لقد عظم الله سبحانه وتعالى من نجدة المسلم للمسلم، وفزعته لأخيه المؤمن في عموم الأحوال، وخصوصاً في أوقات البلاء والمحن والأزمات، وقد قال سبحانه وتعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الحجرات: 10]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “المُؤْمِنَ لِلْمُؤْمِنِ كالْبُنْيانِ يَشُدُّ بَعْضُهُ بَعْضًا” وقال صلى الله عليه وسلم: “من نفَّسَ عن مسلمٍ كُربةً مِن كُربِ الدُّنيا نفَّسَ اللَّهُ عنهُ كربةً مِن كُرَبِ يومِ القيامةِ”.

ولقد تجلى هذا المعنى العظيم بين المهاجرين والأنصار في أمثلة رائعة، وصور مذهلة، لما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة، فكان أهل المدينة من الأنصار، نِعْم معين، وخير نصير، إذ فتحت بيوت الأنصار أبوابها، وقلوب أصحابها لوفود المهاجرين، واستعدَّت لاحتضانهم رجالاً، ونساءً؛ إذ أصبح المسكن الواحد يضمُّ المهاجر، والأنصاريَّ، والمهاجرة، والأنصاريَّة، يتقاسمون المال، والمكان، والطَّعام والمسؤوليَّة الإسلاميَّة؛ فمن هذه البيوتات الحاضنة:

1 – دار مبشِّر بن عبد المنذر بن زَنْبَر بقُباء: ونزل بها مجموعةٌ من المهاجرين، نساءً، ورجالاً، وقد ضمَّت هذه الدُّور، عمر بن الخطاب، ومن لحق به من أهله وقومه، وابنته حفصة، وزوجها، وعيَّاش بن أبي ربيعة.

2 – دار خُبَيب بن إساف أخي بَلْحارث بن الخزرج بالسُّنْح: نزل بها طلحة بن عبيد الله بن عثمان، وأمُّه، وصهيب بن سنان. (المرأة في العهد النَّبويِّ ، ص 116)

3 – دار أسعد بن زُرارةَ من بني النَّجار، قيل: نزل بها حمزة بن عبد المطَّلب.

4 – دار سعد بن خيثمة أخي بني النَّجار، وكان يسمَّى: بيت العزاب، ونزل بها العُزَّاب من المهاجرين.

5 – دار عبد الله بن سلمة أخي بَلْعجلان بقُباء، ونزل بها عُبيدة بن الحارث، وأمُّه سُخيلة، ومِسْطَح بن أُثاثة بن عبَّاد بن المطلب، والطُّفيل بن الحارث، وطُليب بـن عُمير، والحُصَيْن بـن الحارث؛ نزلوا جميعاً على عبد الله بـن سلمة بقُبـاء.

6 – دار بني جَحْجَبَى، والْمُحتَضِن هو منذر بن محمَّد بن عُقبة، نزل عنده الزُّبير بن العوَّام، وزوجه أسماء بنت أبي بكر، وأبو سَبْرة بن أبي رُهْم، وزوجته أمُّ كلثوم بنت سُهيل.

7 – دار بني عبد الأشهل، والمُحْتَضِن هو سعد بن معاذ بن النُّعمان من بني عبد الأشهل، نزل بها مصعب بن عمير، وزوجته حَمْنة بنت جحش.

8 – دار بني النَّجار، والمُحتضن هو أوس بن ثابت بن المنذر، نزل بها عثمان بن عفان، وزوجته رقيَّة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم. (السِّيرة النَّبويَّة في ضوء القران والسُّنَّة، لأبي شهبة، 1/468 ، 469).

فهذه المقاسمة، وهذا التَّكافل الاجتماعيُّ كان من أهمِّ العناصر الَّتي مهَّدت لإقامة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته المهاجرين معه، وبعده، إقامةً طيِّبةً، تنبض بالإيثار على النَّفس، وبودِّ الأخوَّة الصَّادقة المؤمنة. (المرأة في العهد النَّبويِّ ، ص 118).

بهذه الروح العالية، والإيمان الوثيق، والصِّدق في المعاملة تمَّت المؤاخاة، وتمَّ الوفاق بين المهاجرين، والأنصار، وقد يحدث تساؤلٌ، فيقال: لماذا لم نسمع، ولم تسجِّل المصادر، ولم تكتب المراجع: أنَّ خلافاتٍ وقعت في هذه البيوت؟ وأين النِّساءُ وما اشتهرن به من مشاكسات؟.

إنَّه الدِّين الحقُّ؛ الَّذي جعل تقوى الله أساساً لتصرُّف كلِّ نفسٍ، والأخلاق السَّامية الَّتي فرضت الأخوة بين المسلمين، ونصرة الدَّعوة، إنَّها المبايعة، وأثرها في النُّفوس، إنَّه الصِّدق، والعمل من أجل الجماعة، خوفاً من العقاب، ورهبةً من اليوم الآخر، ورغبةً في الثواب، وطمعاً في الجنة، إنَّه دفء حضانة الإيمان، واستقامة النَّفس والسُّلوك، وصدق الطَّويَّة، فكلُّ مَنْ أسلم، وكلُّ من بايع، وكلُّ من أسلمت، وبايعت، يعملون جميعهم ما يؤمرون به، ويخلصون فيما يقولون، يخافون الله في السِّر، والعلن، آمنت نفوسهم فاحتضنت المناصرةُ المهاجرةَ، فالكلُّ يعمل من أجل مصلحة الكلِّ، فهذا هو التَّكافل الاجتماعيُّ في أجلى صورةٍ، وأقدس واقعةٍ، رغب الكلُّ في الثَّواب؛ حتَّى إنَّ الواحد منهم يخاف ذهاب المناصر بالأجر كلِّه.

إنَّ جانب البذل، والعطاء ظاهرةٌ، نحن بحاجة إلى الإشارة إليها في كلِّ وقتٍ؛ إنَّنا في عالمنا المعاصر، وفي الصَّفِّ الإسلاميِّ، وفي رحلةٍ لبضعة أيام تتكشَّف النُّفوس والعيوب، والحزازات والظُّنون، وهذا مجتمعٌ يبنى؛ ولـمَّا يصلْ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد، ومع ذلـك تفتح البيوت للوافديـن الجُدُد، ليس على مستوى فـردٍ فقط؛ بل على مستوى جماعيٍّ كذلك، ويقيم المهاجرون في بيوت الأنصار شهوراً عدَّةً، والمعايشة اليوميَّة مستمرةٌ، والأنصار يبذلون المال، والحبَّ، والخدمات لإخوانهم القادمين إليهم، نحن أمام مجتمعٍ إسلاميٍّ، بلغ الذِّروة في لُحْمَتِهِ، وانصهاره، ولم يكن المهاجرون إلا القدوة للأنصار بالبذل، والعطاء، فلم يكونوا أصلاً فقراء؛ بل كانوا يملكون المال، ويملكون الدَّار، وتركوا ذلك كلَّه ابتغاء مرضاة الله، وبذلوه كلَّه لطاعته جلَّ وعلا، فكانوا كما وصفهم القرآن الكريم: ﴿لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً وَيَنْصُرُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ۝ وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلاَ يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الحشر: 8 – 9] .كان هذا المجتمع المدنيُّ الجديد يتربَّى على معاني الإيمان، والتَّقوى، ولم يصل النَّبيُّ (ﷺ) بعد، ولكن تحت إشراف النُّقباء الاثنى عشر، الَّذين كانوا في كفالتهم لقومهم، ككفالة الحواريِّين لعيسى ابن مريم، وبإشراف قيادات المهاجرين الكبرى، الَّتي وصلت المدينة، والذين استقوا جميعاً من النَّبع النَّبويِّ الثَّري، واقتبسوا من هديه. (التَّربية القياديَّة،2/172)

ومن معالم هذا المجتمع الجديد ذوبان العصبية؛ فقد كان إمامُ المسلمين، سالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنه؛ لأنه كان أكثرهم قرآناً، فهذا المجتمع الَّذي يوجد فيه عِلْيَةُ أصحاب محمَّد صلى الله عليه وسلم ؛ من المهاجرين، والأنصار، وسادة العرب من قريش، والأوس والخزرج، يقوده ويؤمُّه حامل القرآن، فالكرامة العليا فيه لقارئ كتاب الله وحامله، وحامل القرآن في المجتمع الإسلاميِّ هو نفسه حامل اللِّواء في الحرب، فليس بينهما ذلك الانفصام الَّذي نشهده اليوم، بين حملـة القرآن من الحفَّـاظ، وبين المجاهدين في سبيل الله، فقد كان حامل لواء المهاجرين في معركة اليمامة سالم مولى أبي حذيفة، وكان شعاره: (بئس حامل القرآن) – يعني: إن فررت -، فقطعت يمينه، فأخذ اللواء بيساره، فقطعت، فاعتنقه إلى أن صُرع، واستُشهد في سبيل الله.

ومن معالم المجتمع الإسلاميِّ الجديد حرِّيَّة الدَّعوة إلى الله علانيةً، فقد أصبح واضحاً عند الجميع: أنَّ معظم قيادات يثرب دخلت في هذا الدِّين، ونشط الشَّباب، والنِّساء، والرِّجال في الدَّعوة إلى الله، والتبشير بقدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قدمٍ وساقٍ. ولابدَّ من المقارنة بين المجتمع الَّذي قام بالحبشة من المسلمين، وبين المجتمع الإسلاميِّ في يثرب؛ فلقد كانت الحبشة تحمل طابع اللُّجوء السِّياسيِّ، والجالية الأجنبيَّة أكثر ممَّا كانت تحمل طابع المجتمع الإسلاميِّ الكامل؛ صحيحٌ: أن المسلمين ملكوا حرِّيَّة العبادة هناك؛ لكنَّهم معزولون عن المجتمع النَّصرانيِّ، لم يستطيعوا أن يؤثِّروا فيه التَّأثير المنشود، وإن كانت هجرة الحبشة خطوةً متقدِّمةً على جو مكَّة؛ حيث لا تتوفر حرِّيَّة الدَّعوة، وحرِّيَّة العبادة، ولكنَّه دون المجتمع الإسلاميِّ في المدينة بكثير، ولذلك شرع مهاجرو الحبشة بمجرَّد سماع خبر هجرة المدينة، بالتوجُّـه نحوها مباشرة، أو عن طريق مكَّة؛ إلا من طلبت منه القيادة العليا البقاء هناك، لقد أصبحت المدينة مسلمةً بعد أن عاشت قروناً وثنيَّـةً مشركةً.

لقد أصبح المجتمع المدنيُّ مسلماً، وبدأ نموُّه، وتكوينه الفعليُّ بعد عودة الاثني عشر صحابيّاً من البيعة الأولى، والَّتي كان على رأسها، الصحابيُّ الجليل أسعد بن زُرَارةَ والَّتي حملت المسؤوليَّة الدَّعويَّة فقط، دون الوجود السِّياسيِّ، وبلغ أوج توسُّعه، وبنائه بعد عودة السَّبعين، الَّذين ملكوا الشَّارع السِّياسيَّ والاجتماعيَّ، وقرَّروا أن تكون بلدهم عاصمة المسلمين الأولى في الأرض، وهم على استعدادٍ أن يواجهوا كلَّ عدوٍّ خارجيٍّ، يمكن أن ينال من هذه السِّيادة، حتَّى قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم في المدينة.

إنَّ القاعدة الصُّلبة، الَّتي بذل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتاً وجهداً في تربيتها، بدأت تعطي ثمارها أكثر، بعد أن التحمت بالمجتمع المدنيِّ الجديد، وانصهر كلاهما في معاني العقيدة، وأخوَّة الدين.

لقد أعدَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأفراد، وصقلهم في بوتقة الجماعة، وكوَّن بهم القاعدة الصُّلبة، ولم يقم المجتمع الإسلاميُّ الَّذي تقوم عليه الدَّولة إلا بعد بيعة الحرب وبذلك نقول: إنَّ المجتمع الإسلاميَّ قام بعدما تهيَّأت القوَّة المناسبة لحمايته في الأرض. (التَّربية القياديَّة، 1/147)

وهكذا انتقلت الجماعة المسلمة المنظَّمة القويَّة إلى المدينة، والتحمت مع إخوانها الأنصار، وتشكَّل المجتمع المسلم؛ الَّذي أصبح ينتظر قائده الأعلى صلى الله عليه وسلم ؛ ليعلن ولادة دولة الإسلام، الَّتي صنعت – فيما بعد – حضارةً؛ لم يعرفِ التَّاريخ مثلها حتَّى يومنا هذا.

ملاحظة هامة: استفاد المقال مادته من كتاب: ” السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث” للدكتور علي محمد الصلابي.

المراجع:

·      المرأة في العهد النَّبويِّ ، د. عصمة الدِّين كركر، ص 116.

·      السِّيرة النَّبويَّة في ضوء القران والسُّنَّة ، لأبي شهبة، (1/468 ، 469).

·      التَّربية القياديَّة لمنير الغضبان، دار الوفاء – المنصورة، الطَّبعة الأولى، 1418 هـ  1998 م، (2/171 ، 172).

·      السيرة النبوية عرض وقائع وتحليل أحداث، د. علي محمد الصلابي، دار ابن كثير، الطبعة الأولى، 2005م.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المصدر: عين ليبيا

كلمات دلالية: رسول الله صلى الله علیه وسلم المجتمع الإسلامی المجتمع ال

إقرأ أيضاً:

أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي

قال الدكتور أسامة فخري الجندي، من علماء وزارة الأوقاف، إن الحديث الذي رواه سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن سيدنا النبي صلى الله عليه وسلم، حول زيارة جبريل عليه السلام للنبي، يعد من أهم الأحاديث التي تشرح مراتب الدين الإسلامي بشكل واضح، حيث ذكر أن هذا الحديث يلخص جوهر الإسلام ويقسمه إلى ثلاث مراتب: الإسلام، الإيمان، والإحسان.

وقال الجندي، فى تصريح له: "أن سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه روى لنا تفاصيل زيارة جبريل عليه السلام للنبي صلى الله عليه وسلم، عندما جاء وسأل عن الإسلام والإيمان والإحسان، وفي نهاية الحوار، أخبر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بأن هذا كان جبريل الذي جاء ليعلم المسلمين دينهم".

وزير الأوقاف ينعى بابا الفاتيكان: رمز الإنسانية والسلامهل تعليق التمائم أو الخرزة الزرقاء يقى من الحسد والعين؟.. عالم بالأوقاف يجيبالأوقاف: "الأرض المباركة" موضوع خطبة الجمعة القادمةالأوقاف تصدر العدد الجديد من مجلة «الفردوس» للأطفال

ونص الحديث: عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، قال : بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب ، شديد سواد الشعر ، لا يرى عليه أثر السفر ، ولا يعرفه منا أحد ، حتى جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ، ووضع كفيه على فخذيه ، وقال يا محمد ، أخبرني عن الإسلام ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " الإسلام : أن تشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا رسول الله ، وتقيم الصلاة ، وتؤتي الزكاة ، وتصوم رمضان ، وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا " . قال : صدقت ، قال : فعجبنا له يسأله ويصدقه . قال : فأخبرني عن الإيمان . قال : " أن تؤمن بالله ، وملائكته ، وكتبه ، ورسله ، واليوم الآخر ، وتؤمن بالقدر خيره وشره " . قال : صدقت . قال : فأخبرني عن الإحسان ، قال : " أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه ، فإنه يراك " . قال : فأخبرني عن الساعة ؟ . قال : " ما المسئول عنها بأعلم من السائل " . قال : فأخبرني عن أمارتها ؟ . قال : " أن تلد الأمة ربتها ، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان " . ثم انطلق ، فلبثت مليا ، ثم قال لي : “ يا عمر ، أتدري من السائل ؟ . قلت : الله ورسوله أعلم . قال : هذا جبريل أتاكم يعلمكم دينكم ”.

واوضح الجندي أن أول مرتبة هي الإسلام، والتي تتضمن الشهادتين، الصلاة، الزكاة، الصيام، والحج، و هنطائفة من العلماء قد اهتمت بحفظ هذه المرتبة عبر فقه الأحكام والتشريع، أي من خلال علم الفقه الذي يوضح كيفية تطبيق هذه العبادات، وأما المرتبة الثانية فهي الإيمان، التي تشمل الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، وقد قام علماء العقيدة بتوضيح هذه المفاهيم من خلال علم العقيدة وعلم التوحيد، حيث يتم تعليم الناس كيفية الإيمان بكل هذه الأركان.

أما المرتبة الثالثة فهي الإحسان، حيث قال الله تعالى في القرآن الكريم: "أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك"، وبالتالي التصوف المعتدل هو الذي يختص بحفظ هذه المرتبة، حيث يهدف إلى تهذيب النفس ورفعها عن الرذائل مثل الكبر والغرور، أن الصوفية المعتدلين هم من قاموا بشرح كيفية الوصول إلى هذه المرتبة، من خلال علم التصوف، الذي يوجه المسلم إلى تحسين علاقته بالله..

وأكد أن التصوف في عصرنا الحالي يعاني من مشكلات، حيث أصبح بين الأعداء الذين ينكرون التصوف والادعياء الذين يزعمون تمسكهم بالتعاليم الصوفية وهم في الحقيقة يبتدعون ممارسات بعيدة عن التصوف الحقيقي.

وبين: "التصوف ليس مجرد موائد أو طقوس خرافية، بل هو منهج تربوي يهدف إلى تهذيب النفس والتقرب إلى الله وفقًا للكتاب والسنة".

ودعا العودة إلى التصوف المعتدل الذي يتسم بالاعتدال والضبط وفقًا لتعاليم القرآن الكريم والسنة النبوية، بعيدًا عن أي انحرافات أو بدع.

مقالات مشابهة

  • هل التأمين على السيارات حلال أم حرام؟.. الإفتاء تكشف
  • دعاء الأم على أبنائها.. هل يستجاب حتى ولو كانت ظالمة ؟
  • أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك .. واظب عليه
  • هل النبي محمد ولد في 22 أبريل؟.. اعرف القول الراجح عند العلماء
  • محمود مهنا: دعوة الرئيس السيسي لتحويل المساجد لمراكز علمية تجسد سنة النبي محمد
  • دعاء السيدة عائشة.. واظب عليه كل يوم ييسر أمرك ويفرج همك
  • كيف يفتح الاستغفار والصلاة على النبي أبواب البركة والرزق؟.. الإفتاء توضح
  • كيف تحصن نفسك قبل النوم كما فعل النبي؟.. آيات وأذكار تحميك من الأذى
  • أسامة فخري: التصوف ليس مجرد موائد بل منهج تربوي
  • صيام العشر الأوائل من ذي الحجة فضل وثواب عظيم