتخابات، كسبها. فماذا خسر ترامب مقابل كل هذه الأشياء؟
أعتقد بل وأثق أن كل إنسان لديه ضرائب أخرى يدفعها في حياته ولا يستطيع الهروب منها، مثلما يهرب من ضرائب الدول. فهي ضرائب الحياة. فلكل إنسان قصة، جزء منها سعيد والآخر حزين. وتذكرت الجزء الحزين الذي سيكون في حياة ترامب عندما شاهدت لقاءه مع الملك عبدالله، عاهل الأردن، الذي بدا مرهقًا وقلقًا، وهو أمر طبيعي لملك يتحمل مسؤولية شعب في عنقه. وسألني في نفس اليوم سائق الأوبرا: "إيه رأيك في اللي قاله الملك عبدالله مع ترامب؟" فسألته أنا أيضًا: "أنت لو مكانه كنت هتقول إيه؟" فرد بكل ثقة: "كنت هقول لا للتهجير." فضحكت ضحكة حزينة وقلت: "عشان أنت قاعد وماسك الدركسيون مش حاكم بلد."
ما أسهل أن تكون حاكمًا في قضية لم تعشها يومًا أو تكون طرفًا فيها. لم يعلم كل من هاجم الملك عبدالله أنه لم يُخطئ؛ بل بالعكس، لقد كان دبلوماسيًا رائعًا. فلم يكن ترامب يتخيل غير إجابة واحدة، وهي الموافقة على التهجير أمام الصحفيين والعالم، لأن ترامب يعلم جيدًا أن الأردن بها مشاكل اقتصادية، وأن المعونة الأمريكية التي هدد بها أكثر من مرة الأردن ستفرق معها، بالإضافة إلى عقوبات أخرى يستطيع ترامب استغلالها لمحاربة من يقول له "لا."
أبدًا لم يبع الملك عبدالله القضية، حتى حينما قال إن الأردن ستستضيف 2000 طفل من غزة لعلاجهم. وفهمت أنه يعني أن الحالات الإنسانية لا نقاش فيها، ولكن التهجير والقضاء على القضية الفلسطينية لا. وإذا كان قلقًا كما أشاع البعض، هل هذا القلق غير طبيعي؟ هل لا تقلق أنت على من تحبهم من أسرتك أو عائلتك؟ هل قلق الملك عبدالله على بلده أمر يُشينه؟
ونشط الذباب الإلكتروني الذي حارب الملك عبدالله بضراوة، ومنهم بعض المصريين الذين نسوا أن الملك عبدالله قال: "سننتظر حتى نرى ما سيقرره المصريون." ثم إنه إذا تجرأ أحدهم اليوم في الهجوم على الملك عبدالله، فما يدرينا أن الغد سينتقص رئيس مصر السيسي، وهو أمر عن نفسي أرفضه؛ لأني أؤمن بأننا نختار الطبيب ولا نختار العلاج، ونختار الرئيس ولا نختار القرار. بالإضافة إلى ذلك، أثبتت الأيام أن قرارات الرئيس السيسي كانت صائبة بعد كل هذه الأحداث.
في هذه الأيام، يجب أن نكون بجوار حكامنا؛ فهم يعلمون ما لا يعلمه الكثيرون. فالسياسة دراسة وخبرة، وليست مهنة من لا مهنة له.
أتمنى من الله أن يوفق العرب في اتحادهم، ومعرفة أن هذا الاتحاد هو المخرج الوحيد لهم من مشاكل رجل يلهو بالعالم مثل الأطفال ما تلعب بألعابها.
كما أتمنى أن أعيش لأرى هذا الرجل وهو يدفع ضرائب حياته عما اكتسب وما فعل مع العالم.